حركة مدنية


أفنان القاسم
الحوار المتمدن - العدد: 5601 - 2017 / 8 / 4 - 16:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

أولاً

الانتفاضات الفلسطينية منذ هبة البراق 1929 لم تمنع احتلال فلسطين واليوم لم تنجح في تحريرها، فهي انتفاضات سياسية تحت رداء ديني غالبًا، يذهب فيها دم الشهداء سدى لمنافع حزبية أو مصالح شخصية، نفس الشيء بخصوص الربيعات العربية التي أدت إلى تمكين الدكتاتوريات العسكرية وأخواتها الملكية، وأثبتت أن هذا النمط من الكفاح قد أكل عليه الدهر، وأن العنف تحت كافة أشكاله ينتمي إلى زمن لم يعد له وجود، فبديله اليوم التحرك السلمي، والذي ينتهل من مناهل التكنولوجيا روحًا للعصر وأداةً للفعل، وكل ما يحتاج إليه هذا التحرك السلمي أرضية مدنية تتألف من شخصيات مدنية ومنظمات مدنية.

ثانيًا

إنهاء الاحتلالات الإسرائيلية والعسكرية والملكية أو الإبقاء عليها لن يتم على يد العنف من الطرفين، فمقابل العنف الوطني المحدود هناك العنف العسكري اللامحدود، هناك التصعيد، والتصعيد لا يخدم أحدًا، وكذلك لن يتم إنهاء الاحتلالات عن طريق يد السلم التي نمدها لإسرائيل وللأنظمة العربية، فمن السذاجة بمكان أن يتصل بنا نتنياهو دون أن نحطم له أنفه، نبقى هنا نحن السلميين في حدود الاستعارة، أو أن يرضخ لنا واحد مثل عبد الله أو السيسي أو سلمان دون أن نكسر له أسنانه، أسيادهم الأمريكان كذلك أسياد الحكام الإسرائيليين والحكام العرب لن يبالوا بما نقول حتى نرغمهم على عدم تجاهلنا، وبما أننا لسنا قادرين على ضرب مصالحهم، ونحن على أي حال لن نضربها، نحن نعمل على أن تكون مصالحهم وأن تكون مصالحنا، تكون الحركات المدنية في البلدان العربية وإسرائيل هي البديل.

ثالثًا

بما أننا نفينا العنف بوجهيه السياسي والعسكري، فنحن لا نرى أنفسنا لا في هذا ولا في ذاك، نجدنا نرمي إلى جمع البراعة من أطرافها، وذلك بتجميع شخصيات من المجتمع المدني، اقتصاديين، رؤساء شركات، أساتذة، سياسيين طلقوا السياسة، طلاب، مثليين تزوجوا السياسة... فالشخصيات السياسية عندنا وعندهم لم تعد قادرة لم تكن أبدًا قادرة على سد حاجات الناس على سد حاجات المجتمع، وهي لا تفكر إلا في إعادة انتخابها (نتنياهو) أو في قعودها الأبدي على أكتافنا (الرؤساء والملوك العرب)، وإضافة إلى تجميع شخصيات من المجتمع المدني، بالعمل مع منظمات مدنية ليست حكومية ولا تجارية، ليست دينية ولا طائفية، ليست رجعية ولا تقدمية، منظمات همها الإنسان فقط الإنسان وهمومه.

رابعًا

هدفنا إذن حشد الناس من حول هذه الشخصيات، من حول هذه المنظمات، من حول مشاريع تجسد التغيير، فنجدد بذلك السياسة حسب معايير إنسانية بحتة لا معايير إيديولوجية ليكودية توسعية من ناحية ووهابية سعودية قمعية من ناحية، سنكون صوت المواطن، لا يسار ولا يمين، لا سفارادي ولا إشكنازي، لا سني ولا شيعي... ولن نظل متفرجين، تفرض سلطة الإعلام علينا ما لا نريده، وتجعلنا نظن أننا نختار، وأننا أحرار في اختيارنا.

خامسًا

الحركات المدنية في بلدان العالم العربي وإسرائيل من الممكن أن تُولَد في الحال على الشبكة العنكبوتية، وأن تتجسد في أشخاص "كونيي" الهوية، مواطنين عالميين، لهم مؤسسة في لندن باريس أو نيويورك أو فيها جميعًا، ولهم موقع وميزانية. وبما أنني سبق لي أن طلبت دعمًا ماليًا من المليونيرية العرب والعالميين دون أدنى استجابة، ستكون التبرعات خير بديل "للاستعطاء" من بخلاء بالفطرة لا أمل في مال لهم مسروق أو مال لهم منهوب، فليقم إذن أحد منكم بالمبادرة، وليشرف هو ومجموعة منكم بأسمائكم المستعارة على ذلك، لأني متقاعد، ولا يمكنني العمل وحدي، يدان لي لا ألف.