أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أمنية حامد - ”التحول السلطوي“ : هل ترتد الديمقراطية علي عقبيها؟















المزيد.....

”التحول السلطوي“ : هل ترتد الديمقراطية علي عقبيها؟


أمنية حامد

الحوار المتمدن-العدد: 5834 - 2018 / 4 / 3 - 05:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قدم بعض مفكرينا مؤخرا رؤية مجملها ان العالم يتجه للسلطوية، و أن الربيع العربي في أوطاننا ما كان إلا نقطة فاصلة تميز تحول منظومة العالم بأكملها للسلطوية. هذا التحول - في رأي كتابنا - هو ردة فعل و تعبيرا عن سلسلة الازمات الاقتصادية العالمية، و عجز الانظمة الديمقراطية في توفير الحماية و الدعم لمواطنيها، وتراجع الرضاء الشعبي، وانتشار لمشاكل الهوية و الأمن، وانعكاسا للصعود الصيني و الروسي علي مسرح السياسة العالمية وهزيمة الثورات الشعبية الشرق أوسطية.

فهل نحن إذا أمام الموجة الأولي للتحول السلطوي عالميا ؟

دعنا ننطلق من حكمة ان التاريخ لا يرتد علي عقبيه، ونضيف لها حكمة إنعدام الأحادية في تقييم منظومات أساسها بشر و عمادها مؤسسات.

أي اننا لسنا علي ميزان أو مسطرة واحدة قطبها الأول ديمقراطي و الثاني سلطوي. فإذا ما ضعف حصيدنا علي القطب الأول لابد ان نرتد حتما نحو القطب المقابل. بل ان هناك عديد من المساطر، فقد يكوم بُعدنا عن قطب في مسطرة ما، تقربا من قطب آخر علي مسطرة أخري (و ليس بالضرورة تقربا للقطب المضاد لمسطرة أحادية).
علي سبيل الإيضاح، أثار بعض المفكرين نقطة محورية لحديثنا، هو ان ما شوهد من انتصارات للديمقراطية في العقود الماضية ليست في حقيقتها سوي انتصارات للمنطق الرأسمالي و ليس لأنظمة ديمقراطية. وهو ما يشكل في نظرنا دمج لمسطرتين؛ مسطرة ذات القطبي الديمقراطي/السلطوي، و أخري ذات قطبي رأسمالي/ ….
فهل نحن إذا نرتد عن الديمقراطية بفحواها الرأسمالي أم الديمقراطية عموما؟ و إن كنا أمام إنتكاسة للديمقراطية الرأسمالية، فهل يعني ذلك احتمالية التقرب من ديمقراطية بفحوي اقتصادي مختلف؟

سنقسم أطروحتنا لشقين. نتناول في الشق الأول طبيعة التغييرات الممكنة للمنظومة. أما الشق الثاني فنتناول فيه بعض تجليات عوامل الأضطراب في الوضع العالمي الحالي و التي توضح ان المسار ليس حتما نحو السلطوية.

***
الشق الأول: التغييرات الممكنة

لا نجادل اننا أمام العديد من مظاهر التذبذب و عوامل الاضطراب. تلك العوامل من شأنها إحداث تغييرات في المسار الحالي للأمم؛ تغييرات من شأنها دفع المسار نحو الأكثر سلطوية والأقل ديمقراطية ( فيكون التغيير هو إمتداداً علي المسار الحالي وعلي تلك المسطرة بقطبيها الديمقراطي/السلطوي)؛ كما ان بأمكان تلك العوامل احداث تحريك للمنظومة تقربا من قطب آخر علي مسطرة أخري، مثل مسار أكثر ديمقراطية وأقل رأسمالية (و هو ايضا امتداداً للمسار الحالي ولكن علي أكثر من مسطرة واحدة)؛ اخيرا فان تلك العوامل بامكانها إحداث انعطافات جذرية كإنكسارة في المسار الحالي.
تتميز الحالة الأخيرة (الانعطافات الجذرية) بكسر للمسار المتخذ و بزوغ ما يشبه مفترق طرق (bifurication)، ويكون للمنظومة في تلك اللحظات الاستثنائية الطاقة الممكّنه للقفز نحو أي من المسارات المنبثقة عن هذا المفترق. فيتولد ما يمكن وصفة بلحظة فاصلة و حقبة مختلفة و تحول في المنظومة. لكن - وللتأكيد- شرط أساسي من توصيف لحظة زمنية بنقطة فاصلة هو بزوغ هذا المفترق، أي بزوغ لأكثر من وجهة محتملة لمسار المنظومة، اي اننا لسنا بصدد وجهة واحدة موقونة و محددة.
إضافة لذلك فان نشوب تلك الانعطافات الجذرية و اللحظات الاستثنائية ليس رهنا أو ردة فعل لحدوث تغييرات مفاجئة و حادة في المنظومة، بل يكون كلحظة إضافة القشة القاسمة لظهر البعير!

