|
أُغادِرُ البيتَ صباحاً ، وأكرهُ أشياءَ كثيرة ، تُصادفني في الشارع
عماد عبد اللطيف سالم
الحوار المتمدن-العدد: 6176 - 2019 / 3 / 18 - 23:42
المحور:
الادب والفن
أُغادِرُ البيتَ صباحاً ، وأكرهُ أشياءَ كثيرة ، تُصادفني في الشارع
استيقظُ صباحاً ، وأنا أُحِبُّ كلّ شيءِ في هذا العالم ، بما في ذلكَ أولئكَ الذين كنتُ أكرههم في الليلة الفائتة. وعندما أغادرُ البيت ، أكرهُ أشياءَ كثيرة ، تُصادفني في الشارعِ .. بعضُ الناسِ ، السيّاراتُ ، المواشي ، الموظّفونَ والموظفاتِ الذين لا وظائف لهم ، الطلاّبُ والطالباتِ الذين يكرهونَ المدارسَ ، الغبارُ الأسنُ(الصديق "بول بريمر" يتساءلُ في مذكّراتهِ قائِلاً : من أينَ يأتي ، هذا الغبارُ اللعين ؟) ، الأشباحُ شاردةُ الذهنَ التي تعبرُ الشارعَ حيّةً بفعل المُصادفاتِ السعيدة ، الـ "الصَبّاتُ" الكئيبةُ التي تشبهُ العُزلة ، عربات الـ "هامفي" العاطلةُ ، التي تقفُ الآنَ في المحطّاتِ البائدةِ لباصاتِ "المصْلَحَةِ" ، حيثُ كان ينبغي أنْ تقفَ النساءُ القديماتُ ، اللواتي كانت تنانيرهنّ القصيرة تطيرُ عالياً كالحَمامِ ، فيجفلُ قلبي من شدّةِ الشَغَف. أنا أيضاً ، أمشي في الشارعِ ، وأكرهُ نفسي. لماذا يحدثُ هذا لي ؟ لماذا لم أعُدْ اتذكّرُ العراقَ في أناشيدنا الوطنيّة السابقة(حيثُ كانَ لنا مع كُلّ "قائدٍ" جديدٍ ، نشيدٌ وطنيٌّ جديدٌ )، و لم أَعُد أعشقُ الماءَ والنخلَ والرملَ ، و لَمْ أَعُدْ أُحِبُّ البطَّ الذي يسبحُ بالشطِّ، والسمكَ "المسكَوف" ، والصَمّونَ الحجريَّ ، وعبد الجبار عبد الله الذي كان صديقاً لـ "أنشتاينَ" ، و ماتَ من القَهرِ ، و (ناظم الغزالي) ، الذي مازالَ يبحثُ عن عيونها السودِ التي انطفأتْ قبل ستّين عاماً ، وخدَّها "القيمر" الذي أصبحَ مُرّاً منذُ زمانٍ بعيد ، و"باجةَ" المُتنبّي التي يأكلها "الأدباءُ" الآنَ باشتهاءٍ شديدٍ ، و"العَمبَةُ الشريسيّةُ" الطائشة، و"العَرَقِ" الزحلاويّ العظيم. تبدو أسبابُ الكُرْهِ ، لهذا الكَمِّ منَ الاشياءَ ،عميقة. ومعَ كُرْهٍ راسخٍ مثلُ هذا .. ينبغي أن أموت . لذا ، في المرّة القادمة ، التي سأغادِرُ فيها البيتَ صباحاً ، سأمشي في الشارعِ مثلَ "حَلاّجٍ" يائِس، يبحثُ في وجوهِ الناسِ عن الله .. وأشتمُ كُلّ من يُصادفني هناكَ طيلةَ الوقتِ .. وأُطاردُ المواشي ، وأركلُ أردافَ البنادق السائبة ، وأعَضُّ الأطارات النافقة لعربات "الهامفي" العاطلة .. إلى أنْ ينهمِرَ كُلُّ رصاصِ الكونِ على روحي.
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بعضُ الناسِ ، لا يُمكِنُ نسيانهم
-
شيءٌ من المنطق
-
أغادرُ البيتَ صباحاً ، وأكرهُ أشياءَ كثيرةٍ تمشي في الشارع
-
كاتشب عضوي ، و مصّاصة عضوية
-
من أجل تلكَ الأيّام ، وليسَ هذه
-
في بلادٍ كهذه
-
بَحرُكَ واسِع .. ومَركَبي صغير
-
سأموتُ أخيراً .. من شدّةِ البهجة
-
البساتينُ المُطِلَّةُ على الشَطّ .. قرب معمل الدامرجي
-
عندما تنساكَ الوردةُ .. ويتذَكّرُكَ الدُبّ
-
عندما يصيحُ الديكُ .. في وادي النهرين
-
مثل كِسْرَةٍ من الخُبزِ اليابسِ .. في شايٍ حارّ
-
ليسَ الآن .. ليس الآن
-
أسبابُ الغيابِ عديدة
-
مُنتَظِراً أنْ تأتي .. أسفلَ أرارات
-
الفرحُ لا يدوم .. و خاتمة الأحزانِ بعيدة
-
كلّ عام .. والأنذالُ بخير
-
ماذا ستفعلُ بيومٍ إضافيٍّ من العَيْش؟
-
طفلٌ في العاشرة .. طفلٌ في السِتّين
-
نهارٌ قصير .. مثل نجمة
المزيد.....
-
في معرض الدوحة للكتاب.. دور سودانية لم تمنعها الحرب من الحضو
...
-
الرباط تحتضن الدورة ال 23 لجائزة الحسن الثاني لفنون الفروسية
...
-
الإعلان الأول حصري.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 161 على قناة ا
...
-
-أماكن روحية-في معرض فوتوغرافي للمغربي أحمد بن إسماعيل
-
تمتع بأقوي الأفلام الجديدة… تردد قناة روتانا سنيما الجديد 20
...
-
عارضات عالميات بأزياء البحر.. انطلاق أسبوع الموضة لأول مرة ف
...
-
نزل تردد قناة روتانا سينما 2024 واستمتع بأجدد وأقوى الأفلام
...
-
عرض جزائري لمسرحية -الدبلوماسي زودها-
-
مترجمة باللغة العربية… مسلسل قيامة عثمان الحلقة 161.. مواعيد
...
-
علماء الفيزياء يثبتون أن نسيج العنكبوت عبارة عن -ميكروفون- ط
...
المزيد.....
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
المزيد.....
|