سناريوهات مصير القذافي


عبدالحكيم الفيتوري
الحوار المتمدن - العدد: 3359 - 2011 / 5 / 8 - 00:23
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي     


ربما لم يهتز العالم بأسره لنبأ انتحار كما اهتز لنبأ انتحار الزعيم الألماني النازي أدولف هتلر، الذي مثلت لحظة انتحاره علامة فارقة في التاريخ الحديث. ولم لا وهو الرجل الذي اشعل حربا عالمية أزهقت أرواح الملايين من البشر، ناهيك عن حجم الدمار والخراب الذي خلفته في معظم دول القارة الأوروبية.

اتخذ هتلر من قبو (الفوهرر) مقرا منذ يناير 1945، وكانت ألمانيا النازية تنهار سريعا تحت ضربات الحلفاء الذين يتقدمون من الشرق والغرب. وفي إبريل عانى هتلر انهيارا عصبيا خلال أحد الاجتماعات العسكرية لتقييم الحالة، وفي هذا الاجتماع أقر هتلر بأن الهزيمة قريبة وأن المانيا ستخسر الحرب، وصرح بأنه سينتحر وبعد ذلك سأل الدكتور فارنر هاسه عن طريقة جيدة للانتحار، فاقترح هاسه تناول السيانيد ثم إطلاق النار على الرأس.

وفي 30 ابريل 1945، وفي لحظة انهيار كامل، لحظة فاصلة ما بين زهوة النصر وبشاعة الهزيمة، قام هتلر بتناول حبوب (السيانيد)، ومن ثم إطلاق النار على نفسه، وانهى بذلك حياته منتحرا.

وبعد وانتحار هتلر بأربعة عقود جاء (نيكولاى تشاوشيسكو) والذي يعد من أشهر الطغاة المستبدين في التاريخ المعاصر، حيث حكم بلاده رومانيا لمدة أربعة وعشرين عاما(1965-1989) بالحديد والنار. وكما سائر طغاة التاريخ، أصيب تشاوشيسكو بجنون العظمة في نهاية حياته فكان يخلع على نفسه الألقاب اللقب تلو الآخر مثل(القائد العظيم)،(والزعيم الملهم)،و(منار الانسانية المضيء)،و(العبقرية التاريخية) الخ.

وما حلت اللحظة واقترب الموت من الطاغية المستبد الذي أشاع نظامه الفساد في البلاد، سام خصومه ومعارضيه سوء العذاب، ارتعدت أوصاله وارتجفت فرائضه، وراحت الدنيا تدور به ، ولم يصدق أنه لم يبق له في الدنيا إلا ثوان معدودة. وحين نودي على الرئيس الروماني تشاوشيسكو من قبل الثوار الرومانيين، وأدرك دنو اللحظة الأخيرة من أجله، أخذ يبكي كأطفل، خاصة حين قام الجنود بتقييده قبل إطلاق الرصاص عليه حتى الموت.

ولا يفوتنا في هذا السياق التذكير بنهاية الطاغية الصربي (ميلوسيفيتش) جزار البلقان، الذي اعتقل ونقل إلى محكمة العدل الدولية، واثناء محاكمته في لاهاي 2006 أعلن عن موته داخل معتقله منتحرا. (انظر: لحظات فاصلة في حياة الزعماء، للمنياوي)

وفي ذات السياق التاريخي لهؤلاء الطغاة كان انقلب الملازم أول (القذافي) على النظام الملكي المنتخب في ليبيا عام1969، حيث استباح هذا الطاغية ليبيا شعبا ومالا ونظاما ومكانة بأبشع الوسائل وأقبح النوايا، وبعد 42 عاما من حكمه المستبد قام في وجهه شعب ليبيا المظلوم في فبراير2011م، فلم يجد من سبيل لإدارة البلاد إلى من خلال قبوه من(باب العزيزية) خوفا من الوقوع في قبضة الثوار، وتقديمه لمحاكمة عادلة تقضي بالضرورة إلى إعدامه نظرا لحجم جرائمه التي تجاوزت حدود ليبيا إلى أن وصلت بلدان عدة منها أفريقية وأوروبية وأمريكية.

ومن هنا يمكن تصور نهاية الجنرال القذافي الذي يعيش في قبوه منذ اندلاع الثورة ضد حكمه الاستبدادي، أما أن تكون النهاية الهتلرية (الانتحار بتناول مادة قاتلة)، أو التشاوشيسكوية (اعتقاله ورميه بالرصاص بايدي الثوار). أو الميلوسيفيتشية بالاقامة في استراحة المدعي العام أوكمبو والانتحار في معتقله!

ولعل النهاية التشاوشيسكوية هي أقرب السناريوهات المحتملة، وذلك لأسباب عدة؛ منها تشابه النظامين الروماني والليبي من حيث الايدلوجية، وأساليب الحكم، وأنماط تسير البلاد، وطرق قمع المخالفين والتخلص منهم، وتمكن النرجسية وحب العظمة من الطاغية الروماني والليبي.

وبالتالي هل نشهد قريبا على شاشات التلفزة مثول الجنرال القذافي وأسرته أمام محكمة للثوار، أو القبض عليه ومحاكمته أمام محكمة الجنايات الدولية خاصة وأن هذه الأيام سوف تصدر بحقه وثيقة اعتقاله لإدانته بجرائم الحرب والإبادة الجماعية؟!