بعض ملامح الوضع السياسي في تونس :حوار مع وكالة أنباء الأناضول


فريد العليبي
الحوار المتمدن - العدد: 5498 - 2017 / 4 / 21 - 00:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

فريد العليبي : حوار مع وكالة انباء الأناضول .
أجرت الحوار : يسرى وناس.


* اليوم تشهد الساحة السياسية في تونس تشكلات لجبهات وتحالفات وأحزاب جديدة فما هي أبرز ملامح هذا المشهد السياسي الجديد في البلاد؟
هناك قوى مختلفة في تونس وهى تنقسم الى ثلاث كتل اساسية اليمين الديني واليمين الليبرالي واليسار وغني عن البيان ان داخل كل كتلة هناك تيارات متباينة والجانب الايديولوجى ليس محددا في التحالفات بين هذه و تلك وانما يحصل ذلك على قاعدة مصالح مرتبطة بجنى ارباح الانتفاضة التونسية وملء الفراغ الذى تركه انسحاب التجمعيين الدستوريين المرتبطين ببن على بل وسعى بعض تلك الكتل الى تقريب هؤلاء منها والاستفادة من الدعمين العربي والدولي في سبيل الاستئثار بالسلطة او المشاركة فيها .
ويتشكل المشهد شيئا فشيئا على اساس الصراع على السلطة الذى لا يزال على أشده وتستعمل فيه ادوات مختلفة بما في ذلك استثمار الاحتجاجات الشعبية في الجهات والقطاعات المحرومة و تسريب أحاديث المجالس الخاصة وحوارات الاجتماعات الحزبية الداخلية فضلا عن ملفات الفساد المالي والأخلاقي والارتباطات الخارجية وهناك شبه اقتناع لدى الجميع ان المعركة الفاصلة تقترب لذلك تشحذ السكاكين ، ويمنى اليمين الدينى بشكل خاص النفس بالسيطرة على الحكم بشكل شبه كامل وقد يغير تحالفاته لينفصل عن نداء تونس الذى تحالف معه مكرها وقدم لفائدته تنازلات كبيرة ولكنه سيتراجع في الوقت المناسب اذا ما اشتعلت امامه الاضواء سواء في باريس او واشنطن او حتى في بعض العواصم العربية والاقليمية المعنية بالشأن التونسي .
* هناك من يعتبر أن هذا الانفجار الحزبي مرده الاعداد المبكر لسباق رئاسي قد ينطلق قبل اوانه ؟
يعود الانفجار الحزبي في جانب منه الى استراتيجية تقويض السياسة في تونس وتنفير الشعب منها ولا ينبغي نسيان ان العديد من الاحزاب مستنسخة عن بعضها البعض فالدستوريون لهم عشرات الاحزاب والاسلاميون ايضا وكذلك اليسار فبعد هروب بن على تم منح مئات الاحزاب والجمعيات والنقابات تأشيرات العمل القانونى لتشتيت الانتباه وبث الحيرة والبلبلة بين صفوف الشعب الذى يجد اليوم صعوبة في التمييز بين هذا وذاك حتى انه يكاد ينسحب من الحياة السياسية مقاطعا النشاط السياسي والعملية الانتخابية ولا يختلف الامر كثيرا في الساحتين النقابية والجمعياتية وهو ما يمكننا من القول ان تلك الاستراتيجية قد حققت نجاحا ، لاجل هذا فان الانفجار الحزبي من هذه الجهة يتجاوز السباق الرئاسي وغيره من السباقات فهو يتعلق بالنظام السياسي المراد تركيزه في تونس ومن ملامحه الاساسية جعل السياسة نشاطا يحتكره اباطرة المال والاعلام وتحركه من وراء الستار قوى اقليمية ودولية ومن جهة ثانية فان الجبهات التى تتشكل الان بوتيرة متصاعدة تعكس رغبة اصحابها في توفير اسباب النجاح في المواعيد الانتخابية القادمة وخاصة الانتخابات البلدية اكثر من ارتباطها برئاسيات مبكرة .
* هل ستكون الطريق سهلة وممهدة أمام خوض هذه المعركة الانتخابية ؟
ان كنت تقصدين الانتخابات الرئاسية السابقة لاوانها فانها تبدو مستبعدة حتى الان ولكنها قد تغدو مرجحة اكثر فاكثر في قادم الايام على ضوء انفراط محتمل لعقد التحالف بين حزبي النهضة والنداء فغير خاف ان اليمين الديني يستثمر تكتيكيا الاحتجاجات الاجتماعية لصالحه في محاولة للتموقع الاستراتيجى في جهاز الحكم وهذه قد يدفع بنداء تونس الى الرد ووقتها ستحدث ازمة على صعيد مؤسسات الحكم خاصة الرئاسة والبرلمان وهناك خوف متبادل وانعدام للثقة بين النهضة والنداء ولكن قوى خارجية ترعى تحالفهما وتضبط ايقاعه وتمنع بالتالي انهياره فالتحالف الحكومي في تونس ترعاه قوى عربية ودولية نافذة لها مصالح استراتيجية ويبدو انها تتجه الى تقوية هذا التحالف وتمنع اى اصطدام كبير وسيعزز ذلك فرض شخص بعينه ليكون رئيسا للبلاد ومن المرجح ان يكون محسوبا على الكتلة الليبرالية

