أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - احتجاجات السويداء، ليس لدى الأسد سوى الرصاص














المزيد.....

احتجاجات السويداء، ليس لدى الأسد سوى الرصاص


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 7456 - 2022 / 12 / 8 - 12:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


على مدى السنتين الماضيتين شهدت محافظة السويداء احتجاجات عديدة، كان محركها الأساسي هو تدهور شروط الحياة، سواء أكان من جهة المواد الأساسية للمعيشة، أو من جهة أساسيات الحياة الآمنة. تجاه هذه المحافظة التي تتميز بقدر كبير من التضامن الأهلي، اعتمد نظام الأسد سياسة أمنية خاصة كان أساسها العمل على التلغيم الداخلي، أي إنشاء ميليشيات محلية تابعة لأجهزته الأمنية، وتوظيفها في القمع والتقييد والإرهاب وتجارة المخدرات والخطف ... الخ، للتغلب على التماسك الجماعي لأبناء المحافظة، وتفكيكه لتسهيل الاختراق والسيطرة.
بالفعل اخترقت الأجهزة الأمنية النسيج الاجتماعي للمحافظة على حوامل محلية، وهكذا ظهرت الميليشيات المحلية وزادت قوتها، ولم يعد يكفي الأهالي، لكي يتخلصوا من ميليشيات مثل "قوات الفجر" المدعومة من الأمن العسكري، والتي عاثت فساداً في الأرض، أن يرفضوا هذه الميليشيا، ويقفوا في وجهها، بل وجدوا أنفسهم مضطرين إلى الاعتماد على فرع أمن آخر "أمن الدولة". أي أن تشكيلات العنف المحلي باتت سلطات أقوى من قدرة الأهالي على الخلاص منها. كما لا يمكن أن ينسى أهالي السويداء هجمات داعش على قرى ومركز المحافظة في تموز/يوليو 2018، الهجمات التي راح ضحيتها أكثر من 200 قتيل، ولا يزال في الذهن الكثير من الأسئلة حولها.
ضد سلطات الأسد التي تسمي نفسها "دولة" وتفشل في حماية المحكومين من العنف المنفلت والتدهور المعيشي، كرر أهالي المحافظة خروجهم واحتجاجاتهم. في كانون الثاني/يناير 2020، خرج مئات من الأهالي في السويداء باحتجاجات "بدنا نعيش". ثم تجددت الاحتجاجات في حزيران/يونيو من العام نفسه مع المزيد من تراجع مستوى المعيشة. وفي صيف 2021 تحرك الأهالي وتمكنوا، بمساعدة قوات "رجال الكرامة"، من وضع حد لإحدى الميليشيات التي كانت تخطف وتنهب وتذل الناس. وفي شباط/فبرار من هذا العام، خرجت مظاهرات ضد قرار قطع الدعم الحكومي عن مئات آلاف العائلات. ثم تكرر الاحتجاج في أيلول/سبتمبر من العام نفسه، وصولاً إلى الاحتجاج الذي قام به بضع مئات قبل أيام واقتحموا مبنى المحافظة، بعد أن ألقيت علة المحتجين قنبلة صوتية أدت إلى جرح اثنين منهم. وأمام مقر قيادة الشرطة ووجهوا بالرصاص الحي مأ أدى إلى مصرع أحد الشباب المحتجين وجرح آخرين، كما قتل أحد عناصر الشرطة دون تحديد مصدر النيران بعد.
ليس من المفاجئ خروج الناس في السويداء تحت ضغط الفشل العام لنظام الأسد في تأمين أبسط حاجاتهم، المستغرب هو عدم خروج من لم يخرج. وليس من المفاجئ أن يعبر المتظاهرون عن رفضهم بالتكسير والحرق، فمن تنتهك كرامته يمكن أن يقدم على أعمال عنيفة، ولاسيما بعد تكرار الاحتجاج مرات دون جدوى. ولكن من المفاجئ أن يقابل النظام المتظاهرين، هذه المرة، بالرصاص الحي، فقد كان التعامل مع احتجاجات السويداء أكثر مرونة. الواقع أنه لم يعد يملك الأسد ما يقدمه لمحكوميه سوى الرصاص.
لن نتوقف عند اعتبار المتظاهرين في السويداء "خارجين عن القانون" حسب بيان الداخلية، فعنف الميليشيات وتجارة المخدرات وعمليات الخطف والتهريب التي يرعاها النظام، هي القانون الذي تحترمه الداخلية. ولن نتوقف عند متكلمين يعيبون على المتظاهرين عنفهم وينسبونهم إلى العمالة إلى هذه الجهة وتلك، ذلك أن موقف هؤلاء المتكلمين من أي احتجاج ضد النظام، سيكون دائماً كموقف بخيل الجاحظ الذي قال لصاحبه "لو خرجت من جلدك لن أعرفك".
سوف نتوقف عند قول روتيني يتكرر وهو إن ثمة تطور في الاحتجاجات، ذلك أنها هتفت، هذه المرة، بإسقاط النظام. الواقع أنه لم يعد في سورية فارقاً مهماً بين المطالبة بالخبز والمطالبة بسقوط النظام، ذلك أن الأولى باتت تعني الثانية بتطابق شبه تام. حين تعجز سلطة ما، عجزاً تاماً ودائماً، عن تأمين متطلبات الحياة الأساسية، تنعدم المساحة التي تسمح بتتبع "تطور" الاحتجاجات من مطلبية إلى سياسية، لأن أي مطلب معاشي بسيط سوف يعني تلقائياً المطالبة برحيل السلطة.
لم يعد نظام الأسد يعني شكلاً محدداً من الحكم يحتج السوريون لتغييره إلى شكل آخر، هذا قول بعيد عن الدقة بعد الدولة السورية عن مفهومها العام. لم يعد بمقدور سلطة الأسد أن تخرج من الحقيقة التي تقول إنها باتت متماهية مع جوع السوريين وفقرهم، وإن استمرارها بات يعني استمرار حال السوريين على حاله هذا، وإنه من الوهم التفكير بالفصل بين استمرار سلطة الأسد واستمرار الانهيار العام. إن تماهي سلطة الأسد مع التدهور العام لمعيشة السوريين ولبلدهم، يكافئ التماهي الذي أنجزته هذه السلطة خلال العقود الخمسة المنصرمة، بينها وبين الدولة السورية. وكما جعلت هذه السلطة من المستحيل "إسقاطها" دون تدمير الدولة السورية، كذلك جعلت من المستحيل استعادة كرامة السوريين دون تدمير هذه السلطة.
لم يعد نظام الأسد شكلاً من الحكم، لم يعد نظاماً سياسياً للإدراك العقلي، فقد بات مجرد كتلة متجانسة (صبّة وحدة) متماهية مع القمع والجوع والبرد والتشرد والفساد والموت ...، كتلة مرفوضة بذاتها، وقد أقول مكروهة، ذلك أن هذا التماهي قلص أو ألغى المسافة بين المشاعر والعقل، على الأقل منذ أن أطلق نظام الجوع حملة "منحبك" التي تعلن قتل السياسة لصالح المشاعر، وتفتح الباب أمام دعوات التجانس الفاشية، الباب الذي يوصل إلى كل الشرور التي عاشها السوريون من الرصاص إلى الكيماوي إلى الجوع والبرد والفاقة.
تدرك الطغمة الأسدية جيداً أنها تجاوزت في عدائها للشعب السوري كل حد، وأنها باتت منبوذة ليس فقط من الخارج الذي يجد حرجاً في الانفتاح على نظام كهذا، بل ومن الداخل، سواء منه من خرج مع الثورة أو من لم يخرج، وتدرك أنها عاجزة بتكوينها الفاسد ومحدودية مواردها عن تأمين أوليات حياة محكوميها، والنتيجة أنها باتت تدرك أن المطالبة بالرغيف باتت تعادل المطالبة بإسقاط السلطة، حرفاً بحرف.



