بانتظار رد طهران... أربعة مواقف 2


أفنان القاسم
الحوار المتمدن - العدد: 5823 - 2018 / 3 / 22 - 13:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

الموقف الأول


ظنك قاعدته: كل نزاع هو عنف.

هروبك عند مغادرة الغرفة، ينهي التداول للانزواء في الصمت أو في الحرد، لتغيير موضوع الكلام بالصرف عنه، للتظاهر بكونك على اتفاق أو لزعمك أنك لا ترى الخلاف... أعذار لا عد لها يلجأ إليها من يريد تحاشي النزاع بأي ثمن.

في البدء: ظنك أنك في نزاع، حسب هذا الظن أنت في حرب، و، بالتالي، أنت معرض للعنف.

يؤكد هذا الظن ظنًا آخر: النزاع هو شذوذ علائقي، فالعلاقات الطبيعية هي علاقات لا نزاعية.

يمكن لحالتين رمزيتين تفسير هذه المُسَلَّمة: أب وأم يتصايحان، يتهاوشان بعنف، يعاملان أطفالهما بشراسة، أطفال لا وسيلة لهم إلى الكلام. أو، ثقافة أسروية تقوم على شيطنة النزاع، بشيطنة النزاع، تمنعه هذه الثقافة بشكل صريح أو ضمني، تخنقه في المهد، إما بالصرف عنه، وإما بالتشعير بالذنب.

الناحية الإيجابية: بتحاشي تصعيد العنف الذي يحويه كل نزاع يدار بشكل رديء، يحمي من يتجنب النزاع نفسه، يتخلص من الضغط الحاضر، ولا يُنَشِّط الضغط الماضي.

الناحية السلبية: بالهرب من النزاع، يكون الهرب كذلك من المشاكل التي يطرحها، وبالتالي يكون الحرمان من كل حل ممكن. يؤدي التحاشي أيضًا إلى علاقات قائمة على تفاهم اصطناعي أو انسجام اصطناعي مثله أكثر منه حقيقي، إضافة إلى ما يكلفه كبت العدوانية من ثمن غال: غالبًا بانفجار لا يضبط، انفجار مدمر للواحد وللآخر، وعمومًا ما يقع في اللحظة الغير المناسبة، وليس اضطرارًا مع الشخص "المناسب"، لكن كذلك بفساد العقل، فساد مشوه للنفس في احترامها واحترام غيرها (جبن وخضوع يصبح من الصعب احتمالهما).

نحو التوازن: إدراك وقبول أن يكون النزاع جزءًا لا يتجزأ من علاقات الحياة، وكذلك ألا يكون بالضرورة مرادفًا للعنف وللحرب. تتبع ذلك مراحل ثلاث لا بد منها، التدرب على قول "أنا لست متفقًا" بعد سماع الآخر، عرض حججك بهدوء، الإبلاغ عن قطع التفاوض في حالة ما لم يحترم الواحد الآخر، إنها المراحل الثلاث التي تسمح بعرض الخلافات في نفس الوقت الذي يفرض فيه الواحد على الآخر احترامه.


يتبع: بانتظار رد طهران... أربعة مواقف 3