أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تيسير الفارس العفيشات - نيوزلندا .. زيارة إلى معبد العائلة الماورية في مدينة روتروا المقدسة















المزيد.....



نيوزلندا .. زيارة إلى معبد العائلة الماورية في مدينة روتروا المقدسة


تيسير الفارس العفيشات

الحوار المتمدن-العدد: 6704 - 2020 / 10 / 15 - 16:03
المحور: الادب والفن
    


( روتورا ) فرضةٌ وادعة تغتسل بماء بحيرتها الأزرق البراق، و تستضحي للشمس الدافئة، أشاعت في نفسي هذا الصباح، أطيافا من الحلم الساجي الذي لا يعكر صفوه شيء في الأرض ولا في السماء، في هذه المدينة التي يحلق على أكتافها جبل أشم باذخ يتبدى مثلُ شيخ وقور امتلاء حكمة فاضت في نفوس أهل المدينة، وهم في أغلبهم من السكان الاصيلين لنيوزلندا ( الشعب الماوري ) الذين سكنوا هذه الجزيرة المعزولة في الأطراف القصية النائية الموحشة للبحر منذ الآف السنين، وهم مهما تقلبت بهم مدينة الحضارة، أو حضارة المدينة، ففيهم ترقد حماسة دينية، ونزعة هي أقرب لصوفية الطبيعة التي لا تقنع بغير الذهاب إلى المطلق، فسواء انطوت عليها أسرار الوثنية الرائعة التي اتخذت عرشها على قمم الجبال، أو في أعالي المحيط، أو في أعماق الغابات ،أو في أكناف السماوات وضلال النجوم ، سواء استجابت لهذا النداء أو لسلطة الموروث، أو سيطرت عليها المدنية الغربية بكل مظاهرها، فإن من وراء هذا كله تحيا روح من التقوى الحارة المستسلمة لتهاويل الطقوس الوثنية التي تتحد مع مظاهر آلهة الطبيعة التي يتوجه لها بالعبادة الحارة المعبرة أشد التعبير عمّا يعتمل في نفس الماوري…
هذه المدينة ترى بقايا الأطلال الشاهدة على رحلة وحياة الماوري في جزيرته الحالمة، وآثار يلقاها قاطن المدينة في كل مكان منها تحت قدميه، فإذا ما شق أحدهم بفأسه حديقة منزله، إنما يشق أثلاماً تناثرت على حفافيها الحجارة الخضراء والحمراء المحفور عليها أنواع الرسوم والتماثيل التي تصور عوالم من الأفكار والمعتقدات، ترمز الى مظاهر الطبيعة وآلهتها ، فهي أي (روترورا) أشبه بمتحف حيّ عميق التأثير…
جلال الفن الماوري يكمن في نزعته نحو الترفع عن الواقع في التشريح والتكوين، وعدم إكتراث للمنظور، فلا يعني الفنان الماوري بالتشابه الحقيقي بين رسمه ونحته، وبين الشخص والمنظر الطبيعي الذي يمثله، بل كان همه أن يقدم صورة تتسم بالتهاويل الخارقة الصارمة، فالأشخاص والمناظر هي رموز، و الحقيقي هو المعنى المنطوية عليه، والمعنى ينبع عندهم من أوهام الخلود للروح التي تسري في كل شيء حي وغير حي على السواء.. وفي هذا الفن بعض تفسير للأسلوب الغريب المحير الذي اتخذه ، فلا منظور حي حقيقي، و الأضواء والضلال تثير الرعب وتستدعيه، لبعدها عن الواقع ، الوجوه قاسية، تنبض بالزهد الخشن الذي يصل حَدَ الشقاء، ونظرات العيون فيها ثبات نفّاذ يدفع بالناظرين فيها إلى رهبة جاهدة تثير القلق الممزوج بالحركة المستفزة، واستطالة الوجوه واتساع الأفواه حتى آخرها، يصور الحركة الباطنة المستوية على عرش الروح التي ترفُّ ظلالها في كل اتجاه...
ولسنا ندري كم أمضى هذا الفن من زمن، وبمن تأثر ، وأية روح غريبة أوحت به… لكن الذي ندريه أنه يحمل تاريخاً من الثقافة الأسطورية المغرقة في فضاء من الطقوس الوثنية عميقة الغور..و لأدع الحديث عن الفن الماوري وتاريخ الماوري إلى مكان آخر ..