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أين هم شيوعيو الأمس؟
- تفكيك الاستبداد في السودان
- عن تماسك معسكر النظام في سورية
- -العاقل-، إله تائه يبحث عبثاً عن الرضا
- مأزق الجيش في السودان
- الأمم المتحدة تتراجع، الجولاني يتقدم
- هذه الجوانب الخطيرة في الانتفاضة الإيرانية
- قصة الحجاب بين الفرض والحظر
- نساء العائلة، تاريخ خاص
- الوهم الذي لا يتبدد
- السوريون في أوروبا، هل يتحول المنفى إلى وطن؟
- نحن وغورباتشوف
- هل من مخرج للعراق؟
- هذه الفتاوى والتابوهات
- عن انتفاضة الصدريين في العراق
- ليالي السجن، العازل والاسمنت
- سلطات العنف، أو الشرعية المستمدة من العنف
- السويداء السورية، انتفاضة محلية ببعد وطني
- خطوة إلى الخلف في تونس
- السلطة والثورة، الاعتماد المتبادل


المزيد.....




- تنظيم الدولة يعلن مسؤوليته عن هجوم شنه مسلحون على سائحين بوس ...
- ماذا نعرف بشأن جهود البحث عن مروحية الرئيس الإيراني؟
- -تسنيم-: قرارات جديدة لتسريع البحث عن مروحية رئيسي بعد بيانا ...
- بيونغ يانغ تسعى لتعزيز قدرتها على الردع النووي بعد تجربة أمر ...
- وكالة: مسيرة تركية رصدت مصدر حرارة يعتقد أنه حطام طائرة الرئ ...
- أوكرانيا.. 11 قتيلًا على الأقل في قصف روسي على خاركيف
- -تسنيم-: قرارات جديدة لتسريع البحث عن مروحية رئيسي بعد بيانا ...
- مصدر مطلع: المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني لم يعقد اجتما ...
- الإعلام الرسمي التركي: مسيرة -أكينجي- رصدت مصدر حرارة يعتقد ...
- مسافرة تتقدم بشكوى ضد شركة -مصر للطيران- بسبب -دودة في وجبة ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - احتجاجات السويداء، ليس لدى الأسد سوى الرصاص