* 3 تيارات تميز المشهد السّياسي في تونس إسلاميين دستوريين وشيوعيين ؟ ما هي أبرز السماء التي ممكن أن تمثل كل تيار بحسب الملامح الأولى لخلافة السبسي ؟
لا يمكن الحديث عن اسماء بعينها فمن جهة يسم التذرر سائر تلك الكتل وهناك صراعات محتدمة في كل منها ومن جهة ثانية فإن القادة التاريخيين لهذه الكتلة او تلك في طريقهم الى مغادرة الساحة السياسية غالبا لتقدمهم في السن وستظهر قيادات جديدة قريبا قد تعوزها الكاريزما المطلوبة ، غير ان هذا لن يمثل مشكلة بالنسبة الى من سيخلف الباجي قائد السبسي فالرئيس في تونس ليس مهما ان يفرض صورته داخليا وانما الاهم ان يكون مقبولا خارجيا في عالم اصبح فيه "الخارج " "داخلا " أكثر فأكثر .
* هناك من يرى أنه لا بد من اجماع على شخصية وطنية لم تستهلك نفسها في المشهد السياسي ذات كفاءة وسن تسمح لها بتحمل مسؤولية قيادة بلد ياتي ذلك وسط تصاعد الأصوات نحو إعادة ترشيح السبسي لولاية ثانية ورغبة المرزوقي في العودة إلى القصر ما رأيك ؟
كما قلت قبل حين فان جدل الداخل والخارج في تونس هو ما ينبغي اخذه بعين الاعتبار مع ترجيح كفة الخارج في اختيار الرئيس القادم و سيبدو السبسي خلال الانتخابات الرئاسية القادمة مثل ورقة انتهت صلاحيتها ولكن التيار اليمينى الليبرالي الذي يمثله سيحافظ على موقعه بالنظر الى ما بينته من مقبوليته الدولية وان بدرجة اقل من حيث مقبوليته العربية والاقليمية ومن هنا فان الصراعات بين المراكز الدولية والعربية والاقليمية ستنعكس بقوة على الوضع السياسي في تونس ولن يستفيد منصف المرزوقي منها فقد انتهى دوره منذ مدة .
واذا اخذنا في الاعتبار تاثير العامل الخارجي من المرجح مواصلة ما سمى بالتوافق بين النهضة والنداء مع تسجيل النهضة لمكاسب جديدة ضمن التحالف بين الحزبين فالنهضة تعلم انه في ظل المناخ الدولي والعربي السائد الان لا يمكنها السيطرة على السلطة بشكل كامل لذلك ستعمل فقط على قضم حذر للمزيد من المواقع .

* اليوم هناك 205 حزب بحسب أرقام رسمية ما مصيرها في المعركة المقبلة امام هاته التحالفات والجبهات ؟
سبق وذكرت ان الكثير من تلك الاحزاب مستنتخة فهى تعود الى هذا الجذر او ذاك الذي منه انحدرت ومن هنا فان مصيرها من مصير الصراع بين تلك الكتل التي تحدثنا عنها فاليمين الليبرالي سيظل في الواجهة واليمين الدينى سيقضم مواقع جديدة اما اليسار فالسلطة لن تتسع لتشمله لذلك سيكون في المعارضة والمقاومة رئسيا .