أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - موسى وجولييت الفصل السابع عشر














المزيد.....

موسى وجولييت الفصل السابع عشر


أفنان القاسم

الحوار المتمدن-العدد: 4573 - 2014 / 9 / 13 - 14:19
المحور: الادب والفن
    



سيذهب إلى روبيكا والليل دامس. سيذهب إليها أول الناس، فيرى إذا ما كانت تحبه. روبيكا ذات البراءة الشرسة. روبيكا ذات الشراسة البريئة. روبيكا السمراء, روبيكا الميساء. روبيكا الغيداء. روبيكا ذات العين العسلية. سيرميها على صدره، ويرفعها من ذقنها، ويضع شفتيه على شفتيها، ويهبط إلى ثدييها، ثم يموت. صاح بأعلى صوته: روبيكا، روبيكا، آه، يا روبيكا! واندفع يجري في أزقة شكونات هاتيكفا الرطبة، حتى وصل إلى بيتها، وبعنفٍ طرق بابها:
- هذا أنا، روبيكا، فافتحي لي بسرعة!
فتحت روبيكا له ببطء، وهي تثني رأسها بلامبالاة. راح يحدق في ثدييها تحت قميص نومها، فغطتهما بيديها، وسألت بنبرة باردة ليس فيها من الشوق مما توقع شيئا:
- ماذا تريد؟
قال نوري مضيعا:
- خرجت من السجنِ لتوي، وأتيتك مباشرة لعلك تحبينني كما أتمنى وأحظى بقلبك!
أعطته روبيكا ظهرها دون أن تعيره أدنى اهتمام، وذابت في عتمة بيتها، فصاح نوري بها:
- روبيكا، لماذا تذهبين؟ آتيك قبل كل الناس وتذهبين! روبيكا، أريدك زوجة!
خرج يوسُفُ من العتمة، وحاول طرده، وإذا بنوري يقذفه في عرض الطريق، ويهاجم، بعد ذلك، روبيكا، وروبيكا تبكي، وتتوسل:
- الرحمة! ألا تراني منه حبلى؟ لكنك لا تريد أن تفتح عينيك! اذهب من هنا، أيها المجنون! أنت عيسو المغضوب عليه، أو أنك إسماعيل العربيّ!
مسح دمعها، ورجاها ألا تشك في حبه لها، وما لبث أن زجرها، وعاد يضربها، وأمها على مقربة منها تحاول النوم في فراشٍ على حصير، والسعال يمنعها. هل تشك في حبه الآن بعد كل ما فعله لأجلها؟ أتشك في إخلاصه المضنيّ؟ أتشك في حبه العنيف؟ إخلاصه مضنٍ، هذا صحيح، وحبه عنيف، وسيغدو أكثر عنفًا إذا ما رفضته زوجا. سيحطم الدنيا على رأسها ورأس يوسُفَ جنديها المفضل فقط لأنه جنديّ، فبإمكانه أن يكون جنديًا، هو الآخر، ويضاهيه في شجاعته. أن يكون أكثر منه للعسل إخلاصا. أن يقتل كل العرب. أن يذبحهم في عقر دارهم واحدًا واحدا. أن يجعل من دمهم نهرًا جبارًا يُصْعِدُهَا على موجِهِ في مركبه، وأن يبحر بها إلى جماله وجاهه. فمن ذا الذي سيرث ياكوف غيره، ويقوم على العرش نبيا؟ ومن ذا الذي سيكره الأعداء أكثر منه، ويسطو سطو الحصان كي يحظى بحبها؟ إذا ما أرادت عليه طَرْدَهُم، طَرَدَهُم، سَحْقَهُم، سَحَقَهُم، بالآلاف، وجعل من شعب الصراصير هذا عبيدًا طيبين لها، كلابا. ولم يمتنع نوري عن الصياح هازًا إياها من ذراعها: إني فاعلٌ لأجلك كل شيء، أيًا كان، وسأوقعنا في عقدةِ ذنبٍ تفاقم فينا العزلة، في الوقت الذي تضاعف فيه من أفعالنا فيهم الشكر والعرفان، فليس باستطاعتنا، في عظيم المصاب، إلا أن نبذل أفضل ما نبذل. فقط انطقي، يا حبي! قولي، يا روبيكا، كلمة واحدة، وسأكون لك ألف مرة أحسن منه!
تخلصت روبيكا منه، ولطمته. قالت إنه أحمق ومجنون، وقالت إنها ستكرهه حتى تموت بعد طولِ عمرٍ يعطيه الله لكرمٍ في حق أمها المريضة. قالت: اذهب إلى عسلك ولبنك! واقترحت عليه القيام بحكم الإعدام فيه، فهو ليس العربيّ الذي اعتقدت، وليس اليهوديّ الذي تحلم به. في الخارج، سقطت على نوري من السماء الصافية صفاء مرآة سوداء أسنانُ صقيعٍ راحت تتكسر على قدميه، وتتفجر، فتنشب عنها نارٌ تحرقُ كل ما له من قليل الدنيا وما في عقله من كثير الجنون... صعدت شمس الصباح مظلمة، فأطبق الليل على النهار وحشًا شرسا، وافترسه مثلَ خروفٍ لذيذِ اللحم، وغدا الظلامُ شديدًا أكثرَ تهويلا.

يتبع الفصل الثامن عشر



#أفنان_القاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موسى وجولييت الفصل السادس عشر
- موسى وجولييت الفصل الرابع عشر
- موسى وجولييت الفصل الخامس عشر
- موسى وجولييت الفصل الثاني عشر
- موسى وجولييت الفصل الثالث عشر
- موسى وجولييت الفصل الحادي عشر
- موسى وجولييت الفصل العاشر
- موسى وجولييت الفصل الثامن
- موسى وجولييت الفصل التاسع
- موسى وجولييت الفصل السابع
- موسى وجولييت الفصل السادس
- موسى وجولييت الفصل الرابع
- موسى وجولييت الفصل الخامس
- موسى وجولييت الفصل الثالث
- موسى وجولييت الفصل الثاني
- موسى وجولييت الفصل الأول
- ظاهرات ما بعد الحرب في غزة
- سميح القاسم الولد الرديء
- جثتان
- حوار بين جندي ومقاتل


المزيد.....




- رحيل الشاعر الأردني زياد العناني عن 62 عاما
- حفل ختام مهرجان كان السينمائي: عودة أمريكية قوية وموضوعات نس ...
- مهرجان كان بنكهة شرقية.. جوائز وتكريم لفيلم مصري ومخرجين من ...
- الثقافة العربية والإسلامية بين الأمس واليوم
- طرابلس اللبنانية -عاصمة للثقافة العربية-
- شروط التسجيل في مسابقة الترجمة وزارة العدل 2024 بالجزائر
- الفيلم الأمريكي -أنورا- يتوج بجائزة السعفة الذهبية في مهرجان ...
- تردد قناة النهار الجديد 2024 .. باقة مميزة من المسلسلات والب ...
- فرح أولادك بأفلام الكرتون المدبلجه .. تردد قناة سبونج بوب ال ...
- فوز فيلم -أنورا- الأمريكي بالسعفة الذهبية في كان.. ومخرج إير ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - موسى وجولييت الفصل السابع عشر