أنثويّات: العلاج النفسي الأدبي 14-


لمى محمد
الحوار المتمدن - العدد: 5409 - 2017 / 1 / 22 - 23:46
المحور: الادب والفن     

و عندما قلت أحبك:
كبر قلبي..
و ظل يكبر، يكبر، يكبر..
إلى أن صار أثقل من أن أحمل!

همستُ إليك:
-هل تحمل معي هذا القلب؟!
فأجبت عن ( رجولة ) نيّة:
- عندي آلام في الظهر!


تردني كثير من الرسائل تحكي قصصاً محزنة عن خيانات الأصدقاء.. و غدر الرجال.. تسألني صاحباتها عن الحلول.. منهن من تسألني كطبيبة نفسية، و منهن من تعلم أن الصفحة أدبية فتسألني ك كاتبة..
إلى العقول الجميلة تستطعن سؤالي ك (فيمنست) Feminist أو ما يترجم للعربية - بصعوبة - ب ( نسويّة).. (أنثويّة) أو داعمة لحقوق المرأة.. فهذا أكثر ما أنا فخورة به…
أملك أربع أخوات من أم أخرى و أب آخر.. هنّ صديقاتي منذ الطفولة، و لا أبدلهن بمئة أخت من نفس الدم.. عندما يسألني الناس عن علاقتي معهن، يكون الرد: “ نحن حقيقيات مع بعضنا.. و كلنا أنثويّات .. نسويّات!”.

الثقة بالنفس من أهم العوامل التي تحض على الخير..
تخسر النساء بعضهن بسبب الغيرة.. معظم الخسارات تحدث عندما تحاول امرأة ما وضع سلبيات صديقتها تحت المجهر!
يحدث هذا عندما تكون المرأة غير واثقة من نفسها.. عندها يصبح همها هو الإثبات للرجل- يا ريت لنفسها- أنها الأفضل…
الرجل هنا إما أن يكون ممتلئاً بعقد النقص هو الآخر، فيحول الموضوع إلى ديك و قن دجاجات.. أو أن يرفع المجهر و يضع مكانه مرآة.. معترفاً : أنا سبب من أسباب عدم ثقتها بنفسها…
كوني:
الشمس لا القمر: اكبري بنفسك و قيمتك، و اعلمي أن دعمك لمن حولك هو لوحده من يعطيك الأهمية، فلن يكترث البشر بالشمس لولا فوائدها.
كوني الغيم لا المطر: لا شيء ينقصك كالنمائم الآنية التي تمنحك الشعور اللحظي الجيد!، و لا شيء أفضل من غيمة صغيرة تغطي قليلاً من نوركِ لتشع شمس صديقتكِ…

أن تدعمي حقوق المرأة و تكوني من النسويات هو شرط أساس لكونك صديقة جيدة.. لا أسوأ من النسوة المعاديات للنسوية…
إبدأي صداقتك بقولة:
- أنا ضد العنف ضد المرأة بداية بالعنف النفسي الذي تمارسه النساء من حولها عليها-قبل الرجال- و ليس انتهاء بالعنف الجسدي و الجنسي…
- أنا ضد تحويل المرأة إلى سلعة جنسية بتقميمها بنقاب أو بجعل تعريها عنواناً لحضارتها!
- أنا ضد مساواة الرجل مع المرأة.. أنا مع أفضلية المرأة عن الرجل حتى يثبت العكس .. و إلا لم تكن الجنة تحت أقدامهنّ!
و تأكدي بعدها أن صداقتك ستستمر طول العمر…

الحب ينتقل بالذكرى لا بالدم!
*****************

أنت و أنا..
و كثير من الأطفال.. يركضون في الذكرى…
الغد لنا إن كبروا بسلام…


مما يُحزن القلب أيضاً تفشي الأنا في الصداقات بحيث لا يقبل رجل أو امرأة الاختلاف و النصيحة معاً.. فغالب اضطرابات الشخصية تقبل إحداها دون الأخرى!

