إيران وهيئة أمم انتهى زمنها!


أفنان القاسم
الحوار المتمدن - العدد: 5749 - 2018 / 1 / 6 - 14:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

المناقشات البيزنطية الفارغة

في مجلس الأمن حول إيران وما يجري فيها تؤكد وجهة نظري التي طرحتها في مقالي السابق حول هيئة الأمم المتحدة التي اهترأت وترهلت وغدت تنتمي إلى زمن غابر لا علاقة له بتاتًا بزمن حاضر، الاقتصادُ في صميمه، والسياسةُ على هامشه، يتصرف إمعاتها، حتى ولو كان الإمعات ممثلي دول عظمى، تصرف الذئاب في مأدبة اللئام، يَدَّعون التكلم بلغة العصر، بينما لا ينطقون بمنطقه، ولا يخضعون لقانونه، فمنطق عصرنا البناء، الاستثمار، إطعام العقول قبل الأفواه، وقانون عصرنا التحديث، التصنيع، إدراك الحقيقة قبل إدراك العين.

بسبب هذه القيمة الباطنة

قيمة يستمدها العصر من طبيعته الخاصة، على السياسة أن تتراجع إلى أبعد مكان تكون فيه السلطات الدولية، لتتقدم المعرفة التي قوامها الاقتصاد في المقام الأول والعلم والثقافة، ولتنشأ بحكمها وأحكامها علاقات دولية جديدة، تلتغي وإياها الصراعات "الديكية" بين الدول، وتزول معها مناطق النفوذ، فلا يبقى غير نفوذ المناطق، في حقول الاختصاص، كما قلت أكثر من مرة بخصوص الشرق الأوسط، عندما قمت بتقسيمه إلى خمس عواصم فذة: طهران للتكنولوجيا، الرياض للمال، تل أبيب للصناعة، القاهرة للزراعة، الرباط للثقافة. وكذلك، لا يبقى غير نفوذ هذه المناطق كمركز للعمل على مستوى العالم، فيندمج اقتصاد الشرق الأوسط اندماجًا كاملاً في الاقتصاد الأمريكي الذي لن يعود يشكل جدارًا بينه وبين اقتصاد الشرق الأوسط أو بينه وبين اقتصادات أخرى أوروبية أم روسية أم صينية أم غيرها.

بناء على ذلك

تكون قوس قزح التعبير الأكثر ملائمة لما يغله العصر، فهي بممثليها غير السياسيين في العالم، وبوفود دول العالم إلى مقرها الأساسي في لندن، وبالدور الدينامي لمقريها الفرعيين في باريس وواشنطن، سوف لا تعمل على حل المشاكل الاقتصادية في العالم بتطوير النظريات الاقتصادية فحسب، بل ستساهم مساهمة فعالة في خلق فرص الاستثمار والتوريش والتحديث والتعمير والبناء، فترقى بالدول بقوانين الاقتصاد المتطورة وأخلاقه الإنسانية لا بقوانين السياسة المتقهقرة وأخلاقها الحيوانية، أخلاق اقتصاد براغماتية باتجاهين، باتجاه الخمسمائة أغنى أغنياء العالم والذين هم الحكام الفعليين للعالم، وباتجاه الإنسانية جمعاء والتي هي البقرة الحلوب الفعلية لأغنى أغنياء العالم، فيغترف المستغَلُّونَ في صفقات المغبونين من "طنجرة" التقدم ما يكفي حاجتهم من "طبيخ" تكنولوجي، كحق تفرضه سُنَّة التقدم بقوة الأشياء لا بقوة الفقر والانتماء إلى دول. ونحن بذلك، نعود بالإنسانية إلى عهد الإمبراطوريات الاقتصادية، وقد جددنا هذا العهد بجديد الاقتصاد، وجديد الحريات، حرية التبادل التجاري أولى الحريات وحرية التنقل، وجديد الأنوار والألوان.

إنه الزمن الجديد

بما يفرض من تعامل جديد يستدعي تأسيس مؤسسة دولية جديدة، قوس قزح، قوس الألوان والأنوار، المال الإيراني سيكون بمثابة الدم الذي يتفجر في عروقها، لأجل الاقتصاد الإيراني أول اقتصاد، ولأجل باقي اقتصادات المنطقة، فاقتصادات العالم، كل اقتصاد فيما بعد بماله، وليس بالمال الإيراني فقط، عندما يتم التوصل فيها –أي الاقتصادات- وبها إلى إرساء دعائم عمل دولي جديد لحل مشاكل إيران والمنطقة والعالم، فلا يحتاج هذا العمل إيران إلى رفع ميزانية دفاعها إلى ستين بالمائة للعام 2018، تحرقها في الحروب، ولا يحتاج هذا الأداء دول المنطقة والعالم إلى ممارسة الخسة في السياسة ما بينها، على حساب الشعوب، على حساب آبار النفط والغاز والماء، على حساب الأحلام.