أمريكا وإيران فلنتكلم اقتصاد


أفنان القاسم
الحوار المتمدن - العدد: 5722 - 2017 / 12 / 9 - 18:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

لنقل السفارة الأمريكية

إلى القدس أسباب سياسية تغطي الأسباب الاقتصادية التي يغفل الكثير، إن لم يكن الجميع، عنها. بعد انتهاء الحرب في العراق، وانتهاء الحرب في سوريا، وانتهاء الإرهاب، وقد تم الإنهاء على داعش، فأين الذرائع؟ وعما قريب انتهاء الحرب في اليمن، وفي ليبيا، وحتى في الصومال، تعمل الإدارة الأمريكية على إيهام العالم بأن التوتر لم يزل في الشرق الأوسط، وبالتالي عدم الاستقرار، وعدم الاستقرار يعني تهديد المصالح الأمريكية، وليس المصالح الأمريكية فقط بل والمصالح العالمية، وما يعني اليعني، أزمة مالية على وشك الوقوع، فكان افتعال أزمة قطر، ثم افتعال أزمة الحريري، واليوم افتعال أزمة السفارة الأمريكية، وكل هذه الحملة الإعلامية العالمية عن ردود الفعل في شرق الشرق الأوسط وغربه وشماله وجنوبه وفي قلبه ما هي إلا لخدمة الهدف الأمريكي، وكل هؤلاء الغاضبين عن حق وحقيق الذين يريدون إعادتنا إلى زمن الانتفاضات اللامجدية ما هم –عن علم أو جهل وغالبًا عن جهل- إلا لخدمة الاحتياطي الفدرالي.

على الرغم من تجارة السلاح

يبقى العجز التجاري الأمريكي ضخمًا، وبعد انتهاء الحروب الشرق أوسطية، وانحسار تجارة السلاح، سيزداد هذا العجز، وسيجد الاحتياطي الأمريكي نفسه مضطرًا إلى رفع سعر قيمة الفوائد، بما أن هناك أزمة سيولة، وفي الأفق انهيار العقود الاشتقاقية، وتخلف المستدينين بدين متغير عن الدفع. لهذا، نقل السفارة الأمريكية في هذا الظرف بالذات، وفي هذا الجو العربي-الإسلامي "المهدد" للمصالح الأمريكية والمصالح العالمية، سيكون التمويل بين البنوك، وهي تعلق سياسة التكتل بين بعضها ضد بعضها تحت رداء التنافس، وذلك للحيلولة دون نقص قيمة الأصول، ودون انهيار قيم الوول ستريت، وخاصة دون اضطرار الاحتياطي الأمريكي إلى رفع سعر قيمة الفوائد ليحافظ على العجز التجاري، وإن استطاع تخفيضه.

لنلاحظ أن آلية التمويل

يمكن أن تمضي دون آلية التهويل، لكن الازدهار الاقتصادي الخجول لن يغطي التمويل، وشبح الركود الاقتصادي الذي يتجول في الأسواق بكل حرية، والسيولة المالية مع انخفاض القيم، وضعف قيمة النقود، ليس في الولايات المتحدة فقط بل وفي العالم، وليس في مجال اقتصادي فقط بل وفي كل المجالات الاقتصادية. التهويل إذن سيدفع البنوك إلى التمويل ما بينها، إلا أن هذا التمويل لن يكون إلا بتمويل –إذا أحسنت القول- وهذا هو الوضع الاقتصادي الأمريكي كما وصفت، فيستدير الأمريكان نحو مناطق نفوذهم، منطقة النفط أولاها، ولا بد من نهبها أن يمضي بعدم استقرارها السياسي (نقل السفارة الأمريكية)، وعدم استقرارها الاقتصادي (تخفيض سعر النفط)، عدم استقرار إيران قبل السعودية قبل باقي بلدان الخليج المصدرة للنفط. ستكون الخطوة التالية ليس حل المشكل الفلسطيني-الإسرائيلي بالتي هي أوسخ، بل نسف أسعار البترول، فتدفع البنوك الأمريكية أقل لتكسب أكثر. وعند ذلك، يكون بإمكانها إنجاز التمويل ما بينها، لإنجاز ما يختفي من وراء كل هذا المسرح الترامبي: تخفيض العجز التجاري.

بينما تخفيض العجز التجاري الأمريكي

يمكن أن يتم ليس بتمويل البنوك ما بينها، بل بفصل بنوك الحسابات عن بنوك الاستثمار، بتأميم بنوك كل يوم، وتنشيط بنوك كل نقد، تحت قيادة الورقة الخضراء. هذا التنشيط، أو، التفعيل، يكون بالتكامل الاقتصادي الذي يدعو إليه مشروعي الشرق أوسطي، بين أمريكا وإيران وباقي دول المنطقة. بكلام آخر، بقيام اقتصاد بالفعل لا بالقوة، اقتصاد غير افتراضي وغير مضارباتي، اقتصاد غير مهدِّد وغير مهدَّد، وبسياسة حقيقية ليس عمادها التهويل، ليست عمادها المناورة، نقل سفارة، أو، هدم عمارة، ليس عمادها التلاعب بضمائر الناس، بمشاعرهم، بأمانيهم.