أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رمضان عيسى - الإسلام السياسي وصكوك الغفران















المزيد.....

الإسلام السياسي وصكوك الغفران


رمضان عيسى

الحوار المتمدن-العدد: 4074 - 2013 / 4 / 26 - 08:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هل سمعت عن شخص يبيع الهواء في هذا الزمن ؟
هل سمعت عن حزب سياسي يطرح وعودا ، وهو يدرك أنه لا يستطيع الوفاء بها ؟
هل سمعت عن حزب سياسي يطلق الوعود بالعدالة الاجتماعية والاقتصادية ، وليس لديه برامج واقعية في هذا المجال ؟
هل سمعت عن حزب سياسي يطلق وعودا للإصلاح البرلماني والتمسك بالديمقراطية ودورية الانتخابات ، وهو أساسا لا يؤمن بها ؟
هل سمعت عن حزب سياسي يدعو لإطلاق الحريات السياسية والفردية ، وهو أيضا لا يؤمن إلا بالاستعباد والسيطرة ، وفرض الديكتاتورية الحزبية ؟
هل سمعت عن حزب يعطي الوعود بحقوق المرأة ، وحقها في المشاركة الاجتماعية والسياسية ، وهو أساسا لا يعتبرها إلا وعاء حافظ للميراث ، وأداة للمتعة ؟
هل سمعت عن حزب يعلن أنه مع دولة مدنية وحقوق المواطنين بغض النظر عن اللون والدين والجنس ، وهو في جميع أدبياته لا يؤمن بالمساواة القانونية للمواطنين ؟
إن حزبا يطلق الوعود السياسية والاجتماعية للجماهير وهو يدرك أنه لا يستطيع الوفاء بها ، هو بمثابة بيع الهواء للجماهير الغفيرة من الشعب . انه خداع للجماهير بكل معنى الكلمة .
إن حزب الحرية والعدالة المتولد من عباءة الإخوان ، وحزب النور السلفي بوصفهم أحزابا للإسلام السياسي هم من باعوا الهواء لجماهير الشعب التي أعطت أصواتها لهم .
ولكن لماذا لا تستطيع أحزاب الإسلام السياسي أن تكون صادقة في اطروحاتها ، وأن تسير مسارا تنمويا حقيقيا يخدم الوطن والمواطن ؟ ذلك لأن الإسلام السياسي ينطلق من نصوص أيديولوجية لا تتناسب وروح العصر اجتماعيا واقتصاديا وفكريا !!!
كيف أن اطروحات الاسلام السياسي لا تتناسب وروح العصر ؟
فمسمى الحرية التي ألصقها باسم الحزب بعيد عن الإيمانات النَصيّة والتصريحات الصادرة عن ممثلي الحزب بالنسبة للمواطن والمرأة ودوها الاجتماعي والسياسي .
كذلك مسمى العدالة ، فالعدالة تعني العدالة الاجتماعية والمساواة ، وعدم التفريق بين المواطنين على أساس الدين أو الجنس وتكافؤ الفرص ، بينما نرى أن النصوص الدينية تتناقض وهذا الفهم .
وكذلك فعل السلفيون الذين ظهروا تحت مسمى حزب " النور " . فالنور يعني المعرفة والعلم ، في حين نرى أن حزب النور أصولي النزعة والتوجه ، ويعلن معاداته لكل مظاهر الحضارة ، وعلميا يرفض الكثير من النظريات العلمية في الفلك والجيولوجيا والبيولوجيا والاقتصاد.
لم يطرح أي من أحزاب الاسلام السياسي أي خطة أو برنامج تنموي اقتصادي أو اجتماعي . إن اطروحاته شكلية وذات مسميات أخلاقية ليس لها مردود تنموي أو اقتصادي .
فنسأل ما هو رأي أحزاب الاسلام السياسي في التنمية الاقتصادية وكيفية القضاء على التضخم المالي والبطالة والفقر ؟
انهم لا يؤمنون بأي مشروع تأميمي ، ولا بمؤسسات شعبية تسيطر على العمل وتتعاون فيما بينها لتُكوِن منظومة اقتصادية تعاونية على مستوى الوطن ، وتضع تحت يدها المنتوج الوطني وادارته لصالح الوطن والمواطن .
إن نقديات الاسلام السياسي لنظام الحكم ما قبل الثورة كانت شكلية وتدور حول الفن والممثلين والمرأة ، وذات مسميات أخلاقية ، ولا تمت للتنمية بصلة .
لا تؤمن أحزاب الاسلام السياسي بالتخطيط الاقتصادي الذي يتناسب من مستوى القوي المنتجة المادية والبشرية .
لا تؤمن أحزاب الاسلام السياسي بتكافؤ العلاقات الاقتصادية مع الخارج على أساس المصلحة المشتركة ، وليس الخوف والخضوع .

