أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رمضان عيسى - المادية الجدلية وعلم النفس















المزيد.....

المادية الجدلية وعلم النفس


رمضان عيسى

الحوار المتمدن-العدد: 4243 - 2013 / 10 / 12 - 02:33
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


من ضمن الهجمات التي تتعرض لها المادية الجدلية بوصفها نظرة فلسفية شاملة للطبيعة والمجتمع والفكر البشري ، ما أُشيع عنها أنها لا تعترف بعلم النفس بوصفه فرعا مهما يختص في دراسة السلوك البشري ، ومقوماته وانعكاساته . ولكن هل هذا صحيح ؟
فما هو تعريف علم النفس؟ إن علم النفس هو الدراسات العلمية للسلوك والعقل والتفكير والشخصية ، هو الدراسة العلمية لسلوك الإنسان وعلاقته بالبيئة المحيطة .
لقد ظهرت مدارس كثيرة حاولت دراسة سلوك الإنسان و تفكيره وتوجهاته التي تشكل شخصيته ككائن اجتماعي . وكان الهدف من هذه الدراسات : فهم وتفسير دوافع سلوك الإنسان ، ثم محاولة التنبؤ بالسلوك المستقبلي للفرد ، ثم " التحكم والضبط " والتوجيه في الاتجاه المرغوب
من هذه المدارس والطرق ، طريقة " الاستبطان " التي نادي بها وليم فونت , مؤسس المدرسة البنائية في علم النفس معتمدا على عملية الاستبطان التي قامت على التعرف على مشكلات الشخص عن طريق الشخص نفسه , ومساعدته في حل هذه المشكلات , وتصحيح رؤيته . وقد قال العلماء بذاتية هذه الطريقة ، لأنها تعتمد على رأي الشخص نفسه ، وكذلك تعتمد على رأي الباحث نفسه ورؤيته وحالته النفسية ، ولا يمكن تعميمها .
من العلماء الذين انتقدوا المدرسة البنائيه الأمريكي وليام جيمس ؛ حيث ركز على وظائف الدماغ وتقسيماته , وما هي وظيفة أجزاء الدماغ ؛ فمن وظائف الدماغ بشكل مختصر ومبسّط التفكير والإحساسات والانفعالات؛ حيث أن المنطقة الجبهية تتم فيها عمليات التفكير والتخيل والكلام والكتابة والحركة ، وفي وسط الدماغ منطقة السمع وتفسير الإحساسات وإعطائها معنى ، وفي المنطقة الخلفية للدماغ يقع الجهاز البصري , ووظيفته تفسير الإحساسات البصرية , وهناك منطقة تقع فوق الرقبة من الخلف مباشره تحتوي على المخيخ والنخاع المستطيل والوصلة ، وهم مسئولون عن توازن الجسم والتنفس وعمليات الهضم وضربات القلب والدورة الدموية.... إلخ ، وأطلق على هذه المدرسة اسم " المدرسة الوظيفية " .
ثم بعد ذلك ظهر انتقاد آخر للمدرستين قائلا: "إن كان على علم النفس أن يكون علما صحيحا ومستقلا لا يجب أن تتم دراسة ما لا يمكن رؤيته وغير ملموس وما كان افتراضيا , كالعقل والذكاء والتفكير, وذلك لأنها مجرد افتراضات لا يمكن إثباتها علميا " .
ومن العلماء المنتقدين للوظيفية الأمريكي جون واطسون الذي قال : " يجب دراسة السلوك ((الظاهر)) للإنسان أي ما هو ملموس ويمكن رؤيته "، وتطور بذلك علم النفس كثيرا بعد ظهور هذه المدرسة وهي المدرسة السلوكية، ومن رواد هذه المدرسة عالم النفس الشهير الروسي ايفان بافلوف ( 1849 ـ 1936 ) ، مؤسس نظرية التعلم الذي أجرى اختبارات مخبرية ؛ فقد لاحظ بافلوف أن سيلان لعاب الكلب يرتبط بتقديم الطعام له ؛ فقام بتجاربه والمتمثلة في : قرع جرس قبل تقديم الطعام , ثم يلحقها بالإطعام فيسيل اللعاب ، وبعد تكرار هذه التجربة بدأ يسيل لعاب الكلب لمجرد سماع الجرس دون تقديم الطعام وهذا ما أطلق عليه تعلم شرطي .
لقد أثبتت الأبحاث والتجارب التي قام بها علماء " المدرسة السلوكية " صحة نظرة المنهج الجدلي لفهم الظاهرة النفسية بارتباطاتها المتشعبة والمتداخلة , وكذلك طابع الدراسات التجريبية المؤسسة على منهجية البحث العلمي وفروضه.
ولعل العالم الروسي بافلوف والذي ارتبط باسمه الاكتشاف التاريخي لنظرية الفعل المنعكس الشرطي خير من جسد المنهج الجدلي في أبحاثه العلمية , إلى جانب كوكبة من العلماء الذين جاءوا من بعده في دراسة الكثير من الظواهر النفسية , واللغة , والتفكير والعلاقة بينهما , والعمليات العقلية ومختلف مظاهر السلوك الإنساني , أمثال : فيجوتسكي , ولوريا وغيرهم .
وقد أكدت نظرية بافلوف الكثير من الحقائق العلمية وأسست اتجاها سيكولوجيا علميا في تفسير الظواهر النفسية , يجد دلالته في المضامين الآتية :
