أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تيسير الفارس العفيشات - قراءة مواربة في تجربة الشاعر السوري سامي احمد ....















المزيد.....

قراءة مواربة في تجربة الشاعر السوري سامي احمد ....


تيسير الفارس العفيشات

الحوار المتمدن-العدد: 5523 - 2017 / 5 / 17 - 16:50
المحور: الادب والفن
    


1
تمشي مع الشاعر السوري المبدع سامي احمد الذي احرق قلبه الاسى، تمشي معه في خراب طاغٍ يسود كونه ، ويسر في إذنك داءما انه قادم من حروب خاسرة ، لعلها هزيمة الشاعر وربما خيباته المتتالية ،تلمس في تهدج صوته، انه ذاهب بك إلى منفى اعماقه ودواخله، و كان سامي قبل كل هذه الفجيعة وبعدها وخلالها التي راح يحترق بها يكتب الشعر دون أن يعبأ بما لا يحدث أو بمن لا يكترث بما يحدث.
بمهمازه يسوق المفردات في سهوب اللغة، ينثرها في عتمة الدهاليز، تتلاحق صخبا، هدأة، جنونا، عشقا، غبطة، ضلالا، زندقة ، كفرا ، نارا ، اشتعالا حد ان لا تعرف نهاية تقف عندها، و ليس للقارىء المأخوذ ان ينجو من وهدة التلقي العذب ومن سيال النص الذي يتدفق بعذوبة ويتراقص بشجن ، مقترفا خطيئة التجربة والمغامرة بموسيقى شعرية، ان غفلت روحك عنها يتنامى طنين أجنحتها خلسة، لتطير من شجر أذنيك.
يقول في مجموعته خذلتني النجوم :
من هنا من اعلى قمة في العدم
لن امشي الى هناك
بيني وبين العدم
جثة تنتظري .
.....
لم أعد أميز
بين القوس والوتر
اشياوءك وجوه بلا مساء.
اسماوءك امجاد
تغفو بين أصابعي
ترسم لي من صوتك ستاءر
سامي قادم من الفجيعة بامتياز، وهو بلاشك مبشر بها في آن واحد ، ان تبشر بالفجيعة والخراب يعني انك مثل كبار الفلاسفة المتمردين الذين بشروا بانهيار القيم والاخلاق ومن ثم انهيار العالم منذ سوفولكيس وابو حيّان التوحيدي والمعري واسبينوزا وانتهاء بنيتشه و لامارتي، ومن يعرف سامي يدرك أن الأمر لا ينطوي على مبالغة ما. ففي العمق،يجسد شعره ، تلك الصورة التي تمتاز بطاقة الرؤية الفجائعية وليس البكاءية ، و لعل طبيعة الهدوء الظاهري في تأمل أشياء العالمم لدى هذا الشاعر المسكون بهم الوجود او بهم انه موجود ستجعل صوره الشعريه القلقة الرجراجة بما تشتمل عليه من معاني أكثر نفاذاً لمعطيات هذه التجربة بالغة الأثر في سياق من التناقض الذي يصل لحدود السخرية بل يخترقها وهذا ما يجعل واقعيته تفتعل الخراب الروحي في النفوس الأكثر حساسية، يقول :
لا الأشياء اشاءي
ولا المكان
لا ضوء ولا سكن لأشيائي
...
هذا انا
وهذي قدماي ، قدم للمحو وقدم للمشي

القصيدة لديه تصدر عن حس مأساوي تكفلت به ولو لحين التجربة المعاشة جسدياً ونفسياً وعمليا، والتي كما يبدو لن تنته بقرار، مثلما لم تبدأ بقرار. المرء لا يحدد درجة اتصاله بالعذاب والحزن و الخلق ، إلا بناء على درجة حضوره في الوجود اوالعدم ، القصيدة تتبادل الهجوم تلو الهجوم مع احتمال واقع سوف يقع مثل اليقين ، لا تعلن حرباً إلا بكونها رؤية اختراق لماضي التجربة الذي لا يكف عن الحضور ، ذلك الماضي الذي يستعيده في صورة فجاءعية صادمه للواقع. وفي مجموعة دخان يزداد شراسة وتألقا وعنفا وصخبا على مدار كافة قصاءد المجموعة فيقول مثلا في قصيدة الفراغ
ات من حيث يولد الفراغ
بلا اسماء والريح ظلي
فمن كانت الريح ظلهم
لا خوف عليهم ولا هم يترنحون
ات في مسائي الحنين وقارعات
يصفقن حين يأتي المساء
لكنني لم اقل لواحدة
انني احبها للأبد
ات من جهة الاتكاء
لا تعدو الجهات
فكل المساحات ظلي
والنوم ذاك الطاءر ، على ظلال عينيه
متعب لا يحط

إن اتساع الرؤية عند سامي تبدو في النفاذ المتواصل في قلب الواقع، والتصاعد المكتشف لجذوة الأشياء وقلقها قبل انهيارها والسفر الدائم في تأجج النيران والحرائق وكلما توغل سامي في هذا السفر المميت بدت اللغة أضيق من المعاناة وأضيق من المعاني اللغوية
أطلقوا الدم في الهواء
ليتأكدوا من عمل بنادقهم تحت المطر
وكنت ابحث عن خد ابكي فيه
...
أيها الغريب
انت الابن الشرعي لقوافل الدمع.
اذا دخلت الجنازة لا تنظر في عيون الغجر
فالشتاء بارد كالقفص.

