أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - الشِّعرُ بهجةُ خلاصي من ضجرِ الحياةِ














المزيد.....

الشِّعرُ بهجةُ خلاصي من ضجرِ الحياةِ


صبري يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 3325 - 2011 / 4 / 3 - 17:25
المحور: الادب والفن
    


الشِّعرُ بهجةُ خلاصي من ضجرِ الحياةِ



الشِّعرُ حفيفُ نحلةٍ غارقة في ولادةِ العسلِ من رحيقِ الزُّهورِ، موجةٌ وارفة فوقَ أرخبيلاتِ العمرِ، شعاعاتُ فرحٍ منبعثة من تكويرةِ النَّهدِ، ولادةُ طفلٍ على إيقاعِ زخّاتِ المطر، لونُ البداياتِ وضياءُ النَّهايات، جنّةٌ مزدانة بالغزلانِ والبلابلِ المغرّدة تغريدةَ الرَّحيلِ، حوارُ الأرضِ مع قبّةِ السَّماءِ، حلمٌ معبّقٌ بأريجِ الطُّفولة، ابتساماتُ ورودٍ غافية فوقَ نهودِ التِّلالِ، شلالاتٌ هائجة مثل إهتياجِ البراكينِ، صوتُ الإنسانِ المتسامي فوقَ حافّاتِ الغمامِ، نداوةُ زهرةٍ مكحَّلة بدموعِ الشَّوقِ ..

الشِّعرُ صديقُ روحي وبهجةُ خلاصي من ضجرِ الحياةِ، هو صديقتي الأزلية الشهيّة مثل أريجِ الغابات، نورُ العتمةِ التي أعبرها على ايقاعاتِ حفيفِ اللَّيلِ، حبقُ النّعناعِ المستشري في صحارى الرّوح، أجنحةُ حمامٍ مرفرفة فوقَ ينابيعِ الخيرِ، مهارةُ سمكةٍ تعبرُ أعماقَ البحرِ لانتشالِ محارةٍ مكتنزةٍ ببخورِ العيدِ، خلاصُ الإنسانِ من ترّهاتِ الحياةِ، رحلةُ اخضرارٍ في ظلالِ العمرِ، موسيقى هائمة فوقَ وجنةِ الحلمِ، فوقَ أرجوحةِ الحنينِ، لغةُ نديّة من لونِ الشَّفقِ القزحيِّ، مناجاةُ الرُّوحِ للحميميات المختطفة من وجنةِ الحياة، حوارُ القلبِ معَ سكونِ اللَّيلِ، معَ خريرِ السَّواقي، معَ أغاني الغجرِ الصادحة في أعماقِ البراري.

الشِّعر هو الغدُ الآتي المسربل بالقرنفل، بسمةُ عاشقة متلألئة اهتياجاً فوقَ أمواجِ البحارِ، هو سديمُ الذَّاكرة المتلألئ حولَ مسقطِ رأسي، غفوةُ طفلِ بينَ أحضانِ أمّه، خيوطُ الضُّوءِ المنبعثة من مروجِ السَّماءِ، ذكرى معبّقة بعناقيدِ التينِ، بأيامِ الطُّفولة المزدانة بالأعشابِ البرّية، حنينُ المجرّة إلى وهادِ الأرضِ، طراوةُ ليالي الحصادِ المكتنزة بالسَّنابلِ، هو باقاتُ الحنطة المبعثرة على وجهِ الدُّنيا، هو دالياتي الخضراء، عناقيدُ عنبِ "البحدو والدارْ كفنارْ" التي قطفتها في صباحات ديريك الباكرة، هو شوقي العميق إلى أزقّتي الطِّينيّة، صوتُ المدفأة وهي تنشدُ أنشودةَ الدُّفءِ في ليالي الشتاءِ الطويلة، دبكةُ "باكيّة" في ليلةٍ منعشة محفوفة بالقهقهاتِ.

الشِّعرُ عشقٌ لا يقاوم، صوتُ فيروز في صباحاتي الباكرة، براعمُ شوقي العميق إلى أصدقائي الّذين تعفّرت وجوههم بضبابِ غربةِ هذا الزَّمان، هو حالةُ تجلٍّ متسامية مع هلالاتِ النُّجوم، ارتعاشاتُ عشقُ القمرِ لخدودِ البحرِ في ليلةٍ قمراء، شوقُ الجندي المرمى على خطوطِ الموتِ إلى أحضانِ الحياة، هو كلمة متراصّة بالمتاريسِ في وجهِ جلاوزةِ هذا الزَّمان، في وجهِ طغاةِ هذا العالم، هو تجلِّياتُ صعود الرُّوحِ فوقَ موجةٍ هائجة تحنّ إلى الارتماءِ بين أحضانِ الغسقِ، نقاوةُ الثلجِ وهو يهطلُ فوقَ جفونِ المساء، حديقة وارفة بالفرح، وداعُ الإنسانِ لوجهِ الثرى في ليلة مكتنفة بالآهات، آهات عبورنا للحياة، وآهات الرّحيل، هو دمعةُ أمٍّ قبلَ أن تودِّعَ غمائمَ الحياة.