ولكن كيف نفسر صعود الاسلام السياسي ؟ ذلك لأن هناك عدة عوامل منها :
1- طول فترة سيادة الديكتاتورية التي انتهجت سياسة التهميش للشعب سياسيا واجتماعيا وفكريا .
2- تفشي الأمية والجهل السياسي بين جماهير غفيرة من الشعب .
3- تركز التعليم والمشاركة الاجتماعية في المدن الرئيسة .
4- تفشي الفساد السياسي والاقتصادي والمالي داخل أروقة الحكم الديكتاتوري الذي دام لأكثر من ثلاثة عقود .
5- غياب الديمقراطية والنشاط الحزبي الجماهيري .
6- سطوة نظام الحكم السابق ومحاربته للأحزاب ومنها حركة الاخوان والاتجاه السلفي .
7- الدعم المالي الغير محدود للأحزاب الدينية الذي تتلقاه الأحزاب الدينية من قبل دول البترول العربية تحت مسميات مختلفة .
8- تغلغل أعضاء الحركات الدينية في الأوساط الشعبية في الريف عن طريق المشاريع الخدماتية .
9- افتقار جماهير الريف الى التعليم والقدرة على الفرز السياسي للأحزاب .
10- اقناع ممثلو الاسلام السياسي للأوساط الشعبية بأنهم ممثلي الميراث المقدس .
11- ضعف الأحزاب الليبرالية واليسارية نتيجة لقمع وإرهاب الديكتاتوريات السابقة .
12- الضعف المالي للأحزاب الليبرالية ، وتركزها في المدن .
13- الترابط التنظيمي لأحزاب الاسلام السياسي وتضخمها .
14- قيام ممثلوا الاسلام السياسي بعقد تحالفات سرية مع دول أجنبية من أجل مساعدتهم في الوصول للسلطة .

