رعب - المشهد السادس


أفنان القاسم
الحوار المتمدن - العدد: 5032 - 2016 / 1 / 2 - 11:23
المحور: الادب والفن     

احملي ابني، تقول ابنة إيفانوف ألكسندروفيتش الصغرى لأختها الكبرى
يحمله إيفانوف
يريد أن يأكل، تضيف الابنة الصغرى
سأغلي له قليلاً من الحليب، يقول ألكسندروفيتش
أنتِ جميلة في ثوب العرس، تقول الابنة الوسطى للابنة الصغرى
احملي ابني
تحمله الابنة الكبرى
يريد أن يأكل
لا يبدو عليه الجوع
لا أجد الحليب، يصيح إيفانوف ألكسندروفيتش من المطبخ المفتوح على غرفة النوم
الحليب في الثلاجة
أنتِ بالفعل جميلة في ثوب العرس
الحليب ليس في الثلاجة
بابا صار أعمى!
تحمل العروس ابنها، وتذهب إلى الصالون المفتوح على غرفة النوم لتسلم على المدعوين
ها هو الحليب، تقول الابنة الكبرى لأبيها
بابا صار أعمى!
يصب إيفانوف الحليب في طنجرة صغيرة يضعها على العين الكبيرة للغاز ولا يشعله
بابا صار أعمى!
يتناول ألكسندروفيتش كأسًا، فتتكسر في يده
تشعل الابنة الكبرى الغاز
تتناول الابنة الوسطى كأسًا، فتتكسر في يدها
تتناول الابنة الكبرى كأسًا، فتتكسر في يدها
ثوب العرس بالفعل جميل، تقول الابنة الكبرى، وتتناول كأسًا ثانية، وتتكسر في يدها
العروس بدون ابنها في الصالون، وابنها بين ذراعي أختها الوسطى
لا يبدو عليه الجوع
الحليب لا يغلي
بابا أطفأ الغاز
بابا! لماذا أطفأت الغاز؟
بابا جميل في السموكنج
ثوب العرس جميل
يبدو بابا أصغر من عمره بكثير في السموكنج
بابا لا يكبر
بابا شاب في السموكنج وغير السموكنج
بابا! راقب الحليب عندما يغلي
يتناول إيفانوف كأسًا، وتتكسر في يده
تتناول الابنة الكبرى كأسًا، وتتكسر في يدها
يراقب إيفانوف الحليب، ولم يشعل الغاز
هل شرب ابني حليبه؟ تسأل الابنة الصغرى
بابا يراقب الحليب
لا تدعي بابا يحمله في السموكنج
لن يقيء عليه
سيقيء عليه
لم يأكل بعد
تقبل الابنة أباها من خده
أنت أحسن بابا في الوجود
الأختان الكبرى والصغرى بين المدعوين
تتناول العروس كأسًا، وتتكسر في يدها
تحمل الابنة الكبرى الطفل، وتدور بين المدعوين
يتناول ألكسندروفيتش كأسًا، وتتكسر في يده
تحمل الابنة الوسطى الطفل، وتدور بين المدعوين
بابا! ابني جائع
يلاحظ إيفانوف أنه لم يشعل الغاز، فيشعله خلسة
لا يبدو عليه الجوع، تقول الابنة الكبرى للصغرى
لا، لا يبدو عليه الجوع، تقول الابنة الوسطى للكبرى
بابا! عجل، تقول الابنة الصغرى، وهي تحمل كلبتها، وتدغدغها، وتدللها: أيوه أنتِ جائعة! أيوه أنتِ جائعة! والكلبة تهز ذيلها
لا يبدو عليها الجوع، تقول الأختان الكبرى والوسطى للعروس، وهما تدوران بين المدعوين، والمدعوون يداعبون "شنغهاي" كلما مضت الأخت الصغرى بواحد منهم
يضع إيفان ألكسندروفيتش بعض الرز في الحليب
بابا! راقب الحليب
يغلي الحليب بالرز، فيريد ألكسندروفيتش الانسحاب
بابا جميل في السموكنج
ثوب العرس جميل
يبدو بابا أصغر من عمره بكثير في السموكنج
بابا لا يكبر
بابا شاب في السموكنج وغير السموكنج
يتناول ألكسندروفيتش كأسًا، وتتكسر في يده، تشم البنات الثلاث رائحة الرز المحترق، فيسارعن إلى إطفاء الغاز، يكون أبوهن قد انسحب
في الشارع، ينصحه شرطي السير بألا يأخذ سيارته، بسبب حالة الطوارئ، أضف إلى ذلك أن قطار الضواحي الجديد يشغلونه لأول مرة
قطار آخر صيحة، أقصى راحة، أعظم هدوء، مجهز بكل التكنولوجيا الحديثة، ما أن يضع المرء القدم فيه حتى ينسى كل هموم يومه، ويشعر بنفسه كملك لا عربي، كقيمة لا تقدر بثمن، كسلطة لا تدوم إلى الأبد، فيسعى إلى استغلالها على الأقل خلال المدة التي يقضيها في سفره
يتوقف القطار فجأة بقاطراته المفتوحة على بعضها، ليأخذ أحدهم بإطلاق النار على الركاب الذين يضغطون على الأزرار، فيجدون الأبواب موصدة، ولا يقدرون على النفاد بجلدهم
ترجو إحدى الراكبات إيفانوف ألكسندروفيتش أن ينقذ طفلها، فيحمله، ويركض به حتى آخر قاطرة، يكون الإرهابي قد اكتفى بما فعل بعد قتله للأم، يرمي سلاحه، ويضغط على زر، ويغادر على هينته
ينظر إيفانوف إلى الطفل الذي أنقذه، فيجد كلبتهم، يطير فرحًا، إلا أن فرحه لم يدم طويلاً
يعتقل رجال الدرك كل من بقي على قيد الحياة
لماذا؟ احتج ألكسندروفيتش، وهو في الطريق إلى المعتقل
ألم تفهم لماذا؟ رد رجال الدرك على السؤال بسؤال
...
أحيانًا لا داعي للكلام كي نفهم
...
نحن في مهنتنا هذه هي لغتنا
...
لأنكم شاهدتم كل ما جرى
كلبتي شاهدت لكنها لا تعرف الكلام
تريدنا أن نطلق سراحها؟
لن تقول الحقيقة لأحد
ستقول
لن تقول
ستموء
كلبتي ليست قطة
ستموء وستخدش وستعض
لن يصدقها أحد
هناك من سيصدقها
لكنهم لن يتكلموا
سيتكلمون
سيتكلمون عن كل شيء ما عدا الأساسي
في المعتقل، يعيد ألكسندروفيتش إلى المرأة ابنها
في الليل، يسمعها تصرخ، ورجال الدرك يضاجعونها
في المقبرة، يؤنب قائد الدرك رجاله: القتلى عددهم كبير، يفوق عدد القبور التي حفرناها


يتبع المشهد السابع