الشِّعر حلمي المفهرس بأغصانِ البيلسان، هو أنثى معفّرة ببهجةِ الحياة، صديقةٌ غافية على خاصرةِ الرُّوحِ تنتظرُ نسائمَ البحرِ في ليلةٍ عذراء، هو قارئ مجهول يحبُّ حرفي وينتظره مثلَ طفلٍ ملحاح لمشاهدة هدايا العيد، هو وردة متفتّحة عند الضُّحى على إيقاعِ أجراسِ الرَّحيل، حالةُ إندهاشٍ على مدى رحابِ العمرِ، هو رحلتي الفسيحة في سماءِ غربةٍ مترجرجة بتدفٌّقاتِ لظى الاشتعال، هو غربتي العميقة في الحياة، أنشودتي الأزلية التي أغفو فوقَ خدودِها كلّ يوم، هو شهقتي الأولى عندما ولدتني أمِّي بين باقاتِ الحنطة وقمَّطتني بالسَّنابل لهذا أحنّ إلى اخضرارِها حتى في رحابِ الحلم.

الشِّعر صديقُ الكائنات كلَّ الكائنات، صديقُ اللَّيل والنَّهار، صديقُ البساتين والبحار والأنهار والصَّحارى المحفوفة بالرِّيح الهائجة، صديقُ البراري الوديعة والذئاب المروّضة على عبورِ البحرِ في عتمِ اللَّيلِ، هو أغنية مفتوحة على خاصراتِ الأماسي الغافية فوقَ أحلامِ البحار، هو عناقُ عاشقٍ لعاشقة من لونِ السَّماء، هو سيمفونية مكتوبة على إيقاعاتِ حفيفِ الرِّيحِ، هو بسمةُ طفلٍ في صباحٍ ممطر، هو لونُ البدايات والنّهايات، هو أسطورة مبرعمة في أعماقِ المغائرِ المنسيّة، هو صوتُ الضَّمير الحيّ في قلبِ الإنسان، هو محبّة الطَّبيعة والمروج المنعشة للروح، هو روحٌ هائجة متمرِّدة تعبرُّ ضجر الحياة بهمّة لا تلين، هو صوتُ الحنينِ الغارقِ في أعماقِ الذاكرة، هو الذاكرة المتلألئة في بحيراتِ المحبة، هو أمُّ الأمّهات وخصوبةُ الخصوبات، هو ترتيلة عشقٍ منبعثة من ضياءِ النُّجوم، هو نجمةُ الصَّباحِ في ليلة مهتاجة بالفرح، هو قصيدةُ حبِّ مفتوحة على شهيقِ الحياة!


ستوكهولم: 20 . 9 . 2005
صبري يوسف
كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم
[email protected]



#صبري_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رقصٌ منبعثٌ من تجلّياتِ الاشتعال
- 26 سليمة السليم
- جنّتي المفتوحة على شهيقِ اللَّيل
- 25 سميرة إيليا
- سنبلة شامخة في سماءِ ليلي
- 24 ازدهار محمد سعيد
- السَّلام أوّل اللُّغات وآخر اللُّغات، لغة رائعة منعشة للقلب
- 23 تحفة أمين
- 23 سعود قيس
- 21 سميّة ماضي
- 20 تورشتين يوريل
- 19 فلاح العاني
- 18 عباس خضير الدليمي
- 17 فائزة دبش
- 16 وفاء غالب
- 15 شاكر بدر عطيّة
- 14 ياسين عزيز
- 13 هناء الخطيب
- 12 مُضر بركات
- 11 حسين العلوي


المزيد.....




- مهرجان كان السينمائي: فيلم -رفعت عيني للسما- وثائقي نسوي يسر ...
- قرار مساواة الجلاد بالضحية .. مسرحية هزلية دولية بامتياز .. ...
- -أنتم أحصنة طروادة للفساد الاجتماعي-.. أردوغان يهاجم مسابقة ...
- آخر مرافعة لترامب في قضية الممثلة الإباحية ستورمي دانيلز الأ ...
- طريقة تنزيل تردد قناة توم وجيري الجديد 2024 نايل سات لمتابعة ...
- نتنياهو عن إصدار مذكرة اعتقال ضده من الجنائية الدولية: مسرحي ...
- كرنفال الثقافات في برلين ينبض بالحياة والألوان والموسيقى وال ...
- ما الأدب؟ حديث في الماهية والغاية
- رشيد مشهراوي: مشروع أفلام -من المسافة صفر- ينقل حقيقة ما يعي ...
- شاهد الآن ح 34… مسلسل المتوحش الحلقة 34 مترجمة.. تردد جميع ا ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - الشِّعرُ بهجةُ خلاصي من ضجرِ الحياةِ