سواءا اذا ان كنا امام عوامل من شأنها إحداث إمتداد أو تحول لمسار المنظومة، فيبقي غية و إتجاة هذا التحول او ذاك الامتداد مرهون بشواهد و عوامل التفاعل الداخلي لتلك المنظومة والبيئة المحيطة، و في كل حين يكون هناك أكثر من وجهة محتملة للمسار. و عليه فالسلطوية وأن كانت وجهة ممكنه و محتملة، فانها ليست القِبلة الوحيدة، أي ليست قدراً.

إذا جادلنا - فرضاً- بأن الربيع العربي كان هذه النقطة الفاصلة و بأن المسار أنكسر بالفعل و توجه للسلطوية. فالمرحلة اللاحقة للانكسار تكون نحو تحقيق استقرار للمنظومة علي المسار الجديد.
لكننا نجادل بأن المُشاهد حاليا ليس عوامل أو مظاهر استقرار علي المسار الجديد، بل انه اشبه بتراكم لعوامل الاضطراب و ببوادر انفراجات لما هو ارحب من السلطوية! و هو ما نتناوله في شقنا الثاني.

***

الشق الثاني: تجليات مظاهر الخلل

دعنا نقابل ما آثاره بعض الكُتاب مما اعتبروه عوامل تلوح بعلو السلطوية، بما نراه من نماذج لتجليات مظاهر الخلل، ولكنها و برغم ذلك فهي في نظرنا شواهد ان الوضع الحالي هو أقرب ما يكون لمرحلة البحث و التنقيب عن البديل.

— أولا: تزعزع ثوابت رأسمالية العولمة
قد يبدو طريفا ان نشهد حالات هي في طياتها تدشين لعدد من إدعاءات العولمة الرأسمالية في كبري الدول التي ساقت أطروحات هذا الفكر. فتأتي بريطانيا أولا لتنفصل عن الاتحاد الأوروبي و يلي ذلك ما نشاهده من محاولات البيت الأبيض المتعددة للتنصل من المعاهدات الدولية و فرض قيود علي حركة رأس المال و حرية التجارة و سياسات حمائية واسعة النطاق.
في كلتا الحالتين، فقد اتي هذا التراجع اما تعبيرا عن رغبة شعبية (بريطانيا)، أو لكسب رضاء شعبي (الولايات المتحدة).
في نظرنا فإن ذلك ليس نذير بإخفاقات الأنظمة الديمقراطية، ولكن بأخفاقات أنظمة رأسمالية الشركات، و محاولات من المواطن العادي بتعديل مسار نظمه عن هذا السياق الرأسمالي المعني برفاهية الشركات الكبري.

— ثانيا: المواطن و إنتظار المأساة
محاولات هذا المواطن في السياق البريطاني و الأمريكي هي نطفة كامنة لتجلي جهود المواطن العادي عالميا لتغيير سياقات أنظمته. فبرغم ما نشاهده حاليا من سياسات يتنبأ لها الكثيرين بألحاق الضرر الأكبر علي عاتق الفئة الأكثر إحتياجا (علي سبيل المثال السياسات الضريبية و تقليص الرعاية الصحية في الولايات المتحدة، إلخ) فإن العديد من المفكرين يري في ذلك تبلور لمأساة من شأنها إيقاظ مواطن تلك الدول من ثباته و توحيده تحت راية المعاناه المشتركة، بعد ان عاش ثقافة النزعة الفردية.
علي الجانب الآخر، فإن بلداننا تمر بنفس المأزق- مأزق المعاناه- نتيجه لجهود النظم الحاكمة المكثفة و الهادفة لتضييق الخناق حول المواطن وما يصاحب ذلك من سياسات تتسبب في تفاقم معاناته بتدهور الوضع الأقتصادي و متسع تحركه. وكما تحدثنا سابقاً فإن هذا المواطن الأعزل كقنبلة موقوته (مقال سابق - “عبقرية المواطن العاري”). الرهان إذاً ليس هل سينهض هذا المواطن أم لا، ولكن الرهان هو متي ستكون تلك النهضة.

