تونس الشابة لا تحيا دون أمل .


فريد العليبي
الحوار المتمدن - العدد: 7681 - 2023 / 7 / 23 - 14:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

في الشارع الرئيسي بالعاصمة وعلى مقربة من وزارة الداخلية اي في قلب تونس بأكملها سكب شاب عمره خمس وثلاثون عاما على جسده البنزين ثم أشعل النار ، حروقه من الدرجة الثانية ، هو الآن في مستشفى بن عروس للحروق البليغة ...
ترى ما السبب الذي جعله يقدم على ما أقدم عليه محمد البوعزيزي قبل سنوات مشعلا فتيل الانتفاضة التونسية ؟؟؟
الاجابة هي ان السبب هو نفسه في الحالتين اي الاوضاع الاجتماعية من فقر وخصاصة وفقدان شغل الخ ...
ربما الفرق الوحيد ان البوعزيزي من سيدي بوزيد الفقيرة بينما الشاب الذي ذحل نادي حرق الاجساد اخيرا هو من حزام الفقر في العاصمة التونسية .
من يتجول في احياء تونس العاصمة وشوارعها وساحاتها يلمس ذلك التناقض الكبير بين الاغنياء والفقراء فالانتفاضة التونسية وان حققت مكاسب سياسية وثقافية وحقوقية فإنها على الصعيد الاجتماعي لم تحقق الكثير بل ان هناك اغنياء جددا غزوا البلد بأكمله ... ربما لطابعها الاصلاحي فهي لم تكن قادرة على تحقيق المكاسب الرئيسية في الشغل واعادة توزيع الثروة وحل مشكلة الأرض في الريف الخ ..
الرئيس قيس سعيد يعبر سياسيا واجتماعيا وثقافيا عن معضلة الانتفاضة التونسية فعقله وقلبه مع الشعب ولكن حدود السلطة والدولة وتركيبة المجتمع تعرقل تحقيق الشعارات ...لا احد ينكر تقريبا ان سياسات الحكومات المتعاقبة ظلت اقتصاديا واجتماعيا على حالها ، اي سياسة ليبرالية حافظت على جوهر علاقات الانتاج وهذا يجعل ملايين الناس من المفقرين يشعرون بالاحباط والخذلان وانسداد الافق مما يدفع الى الانتحار على طريقة البوعزيز اليوم وقد يدفع غدا الى انتحار من نوع آخر أعم وأشمل ..ووفتها تخسر تونس مرتين .
الاتجاه نحو المسالة الاجتماعية بسياسة من جنسها ، اي سياسة اجتماعية تعيد للمطحونين والمسحوقين الامل وتوزع الثروة مجددا من أوكد الواجبات السياسية ... وما كان غير ممكن بالامس واليوم ..يمكن ان يصبح ممكنا غدا فالمسالة سياسية أولا وأخيرا . وتونس الجديدة ... تونس الشابة تحتاج املا لكي تحيا وذلك الامل لا معنى له دون تجسيده تحررا اجتماعيا .