تكبر معاناة الشاعر فيبحث عن القصيده او الصوت القادر على حمل هذه المعاناة. صوت بحجم قلبه وفوضى معاناته وانكسار نفسه ، والرؤيا هي المعاناة عندما تعمق لدى الشاعر في ذات الوقت إذا التقى الشاعر بلغته القادرة. يكون قد اتجه لتحقيق طموح الشعر منذ الأزل: وهو اعادة تشكيل العالم بالشعر اي بناية الكون مرة ثانية وإعادة خلق العالم ، اعادة خلقة من العدم وهنا تدو أهمية الشعر في السياقات الدلالية واللغوية والفنية والفلسفية .
أعرف كم هي معقدة و مريرة السياحة النقدية في تجارب الشعراء . وأعرف أنها مريرة أكثر مما تبدو هنا، وانا احاول قراءة تجربة سامي كونه صديق في المقام الاول وشاعر في المقام الثاني ، وهذا ما يجعلني أشعر بقصوري في التعبير عما يعتمل في داخلي للذي اريد قوله، لكني سأحاول، في هذا الطريق المحفوف بالمحاذر مقاربة نصوصه مقاربة روءيوية ، لذلك أرجو ان لا أتسبب في إفساد متعة البعض بتجربة سامي الشعرية، فنصوصه جاءت اقرب الى الحوار وربما جاء هذا الحوار على نحو كما لو أنه شريحة مقتطعة من داخل الشاعر ذاته مقتطعة من روحه ومن قلبه ومن نفسه ، حوار يجمعه في ردهة مظلمة قارة في نفس محاوره او الذي يتوجه اليه بهذا السيل المتدفق من الاسءلة ، لكن كيف يمكن لنا
معرفة هذا الاتصال وحدوده وكوامنه وانسداداته المعرفية هل هو ذاته الافق الممتد بين الشاعر واحتمال الواقع واحتمال اللغة ، واحتمال حتى هذا الاخر الكاءن المتواري
لكن أيضا هل يمكن أن نعرف حدود الأفق، أين يبدأ الأفق وأين ينتهي عند سامي ؟!
أنت ترى الأفق هناك، تذهب اليه وتذهب ثم تذهب ولكنك لا تصل. إنه أفق، والأفق لا يبدأ ولا ينتهي. انه أفق فحسب,
وهكذا هو الشعر او أهكذا هي الميزة التي تسم الشعر الوجودي في اعلى تمثلاته
أيها الشيخ الطاعن بالعبق
شتاؤك نهاية الرحيل
مدفأة تجهل النار.

متعب كالخريف
لا أوراق تعيرك رداءها

وهو اذ يهيل نصوصه بلا رحمه فلا بكاد القارئ أو السامع أن يتمهل ، ولا يملك، أن يراه يفر أمامه، هي إذا تجربة لا تعني تورط الشاعر قدر ما تورط المتلقى، الذي يلمس الوجوه،ويلمس الوجوه، التي تجابه بحدقة واحدة .
هذه النصوص التي لا حدود لها ، وبها ومن خلالها يهدم حدود القصيدة بوصفها تخوما ويعيد بناءها من جديد بوصفها أفقا يسعى في نهايتها إلى النجاة، ليس من المغامرة، إذ المغامرة هي ما يجمع الناس في ضلال المعاني ،اما نجاته هو فهي مثل نجاة النفري من الله والشيطان على السواء.

يتبع الجزء الثاني ..........



#تيسير_الفارس_العفيشات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نيتشه - ومفهوم العدمية
- الشاعر أحمد أبو ردن ....
- نيوزلندا ... زيارتي إلى أوكييا أقدم كنيسة في نيوزلندا
- مع قصيدة سميح وجه في المرآه
- بقايا مدينة وآثار صلاة لم تكتمل
- رحلتي الى جبل تاراناكي في الجزيرة الشمالية / نيوزلندا
- رحلتي الى دير جون سانتا في هضاب مدينة هستن ....الجزء الاول
- مايكوفسكي وصديقه يسينين


المزيد.....




- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تيسير الفارس العفيشات - قراءة مواربة في تجربة الشاعر السوري سامي احمد ....