— ثالثا: التنقييب عن البديل
قد يتخذ البعض من مظاهر خلل النظم الرأسمالية و غضب المواطن ققوة دفع و حافز للارتماء في احضان أنظمة سلطوية، أو تسليم المواطن بحجة ترك حقوقه جانبا حتي يتحسن وضعه الاقتصادي.
و لكن ما نشاهده هو تحرك هذا المواطن للبحث عن بديل بين ما هو متاح له، و ليس توجهة تلقائي لفكر سلطوي، أو فكر متطرف.
علي سبيل المثال، بينما علت حركات أصولية و فاشية في عديد من دول العالم المتقدم حتي قاربت تلك الحركات من مقاعد السلطة، إلا ان شعوب تلك البلدان اختارت سياسات أكثر اعتدالا، بل اننا نجد تلك الشعوب أعلت علي مقاعدها قادة غير تقليديين (مثل الرئيس الفرنسي الذي لم يتجاوز الأربعيين عاما) وكأن البحث هو عن فكر مغاير و رؤية بديلة و ليس الارتماء في أحضان فكر متطرف (سياسي أو اقتصادي).
لا ينفي هذا ان البعض الآخر من الشعوب قد أعلت علي مقاعدها نماذج مختلة. لكن عزاؤنا ان أي محاولة لايجاد متسع للخروج من المأزق، أو الفرار أو المواجهة، تكون عرضه للنجاح كما أنها عرضه للفشل. قد يثبت البديل الذي اختاره هذا المواطن أهليته، أو قد يثبت بطلانه وعجزه. فشل البديل ليس فشل للمواطن أو الشعب نفسه، بل وقفه لإعادة توجيه بوصلته.

وأن كنا وضعنا المواطن في مركز أطروحتنا، فلأنه بالفعل المركز و العماد لأي مسار يَتشكل. و ما بين رغبة التغيير و متسع الحراك، فان محصلة جهوده تعتمد علي ما هو متاح له. قد يكون البديل الذي يربو له المواطن متاح و علي بعد قوسين (في حالة بعض الدول الديمقراطية)،و قد يكون البديل هو خيار ما بين شر و آخر (كما رأينا في وضع بعض الدول الديمقراطية المتعثرة)، كما قد يكون البديل هو حتمية الهدم وإعادة البناء (في حالات خبت فيها الديمقراطية و عطب النظام).

هل يضع هذا المواطن الديمقراطية خلف ظهره؟ أم نظم رأسمالية الشركات؟
و هل يتوجه أو يُسلم للسلطوية ؟ أم يبحث عن نماذج مضيئة في واقع دول أخري، مثل الشمال الأوروبي و الدول الديمقراطية التي أعلت حقوق مواطنيها في إطار ذات طبعة رأسمالية؟ …

لسنا نهدف بأطروحتنا الحالية التنبؤ إلي اين نتجه، أو تهميش وقع عوامل الأضطراب عالميا، أو القول ان السلطوية ليست طريقاً محتملاً. كما اننا لسنا هنا لتعضديد أو تدشين ما نشاهده. هدفنا هو التأكيد أن الطريق قدماً ليس من الضروري نحو السلطوية !



#أمنية_حامد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علل نموذج الغرب المتقدم
- ماذا ينقص الإنتفاضات الشعبية
- عبقرية المواطن العاري
- نحن و الغرب.. أكثر من قصة واحدة للخلل
- مسارات متعثرة - معضلة التغيير في بلادنا
- رأس و عديد من الأرجل
- الابتكار الاجتماعي لتفادي العجز المكتسب


المزيد.....




- بالفيديو.. لحظة انبثاق النار المقدسة في كنيسة القيامة
- شاهد: إنقاذ 87 مهاجراً من الغرق قبالة سواحل ليبيا ونقلهم إلى ...
- الفطور أم العشاء؟ .. التوقيت الأمثل لتناول الكالسيوم لدرء خط ...
- صحيفة ألمانية: الحريق في مصنع -ديهل- لأنظمة الدفاع الجوي في ...
- مسؤول إسرائيلي: لن ننهي حرب غزة كجزء من صفقة الرهائن
- قناة ألمانية: الجيش الأوكراني يعاني من نقص حاد في قطع غيار ا ...
- تشاد: المرشحون للانتخابات الرئاسية ينشطون آخر تجمعاتهم قبيل ...
- الطعام ليس المتهم الوحيد.. التوتر يسبب تراكم الدهون في البطن ...
- قوات الاحتلال تنسحب من بلدة بطولكرم بعد اغتيال مقاومين
- -اللعب الخشن-.. نشاط صحي يضمن تطوير مهارات طفلك


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أمنية حامد - ”التحول السلطوي“ : هل ترتد الديمقراطية علي عقبيها؟