ولأرحل في صباح هذا اليوم المشمس من أواخر شهر ديسمبر إلى حيث ( البيت الماوري الكبير ) المتربع على شفة بحيرة ناعمة نضرة، هو يشبه المعبد، أو هو المعبد، مفتوح لأفواج السائحين التي لا ينقطع لها ورود، كان اليوم يوم سبت، إنه اليوم الذي تؤم إليه جموع الماوريين ، و غايتهم الأحتفال، وسماع موعظة كبير شيخهم التي تستمر لاكثر من ساعة كاملة، ثم الأستمتاع بالموسيقى والغناء والرقص، في طقس هو أقرب إلى الأحتفال والفرح منه الى التعبد الزاهد …
وما أن خرجت من غرفتي في الفندق المجاور، حتى زادت الشمس المقنعة بقناع من السحب الخفيفة من حرارة الأحلام الزاهية، التي يبعثها البستان القائم في وسطه البيت الكبير، والذي يزيد من أعماق أسراره جرف واسع من الطين الأبيض والأسود والماء الملتهب الذي يغلي لشدت الحرارة التي تبعثها الينابيع التي تتفجر من باطنه، نافثة بخارها الأبيض الشفيف في صورة دائبة دائمة، الجرف بقايا فوهة بركان سكت عن الثوران، لكن الحياة لا زالت تعمل في قلبه، هذا الموضع بل المدينة كلها من أقدس الأماكن لدى الماوري، الجرف يتسع في الشرق ويضيق كلما إتجه للغرب، حتى يتحول إلى وادي عميق تجري فيه المياه العكرة الحارة، ترفدها العيون بكميات كبيرة متحولة إلى شلالات دافقة على جانبيه وفي قلبه في تواقيع عجيبة، دافعةً بالبخار إلى أعلى قبل أن تشتته الريح أو ترفعه إلى حيث شاءت ..
ومدينة روتروا بكل ضواحيها وجبالها وسهولها وبحيرتها تقوم على فم بركان تنبض الحياة في قلبه، حتى أنك ترى أينما وجهت نظرك البخار يتصاعد من شقوق الارض، وقمم الجبال، وسفوح الهضاب، في منظر لا تكاد ترى له شبيها في بلاد الدنيا، ولولا رائحة الكبريت التي تزكم الجو في ساعات المساء لكانت هذه المدينة تحفة الطبيعة الخالدة…

دخلت البيت مخترقاً طرقات تلفعت بالأسرار وطافت في أرجائها ألحان آسرة كانت تتهادى سيالاً من الحنين العذب، يتدفق في القلب مثل شلال من نور ، وشرفات المنازل القريبة تنثر عليّ ورد الشوق إلى الغواني اللواتي ألهبت أجسادهن حرارة الحب وفرح الشباب، فتمنيت أن أقطن هذه المدينة الغافية على سؤر الجمال والخيال، وأن أحمل القيثارة كل مساء لأعزف عليها لحن الفتى( فرتر ) للعيون النجل السود التي ألهبت فؤادي وهن يبسمن في شرفاتهن الوضيئة…
ودخلت معبد الماوري ( الواهناوا ..بيت العائلة ) فألفيت كل ما فيه مشرق بنور الشمس وهي تتهادى إلى قلبه من نوافذه الواسعة المنتشرة في كل جوانبه، وتنفذ أشعتها من القبب الزجاجيه التي تعلو سطحه، تهديني إلى مسرحه الأثير الباذخ سلالم لولبية صنعت من خشب الصنوبر، راحت تثب بي إلى رفرفٍ منبسط تحفُ به آيات بديعة من الرسوم المختلفة الأشكال والألوان، ومنه إنتهيت إلى بهو البيت، وهي صالة واسعة ترنقُ في جنباتها زرقة كابية ، تضفي عليها الموسيقى الناعمة مزيداً من السحر، صفت في عرضها وعلى جنباتها المقاعد الخشبية على شكل أقواس ، جلس عليها جمع غفير من أهل المدينة، وجمع آخر تنوعت أشكالهم وألوانهم وأعراقهم، وثقافتهم ، جاؤا إما لتزجية الوقت أو بداعي الفضول..تبدت الرسوم واللوحات على جدرانه المطلية باللون الوردي، ولكل منها شرح يرافقها، يقولُ ما ترمز إليه وما تعنيه باللغتين الانجليزية والماورية، وقد علت مثلث الأقواس الذي يقطع الصالة من الداخل في إنسياب سهميٍ صاعد بديع من أسفل إلى أعلى حتى تتلاقى في نقطة في منتصف السقف ، مجموعة من التماثيل محفورة بالخشب بأشكال وأحجام مختلف، وكل منها يحكي قصته، أو أن قصته هي من تحكيه…
وأنا .. من عادتي إذا ما زرت معبداً من معابد الناس ذات الآثار الخالدة، إلى أي دين أو ومذهب أو طائفة إنتمت، دخلتها وفي النفس شوق، وما خرجت منها إلا عرفت عنها تحصيلاً لا تذوقاً، والتصقت بما توحيه من معنى مثلما تلتصق الروح المتشردة بجثة منسية في قبر موحش..
