تونس : سياسة الصور.


فريد العليبي
الحوار المتمدن - العدد: 7519 - 2023 / 2 / 11 - 19:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

الصورة سياسة وحرب أيضا وفيها رسالة، ومناسبة الحديث هنا صورة حيرت التونسيات والتونسيين يوم أمس 11 فيفري 2023 مكانها سفارة ايران في تونس وزمانها عيد الدولة الايرانية وبدا فيها وزيران وشيخ حركة النهضة وممثل عن جبهة الخلاص وأيديهم متشابكة لتقسيم كعكة ، وسرعان ما كان السؤال : لمن تتوجه الرسالة وما محتواها؟ وكيف سيستقبلها متلقيها؟
وذهبت سدى التبريرات القائلة إن ما حصل كان مصادفة سيئة وراءها إرادة خبيثة فالأمر لا يتعلق بحفل عرس وإنما بسياسة وبروتوكول.
ربما كانت الصورة مرسلة الى الاتحاد العام التونسي للشغل الذي كان في نفس الوقت تقريبا يستقبل سفيري ألمانيا و الاتحاد الاوربي ويُعد العدة لتحركات تبدأ من مدينة قبلي في اقصى الجنوب التونسي لتصل الى عاصمته (مدينة صفاقس ) يوم 18 فيفري 2023 أي بعد أسبوع فقط فهل ذلك معناه أن الحوار الوطني الذي يدعو اليه منذ مدة ويحشد له الأنصار قد انتهى وأن هناك حوارا آخر قام مقامه ، أي اننا سنكون قريبا أمام حوار الأحزاب مقابل حوار المنظمات فهل أخطأ الاتحاد الحساب بوقوفه ضد قصر قرطاج وأحزاب البرلمان السابق في نفس الوقت ؟ هل قبل قيس سعيد في الأخير بالحوار مع الإسلام السياسي وحلفائه على ضوء متغير الانتخابات وتصعيد الاتحاد؟ أم ان الامر يتعلق باجتهاد حكومي بل ربما بسوء تقدير ونية طيبة لدى هذا الوزير أو ذاك؟
المرجح أن الأمر لا يتعلق بغباء ولا بطيبة الأخلاق فالسياسية حساب والصورة تم الاعداد لها بعناية، سفير في الوسط ووزيران على اليمين وممثلان عن النهضة وجبهة الخلاص على اليسار بما يشير الى قسمة بروتوكولية عادلة بين الحكومة ومعارضتها، وربما كانت الصورة تتويجا لأخريات غيرها ولكنها غير مرئية فالسياسة التونسية عبارة عن صور متلاحقة خاصة منذ تهريب بن علي حتى الآن
.وفي شتى الحالات يكون السؤال عن الصورة المعنية بالحديث هل هي مبتدأ ام خبر؟ وذاك السؤال تتلوه أسئلة أخرى تخص الرئيس التونسي نفسه فهل سيبتهج بتلك الصورة؟ هل هو على علم بالإعداد لها فتكون بالتالي مندرجة ضمن الإعلان المحتشم عن صفقة سياسية، الاجابة المرجحة هي النفي فهو ضد ذلك "الحوار" الموصوف من قبله باللاوطني منذ وقت طويل ، ومع الحوار الوطني مع الشباب ، ولكن الشباب لم يذهب الى الانتخاب ، مع أن هذا لا يدعو الى نسيان أن السياسة ليست دوما اختيارا وانما اضطرار و اكراهات ايضا..
سيكون لتلك الصورة ما يتبعها في الأيام القادمة ولا يعرف حتى الآن ما إن كان الأمر سيصل حد الحديث عن الصفقة الايرانية على وزن الصفقة الباريسية بين الشيخين الباجي قائد السبسي وراشد الغنوشي قبل أعوام.
وبالمناسبة يجب التذكير بأن سياسة الصور اعتمدت كثيرا في لبنان وجلبت له فادح الضرر