سي آي إيه ودي جي إس إي وسكوتلاند يارد وموساد


أفنان القاسم
الحوار المتمدن - العدد: 5619 - 2017 / 8 / 24 - 18:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

مراكز المخابرات الأربعة هذه

الأمريكية والفرنسية والإنجليزية والإسرائيلية هي التي تحكم العالم بالتنسيق بينها وبينها، وهي التي تتحكم بالسلطة المركزية لا العكس كما يظن البعض بالتعاون مع مجالس الأمن القومي في بلدانها، يكفي أن نقول هذا لنعرف كم هي مهماتها مقدسة، وهي مهمات تتراوح بين الثابت والمتحول لبرنامج معد سلفًا لسنين عديدة يثبت ذلك تاريخ القضايا التي ملأت الدنيا وشغلت الناس، النازية، الماكارثية، الماوية، الشيوعية، الخمينية، المقاومة الفلسطينية... واليوم داعش والإرهاب، وفي كل مرة هناك استخدام لكل قضية غير بريء، وأهداف يراد تحقيقها بأي ثمن تتم أحيانًا على حساب مواطني بلدانها، لأن الغاية تبرر الوسيلة، ولا بأس من التضحية بالجزء لمصلحة الكل التي هي أولاً وقبل كل شيء مصلحتها.

في مجتمع الإعلام

مجتمع اليوم –كما جاء في مقالة سابقة لي- الاستخدام لا بد أن يمضي بكيفية الحدث الذي يسترعي الانتباه ويستوقف النظر بطابعه الاستثنائي، ليكون مبعثًا للدهشة، جديرًا ببثه كحدث، وأن يكون بثه في وقت حدوثه، فالحدث الحديث، الحدث المباشر، يعاش بحدة، وفواعل الحدث كلما كانوا ذائعي الصيت (الإسلاميون في قضية اليوم) كلما كان الحدث طنانًا، ولهذا تعمل أجهزة المخابرات الأربعة على أن يكون الحدث غير عادي (ذبح رهائن، دهس مارة، تفجير محطات، ضرب سكاكين، سيارات مفخخة، ضحايا أطفال...)، لكنه حدث مرتبط بوقته، على الأخبار أن تكون طازجة، وعليها أن تجري قريبًا منك، فجغرافيا المقربة قانون يقول كلما كان الحدث قريبًا منك كلما كان اهتمامك به كبيرًا، وكلما كان بعيدًا عنك ولكن استثنائيًا –يجب أن يكون استثنائيًا- كلما كان اهتمامك به كبيرًا كذلك كما لو كان على مرمى حجر من بيتك، وحسب ذلك تمت كل الأحداث التي جرت في أوروبا، وهذه هي "المؤالفة" كوجه أساسي من قانون جغرافيا المقربة، دافع التآلف مع الحدث.

هناك كذلك

قانون زمن المقربة، بالنسبة لقرب أو بعد الحدث، وقوعه أو على وشك وقوعه، فكل هجوم إرهابي يقع تنقله وسائل الإعلام بشكل مباشر وفي نفس الوقت "تبشر" وسائل الإعلام هذه بوقوع هجوم إرهابي آخر قادم، فترتدي ثوب الإرهاب، مما يساهم في عيش الحدث بحدة، لتقبض مراكز المخابرات الأربعة على الناس من خناقها، لأن القانون الثالث، قانون المقربة العاطفي، يثير انفعالات تساهم في تمرير المعلومة، خاصة وأن حدث الإرهاب مرتبط بالعنف، مرتبط بالحياة والموت، وهذا ما يبحث عنه الناس موضوعًا، كموضوع الحب وموضوع الجنس وموضوع الصحة وموضوع النقود وموضوع المخدرات... مواضيع تصيب القلب أو الجيب. ومع قضية الإرهاب والإسلاميين يجري التركيز على انتهاك التابوهات أكثر من انتهاك القوانين ليكون أثرها العاطفي أكبر ما يكون كمصرع طفل أو مقتل فتاة في مقتبل العمر أو نجاة مشاهد لكرة القدم بقدرة قادر، وكذلك على الفاعل، عربي دومًا، مسلم دومًا، بشع دومًا بلحية سوداء، ولا يجري ذكر الضحايا العرب المسلمين إلا لمامًا –كما حصل في هجوم مدينة نيس- فيتحول الهجوم إلى هجوم مضاد ضد كل العرب والمسلمين، هم الأعداء لا الغلاء لا البطالة لا الضريبة لا المستقبل غير المضمون للأولاد لا الإيجار لا الرغيف لا الستيك فريت لا ترف أصحاب رأس المال والاستغلال في أبشع صوره، هؤلاء المستغلون الذين يبدون فجأة كمدافعين عن الحريات وأمن الناس، ويكون بالتالي تبرير كل ما يجري في العالمين العربي والإسلامي من حروب وتشريد ملايين ونهب ثروات وقتل أطفال وذبح شيوخ واغتصاب نساء وقمع شعوب وهجومات من كل الأنواع أبشع الأنواع وأشنعها تشنها مراكز المخابرات الأربعة وأجهزتها وجيوش بلدانها الجرارة والبلدان العميلة.

لهذا

جاء الوقت الذي نقول فيه كفى، كفى حروبًا، كفى تشريدًا، كفى نهبًا، كفى قتلاً، كفى ذبحًا، كفى اغتصابًا، كفى قمعًا، كفى هجومًا، كفى، كفى، كفى، ألف كفى، مائة ألف كفى، مليون كفى، مليار كفى، بالسلم نحقق كل شيء يعود بالنفع علينا وعليكم، فهل قوانين الغاب قوانينكم أبدية؟ أنا لا أعتقد، هناك بين صفوفكم من مل، وهناك من كره، وهناك من يرى ما أرى، ولكي يكون ما نرى، اليوم قبل الغد، نطالب الناس بالتظاهر في جميع مدن العالم ضد استخدام داعش والإرهاب لغايات لم تعد خافية على أحد، نطالب العرب وغير العرب في بلدان العرب أول الناس من كل الأديان والأجناس.