الخطاب الديني في ليبيا...البداية بهدم القبور... والنهاية بتحطيم مفاهيم الدولة الحديثة!!


عبدالحكيم الفيتوري
الحوار المتمدن - العدد: 3669 - 2012 / 3 / 16 - 19:49
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

الخطاب الديني في ليبيا...البداية بهدم القبور... والنهاية بتحطيم مفاهيم الدولة الحديثة!!

خطورة سيطرة الماضي على الحاضر .... تتمثل في محاكمة الحاضر بأقوال الماضي بدون معرفة السياقات والمساقات؛ السياق التاريحي والمساق الثقافي والفكري والاجتماع حال التنزيل. ولعل كلام وفعل ابن تيمية في التحريض والهدم لكل ما هو معتبر لدى أهل زمانيه دليل قاطع لدى الذين يؤمنون بمحاكمة الحاضر بالماضي(منطق القياس)، حيث قام هؤلاء الايام الماضية بهدم مجموعة من الاضراحة والقبور، والمرحلة القادمة تخريب مفاهيم الدولة.

منطق السلف في هدم القبور:

فقد ذكر ابن كثير عنه أنه أزال العمود المخلَّق، وكسر بلاطةً سوداء زعموا أن عليها كفَّ النبي(ص) ، كما حطم صخرة كبيرة كان الناس ينذرون لها، ويتبركون بها.( انظر: لجامع لسيرة ابن تيمية، والبداية والنهاية لابن كثير). وعلى ذات المنوال صار تلميذه ابن القيم حيث ذكر في سياق هدم مسجد ضرار وتحريقه. فقال:وفي هذا دليل على هدم ما هو أعظم فساداً منه، كالمساجد المبنية على القبور، فإن حكم الإسلام فيها أن تُهدَّم كلَّها حتى تسوَّى بالأرض، وهي أَوْلى بالهدم من مسجد الضرار، وكذلك القباب التي على القبور، يجب أن تُهدَّم كلها؛ لأنها أسست على معصية الرسول؛ لأنه قد نهى عن البناء على القبور. فبناءٌ أُسِّس على معصيته ومخالفته بناءٌ غير محترم.(انظر : إغاثة اللفهان، وزاد المعاد)


منطق السلف في هدم مفاهيم الدولة الحديثة:

وذلك من خلال هدم مفهوم المواطنة، بفقه أحكام أهل الذمة....... وتدمير منطق التعددية بفقه إقصاء أهل البدع والأهواء.....وتحطيم مفهوم الأغلبية بفقه ولاية المتغلب.....وإلغاء مكانة المرأة بفقه عدم جواز ولاية المرأة ولكونها ناقصة العقل والدين....وتهميش مفهوم حرية الاعتقاد بمنطق من بدل دينه فاقتلوه....وإقصاء مفهوم حرية الرأى بمنطق التكفير والزندقة....وهكذا يصدق منطق الهدم والتدمير والتحطيم على مفهوم السياحة ومفهوم الاقتصاد ومفهوم الحرية الفردية.... الخ

ولولا خوف الايطالة في ذكر الادلة على هكذا محاكمة الحضر بالماضي في مفهوم الدولة القديمة في مفاهيم الدولة الحديثة، ولكن بامكان مراجعة الاستدلال السلفي المتوافر في عديد المراجع السلفية منها، كتاب غياث الأمم للجويني، والأحكام السلطانية لابي يعلى، وكذلك الاحكام السلطانية للفراء، ايضا كتاب السنة لابن حنبل، والطرق الحكمية لابن القيم، والسياسية الشرعية لابن تيمية..... وغيرها.

يتضح مما سبق أن نقد التراث ، وفك الارتباط بين إسلام الوحي وإسلام البشر ، ليس عملية ترفى فكري بقدر ما هي ضرورة دينية، واجتماعية، وحضارية إذا ما كنا نرغب يوما ما بالاقلاع في سماء دنيا التحضر والرقي !!