عساكر الفصل التاسع


أفنان القاسم
الحوار المتمدن - العدد: 4857 - 2015 / 7 / 5 - 17:24
المحور: الادب والفن     

كان من حق الأمير العجوز ولي العهد السعودي ركوب البر في ليموزينة كبيرة، سيارة عن حق وحقيقة. ومع ذلك، كان في استقباله في مطار كنيدي، حسب طلبه، وليس في مطار واشنطن، الموظف الصغير نفسه، ليقوده إلى آثار الورلد تريد سنتر. كان حريصًا على تلاوة الفاتحة على أرواح الضحايا، فنزل من السيارة في مكان المأساة، وهو يرتدي ثوبه التقليدي، ودموعه تتدحرج على وجنتيه. شكره الموظف الصغير لشعوره النبيل، وولي العهد يحافظ على صمته. لكن، في الطريق إلى العاصمة، فتح أخيرًا فمه، واعترف بالغضب سببًا لبكائه، الغضب من أولئك الذين فروا تاركين الموت للآخرين دون أن يخطروهم، وأقسم جهد أيمانه على أن يشي بشوشو وكل اللوبي اليهودي.
- تعني أن تشي بِلاد-لاد وكل الشبكة الإسلامية، صحح الموظف الصغير.
- أنت تعتقد بهذه الكذبة، يا ابني؟ اليهود هم الذين قاموا بهذا، لإخضاع أمريكا والأمريكان وإخضاعنا بعد ذلك. يعرف بولوش تمامًا أن شوشو أقوى منه، وهو لهذا مستعد للتخلي عن كل شيء له، حتى كلسونه إذا ما طلبه الآخر منه. كما أقول لك، يا ابني، لقد عمل اليهود كل شيء ليخضعوا أمريكا ويخضعونا.
- كما لو أنكم لم تكونوا خاضعين قبل هذا، سموك.
- نعم، لكن هناك خضوع وخضوع.
- يعني؟
- يعني إنزال بنطالك قليلاً أو تمامًا ، يا ابني.
- لكن ليس لديك أي إثبات، سموك.
- بلى، لدي إثبات.
- ما هو؟
- الإثبات ليس هناك أي يهودي بين الضحايا.
- سموك يضمر أنهم أُخْطِروا.
- اسأل السي آي إيه. وهذا الكلب لاد-لاد ما هو إلا ألعوبة، واجهة، لا أكثر. إنه يدافع عن مصالح رؤسائه مقابل أجر، نعم، اليهود دائمًا والسي آي إيه، لقلبي. لكن أنا من الصعب قلبي، إليتاي عريضتان بهذا القدر.
- هل يمكنني أن أعطيك نصيحة، سموك؟
- يمكنك، يا ابني.
- نصيحة...
- قلت يمكنك، يا ابني.
- توقف عن تسميتي "ابني".
- كما تريد، يا ابني.
- أنت بعمر أبي، بعمر جدي، ربما بعمر والد جدي، لكني لست ابنك.
- لماذا؟ أنت تكره إلى هذه الدرجة أن يكون لك أب عربي، يا ابني.
- هذا آخر ما يهمني، لكن لا تسمني "ابني".
- أَلا تكون يهوديًا، يا ابني؟
الموظف الصغير مغتاظًا:
- فلنعد إلى اتهامك، سموك.
- إثباتي، يا ابني.
- لا تكشف لأحد عما قلته لي.
- هل أجازف بحياتي؟ لا بأس! لن يكون لكم بترولي.
- ولماذا في رأيك نحن نريد غزو العراق؟ لنستدرك مثل هذا الاحتمال.
- عراق أم غيره، بترولي يبقى الأفضل ولثلاثمائة عام. لقد نجح اليهود في انتزاع البرجين التوأمين منكم لكن أبدًا بترولي، مؤخراتنا ربما، لكن أبدًا حقول نفطنا.
- كما أرى، أنت ثابت على رأيك، سموك.
- نعم، أنا ثابت على رأيي، يا... ابني.
- وأنا أقول إنك تخاطر بإليتيك وبحقولك النفطية، بترولك، الأفضل، ولثلاثمائة عام.
- الحقيقة أن إليتيّ جِد غاليتين.
- ومراحيضك، سموك؟
- مراحيضي؟
- مراحيضك من الذهب الخالص، سموك.
- هذه حقيقتي التي لي وهذا أمر شخصي.
- حقيقة إليتيك العريضتين، سموك. هذه الحقيقة، نحن نعرفها عن ظهر قلب، وحاذر المرة القادمة عندما تذهب إليها، سموك.
- اتفقنا، اتفقنا، لقد فهمت. لاد-لاد هو من نسف برجيكما التوأمين، لا شوشو، ولا اللوبي اليهودي، من وراء ذلك، والدعم المطلق لإسرائيل لا يوجد إلا لأن مصالحهم تتلاقى ومصالحكم لمضاجعتنا بشكل أفضل، لكني لن أترك أبدًا هذا الكلب الجبان يأخذ مني السلطة طالما بقيت إليتاي على تمامهما.
عند وصوله إلى البيت الأبيض، مضى نصف الملك بالمطبخ، المضي الحتمي، ليستقبله الرئيس، وكلبته بين ذراعيه، فقفزت هذه بين ذراعي ولي العهد، وأخذت تلعق له لحيته.
