حوارات بين علي خامنئي وأفنان القاسم 6


أفنان القاسم
الحوار المتمدن - العدد: 5766 - 2018 / 1 / 23 - 13:45
المحور: الادب والفن     

علي: حدثني عن الشيطان الأكبر دكتور.
أفنان: تريد حديثي أم حديث غيري، سيدي المرشد الأعلى.
علي: في علم الفقه للشيطان حديث، وفي علم الأدب للشيطان حديث.
أفنان: لكنهم يقولون إني صبيّ، وإني الغبيّ المنافق للنبيّ.
علي: حديثك الذكي لن يفهمه إلا القليل، فاعذرهم دكتور، وحدثني.
أفنان: لأمريكا وجهان، سيدي المرشد الأعلى، الوجه الذي نحب والوجه الذي نكره، فعن أي وجه تريدني أن أحدثك؟
علي: الوجه الذي نحب لا نعرفه تمامًا، ونحن لهذا نحبه، والوجه الذي نكره لا نعرفه تمامًا، ونحن لهذا نكرهه.
أفنان: عن الوجه الذي نكره قيل لنا البنوك التي في أمريكا كل أموال الدنيا فيها، وهي من القوة بحيث لا قوة أخرى في الكون تقهرها، لنفتح أعيننا، منذ بضع سنين، عند الأزمة الأخيرة، على بنوك تنهار الواحد بعد الآخر، ولولا ضخ الخزينة الفدرالية للمال فيها لما قعدت على قفاها. وهذا المال، سيدي المرشد الأعلى، من ورق لا يغطيه ذهب، أو من دَيْن على دَيْن على دَيْن لا يغطيه ثوب,
علي: وعن الوجه الذي نحب؟
أفنان: علمها، تطورها، ذكاء بنيها، طيبتهم، جمال نسائهم، وكل شيء لا علاقة له بالبنوك فيها.
علي: أمريكا كما هي في الأفلام.
أفنان: لهذا، أمريكا هي الحُلم من ناحية والكابوس من ناحية.
علي: نعم، لهذا.
أفنان: ولهذا، الحُلم الأمريكي ليس في الواقع حُلمًا، والكابوس الأمريكي ليس في الواقع كابوسًا، فالحُلم الأمريكي تنقصه النقود ليكون بالفعل حُلمًا، والكابوس الأمريكي واحد من كوابيس هو أقلها هولاً.
علي: نحن لدينا النقود، أوروبا غنية بالديون، اليابان غنية بالديون، أستراليا غنية بالديون، إذن لِمَ لا نكون لأمريكا أستراليا واليابان وأوروبا، فنسدد عنها ديونها، ويكون حلمها حلمنا؟
أفنان: وكذلك، يكون كابوسها كابوسنا.
علي: أنت تفكر في الصين، في الهند، في البرازيل...
أفنان: تخيل، يا شقيقي، الكابوس الصيني معي: ثقافة السوجا، والحزب الواحد، والبسطار الأصفر! تخيل الكابوس الهندي معي: ثقافة البهارات، وأوساخ الغانج، والساري الأحمر! تخيل الكابوس البرازيلي معي: ثقافة المزابل التلفزية، والأطياز الاصطناعية، والرب الأسمر!
علي: من هذه الناحية، صدقت دكتور، الكابوس الأمريكي أقلها هولاً.
أفنان: الكابوس الأمريكي لا شيء أمام كل هذه الكوابيس التي لن نعتاد عليها، ولن يكون لنا منها حُلمٌ نصنع منه أحلامنا.
علي: في الوضع الراهن نسألنا: وهل نكون لأمريكا حلمها أم نظل لها كابوسًا؟
أفنان: في الواقع، الحُلم يُصنع، سيدي المرشد الأعلى، والكابوس يُصنع، صنعتنا أمريكا كابوسًا بالحروب در على بعضها بعض الربح لبعض الوقت، ويمكنها أن تصنعنا حُلمًا بالدروب يدر على كلها كل الربح ولكل الوقت، وهذه الدروب تعرفها هي تمام المعرفة، فتتردد في قطعها، لأنها غارقة في وحلها.
علي: حكامها في الوحل يغطسون، لكنهم لا يغرقون تمامًا.
أفنان: هل يعقل أن يكون حكام العالم حكامها وهؤلاء هم حكامها؟ هل يعقل ونحن على أعتاب القرن الحادي والعشرين، أن تكون لحكامها سياسة "أنا ضدك وأنت ضدي"، "أعمل كل ما في وسعي لسحقك وتعمل كل ما في وسعك لسحقي"، "إما أنا وإما أنت"، ثقافة "أنهي عليك أو تنهي عليّ"! بينما أمريكا ترتعش خوفًا في سخامها المالي، في سخامها الاجتماعي (أكثر من نصف سكانها فقراء وهذا هو كابوسها الأمريكي على كابوسها الشرق الأوسطي الذي لها)، في سخامها الاقتصادي، في سخامها اللست أدري، في سخامها اللست أدري، في سخامها اللست أدري...
علي: السياسيون في أمريكا، السياسيون في الشرق الأوسط، السياسيون في العالم، يجب تبديلهم كلهم، لكن تبديلهم لا يمنع غيرهم من التصرف مثلهم، تحت ذريعة الأمن الشخصي، أوه! معذرة، تحت ذريعة الأمن القومي.
أفنان: مثلما تقول، سيدي المرشد الأعلى، تبديل السياسيين لا يمنع غيرهم من التصرف مثلهم، تبديل النظام السياسي يمنع غيرهم من التصرف مثلهم، وتبديله حسب ورقتي التي تعرفها "الديمقراطية الجديدة"، إلا إذا بدلوا أنفسهم هم بأنفسهم بدافع الأمن القومي بالفعل.
علي: لتكن أمريكا حليفًا تصديقيًا لنا، فتقطع نصف الطريق إلى إنقاذها مما هي فيه، فلا الفهلوة نفعتها، ولا القدس سترت عورتها، وحسابات حكامها الخسيسة، عفا الله عنها، فلتعفُ هي عنها. وإيران مثلما التزمت بالمفاعل النووي مفاعلاً سلميًا، ستلتزم بالتكنولوجيا، وبالاستثمارات، ستلتزم بمحاور العواصم الخمس الفذة التي طهران على رأسها.
أفنان: نحن ننتظر انخراطها في مشروعي الجبار.
علي: إيران تنتظر... الشرق الأوسط ينتظر... العالم ينتظر...
أفنان: لكننا لن ننتظر أكثر مما انتظرنا؟
علي: صبرًا جميلاً، دكتور، صبرًا جميلاً!