ولولا أنني رحت أستروح نسائم كلمات عطرة من شيخ حكيم وقف على منبره يلقي عظته في هذا الجمع، راحت ترنُ في مسمعي رنيناً لطيفاً كأنها صادرة من قلب مكلوم ونفس جريحة وروح حزينة، لمضيت في سبيلي مستكشفاً كل ركن من أركان البيت وبالأخص الحديقة الخلفية التي يقطعها الوادي إلى نصفين، ومن الحديقة أمضي ناشداً الروابي المشرقة ، ومنها أروح صعداً إلى الجبل الذي يحيط بالمدينة، والرحلة مشياً على القدمين تتطلب وقتاً وجهدا للصاعد ، أما من يمتطي السلال المعلقة بأسلاك والتي تذهب به الى القمة الباذخة ، فلا يحتاج كثير وقت أو جهد، وفيها ما فيها من متعة المناظر الساحرة إذا شوهدت من المرتفعات الشاهقة…
لكني أمضيت سحابة اليوم في الدير، بعدما سمعت عظة الشيخ الماوري المتهدمُ جسداً والفتيُ روحا وحضوراً، الشيخ يتلو إلى الناس موعظته بكلام عجيب وعبارات بليغة ، ومعاني طنانة لها جرس بديع ساحر ، يُجْري فيها حكمة سنينه و تأملات أيامه ولياله، فبددت موعظته إحساسي الذي داهمني في بدء الأمر ، ورحت أتنسم عبير هذا الشعب العاطر ، واندفع محموما إلى قراءة ما تيسر لي من كتيبات تحكي شيئاً بسيطاً من تاريخه وأصوله وجذوره، وكيف وصل إلى نيوزلندا الجزيرة الخالية المعزولة مذ خلق الله الأرض ، وكيف ومن أين قدم لها أسلاف هؤلاء البشر قبل آلاف السنين، وأية وسائل ركبوها في عرض المحيط الشاسع المظلم الموحش …

أسلوب الشيخ ابتعد عن الخطابة المباشرة و انفتح على نوع عجيب من السرد، الذي الذي يسمح بهيمنة الذات الساردة، مما يجعل خطاب الرجل مهيمنا بقوة عكسية… وهو إسلوب يجعل الكلام أكثر حرية وإسترسالاً وينوع إيقاعاته،خاصة مع وجود سحر الإيقاع الذي يرتفع بأشواق الذات وأسئلتها ويسمح بتدفق المعاني ببساطة شديدة إلى قلب المستمع، ويطلق فاعلية التخيل لديه ويجعل فكره ينفتح على مساحات من التدبر العقلي الذي يهدف في النهاية إلى بناء الذات أخلاقياً ومعرفياً .
وأنا أعرف أن هناك أبعاداً رئيسية في كل الخطاب، بصرف النظر عن نوعه وانتمائه الثقافي والحضاري. هناك مستوى اللغة، حقيقة كانت أم مجازاً، كلاماً أم إشارة، ألفاظاً أم علامات. وهناك مستوى المعاني سواء أكانت مستقلة عن الألفاظ أم مرتبطة بها، أكانت مطلقة أم نسبية، اصطلاحية أم عرفية. وهناك مستوى الأشياء التي تحيل إليها اللغة، ومما هو معروف أن العالم خارج الكلام، والواقع خارج الألفاظ والذي يمكن أن يكون معيار صدق الكلام ، سواء أكان هذا العالم الخارجي عالم الأشياء أم عالم الأفعال، وهذا مبحث مهم في تحليل أي خطاب للكشف عمّا يتضمنه أو عمّا وراءه وما يخفيه وما يسكت عنه، وعن حقيقة الثقافة التي حملته أو أسسته.
لقد ظلت ثقافة الماوري القديمة تعود إلى الأشياء ذاتها دون توسط اللغة والقول و التعامل مع الطبيعة مباشرةً بالرسم والنحت و الرقص دون المرور بالكلام، فالرسم كلام، والنحت. كلام، والرقص لغة وعبارات، وهي أشياء قد تكون أكثر دلالة من الكلام . 
اللغة نسق إشاري، ومجموعة من العلامات الدالة، وهي أوسع من الكلام، والكلام أحد وسائل اللغة، وتدوين ثقافة الماوري وعقيده وتاريخه جاء متأخرا ، وهو أمر لم يحضى بدراسة تكشف عن زمن التدوين وفي أي تاريخ حدث وكيف تم ..
لندع الجواب عن تلك الأسئلة إلى مقال لاحق ولنستمع لما راح يقوله الشيخ بلغته الباذخة وصوته المتهدج :

هو الإنسان ألفُ الحياة و ياؤها ، منه تتفجر ينابيعها و إليه تجري وفيه تصب، هو حاكمها و محكومها، وظالمها و مظلومها، و هادمها و مهدومها، و واهبها و موهوبها، هو فقيرها وغنيها، وضعيفها وقويها، وظاهرها و خفيها، وهو عبدها ومعبودها، وأثيمها وقديسها…
هو إبن كل أب وأم، وأخ كل أخ وأخت، وأنت كائناً ما كنت، لا مهرب لي منك، ولا لك مني، لأنك أنا، وأنا أنت وكلانا الإنسانية بأسرها…
ولولاك لما كنت كما أنا، ولولاي لما كنت أنت، و لولانا لما كانت الإنسانية. للولا الذي سبقونا لما كنّا، و لولانا لما كان في رحم الزمان إنسان .
أفي قلب جارك سعادة؟ اغتبط بسعادته إذن، لأن في نسيجها خيطا من نسيج روحك، وما هَمَّ رأت عين جارك ذلك الخيط أم لم تره، فالعين التي ترى كل شيء تراه…
أفي قلب جارك حرقة؟ فاليحترق قلبك بها، لأن في نارها شرارة من موقد بغضك وحسدك.
