منع اللحية والدشداشة ومكبرات الصوت


أفنان القاسم
الحوار المتمدن - العدد: 5470 - 2017 / 3 / 24 - 14:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

هذا المنع...
...لا يعني بأني صرت دكتاتور زماني، فأنا لست ضد اللحى الوسيمة ولا الدشداشات الأنيقة ولا مكبرات الصوت في السينما والاجتماعات السياسية والحفلات الموسيقية، أنا ضد اللحية والدشداشة ومكبرات الصوت عندما تتحول إلى أدوات إيديولوجية تؤثر في حياتنا النفسية، فللحياة النفسية أدوار لا واعية تقودنا وتسيرنا على هواها.

اللحية السوداء الطويلة...
...المتعصبة القبيحة التي يفرضها أصحابها كعلامة للعلم ويبررونها كسُنة بينما هي علامة للتزمت، لأنهم يربطونها بالكفر والإيمان، يقولون عند عدم قصها "خالفوا المشركين"، "خالفوا المجوس"، ولأنهم يربطونها بالأنوثة والذكورة، يقولون عند قصها "التشبه بالنساء"، "فعل المنكر"، فتغدو هذه اللحية معيارًا لتقويم خط السلوك الفردي، وتغليب اللاوعي، وذلك بجعل الوعي لاوعيًا، لتتحول اللحى، كناية عن أصحابها، إلى فريق فقه وقضاء إرهابي، أقول إرهابي لأن هذا الفريق يجعل من الوعي لاوعيًا كما يجعل من العقل لاعقلاً، ولأن الفطرة لا العقل –كما يرى العالم النفسي الفرنسي جوستاف لو بون- هي التي تدفع إلى سلوك الفرد، فيفعل ما يفعل بلا تفكير، وهذا بالطبع يتطلب تربية جماهيرية عريضة النظامان العربي والعالمي وكل أدوات قمعهما الإيديولوجي من ورائها.

الدشداشة فلكلور...
...كالتنورة الاسكتلندية تخرج عن كونها أداة قمع إيديولوجية، أما أن ترتبط بتاريخ العربي والمسلم وحضارتهما، فهذا شيء مضحك يجعلنا هزأة بين الأمم ونحن على أعتاب القرن الحادي والعشرين، وصورة من صور نقائص عصرنا. في البلدان العربية الدشداشة كاللحية صورة قبيحة لنظام قبيح، قمعي، جعل من الدشداشة حرية فردية بينما قضى على كافة الحريات الفردية والجماعية، وفي بلدان الخليج والسعودية فرضها النظام لباسًا رسميًا، لمحو شخصية الفرد، في محيط مشوه حضاريًا، وبدلاً من وعي ضرورات الفرد الاقتصادية والاجتماعية والثورة من أجلها، يبقى النظام مختبئًا في الدشداشة ليسيطر على الإرادة، إرادة الناس في خلع هذا الثوب الذي تحول إلى جزء لا يتجزأ من إيديولوجيا الاكتفاء والكسل، وليحول دون نهوضهم كباقي الأمم.

مكبرات الصوت التي أريد إنزالها...
...عن المآذن ليس فقط لأنها إزعاج في إزعاج ولكن لأنها لن تضطر من لا يريد الصلاة الذهاب إلى المسجد، فالمؤمن يصلي في المسجد وغير المسجد دونما حاجة إلى هذا القمع اليومي الذي غدا فطريًا لا يشعر به المواطن، وهذا هو المطلوب من كل أداة قمع، ألا يعيها الفرد، وأن تشكل جزءًا لا يتجزأ من حياته، فلا يصطدم بضرورات حياته الاقتصادية والاجتماعية، ويبقى خاضعًا لهيمنتها عليه محليًا وعالميًا، لا تؤثر فيه كل الكتابات عن الثورة بعد أن فقد ثقته بالثورة فكيف بالكُتَّاب؟ لهذا تؤذن مكبرات الصوت بحضارة ممنوعة بصوت عال، بصوت إلهي، وشعوب لن تقوم بأعباء المسئولية، مسئولية تحررها.

إذن بين لحية سقراط ولحية ماركس ولحية محمد بن سلمان...
...هناك فروق كأدوات إيديولوجية، فشتان بين لحية ولحية كما بين فكر وفكر، الشكل القبيح يعبر عن العقل القبيح كما هو أمر ولي ولي العهد، بينما الشكل المليح يعبر عن العقل المليح كما هو أمر أبي الفلسفة الكونية وأمر أخي الإنسان، وفي الحالات الثلاث تحولت اللحية إلى دين، كما تحولت الدشداشة إلى دين، وتحولت مكبرات الصوت إلى دين.