النصيحة هي أن تحاول تحسين نوعية حياة رفيقك.. بطرح وجهة نظر أو اعتقاد سبق أن نفعك شخصيّاً.. من شروطها أن تكون بينك و بين الصديق، فأمام الناس لقولك معان أخرى..و أن تكون بغرض دعمه لا تغييره!
الشخصيات مضادة للمجتمع و النرجسية لن تتقبل نصيحتك.. بل و ستبدأ بقنصك بعدها…
قبل أن تسدي نصيحتك تأكد من أنك تطبقها و إلا فانصح نفسك! و إن شعرت بأن رفيقك لا يقبل النصح فتوقف و اعلم أن صداقتكما لن تدخل مملكة الأخوة أبداً.

تقبل الاختلاف: هو أن تتقبل أن لرفيقك رأي مخالف تماماً أو وجهة نظر أخرى : دينية.. سياسيّة.. اجتماعية.. قومية…
لستَ مخولاً و لا بأي شكل لتغييره و محاولاتك الحثيثة لتغيير رأيه ضرب من الوقاحة و حب الذات..
الشخصيات الهيستريائية و الحدية .. النرجسية أحياناً ستحاول جاهدة تغيير رأيك و قلبك لتصبح نسخة ممسوخة عن أناهم المتضخمة…
إذا ما شعرت بأن أحدهم يلح على تغييرك لقناعة ما أكثر من مرتين، فحاول الصمت ثم الانسحاب بهدوء.. حوارات كهذه تقصّر العمر، و تنهي الصداقات!

عندما يتقبل البشر النصح و الاختلاف معاً.. تسير العلاقات بطريقة أجمل و أصح…
*****************


و رمقته إلى أن رشفته.. ثم مشيت..
صداقتي معه مكسورة الجناح و مليئة بالبين!

الحسد أحد أقوى أسباب التعاسة.. كما قال “ برتراند راسل”.
و برغم المفهوم الساذج للحسد (صيبة العين) .. و القدرة على إلحاق الأذى بنظرة.. إلا أن المفهوم الأعم و الأشمل يمتد ليشمل أي غيرة لك من نجاح غيرك..
أي تحوير لحديث عن نجاح صديقك إلى عالمك…
الحسد هو ألا تتقبل الخير و النعمة خارج نطاق أناك، بل أن تسعى جاهداً لأفضليتك، و تحاول تسليط الضوء على سلبيات الناجح.. هذا يحدث يومياً و مع الجميع إلا من رحم ربي…

قالت لي إحدى صديقاتي : شربت المر حتى أصبحت طبيبة هضمية متميزة في “ انجلترا”.. تعلمين هربتُ من زواج تقليدي و خسرتُ أفرادآ من عائلتي لكوني المتمردة (العاق)…
حدثتني صديقة لتبارك لي -لم أرها من سنوات-و بعد جملة المبروك المكررة قالت : “ أما زلت لا تتحدثين مع أختك؟ أما آن لك أن تكبري..” !
هذا مثال بسيط لكن يمر في حياتنا يومياً .. و هو نموذج مكرر عن قدرة الحسد على خسارة الأصدقاء و كسر القلوب…

لو كانت هذه الرفيقة واثقة بنفسها، لكان لمشاعرها السلبية قدرة عظيمة على النجاح و التميز بدلاً عن الحسد و توقيع الخسارات!
************


أقول دائماً أنني قد أكون على خطأ .. هذا ممكن و أخلاقي…
أن تكون على ثقة بأنك على الطريق الصحيح، و أنك على حق و أعلم بالحقيقة ليس سليماً…

هنالك فرق بين الدول المتوازنة و الدول المستقرة.. كما هو الفرق شاسعٌ بين الإنسان المتوازن و الإنسان المستقر..
الإنسان هو خليط من الشخصيات التي ورثها أو حصل ببيئته و ظروفه عليها.. اندماج هذه الشخصيات بطريقة تعديلها لبعضها يخلق استقراراً و لا يخلق توازناً...

أن تتوازن هو أن تتقبل سلبياتك و بشريتك.. فيما تسمح لشمس غيرك بالسطوع!

يتبع…