أفي عين جارك دمعة؟ لتدمع عينك لأن فيها ذرة من ملح قساوتك.
أفي وجه جارك بسمة؟ ليضحك وجهك لها لأن في حلاوتها شعاعا من نور محبتك.
رأيتك ترقص، والحياة داخلك لا تتراقص إلا إذا صفق لها جذل الحياة في سواك، سمعتك تشكو وتنوح، تطلب أن ينصفك الناس من أنفسهم، فإذا كنت تشكو الناس للناس فعلام لا تصغي لشكواهم منك، وتنصفهم من نفسك…
أنت الإنسانية بكاملها عرفت ذلك أم جهلته…
( بهذه العبارات الحارة المعبرة أشد التعبير وأقواه عن نزعة إنسانية بالغة التأثير بدأ الشيخ كلامه… عبارات استوقفتني حتى أكمل الشيخ عظته العجيبة) .

ومضى يقول:
هي الأرض مزجت نفسها بنفسي، ولصقت صدرها بصدري، فدق قلبها في قلبي، ومشت روحها في روحي، ليت شعري .. صدرها ما أرحبه، وقلبها ما أرقه وأعجبه، هي العذراء ما مسها دنس، ولا شابها غش، ما فتئت من البدء حبلى، ومن البدء ما فتئت تنجب، الأرض أمي وأم كل عجيبة… هي البتول الطاهرة الحبلى بالروح وكل روح...
جلست أمس في حقل لملمت عنه الشمس آخر ذرة من الثلج، فبان في أرجائه أكوام منه، كل كومة عالم شاسع واسع ينطوي على أسرار كل العوالم، من هو الذي يدرك ما فيها ؟ أعشاب قضمتها بهائم جائعة، تغذت ببعضها ونبذت ما زاد عن حاجتها، هذا حد ما يراه الناس، ولا يرون أن كل عشبة من تلك الأعشاب شهدت فجر الخليقة، فهي ذرية البذور عينها التي ألبست التراب البكر أول حلة خضراء ، بذرة صغيرة لا تكاد العين تبصرها، وجدت من البدء خضراء الحشا، ولا تزال خضراء الحشا، وما كانت لتلحد وتنهض من لحدها عاماً بعد عام وقرناً بعد قرن، لو لم يكن ما في الكون من خفي ومنظور خادما لها في كل لحظة من وجودها، فالشمس والقمر والضباب والمطر والبحر وما فيه والسماء وما فيها، كل يعمل عمله لحفظ تلك البذرة الصغيرة في لحدها وإنهاضها في كل وقت لتصير عشبة خضراء هيفاء، و لتصير شجرة، وتصير الشجرة غابة، والغابة مهداً ومرعى لعدد لا حصر مما دق من أنواع الكائنات الحية وما عظم…
الأرض أمي وأم كل عجيبة، هي الطاهرة الطهور، لا تعرف الفساد ولا القذارة، ولا الحقارة، تفتح صدرها الواسع الرحب، فتجعل القذارة طهارة، والفساد صلاحاً، والموت حياة، والشتيمة صلاة… تمتص قواذر الناس فلا تثملْ، ولا تعربد، وفي قلبها الأسود الحنون ربوات الجذور والبذور فتنتعش وتململ لتدرج كل واحدة منها في سبيلها لملاقة الشمس، تنبثق البذور وردا مختلفاً ألوانه، زكيٌ طلعه، فيشمه الناس فيقولون ما أطيب، أو بقولاً طرية فيقولون ما أشهى، أو ثماراً بديعة فيقولون ما أحلى وما أجمل، تزدان بها موائد الملوك والصعاليك، وتصير لحماً ودماً في جسوم الأغنياء والفقراء… فما أجهل الناس يكرمون النبتة ويرذلون الأرض…
هو الإنسان، هو الكون الذي تلتقي فيه سائر الأكوان ، هو الجبار الذي يتعثر بخيال جبروته، وهو الملك الذي يخيفه ويشقيه إتساع ملكوته، والأعمى الذي يحمل النور بيمناه، والمبصر الذي يحمل الظلمة بيسراه… هو المغفل الذي يهرب من نفسه إلى قبره، ثم يبحث في قبره عن نفسه.
هو قطب الآزال و الآباد، الذي لا لازاله بداية، ولا لآباده نهاية، هو الذي جعل من نفسه عدوا لنفسه، فأشعل حرباً حيث لم يكن إلا سلام، وشقاء حيث لم يكن إلا غبطة.
في البدء كانت أنا، وكانت الأرض، وكان الأثنان واحداً لا ينفصل ولا يتجزأ، وكان هذا الكل جميلاً وكاملا، وفي فجر الزمان ولدت الأرض ولدا ، وكان جميلاً وكاملاً ، وكان واحدا مع الأرض، إلى أن سألته الأرض من أنت ؟ فأجاب: أنا .. أنا ..
