رائد الحواري
الحوار المتمدن-العدد: 4916 - 2015 / 9 / 5 - 22:23
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
أخطاء الحكيم البابلي
كتب الحكيم البابلي مقالا حول لهجة مسيحيي ويهود بغداد، لا شك بأن المقال متعوب عليه، فهو بحث يحتاج إلى جهد ليس بالقليل، لكن هناك أخطاء وقع في الكاتب عندما أرد أن يؤكد خصوصية اللهجة المحلية للمسيحيين واليهود على حساب تغير اسم فلسطين إلى إسرائيل، فجاء في مقاله: "بقي يهود العراق لحد اليوم يُحيونَ التُراث اليهودي العراقي في إسرائيل بلهجتهم البغدادية المُحببة، وقد كتب البروفيسور ( شاموئيل ) سامي موريه الكثير عن ذلك" فهنا تم تغير اسم فلسطين إلى إسرائيل، وليست المسألة تغير أسماء بقدر تغير حقيقة، ومن ثم إلغاء شعب وجغرافيا ومحوها من الخريطة، وحتى عندما أراد الاستشهاد بالكاتب العراقي " سامي موريه" غير اسمه أو استخدم الاسم الجديد له الذي يلغي فيه عراقيته وقال عنه " شاموئيل" لا أدري أيهما أهم تغير لهجة آم سرقة جغرافيا وشعب ومحوهما من الوجود؟ فالحكيم البابلي هنا يساهم دون أن يدري بإلغاء هوية العراقي وأيضا هوية الفلسطيني واستبدالهما بالإسرائيلي.
ويعيد هذه الخطاء مرة ثانية، ولكن بطريقة أكثر فجاعة عندما قال: " كم خسَر ذلك الوطن بسبب الترحيل ألقسري لأبنائه من اليهود العراقيين والذين يزيد عددهم اليوم على النصف مليون في إسرائيل!؟، وهنا نجد إهمال كامل للشعب الفلسطيني الذي فقد كل شيء، الأرض والتاريخ والسكن، ومن ضمنها اللهجة، وللعلم نقول أن القرى الفلسطينية تتباين لهجتها بين قرية وأخرى، حتى أننا نجد قرى لا يتعدى عدد سكانها ثلاثة ألاف نسمة تكون لهم لهجة خاصة بهم تميزهم عن القرية المجاورة والتي تشترك معها في البنيان، بمعنى أن التنوع اللهجات في فلسطين أكثر عدد.
ونطرح هنا سؤال: ما دام هناك هذا التجمع العددي من المتكلمين باللهجة المهددة بالانقراض، لماذا لا يتم التعامل بها وإحياءها في مناطق تواجد اليهود العراقيين، في فلسطين؟
والخطأ الثالث الذي وقع فيه الكاتب عندما استعانة بيعقوب ابراهيمي، الذي باع العراق وأصبح إسرائيليا أكثر من أي إسرائيلي، اعتقد بان المقال أرد من خلاله الكاتب أن يبرز مسألة نبيلة، تتعلق باللهجات المحلية العراقية، لكنه وقع في أخطاء كان من المفترض ألانتاه لها، فاهو في نهاية المقال يتحسر على الموت الذي ينتظره خارج العراق، ونجده يتعب ويجتهد لكي يذكرنا بان هناك في بغداد لهجة من المفترض أن تبقى حية ولا تموت، فهل فعل العراقيين في فلسطين عين ما فعله الحكيم؟.
وكان على الكاتب من باب الأمانة العلمية أن يتم تناول عملية إلغاء وإنهاء تواجد (الشعب الفلسطيني) الذي يعاني أيضا من إلغاء واختلاط لهجاته، بحيث تضيع مع الزمن، علما بأنها أكثر ثراء وتنوعا من أي لهجات في المنطقة العربية.
#رائد_الحواري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