كل هذه الأسباب أدت الى تقدم أحزاب الاسلام السياسي في الانتخابات التي جرت في مناخ أكثر حرية وديمقراطية .
ان وعود الاسلام السياسي تعتمد على سذاجة وجهل الناخب ، أكثر منها على الوعي ، على وهمية الناخب أكثر منها على واقعيته . وكانت الدعاية تتركز على فساد رجالات الحكم السابق ، مقابل الوعد بأن ممثلي التوجهات الدينية سيكونوا صادقين ، ولن يصبحوا قططا سمان .
إن الوعود كانت تُربط دائما بالمقدس والتجلبب بالوقار والنقاء الأخلاقي . والقول ان الثقة بالله كبيرة ، ووعده للمؤمنين صادق ، وانتم المؤمنين ، وصوتكم أمانة ، والجنة في انتظاركم ، ونحن نعدكم بجنة في الأرض ، وهذا منوط بالتصويت لنا ، نحن الصادقون ، نحن التقاة ، نحن مع الله .
وانطلاقا من هذا ذهبت جماهير الريف المسحوقة التي لم تذق طعم الحرية وتتضور جوعا ، ولم تنل قسطا من التعليم يؤهلها لصحة الاختيار ، واختارت ممثلو الاسلام السياسي مقابل الأمل بصك غفران جماعي .
والآن ، ماذا نرى بعد صعود الاسلام السياسي لرأس السلطة في مصر ؟ نرى أن البلاد تسير من سيء الى اسوء ، والمؤشرات الاقتصادية تنبئ بالغرق في الديون والافلاس . وهذا ما دفع قطر أداة أمريكا في المنطقة وحليفة الاخوان الى دفع ثلاثة مليار دولار لإبعاد شبح الافلاس الاقتصادي والسياسي والاداري عن حكم الاخوان والسلفيين .
لقد فات أحزاب الاسلام السياسي أن جهاز الدولة الذي كانوا يحلمون به ليس هو الجهاز الذي نشأ بعد الثورة ، فبعد الثورة زال عنصر الخوف من أجهزة السلطة القهرية ، وأحست الجماهير بقوتها وقدرتها على الوقوف في وجه ارهاب الحكم . وكل شيء أصبح على المكشوف ، وكل الوعود ستكون على محك الاختبار ، والشعب في الانتظار ، ولن تخدعه صكوك الغفران ، ولن يبقَ يعيش حالة الوهم ، ولن يسمح لأحد أن يبيعه الهواء !!!
إن الربيع العربي كشف أن الجماهير العربية مثل باقي الشعوب بحاجة الى الحرية ، بحاجة الى الديمقراطية ، بحاجة الى المنهاج التنموي الاجتماعي والاقتصادي ، وليس الى الوهم ، والى تسويق الهواء مغلفا بالميراث المقدس .
إن هواء الله ليس له ثمن ، فهو متاح للجميع ، وهو حق للجميع ، ولكن أن تبيع هواء الله ووعوده للناس ، فهو بمثابة بيع صكوك الغفران للجماهير المقهورة من فساد وظلم الحكم السابق ، فهواء الله ووعوده لا تباع ولا تشترى ، وليس من حق شخص أو حزب ان يُسّوِق وعود الله للبشر . فيجب فصل وعود الله للمؤمنين بالجنة والأمل بالنجاة من النار عن وعود الإسلام السياسي الدنيوية التي هي أقرب الى الوهم باعترافهم أنهم لا يملكون أي مشروع تطويري ، حيث صرح خيرت الشاطر نائب الرشد العام للإخوان أن ليس لديهم برنامج واضح ومحدد لمشروع النهضة .
وبهذا يبقى السؤال : ماذا سيقدم حزب الحرية والعدالة وحزب النور للذين منحوهم أصواتهم من الشعب ؟



#رمضان_عيسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل كان حمورابي نبياً ؟
- عوامل القوة والضعف في المشروع الصهيوني
- المرأة المسلمة تستمريء العبودية
- خواطر محجبة
- حقيقة الاسلام
- قالت لي العنقاء
- العرب ونظرية التطور
- الكاتب بين الابداع والأيديولوجيا
- التعددية والتوحيد وأثرهما الاجتماعي
- اتفاق المصالحة ، أسبابه ومستقبله !!!
- صديقي دائما - قصة قصيرة
- فلسفة الفقراء وفلسفة الأغنياء
- شهر عسل جديد
- الوعي العربي والاعتقاد الخوارقي
- الماركسية وأساليب النضال الثورية
- العرب وفلسفة التراث
- ماذا وراء الطلب من الأردن تجنيس مليون فلسطيني ؟
- ما لم يقال عن حصار غزة
- آدم بين المعيار الديني والمعيار العلمي


المزيد.....




- كيف سيغير الذكاء الاصطناعي طرق خوض الحروب وكيف تستفيد الجيوش ...
- -لا توجد ديمقراطية هنا، هذا هو الفصل العنصري-
- -لا نعرف إلى أين سنذهب بعد رفح-
- شاهد: طلقات مدفعية في مناطق بريطانية مختلفة احتفالاً بذكرى ت ...
- باحثة ألمانية: يمكن أن يكون الضحك وسيلة علاجية واعدة
- من يقف وراء ظاهرة الاعتداء على السياسيين في ألمانيا؟
- مصر تحذر من مخاطر عملية عسكرية إسرائيلية محتملة في رفح
- ماذا تكشف روائح الجسم الكريهة عن صحتك؟
- الخارجية الروسية توجه احتجاجا شديد اللهجة للسفير البريطاني ب ...
- فرنسا تتنصل من تصريحات أمريكية وتوضح حقيقة نشرها جنودها إلى ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رمضان عيسى - الإسلام السياسي وصكوك الغفران