حينئذ خلق الأنسان الشقاء، لأنه شطر نفسه شطرين، فدعا الواحد أنا ، ودعى الآخر الأرض، ومنذ ذلك الحين راح يقيم الفواصل بين ما ليس ينفصل، بين أناه والأرض، ولأن شطري نفسه لا ينفصلان، فهما أبدًا يدمران ما يقيمه بينهما من الفواصل، وهو أبداً يقيمها من جديد …
وهكذا تنتقل فواصله من هنا إلى هناك تَنَقُلَ الظل، وهو يحاول اللحاق بها، والقبض عليها، وهو أشقى ممن يحاول القبض على الظل ليجعله لباساً له.
عندما قال الأنسان أنا والأرض ، فكأنه قال لكل ما في الكون من شموس وأقمار ونجوم وعوالم منظورة وغير منظورة، ولكل ما تحت الأرض وعليها : أنا غير أنتم، وأنتم غير أنا، فلا أنا منكم في شيء، ولا أنتم مني بشيء.
ولعمري كيف لمن يعيش على الأرض، ومن الأرض، ومع الأرض، أن يقول أنا والأرض! أوليس هو الأرض، والأرض هو..
كيف لمن يقول لدودة تدبُ على الأرض : لست مني ولست منك، وهي شريكته في الحياة في كل الأرض والسماء.. وما يلده التراب، وفي البحر وما يهبه البحر، وفي الهواء وما يحمله الهواء، وفي حرارة الشمس ونور القمر وشعاع النجوم ، أوليس هي حية، وأن حياتها تتصل بأطراف حياته، وأن حياتها تمتد إلى الأزل و الأبد ، والإنسان جزء من الحياة..
من قال إن الأرض لا تعي ولا تفكر ولا تتكلم ولا تشعر، كيف لإنسانٍ أن يقيم فاصلاً بينه وبين الجبال والصخور، والبحار والأنهار، والأسماك والحيوانات، والغابات والأعشاب والثمار ، بين ما يبصره وما لا يبصره، وكلها شريكة له في حياته ؟ ما يأخذ منها إنما يأخذ من نفسه، وما تأخذه منه إنما تأخذه من نفسها، وفي الحالتين هو العالم الأكبر يأخذ من نفسه ويعطي لنفسه، مثلما أن البحر لا يعطي الجبال شيئاً عندما يصعد إلى رؤسها لينحدر من هناك جداول وأنهارا ، ولا يأخذ منها شيئا عندما يسترجع تلك الجداول والأنهار إلى صدره الواسع العميق، فهو المعطي والآخذ في الحالتين، وهو هو في كل حال..
أما الإنسان فعندما يأخذ شطره الذي هو أنا .. من شطره الأرض لا يقول قد أخذت نفسي من نفسي بلا يقول: لقد غلبت الأرض وسلبتها خيراتها، وعندما تأخذ الأرض من .. أنا .. لا يقول الإنسان أعطيت نفسي من نفسي، بل يقول لقد سلبتني الأرض حقي…
وعندما قال الإنسان أنا والارض، فقد خلق من نفسه ضداً لنفسه، وإذ خلق لنفسه ضدا، خلق ضداً لكل شيء، و أصبح ينظر لكل شيء بعنين: عيناً يرى بها أنا، وأخرى يرى بها غير أنا، و هكذا إزدوجت الاشياء في عينيه وهي واحدة، فأضحى لا يبصر شيئاً إلا إذا أبصر معه للحال نقيضه، ولأن النقيض يمحو نقيضه، فالأنسان لا يرى في الواقع إلا خيالات أوهامه…
هكذا جزأ الإنسان نفسه التي لا تتجزأ وبعثرها وهي الواحدة ، وهكذا يسير الإنسان المبصر الأعمى متلمسا سبيله في الأرض، ملتقطاً من جوانب السبيل ذرات نفسه المبعثرة، غير أنه لا يلتقط ذرة من أناه، إلا إلتقط معها ذرة من شطرها الثاني الأرض ، وكلما إلتقط ذرة قال : سأحتفظ بما في هذه الذرة من أناي، وأطرح ما ليس منها، وإذ يحاول ذلك يجد أنه طرح أناه مع ماليس أناه. لأن الأثنين لا يفترقان، فيتألم ويعود يلتقط ذراته من جديد، وهكذا يلتقط الإنسان العافية ومعها المرض، والحب ومعه البغض، والقوة ومعها الضعف، والراحة ومعها التعب، والغنى ومعه الفقر، والفرح ومعه الحزن، والطمأنينة ومعها الخوف، والأمل ومعه اليأس، والنور ومعه الظلمة، والجمال ومعه القبح، والأمل ومعه اليأس، واليقين ومعه الشك، والبداية ومعها اللابداية، والنهاية ومعها اللانهاية، والحياة ومعها الموت وهلم جرا… وبعد أن يطرح كل ذلك مما يدعوه غير أنا… يفتح يده وإذا بها أفرغ من الفراغ، فيشقى، وأي شقاء هو شقاؤه، تلك هي النار التي تحرقه هو موقدها وهو وقودها…!