1ـ أن العمليات النفسية صورة لفعالية الدماغ ووظيفة من وظائفه الأساسية , والدماغ هو أرقى أشكال المادة , ويبنى على هذه المسلمة انه لا يمكن إدراك العمليات النفسية بصورة علمية بعيدا عن أدراك العمليات العقلية التي تتأصل في البنية الدماغية , فالفعل السيكولوجي فعل يتأصل ويحفر مجاريه في القشرة الدماغية الموطن الحقيقي لارتباطات مشاعرنا وأحاسيسنا وانفعالاتنا.
2 ـ الشعور انعكاس للمادة وصورة حية من صور العالم الموضوعي الخارجي والعمليات النفسية برمتها مرهونة بأشراطات هذا العالم الذي يتحول إلى صورة دماغية لحائية مرنة ذات طابع اشراطي, وبالتالي فأن أدراك الفعل النفسي مرهون بظروفه الخارجية والداخلية وبصورة أكثر تحديدا أن الفعل النفسي نتاج تفاعل بين الوسط الخارجي بمثيراته المختلفة مع الوسط الداخلي الذي يجسده الدماغ بشكل عام والقشرة المخية بشكل خاص.
3 ـ أن المادة أولية والشعور لاحق وثانوي وهذا يعني أن الأفكار والإحساسات تنعكس من العالم الخارجي المادي الموجود بصورة مستقلة عن الوعي, وهذه الفكرة تنطوي على مضامين بالغة الأهمية في علم النفس وهي أن الصورة الشعورية تتولد بتأثير عالم المادة والظروف الخارجية, أي أن ما يولد في الشعور هو صورة منعكسة من صور العالم المادي, وقد ساعد ذلك كثيرا على إخضاع العمليات العقلية والنفسية, بما فيها اللغة والتفكير والعلاقة بينهما للدراسة والاختبار !!!.
واعتقد العالم بافلوف بعد تجارب مختبريه استمرت لعقود من حياته وتم عرض نتائجها في المحافل العلمية الدولية , أن الإنسان نظام محكوم بالقوانين الطبيعية المشتركة بين كل ظواهر الطبيعة , ويرى أن النظام الإنساني هو الوحيد بين الأنظمة الطبيعية الذي يتميز بقدراته الهائلة على التنظيم الذاتي والذي يمتلك المرونة الفائقة لهذه الفعالية .
فالإنسان بأنظمته المعقدة خلاصة تطور الطبيعة في صورتها الأكثر رقيا وتقدما, فالسلوك الإنساني صناعة تتم وفقا لمبدأ الاستجابات الشرطية , وهي صناعة ممكنة , أي أنه يمكن لنا التحكم في سلوك الإنسان وتشريطه وتصنيعه مختبريا أو بصورة اجتماعية عندما يتم التحكم بشروط الحياة الاجتماعية " شروط الوجود ", فأفكارنا ومفاهيمنا وتصوراتنا وقيمنا وعاداتنا وأنماط سلوكنا وكل جوانب نشاطاتنا النفسية والاجتماعية هي نتيجة لعملية تشريط اجتماعية تربوية بعيدة المدى , وأنه يمكن رسم حدود هذه النشاطات والتحكم فيها وفقا لمبدأ الاشراط ومبدأ الاستجابات الشرطية التي بيّنَ أسرار حركتها في مختبراته وتجاربه الطويلة.
لقد بين بافلوف انه يمكن للاستجابة الشرطية إيقاع الناس فريسة الأمراض النفسية , وأنه خلاف ذلك يمكن لهذا التشريط نفسه أن يؤدي وظيفة تحرير الناس من آلامهم وعقدهم وأمراضهم النفسية !!!.
إن التجارب العملية التي قام بها العلماء في هذا المجال قد أثبتت صحة نظرة المادية الجدلية التي تنطلق من أن وعي الإنسان هو انعكاس للواقع الاجتماعي والنشاط العملي الذي يمارسه الفرد ، لهذا كانت مظاهر الوعي من تفكير وإرادة ورغبة وإدراك ومشاعر وسلوك مرتبطة بشكل أو بآخر بالظروف البيئية والاجتماعية والإنتاجية وتداخلاتها التي يعيشها الإنسان .
وبهذا فإن المادية الجدلية ترى أنه من أجل البحث عن ملابسات وعي الإنسان ودوافع سلوكه وأنماط تفكيره ومشاعره وخلجاته النفسية ، يجب عدم ردها إلى غياهب الشعور وما يسمى بالعقل الباطن والعقد النفسية المختزنة فيه منذ الطفولة البشرية الأولى ، بل إلى الواقع الاجتماعي الذي يشغله هذا الفرد أو ذاك .
إن مجمل مظاهر الوعي من تفكير ورغبة وإرادة وأحلام ومشاعر وردود أفعال هي إنعكاسات تعتري الإنسان من خلال واقعه الاجتماعي ونشاطه العلمي .
فمثلا نرى أن الفلاح الذي ترتبط حياته بالإنتاج الزراعي ، لا يزيد وعيه وأفكاره ورغباته ومشاعره وأحلامه وردود أفعاله اليومية عن الظروف البيئية المحيطة ، والوسائل المادية التي يستخدمها في نشاطه الإنتاجي من أدوات وحيوانات وأرض ومصادر مائية .
في حين نرى أن ساكن المدينة يرتبط وعيه ورغباته وأفكاره واندفاعاته السلوكية بظروف وملابسات طبيعة الحياة في المدينة ، من شقق سكنية ومواصلات وحدائق ووظائف وأعمال مكتبية وتجارية .



