أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - صراع المقدس والإنساني في مسرحة -أهل الكهف- توفيق الحكيم














المزيد.....

صراع المقدس والإنساني في مسرحة -أهل الكهف- توفيق الحكيم


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 4913 - 2015 / 9 / 2 - 22:02
المحور: الادب والفن
    


صراع المقدس والإنساني في
مسرحة "أهل الكهف" توفيق الحكيم
قصة أهل الكهف معروف لنا جميعا لكن لابأس من التذكر بها، فهي تتحدث عن ثلاثة رجال وكلبهم يهربون من بطش "دقيانوس" فيتخذوا من الكهف ملاذا لهم، وعندما يناموا لا يستيقظون إلا بعد أكثر من ثلاثمائة عام، يبعثوا احدهم إلى المدينة ليشترى لهم طعام، وهناك يتم كشف أمرهم من قبل المجتمع/الحاكم الجديد، الذي يكون قد اتبع المسيحية وتخلوا عن الوثنية، وبعدها يقرر هؤلاء الأشخاص العودة إلى كهفهم حيث يناموا نومتهم الأبدية، فيقرر الملك/المجتمع أن يغلقوا باب الكهف ويبنوا عليه معبد،.
هذا ملخص القصة، فهي متداولة بين المسيحيين والمسلمين بهذا الشكل، وأن كان هناك تباين في بعض التفاصيل.
ما يجعل المسرحية مثيرة تناولها للمشاعر الإنسانية لتك الشخصيات التي نامت طويلا، فهي رغم ما تمثله من تحدي بطولي/عقائدي للنظام، تبقى تحمل في داخلها الهم/الرغبات/العاطفة الإنسانية في الحياة، فنجدها تتصارع مع المجتمع الجديد الذي وجدته، فهي تريد أن تمارس حياتها العادية الطبيعية، بعيدا عن التقديس والهالة التي وضعت بها.
يقدم لنا "توفيق الحكيم" سلوك هؤلاء الأبطال بعد وصولهم للمدينة بهذا الشكل،
" الملك: (همسا) هؤلاء القديسون مجانين
غالياس: (يبهت) مجانين! اللهم غفرا؟ وأين ذهبوا يا مولاي؟
الملك: ذهبوا .. احدهم إلى بيته
غالياس: بيته
الملك: هكذا قال! والثاني إلى غنمه التي ترعى الكلأ
غالياس: والثالث؟
الملك: الثالث راح يحلق" ص57، بهذا التوجه نحو الحياة /الطبيعية العادية، يقول لنا "الحكيم" بهذا الشكل يكون الإنسان، فوجوده في الحياة يتطلب منه العمل فيها، والمبيت في منزل يؤويه، وعمل يرتزق منه، ونظافة تجعله بهيا نشيطا.
بعد أن يكتشف أهل الكهف حقيقة الواقع الذي هم فيه نجدهم يمتعضون مما هم فيه فيقول يمليخا: "هذا العالم ليس عالمنا، هذا ليس عالمنا" ص64، فهنا التباين الكبير ما بين العصر القديم والجديد، فنجده لا يريد أن يكون مقدسا/كبيرا/ينظر إليه بهالة وعظمة، يريد أن يكون إنسانا عاديا، ويقوم بكل ما يقوم به البشر.
الخيار ليس سهل، أن يقرر/يختار الإنسان الموت، فالحياة تبقى دائما أفضل من الموت، وهنا ينقلنا "الحكيم" إلى صراع جديد داخل شخصيات أهل الكهف، هل يتعايشوا مع الوضع الجديد، أم يعودوا إلى كهفهم/نومهم/موتهم؟
"مرنوش: ماذا تريد الآن؟
يمليخا: الكهف
مرنوش: أتريد أن ندفن أنفسنا أحياء. في ذلك الكهف.
يمليخا: نعم فلنذهب إلى عالمنا" ص68، حالة الاغتراب ـ أحيانا ـ تدفع بالإنسان الهرب إلى الخلف، وهذا ما حدث مع "يمليخا" لكن هناك رفاق له يشاركونه العالم الجديد، ولا يستطيع منفردا، أن يقرر مصير الجميع، إلا بعد أن يصلوا إلى النتيجة التي وصل إليها.
"مرنوش" يتذكر أن ابنه مات قبل أن يعطيه هديته، مات أثناء نومه في الكهف، وهنا تتفجر مشاعر الإنسان لدية، مشاعر الأب الذي فقد فلذة كبده، وهنا يجد نفسه في حالة لا تسمح له بالاستمرار بعالم يحمل مثل هذه الفواجع، "مرنوش: (صائحا) كفى هراء، ولدي قد مات ولا شيء يربطني الآن بهذا العالم، هذا العالم المخيف نعم صدق يمليخا، هذه الحياة الجديدة لا مكان لنا فيها، وهذه المخلوقات لا تفهمنا ولا نفهمها" ص91، وهنا نجد شخصية ثانية أخذت تشعر بالاغتراب عن واقعها الجديد، ترفض الحياة بينما الأحبة أموات، فالحياة ليست حياة مجردة، بلا سلوك أنساني طبيعي/عادي، فيقول مرنوش عنها:
"إن الحياة المطلقة المجردة عن كل ماض وعن كل صلة وعن كل سبب لهي اقل من العدم، بل ليس هناك قط عدم، ما العدم إلا حياة مطلقة" ص96، بهذه الفلسفة يقنعنا "مرنوش" بمعنى الحياة الطبيعية التي تعني ممارسة كل شيء، حتى لو كان الموت، فالحياة الطبيعية هي الني يستطيع الإنسان أن يعيشها، وما سواها إلا عبء وضغط على الإنسان.
الشخصية الثالثة كانت "مشلينيا" الذي ذهب ليستحم ويحلق شعره الطويل، فنجده يعود إلى حبه الأول، إلى "بريسكا" خطيبه التي تركها هاربا إلى الكهف، فبعد عودته يجد أميرة في القصر تحمل نفس هيئة وشكل "بريسكا" وهنا تتفجر عاطفة الحب لديه ويحصل صراع بينهما، الأميرة ترفض هذا الحب، لأنه ليس لها وإنما لتك "بريسكا" القديمة، فتقول:
"بل أفظع من هذا انك تمزج شخصي بشخصها، انك لا تراني أنا .. بل تراها هي في.. إنها لم تمت عندك بل أنا التي ماتت، أذهب عني" ص126، لكن "مشلينا" الفتى المحب/العاشق يفضل أن يبقى أسيرا للماضي، فالماضي بالنسبة له هو الحياة، ولا يريد أن يعترف بالواقع الجديد فيقول:
"لا أريد، لست أريد أن أبصر الآن، الإبصار لي موت، أتريدين أن أموت؟" ص130، أرد الكاتب من خلال شخصية "مشلينا" أن يشعرنا بان الشخص صاحب الرؤية إلى المستقبل/الحياة/ من الصعب عليه أن يستسلم للموت بسهوله، فهو يحمل أمل، بمعنى أن هناك هدف ما زال ينتظر التحقيق، من هنا نجده يبقى يصارع الواقع الجديد ويرفض التسليم له فيقول مخاطبا رفاقه حول الحب المستحيل الذي يسعى إليه:
"..إن الحلم أحيانا كالفن لا ينقل الحقيقة كما هي بل يسيغ عليها من عبقريته جمالا لم يكن، أو بشاعة لم تكن" ص144، وبعد أن يتأكد باستحالة أحياء حبه القديم يقرر مشاركة رفاقه في العودة إلى كهفهم فيقول يائسا: "وا أسفاه بريسكا .. ما يحول بيني وبينها إذن؟ الزمن؟ نعم محوناه.. ولكن هاهو ذا يمحونا.الزمن ينتقم، إنه يطردنا الآن كأشباح مخيفة ويعلن أنه لا يعرفنا ويحكم علينا بالنقي بعيدا عن مملكة.. ربي هذه المباراة الهائلة بيننا وبين الزمن أتراها انتهت بالنصر له؟"ص155، وهنا ينتهي الحلم/الأمل عند "مشلينا" ويقرر النوم مرة ثانية، لكن هذه المرة إلى الأبد.
بعدها يثيرنا الكاتب من جديد عندما يجعل "بريسكا" تنفجر فيها عاطفة الحب، وتقرر الذهاب إلى من أحبها والنوم في الكهف، وبهذا ينهي "توفيق الحكيم" المسرحية.




#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ديوان -مزاج غزة العاصف- فراس حج علي
- -غاندي والحركة الهندية- سلامة موسى
- العامة والخاصة في مسرحية -الكراكي- نور الدين فارس
- الإخوان والجبهة ما بين كنفاني ومرمره
- منصور الريكان روح العراق
- الفساد يستشري
- رواية -التمثال- سعيد حاشوش
- رواية -سوسروقة خلف الضباب- زهرة عمر
- التكفير مرة ثانية -إلى الأستاذ فؤاد النمري-
- حمار الدولة الأردنية
- المقال والنقاط
- أنا لم أكفر
- الطبقة الفاسدة نابلس نموذج
- الندوة القومية لمواجهة الدس الشعوبي
- الكتابة المخادعة بين يعقوب ابراهامي وطلال الربيعي
- -الإسلام والعرش الدين والدولة في السعودية- أيمن الياسيني
- -الاصلاحية العربية والدولة الوطنية- علي اومليل
- -مفاهيم الجماعات في الإسلام- رضوان السيد
- -رهانات النهضة في الفكر العربي- ماهر الشريف
- الجميل والقبيح


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - صراع المقدس والإنساني في مسرحة -أهل الكهف- توفيق الحكيم