ولأنه يشقى تراه لم يدع حيلةً للتخلص من شقائه إلا لجأ إليها، وآخر حيلة هي حيلة ( الخير والشر )، لقد جلس بعد عذاب الدهور التي مرت عليه، وقال لنفسه: لقد إهتديت .. فسوف أخلص من الشقاء إذا أنا ابتعدت عن الشر ولم أطلب سوى الخير..
فرتب لنفسه لائحة بالخير والشر، لكنه ما عتمّ أن رأه في حاجة إلى تعديلها، إذ وجد أن كثيرا مما دعاه شرا كان خيراً، وخيراً كان شراً ، وإذ عدل لائحته مرة اضطر إلى تعديلها ثانية وثالثة ورابعة، وهو يعدلها اليوم، وسيظل يعدلها إلى أن يدرك في نهاية الأمر أنه يستحيل عليه الحصول على الخير دون الشر، أو أن ينبذ الشر دون الخير، لأن ما شره إلا خير شطر نفسه الثاني، وخيره شر ذاك الشطر… ومتى إتحد الشطران توازن شرهما وخيرهما فكان لا خير ولا شر، وإنما كمال لا يحدُ …

إلا واهاً وألفُ واهْ للإنسان كيف ..كيف قنّع بالوهم عينيه، وأنه ومن خلال قناعه الكثيف لمح الجمال في القبح، ولذلك لم يعرف الجمال ولا القبح، إذ كيف من عرف الجمال أن يبصر القبح، كيف له إن يحب لوناً ويكره آخر؟ بل كيف لمن رأى الجمال أن يبصر لوناً دون آخر ؟ وماذا عسى أن يبصر الإنسان من الألوان ، أيبصر ألوان مشاعره وأفكاره؟ أيبصر ألوان أنفاس الأرض؟ أيبصر اللون الذي ليس لوناً حين تلتقي فيه سائر الالوان؟ وكيف له أن يتحدث عن الجمال، جمال العالم التام إنما يتم بكل ما في العالم من ألوان..
كيف له أن يتحدث عن اللحن وهو ينصت إلى الحياة بأذنين، أذن يسمع بها صوت أناه، وأذن يسمع بصوت العالم ؟ وماذا عساه يسمع؟ أيسمع العصير يمشي في جذور الشجرة وجذوعها، وأغصانها وأوراقها قبل أن يسكن في ثمارها؟ أيسمع رقصة الحياة في الجبال والهضاب والبحار والأنهار والسواقي والينابيع ؟ أيسمع همس المساء إذا لاح الغروب، أو خفق أشرعة النجوم في الليل؟ أيسمع الأرض دائرة في الفضاء والقمر في السماء؟ وإذ هو لم يسمع فكيف له أن يسمع صوت العالم الكامل الذي تنسكبُ فيه جميع الأصوات فيتألف منها لحن الآزال والآباء الخالد…)
و ما أن أنهى الشيخ المتهدم كلامه حتى راحت تعلو وجهه ابتسامة تشف عما إعتمل في نفسه من حزن ورضى ، وسعادة وأسى، بدا لي أن إختلاط مشاعره مرده إلى الحفاوة الرائعة التي ودعه بها جمهور المستمعين …
غادر القاعة بخطى متثاقلة مستعينا بعصاه، آفلاً مثلما يأفل نجم غريب يظهر في الزمان مرة واحدة،
من أين للرجل هذا كل هذا الشعور العميق بين الحلم والإلهام، والخيال والعقل، حتى صفا وجدانه على النحو ؟
إنه من القليلون الذين يتكلمون مثلما يتنفسون وعندما تسمعهم تشعر بحرارة أنفاسهم جذلى تتهادى في قلبك، هو صورة وحالات مغايرة ومخلصة للروح الأول مثل إخلاص الفاكهة لإحلام الفلاح، حيث النواة في سرير الأرض والمخيلة في الأعالي القصية، وحكمته تجتاز نعاسها اللذيذ في يقظته وربما في حلمه.
حالةٌ لامستها طوال كلماته التي امتدت لأكثر من ساعة، مرت وكأنها دقائق معدودة …
هذا الرجل خيل لي من بعيد أنه ولد في حظن ينبوع و الحياة في حظنه تسيلُ ، ليتني أستطيع أن أصافحه ليحس بكم الخدر الذي يسري في بدني، وكأنني في حضرة (لاوتسو ) يتلو عليّ أسفار الطاو…
كأنما أغلق أبواب الفردوس وراءه وراح يتمرغ في نسمة الشفق لشمس غاربة هبت على إحدى القمم حيث ولدته نسمة عليلة، تركتها روح الشمس هناك، ، هو طاقة مدهشة على سرد الواقع، بعيداً عن سطوة العقل، كلمات وادعة، ذات دلالات جميلة يسوقها مثل قطعان الأيائل بعصاه.
إنه يطرح بساطه الوثير بكسل من لا يكترث بشيء، وفي قماش هذا البساط لا يعود العاقل يمنطق الاشياء. فيما هو يحاول البوح بكل شيء، إنه يؤثث مشهده على هواه لا فكر جاف، ولا مواعظ خالية من المعنى ، هي مجرد كلامات ، كلمات هي محض أحلام، ومزيداً من الأحلام، ومزج شفيف بين تراب الصمت الذي شيدته بطولات الماوريين ودماء تنزف فوق أسمائهم البسيطة .
