أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد عبد اللطيف سالم - أغادرُ البيتَ صباحاً ، وأكرهُ أشياءَ كثيرةٍ تمشي في الشارع














المزيد.....

أغادرُ البيتَ صباحاً ، وأكرهُ أشياءَ كثيرةٍ تمشي في الشارع


عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث

(Imad A.salim)


الحوار المتمدن-العدد: 6171 - 2019 / 3 / 13 - 18:39
المحور: الادب والفن
    


أغادرُ البيتَ صباحاً ، وأكرهُ أشياءَ كثيرةٍ تمشي في الشارع


استيقظُ صباحاً ، وأنا أُحِبُّ كلّ شيءِ في هذا العالم ، بما في ذلكَ أولئكَ الذين كنتُ أكرههم في الليلة الفائتة.
وعندما أغادرُ البيت ، أكرهُ أشياءَ كثيرةٍ تمشي في الشارعِ ..
الناسُ ، السيّاراتُ ، المواشي ، الموظّفونَ والموظفاتِ الذين لا وظائف لهم ، الطلاّبُ والطالباتِ الذين يكرهونَ المدارسَ ، عمّالُ النظافةِ الذين لا يحرِقونَ النفايات العصيّةِ على الكَنْسِ ، والغبارُ الأسنِ(الصديق بول بريمر يتساءلُ في مذكّراتهِ : من أينَ يأتي هذا الغبار اللعين ؟) ، والطبيعةُ المَيّتَةُ ، والـ "الصَبّاتُ" المُهيبةُ ، و "الهَمراتُ" العاطلةِ التي تقفُ الآنَ في المحطّاتِ البائدةِ لباصاتِ "المصْلَحَةِ" ، حيثُ كان ينبغي أنْ تقفَ النساء القديماتِ ، اللواتي كانت تنانيرهنّ القصيرة تطيرُ عالياً كالحمامِ ، فيجفلُ قلبي من شدّةِ الشَغَف.
أنا أيضاً ، أمشي في الشارعِ ، وأكرهُ نفسي.
ستقولونَ أنتَ مريضٌ ، إذْهَبْ ومُتْ في بيتكَ ، لأنَ هناك الكثيرَ من الأشياءِ الجميلةِ ، ولكنَها غارقةٌ الآنَ في السَخامِ المُعاصرِ .. و لاتبخس هذا البلد الأمينِ ، الذي سيصبحُ جنّةَ الخُلْدِ قريباً ، حقّهُ في العيشِ كما تعيشُ الأممُ الصاعدة .. واقتصادنا (وأنتَ اقتصاديٌّ) ، الذي سيجعلُ في سنواتٍ قليلةٍ ، هذا الاقتصاد العالميّ الكسول ، يشعرُ بالدهشة.
نعم .. أنا مريضٌ .. ومريضٌ جدّا.
أنتُم لستُم كذلك.
أنتم أصِحّاءُ بالماءِ والنخلِ والرملِ ، والبطَّ الذي يسبحُ بالشطِّ ، والسمكِ "المسكَوفِ" ، والصَمّون الحجريّ ، وعبد الجبار عبد الله الذي كان صديقاً لـ "أنشتاينَ" ، و ماتَ من القَهرِ ، و (ناظم الغزالي) ، الذي مازالَ يبحثُ عن عيونها السودِ التي انطفأتْ قبل ستّين عاماً ، وخدّها "القيمر" الذي أصبحَ مُظلِماً منذُ زمانٍ بعيد ، و"باجةِ" المُتنبّي التي يأكلها "الأدباء"، و"العَمبَةِ الشريسيّةِ" ، و"العَرَقِ" الزحلاويّ العظيم.
أنا لستُ كذلك.
لذا .. سأعودُ الى البيتِ ، وأنتَبِذ فيهِ مكاناً قَصِيّا ، وأختبيء هناكَ طويلاً ، ولا أغادرهُ ، إلى أنْ تنقضي لحظاتُ الدبابيسِ هذه.
ولكنّني لا أستطيعُ الموتَ في البيتِ بسلامٍ في زاويتي الساكتة، مثل جدّي الشيخ(معروف الكرخيّ).
ففي البيتِ تلفزيونٌ لم يُشاهدُهُ "العارفونَ" .. ومن التلفزيونِ تأتي إليَّ ، وتجلسُ في حُضني ، ، جميعُ الأشياء التي أكرهها عادةً ، وتمشي في الشارع.
يبدو أنَّ لا حلّ لمتاهةِ عَيْشي هذه ، سوى أنْ أُغادرَ البيتِ ، وأمشي في الشارعِ ، وأشتمُ كُلّ من يُصادفني هناكَ صباحاً .. وأُطاردُ المواشي ، وأَعَضُّ الكلابَ ، وأركلُ "الهمراتَ" ، إلى أنْ ينهمِرَ كُلّ رصاصِ الكونِ على روحي.



#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)       Imad_A.salim#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كاتشب عضوي ، و مصّاصة عضوية
- من أجل تلكَ الأيّام ، وليسَ هذه
- في بلادٍ كهذه
- بَحرُكَ واسِع .. ومَركَبي صغير
- سأموتُ أخيراً .. من شدّةِ البهجة
- البساتينُ المُطِلَّةُ على الشَطّ .. قرب معمل الدامرجي
- عندما تنساكَ الوردةُ .. ويتذَكّرُكَ الدُبّ
- عندما يصيحُ الديكُ .. في وادي النهرين
- مثل كِسْرَةٍ من الخُبزِ اليابسِ .. في شايٍ حارّ
- ليسَ الآن .. ليس الآن
- أسبابُ الغيابِ عديدة
- مُنتَظِراً أنْ تأتي .. أسفلَ أرارات
- الفرحُ لا يدوم .. و خاتمة الأحزانِ بعيدة
- كلّ عام .. والأنذالُ بخير
- ماذا ستفعلُ بيومٍ إضافيٍّ من العَيْش؟
- طفلٌ في العاشرة .. طفلٌ في السِتّين
- نهارٌ قصير .. مثل نجمة
- أنا في كَهفِ الوقتِ ، و سيّدتي في المدينة
- مقتطفات من دفاتر الخيبات
- أشباحُ اليمن .. و أشباحنا


المزيد.....




- سميح القاسم.. الشاعر المؤرخ و-متنبي- فلسطين
- سميح القاسم.. الشاعر المؤرخ و-متنبي- فلسطين
- -أنخاب الأصائل-.. إطلالة على المبنى وإيماءة إلى المعنى
- -الأشرار 2- مغامرات من الأرض إلى الفضاء تمنح عائلتك لحظات ما ...
- محمد حلمي الريشة وتشكيل الجغرافيا الشعرية في عمل جديد متناغم ...
- شاهد رد فعل هيلاري كلينتون على إقالة الكوميدي جيمي كيميل
- موسم أصيلة الثقافي 46 . برنامج حافل بالسياسة والأدب والفنون ...
- إندبندنت: غزة تلاحق إسرائيل في ساحات الرياضة والثقافة العالم ...
- إندبندنت: غزة تلاحق إسرائيل في ساحات الرياضة والثقافة العالم ...
- مسرح الحرية.. حين يتجسد النزوح في أعمال فنية


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد عبد اللطيف سالم - أغادرُ البيتَ صباحاً ، وأكرهُ أشياءَ كثيرةٍ تمشي في الشارع