أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حكمت الحاج - هوامش جديدة على متن قديم: الانصياع والتمرير














المزيد.....

هوامش جديدة على متن قديم: الانصياع والتمرير


حكمت الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 5919 - 2018 / 6 / 30 - 18:20
المحور: الادب والفن
    


ضمن تحدّيات الثقافة تقف مسألة دور الأدب ووظيفته الاجتماعية في الصف الأول من المسائل، وذلك نتيجة طبيعية لأزمة الصراع الاجتماعي ونوعية "الممارسة" التي ينخرط الأديب فيها. والذي يراجع مسيرة الأدب العراقي منذ نهاية الأربعينات من حيث تاريخ أشخاص وسير وتحولات تخص الذات في علاقتها مع المجموع، يرى بوضوح مواصفات تلك الظاهرة التي يمكن إجمالها في أنّ الأديب يشقّ طريقا خاصة به وعامة بالاشتراك مع غيره من أجل أن يصل إلى مركز الفاعلية الثقافية (إنتاجا واستهلاكا) هذه الطريق بكل تعرجاتها ومحطاتها، بدءا من لحظة وضع الكلمات على الورقة وليس انتهاء بأن تكون هذه الكلمات مطبوعة على صفحات جريدة أو دورية أو كتاب، أقول، هذه الطريق هي التي تحدّد ضمنا جدل الصراع بين المركز والهامش، والمركز المعني هنا هو الوسط الثقافي العراقي بمؤسّساته و بأفراده، بتاريخه وبظروفه. والهامش هو مجموع الكتّاب الذين أعلنوا أصواتهم بطريقة أو بأخرى إبّان وبعد العام الفاصل (1990) والذين تجمعهم وبلا شك سنوات ميلاد متقاربة وتوجّهات ثقافية موحّدة وضغوط كبيرة أملتها سنوات الحرب والحصار.
وبكلمة أخرى، فإنّ الأديب الجديد، أديب ما بعد عام 1990 مثله مثل أي أديب في حقب سابقة، يريد أن يشارك في سباق الماراثون باتّجاه مدينة الثقافة بغية الدخول إلى مركزها. ونحن نطلق على الفاعلية الرئيسية لهذا الماراتون اصطلاح "تمرير النصوص". وبقدر ما تكون النصوص المعنية بحديثنا مختلفة ومتنوعة بقدر ما تكون الطرق إلى هذه المدينة ليست واحدة، وهي، أي: الطرق، قد تكون معبّدة ومفروشة بالنسبة للبعض، إلاّ أنّها وعرة ومعتورة بالنسبة للبعض الآخر. ويمكن قسمة السالكين لهذه الطرق إلى قسمين: فهناك من يأتي من الهامش إلى المركز عبر دروب داخلية، وهؤلاء عليهم أن يحظوا بمباركة أعضاء من الوسط الأدبي أكثر قُدما كأن يصبحوا مثلا تلامذة أو مريدين أو حتّى ذيولا لغيرهم، وكأن تدبّج أعمالهم بمقدّمات أو تقاريظ من "الكبار" لتكون تأشيرات دخول إلى الفردوس، أو أن تكون أعمالهم الأدبية إتباعية ومقلّدة ومهادنة شريطة أن تكون محافظة ومقبولة من الرأي العام.
وهناك من يجد الدخول إلى هذا المركز صعبا والطرق إليه غير سالكة والأبواب دائما مقفلة، فماذا يفعلون؟ إنّهم يؤثرون والحالة هذه أن يطرقوا أبواب المركز من خارج المكان، فيبزغ نجمهم في دوريات وصحف (وقد يصدر بعضهم كتبا) تصدر في جغرافية أخرى خارج القطر حتى أنّه يمكن الحديث عن "سوق رمزي" لتسليع الأدب العراقي عبر كتب وعبر ملفات أعداد خاصة وصفحات تتسمى باسم العراق لطرح الذات العراقية " للتداول".
ولا عجب أن نسمع عن "طلب" (هكذا!) على النص العراقي يقابله على الفور "عرض" من الداخل والخارج على السواء تكون حصّة الشبان فيه هي الأكبر فتراهم يشاركون في مسابقات وجوائز خاصة وعامة ويواصلون النشر في دوريات تصدر في أي مكان حتى ولو كان المكسيك أو أستراليا، وتراهم كذلك يجرون اللقاءات والمحاورات مع بعضهم وفي بعض الأحيان مع أنفسهم حتّى.
ونتيجة لاختلاف وتنوّع تلك المطبوعات، ولاختلاف وتنوّع السياسات والإيديولوجيات التي تقف وراءها فإنّنا نجد أنّ أغلب أعمال هذا الفريق التي تجد طريقها إلى النشر بشكل أو بآخر، تكون غير قابلة للفحص النقدي والفنّي.
هل نسمّي ما سبق من الحديث، ضغطا؟ أم أن نسمّيه تخفيفا وتسريبا للضغط؟ أيّا كانت الإجابة فلا شكّ أنّ هناك استجابة ما لذلك الفعل والاستجابة في سياق حدينا نسميها "الانصياع". فما هو الانصياع؟
يبدأ "الانصياع" بأن يرضخ القيمون على الثقافة ومساربها في الداخل إلى سلطان الضغط المستمر للأسماء فيأخذون بقبول معظم الأفراد، الذين قاموا بطردهم أوّل مرّة، بعد أن أصبح الوضع على شكل لا يمكن مقاومته أو تجاهله، ثمّ يعمدون إلى الترويج لهم والدعاية لصالحهم حتى يبدو الأمر وكأنّهم هم الذين اكتشفوهم أولا، بل أنّ الأمر يتعدّى ذلك إلى استيراد ظاهرة بأكملها والترويج لها، ولنا في الجوائز والمسابقات المحلية خير أمثلة.
فبعد أن فاز عراقيان بجائزة يوسف الخال للشعر التي أقامتها مجلة "الناقد" التي كانت تصدر في لندن، وبعد أن فاز للسنة التي بعدها عراقي آخر بجائزة الرواية ولنفس المجلة، وبعد أن فاز عراقيان آخران بجائزة مجلة "لوتس" للشعر، عمد المسؤولون هنا إلى طرح مبدأ التسابق على الجوائز أسوة بالخارج فأقاموا جائزة الشؤون الثقافية وجائزة مجلة الأقلام وجائزة إذاعة بغداد.. وهكذا بين ليلة وضحاها إذا بكل هؤلاء الشبان أدباء مهمون وإذا كل هؤلاء يتمّ تطويبهم وتكريسهم ضمن تيار الحداثة الأدبية، ونتذكّر جميعا تلك الندوات التي أقيمت والنقاد الذين كلفوا بالكتابة عن الأقلام الواعدة.
ونحن نعتقد أنّ هذه الظواهر يمكن لها أن تتكرّر مع عدم الضمان بأن تحوز على جدية مماثلة أو رعاية مالية أملتها ظروف معينة قد لا تتكرّر. أما تعميمها على باقي أقطار العالم العربي فأمر ميسور ولن يكون محفوفا بالمخاطر طالما ان تاريخ العرب له ماض واحد.
(جريدة العراق اليومية، بغداد 1992).