وما أن تنصت قليلاً حتى تسمع وجيباً صاعداً من قلب الحاضرين ، وجيباً لقلوب راعفة بشجن، متروكة على منحدر مثل بلورات تتدحرج فيتناهى لك صوتهم كأنه الصدى،
لم يتركنا هذا الرجل قبل أن تأكد أننا رشفنا الصدى حتى الثمالة، متوهمين أنه الصوت،
إنه رجل يسند رأسه مهملاً على أعتاب أحلامنا، وينظر الى العالم يسيل ،( ربما مثل ساعات سلفادور دالي) لندرك أنه على هذه الدرجة من اللاإكتراث بما يجري، وأنه يرى المشهد جانبياً دون أن نتيقن أيهما المائل العين أم الرؤية أم الصورة ، اللاإكتراث هذا يصدر عن ضجر حيناً، أو كلمة تستيقظ تحت سنابك النهار، وشفق العمر .
كلمات قالها جعلت قلبي يرتجف مثل جناح فراشة كلما إستعدتها في ليلتي التي تلت هذا اليوم، فمن منا لا يرى غرباناً في كوابيسه وينهض من نومه ليتعثر بها متقاطرة على السرير والغرفة مكتظة بها، هي روحنا الغريبة.
أمضيت ليلتي مستعينا بكل أنواع الأساطير التي قرأتها، والتي حكت لي أعذب الحكايات وأرقها لكي أقيس حدود هذا الرجل من حدود رداءه الأبيض الناصع البسيط الذي يتقمصه فما إستطعت ، ليلة كاملة بكل الضؤ والظل والنجوم والأحمر والازرق والكأس والرأس فما إستطعت ، وكان جالساً أمامي يشفُ مثل طفل ويتكثف مثل كهل…
أنا لست مرآته ولا هو الإهاب ذاته الذي يتماهى في الأبيض الناصع، حتى رحت أراهن بأنه أحد النوارس الذي تذرع البحيرة، بلا مبالاة الماء والموج والريح، هو شخص لا يمكنك تفادي الشعور بالغبطة وأنت تسمعه، وخسارة فادحة أن تكون هذه الغبطة عرضة لأن تصير أنقاضا ، إلا إذا كانت الضرورات لحكمة لا نعلمها هي التي تحكم الأشياء من حولنا، ليلة قضيتها في غرفة الفندق لا تكفي فثمة توجس يجعل نومي زاخراً بالكوابيس والكائنات التي تتثائب وهي تكترث أيما إكتراث بأحلامي الفادحة…
بدا لي الرجل مثل الشمس التي شاخت تماماً، شمس غاربة ، وأنا لا أرى في الشمس ذهاباً وإياباً يراوحان بي في كل النهايات التي لا تكف عن التجلي الكثيف، وهو يشحن مشهد حياتي، هي تذبل وتحترق في الأعالي من جهة، وتغرب وتتساقط في البحر من جهة أخرى، وليس في الأمر جهتان كما تهندست الجملة لديّ عفو الخاطر، بل هي شمس الحكمة ، لكن لماذا توقفت عن كونها نديمة الصبا، ومبذولة لاقدام الطفولة دون أن تصل إلى هنا؟ هل هي شمس لا تُطال، هل البرزخ الفاتن في شفق النهار والليل بنعاسه اللذيذ هو الذي يجعلني أدرك شمسا تعكسها مرآة في كف الأشل ، تخطفني من روحي لتدفعني لمكابدة المعاني؟ إنني أسأل فحسب لئلا أزعم بأنني لا أعرف …
العبقرية فكرة تفتحها متواصل بشكل مطلق منذ أن تستيقظ على الوجود، في نفس صاحبها وبتعمقها وتجليها في تلك النفس تسمو فتزول بنورها الفوارق، كما لو إشتد نور الاشعة المطلة من النجوم وشتت به المسافات الفاصلة بينها، فبدت السماء حينئذ وحدة نورانية كاملة..
وبهذا النور ينكشف للنفس بنيانها، فيبدو هذا البنيان مثلما تبدو الأشياء تحت شمس دائمٌ ضياؤها.
من هذا النور تستيقظ الذكريات الضامرة فتتجاوب وتنشئ النفس منها عالمها، وتلقيه على الوجود صوراً وخيالاً وأفكارًا وقيماً ومعاني جليلة سامية.
العبقرية غاية تصبو لها الحياة، والناس في الإرتقاء لها مختلفون في الهمة، تحددها فسحة واسعة بين قطبي الوجود..الطبيعة والنفس، وجهد يستدعي إختيار السبيل التي ينشئ بها صورته، في وجود تنزع كافة مظاهره إلى تحقق مطلق، ليستقطب بهذه الصورة المعنى فيرتقي بذلك من القناع إلى ذات..