- لم تفعل كلبتي هذا لأي رئيس عربي، سموك! ربما لأن رائحة البترول تشتم عنك، فكلبتي تعبد النفط.
- رائحتي شانيل، بريزيدنت، الأغلى، وشخصيًا أنا أكره رائحة النفط.
- إذن ما هو سرك؟
- شايف بريزيدنت، هذه الكلبة هي حفيدة حفيدة حفيدة كلبة كانت لي منذ أربعين أو خمسين عامًا. أنا كقريب لها، كجد لها. آكلك منين يا بطة... كم أنت شاطرة! كم أنت عاقلة! عرفتِ بابا الكبير؟ أنتِ أكثر ذكاء من ذلك الملحد لاد-لاد. أين هو؟ أحضروه لي حالاً، لأصفي حساباتي معه.
- لاد-لاد في أمان مع صهره وابنته خديجة، قذف الرئيس الذي لم يستطع منع ابتسامة كبيرة على ذكر المرأة الشابة.
- خديجة هنا؟ حالبة النعاج!
- حالبة النعاج؟
صفق الرئيس، لتدخل الساحرة خديجة المكتب البيضوي، وإذا بصعقة الحب تضرب الأمير عبدولدول في قلبه. ترك الكلبة تسقط من بين ذراعيه، ليمدهما نحو المخلوقة الجميلة، وهو يمد لسانه. قال الرئيس إنه وقع في غرامها من النظرة الأولى هو كذلك، وإن من الواجب أن يبقى ذلك بينهما. الرئيس السابق نكدت الصحافة له عيشه لِطَرَفٍ صغيرٍ من هذا الجمال، فمواطنوه أبعد ما يكون عن التحضر تمامًا كأبناء الصحراء، عندما يكون المقصود الحريم مما يملكون.
والآخر:
- جاد بلس كاديجا!
وخر على قدميها.
- لكن إذا شئت، أتركها لك مقابل تنازلك عن العرش.
- وما الذي يثبت لي أنها ابنة لاد-لاد؟
- أنا خديجة، أيها الخَرِف! قالت مقعرة صوتها.
الأمير بعد لحظة من التفكير:
- ما أهمية ذلك بعد كل شيء؟
ثم للرئيس:
- أنا موافق. متى الزواج؟
- لكني متزوجة، أيها الخَرِف! قالت خديجة.
- ومع ذلك سنتزوج. متى؟
- متى تشاء.
- حالاً.
- إذا شئت.
- وإذا شئتُ أنا، تدخلت خديجة. هنا ليست جزيرة العرب، أيها الخَرِف! هنا أمريكا.
- وهنا قفاي، قال الرئيس. ثم زاعقًا في وجه المرأة الفاتنة: دعينى أشتغل، خراء!
- برافو بولوش! ها هو ذا رجل! أنت تثبت أنك تأسلمت تمامًا، اغتبطت خديجة.
- مسلم، هو، يا حبيبتي؟ سأل الأمير العجوز. وأنا، أنا ماذا؟
- هندي! صاحت المخلوقة الجميلة بصوتها الخفيض.
- أنا لا أحب الهنود، يروحون الرز بالقرفة. أنا أكره القرفة، ولهذا أكره الهنود. نعم، أنا عنصري! صاح بدوره. لكن بين ذراعيك خديجة، سأكون هنديًا، وسأعبد القرفة. أنا مستعد لأكل الرز كل يوم، يا حبيبتي.
- لا تخطئ بِمِس رز، سموك، قذف الرئيس.
- إذا كانت مطبوخة بالقرفة، في أحضان خديجة، سأبلع كل شيء، حتى بووي-بووي بلحمه وعظمه.
- مطبوخ بالخردل هذا المارق!
- بالخردل أبلعه كذلك، في أحضان خديجة.
ثم بدل رأيه:
- لا، بالشطة.
- لم يُؤَسْلَمْ بعد، سموك.
- لم يؤسلم بعد، يا حبيبي؟
- لا، خول.
- ارسله لتدريب في بلاطي، التدريب مجاني، وبلا أي طموح رئاسي. نحن مملكة حمير وخراف، له الخيار.
ثم لخديجة:
- متى سيكون زواجنا، يا حبيبتي؟
- أنت تريد خديجة زوجة بالفعل؟ سأله الرئيس.
- وفي الحال، أجاب رافعًا جلبابه. ستكون زوجتي رقم 777، لكن مفضلتي.
- إذن تتنازل، بما أن مرض أخيك يمنعه من فعل ذلك بنفسه. تترك السلطة للاد-لاد، حميك القادم، الذي عليه تعود مَسْحَحَة كل جزيرة العرب. هو قادر على ذلك، هذا الإسلامي حسب الطلب، ووجودنا عندكم حُلّت مسألته. لن نكون جيشًا ملحدًا، وسيصدّر البترول لنا بلا أي كره عنصري أو ديني. إلا إذا نجح ابن الكلب في أسلمة أمريكا، فيكون المشكل نفسه، ويكون من اللازم أن أشن حربًا صد شعبي لأجعله يقبلني.
- هذه هي صدمة الحضارات، يا ابني. البادئ أظلم! وأنتم الذين أردتم. الآن أريد الزواج من الجميلة خديجة، وحالاً.
وضم الفتاة بين ذراعيه التعبتين.
أحس الرئيس أن نصف الملك هذا قد سجل انتصارًا عليه، حتى الكلبة امتنعت عن طرده. تركه يركض من وراء خديجة، وعاد يبكي بين ذراعي مس رز.


يتبع الفصل العاشر