#حكمت_الحاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل إن ملحمة گلگامش قصيدة شعرية؟
- النص اليتيم
- ظاهرة فوزي كريم: تشكيل جانبي لشاعر عراقي
- الشعرُ عِلماً
- حول بعض التخرّصات الاستشراقية المضادة
- عز الدين المناصرة والقصيدة الشعبية
- أنثى الكتابة لا ترث الفردوس
- خالد النجار مولع بلوران غاسبار
- المصطلح، معجم للعلوم الكمبيوترية
- الدراما التونسية دراما المستقبل
- ردُّ اعتبارٍ للغنائية الموزونة
- نِصْفَا الدماغِ: أيهما نحن؟
- حول مفهوم وجهة النظر: ثلاث مساهمات في نقد الرواية
- رواية ما بعد الحداثة.. قراءة أمام المرآة وخلفها
- قضايا الرواية الحديثة بين البلاغة والإرهاب
- مفهوم الحرية في التراث العربسلامي
- قصيدة النثر العربية مآلاتها وطرائقها رؤية تأويلية وبيان
- برتراند راسل: دفاعاً عن الحرية الفردية
- في الشعر الفلسطيني المعاصر: هشام عودة أنموذجاً
- الحداثة والسلطة والتراث عند العرب


المزيد.....




- مسلسل طائر الرفراف الحلقة 70 مترجمة باللغة العربية بجودة HD ...
- السحر والإغراء..أجمل الأزياء في مهرجان كان السينمائي
- موسكو تشهد العرض الأول للنسخة السينمائية من أوبرا -عايدة- لج ...
- المخرج الأمريكي كوبولا على البساط الأحمر في مهرجان كان
- تحديات المسرح العربي في زمن الذكاء الصناعي
- بورتريه دموي لـ تشارلز الثالث يثير جدلا عاما
- -الحرب أولها الكلام-.. اللغة السودانية في ظلامية الخطاب الشع ...
- الجائزة الكبرى في مهرجان كان السينمائي.. ما حكايتها؟
- -موسكو الشرقية-.. كيف أصبحت هاربن الروسية صينية؟
- -جَنين جِنين- يفتتح فعاليات -النكبة سرديةٌ سينمائية-


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حكمت الحاج - هوامش جديدة على متن قديم: الانصياع والتمرير