والنفس تقتات بالحقيقة التي يبعث بها الخيال في صورة حدوس مثلما يقتات البدن بالأشياء التي يأكل.. على أن الصور والخيال الذي أنشأ الصور لا يستوعب معنى الحقيقة ولا يطوي سعتها، والنفس لا تدركها وإن كانت تقترب منها بالفن … ولئن تفاوت هذا النور مع شفقه مهما كان ضئيلا يبقى هو الهادي الوحيد في إدراك الحقيقة . فإذا ما إلتبس الشفق بمداد الحدس يصير كوكبا ساطعا وبصيرة مطلقة تنكشف عنده إسرار الحياة… وإذا التبس المعنى بمداد الحقيقة فهذا يشكل نزوعا بديعا لصفاء القلب الروح، فينطلق الخيال الجموح متصاعدا في أفق الوجود بغير حدٍ ولا منتهى.
إن أغالب الناس مذ كان الناس إلى اليوم، لا تزالُ قلوبهم وأرواحهم مغلقة دونما حاجة فيهم إلا حاجة البهيمية…
ويا حُسنَ يوم نبدو فيه سافرين من كل حجاب إلا حجاب الجمال …ومن كل حاجة إلا حاجة المعرفة.
و قيمة الإنسان بل كل قيمته أنه كائن يبحث عن المعنى في كل شيء من وراء كل شيء.
عن الحياة والموت، عن الكون العجيب المتسع الذي لا حدَ له ولا نهاية، ولا يمكن لفكر الإنسان وعلمه وحتى خياله أن يحط عليها، والغاية من وجوده بكل ما فيه من أنواع الكائنات لا تعد ولا تحصى، وهي تنحل إذ تنمو، وتنمو إذ تنحل، ولكل منها حيز لا يتعداه ضمن الزمان والمكان، ولكل منها نصيبه من الفراغ والفضاء الذي يبدو كما لو كان لا شيء ..
لا كائن يفكرُ في كل موجودات الأرض غير الإنسان، و الإنسان يشقيه تفكيره إذ لم يلقَ جواباً على سؤاله، أيكون أن الفكر مصيبة الإنسان دون سائر الكائنات؟
أيكون أن الذي يفكر خير من الذي لا يفكر، أم يكون الذي لا يفكر هو الخير؟ وكيف يفكر الإنسان ومن أين ولماذا ..؟ ألعله لا لشيء إلا لإثارة الضنون والتفتيش عن أشياء لا طاقة له على إدراكها…؟ أم لعله المفتاح لجميع ما أغلق من مشكلات الوجود؟
إذا كان الفكر عاجز عن حل المشكلات التي يثيرها، فمن أين له القدرة على إثارتها، ولماذا عناده في معالجتها، وأمله الذي لا يموت في سبيل الوصول لحلول لها…؟



#تيسير_الفارس_العفيشات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوحي وظاهرة التداعي - ج 2
- الوحي في المخيال الاسلامي - ج1
- التركيبات المعرفية في القرآن - مقدمة
- الحالة الراهنة للفكر الاسلامي - بين فقه اللغة والتاريخية
- التاريخية هل هي إنتصار لوعي ممكن
- حفريات في الأسس - تاريخية القرآن. 2
- حفريات في الأسس - تاريخية القرآن - 1
- نظام العلامات في القرآن -ج3
- نظام العلامات في القرآن - ج2
- نظام العلامات في القرآن - ج1
- أحمد الحمود شاعر الاختلاف والمغايرة
- تفكيك النص القرآني - مدخل عام -ج3
- كيف تشكل المعنى في الخطاب القرآني
- تفكيك النص القرآني وتحليل البنية الخطابية المقدمة - ج2
- تفكيك النص القرآني - تحليل البنى اللغوية والدلالية - المقدمة ...
- نيوزلندا-- زيارتي إلى جبل ألكوك
- قراءة مواربة في تجربة الشاعر السوري سامي احمد ....
- نيتشه - ومفهوم العدمية
- الشاعر أحمد أبو ردن ....
- نيوزلندا ... زيارتي إلى أوكييا أقدم كنيسة في نيوزلندا


المزيد.....




- -ربيعيات أصيلة-في دورة سادسة بمشاركة فنانين من المغرب والبحر ...
- -بث حي-.. لوحات فنية تجسد أهوال الحرب في قطاع غزة
- فيلم سعودي يحصد جائزة -هرمس- الدولية البلاتينية
- “مين بيقول الطبخ للجميع” أحدث تردد قناة بطوط الجديد للأطفال ...
- اللبنانية نادين لبكي والفرنسي عمر سي ضمن لجنة تحكيم مهرجان ك ...
- أفلام كرتون طول اليوم مش هتقدر تغمض عنيك..  تردد قناة توم وج ...
- بدور القاسمي توقع اتفاقية لدعم المرأة في قطاع النشر وريادة ا ...
- الممثل الفرنسي دوبارديو رهن التحقيق في مقر الشرطة القضائية ب ...
- تابع مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 22 .. الحلقة الثانية وا ...
- بمشاركة 515 دار نشر.. انطلاق معرض الدوحة الدولي للكتاب في 9 ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تيسير الفارس العفيشات - نيوزلندا .. زيارة إلى معبد العائلة الماورية في مدينة روتروا المقدسة