#رمضان_عيسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لمن أكتب مقالاتي ؟
- العرب وخداع النفس
- بين ايمان - أُمي - وايمان الاخوان
- تاريخ الخوف من المجهول
- قراءة في كتاب - سقوط العالم الاسلامي -
- الوجه الآخر للعنف !!!
- ماذا وراء وصول مصر الى غرفة الانعاش ؟
- مصر في غرفة الانعاش
- كشف المستور وراء تجاهل الحنفاء قبل ظهور دعوة النبي محمد !!!
- الإسلام السياسي وصكوك الغفران
- هل كان حمورابي نبياً ؟
- عوامل القوة والضعف في المشروع الصهيوني
- المرأة المسلمة تستمريء العبودية
- خواطر محجبة
- حقيقة الاسلام
- قالت لي العنقاء
- العرب ونظرية التطور
- الكاتب بين الابداع والأيديولوجيا
- التعددية والتوحيد وأثرهما الاجتماعي
- اتفاق المصالحة ، أسبابه ومستقبله !!!


المزيد.....




- المغرب: حملة -تزوجني بدون مهر-.. ما حقيقتها؟
- دراسة: مجرى قديم للنيل ساهم استخدامه ببناء عدد كبير من الأهر ...
- -شريان حياة- بعد إغلاق معبر رفح.. نظرة على الرصيف الأمريكي ا ...
- صحيفة تكشف استراتيجية نتانياهو من أجل البقاء في السلطة
- أولمبياد باريس 2024: كيف يستعد الشباب لتمثيل بلدانهم؟
- وزير خارجية تايوان يقول إن الصين وروسيا تدعمان -النزعة التوس ...
- لقاء الفن والإبداع لرسومات صديقة للبيئة في معرض هونغ كونغ
- -يونهاب-: كوريا الشمالية تزرع الألغام وتنصب الأسلاك الشائكة ...
- الصحف الغربية: تزايد استخدام مقاتلة -سو-57- مع صواريخ -خا-69 ...
- هنغاريا تقترح اعتماد قانون بشأن العملاء الأجانب في الاتحاد ا ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رمضان عيسى - المادية الجدلية وعلم النفس