أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - جنّتي المفتوحة على شهيقِ اللَّيل














المزيد.....

جنّتي المفتوحة على شهيقِ اللَّيل


صبري يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 3325 - 2011 / 4 / 3 - 06:18
المحور: الادب والفن
    


جنّتي المفتوحة على شهيقِ اللَّيل


كيف أبدأُ، وكيفَ أنتهي من كتابةِ القصيدة؟!
كيف أبدأ بكتابة القصيدة؟! لا أدري، وكيف أنتهي؟ لا أدري أيضاً، لأنَّني لا أنتهي من كتابة القصيدة أصلاً، لهذا نصوصي مفتوحة، وهذا ما قادني إلى التَّفكير بكتابة نصٍّ مفتوح، أنجزت منه قرابة ألف وثلاثمائة صفحة حتى تاريخة، وقد أنجزتُ الأجزاء الثَّمانية منه (800 ص) ونشرتها عبر الشَّبكة لكن بقية الأجزاء أصيغها وأبوِّبها كي أدرجها في سياق النصِّ المفتوح، بحيث تأتي الأجزاء بشكلٍ انسيابي!

نَفَسي في الكتابة طويل، تتدفُّق رؤاي وأفكاري وصور القصيدة غالباً بشكل عفوي وغير مقصود، فأحياناً أكتب نصّاً ما عن موضوعٍ ما، لكني سرعان ما أجنح بعيداً عمّا بدأتُ به وأتوه في عالم جديد لا رابط يربطه بما بدأت به وأترك العنان مفتوحاً لمخيلتي، فأنا من طبعي أحبُّ الحرية في الكتابة، حرّية بلا حدود، وبلا أيَّة قيود، حيث أنَّني أثناء لحظة الكتابة لا أفكِّر بأيّ عائق أو رقيب أو حسيب، أكتب بشراهة مكتنزة بالطيران، خاصّة بعد أن استخدمت نظام الوورد، الكتابة عبر الكومبيوتر، وأكثر من تسعين بالمائة من نصوصي خلال السنوات الأربعة الأخيرة كتبتها مباشرة على الكومبيوتر بدون أية مسودات لها، وأعود وأصيغها من جديد فيما بعد، وأحياناً كثيرة، تتغيَّر القصيدة أو النصّ أو القصّة أثناء صياغاتها، وأحياناً أخرى تولد فكرة من الفكرة التي أكتبها، فأكتب الفكرة الجديدة على قصاصة جانبية كي أعود إليها وأنسج منها نصَّاً جديداً، قصةً كانت أم قصيدة.

الكتابة هي زادي الثمين في الحياة، أكتب أحياناً ساعات طويلة، ساعات متواصلة يتخلَّلها استراحات خفيفة جدّاً، لكني أعود قبل أن أستريح وأنسج ما يغلي في داخلي، غليان حقيقي، نزيف شعري مهتاج في كينونتي، أفرح فرحاً انتعاشياً عندما أنجز النصّ الذي بين يدي، عندما أتفرَّغ من كتابته أتركه مفتوحاً لكني أنهيه عند نقطة مضيئة على تخومِ السُّؤال، عند جملة متراقصة بين أحضان القارئ، وأرقص كطفلٍ شاهدَ فجأةً لعبةً ثمينة!

يحتاجُ أيُّ عملٍ إبداعي على أيِّ صعيد كان إلى نوعٍ من العشقِ العميقِ، أشبه ما يكون بالترهبن! أنا لا أؤمن بمبدإِ الرَّهبنة بمفهومها التقليدي إطلاقاً، لكن الرَّهبنة من حيث العطاء في مجال إبداعي ما، تعجبني إلى حدِّ النِّخاع! وهكذا تبدأ نصوصي من حيث لا أدري وتنتهي من حيث لا أدري أيضاً، لكن الذي أدريه هو انني أشعر وكأني مختطف إلى واحات فرحيَّة عشقيّة أشبه ما تكون ببساتين جنان النعيم، لا أشبع من الكتابة مثلما لا يشبع العابر إلى جناتِ النَّعيم من النَّعيمِ، الكتابة جنّتي المفتوحة على شهيق اللَّيل، لهذا أراني سعيداً رغم شظف العيش الذي عشته وأعيشه، وأقولها علناً وبدونِ أيَّةِ مواربة، لولا الكتابة لما تمكّنتُ أن أصمدَ في وجه غربتي وفي وجه عذاباتي وفي وجه الظروف القاسية التي مررتُ بها وما أزال أمرُّ بها في سماء غربتي، وغربتي هي صديقتي الدًّافئة، لأنني عقدت معها معاهدة ودّية فسيحة، هي وهجي المتنامي فوقَ مرابعِ الحرفِ، لا تُقلِقني غربتي ولا انكساراتي، ولا هزائمي، أراني قويّاً في ضعفي، أزداد شراهةً في العطاء، شراهتي لا يرافقها شبعاً من بوحِ الكتابة.
همّي الوحيد وهدفي الوحيد في الحياة، هو التفرّغ كلّياً للكتابة والأدب والقراءة والفنِّ والعطاءِ، أشعرُ أنَّ هناكَ طاقاتٍ كامنة في أعماقي تحتاجُ إلى عوامل دافئة لاِدلاقها فوقَ مروجِ المحبَّةِ ووجنةِ القمرِ، كتبتُ مؤخَّراً قصصاً وقصائد، كانت أفكارها تراودني مثل الغمام منذ عقودٍ من الزَّمان.

ذاكرتي محفوفة بعبق الطفولة، واليفاعة والشباب، تتلألأ أمام ناظري محطات العمر التي قضيتها في ديريك بكل أتراحها وأحزانها، وغربتي! آهٍ .. يا غربتي المتهاطلة مثل بخورِ القصائد، أكتبُ أحياناً نصوصاً في الحلم، وعندما أنهض، أنبشُ خفايا الحلمِ، يتراءى لي الحلم سديمياً، ألتقطُ ما يمكن التقاطه ثم أغوصُ في حلمِ اليقظة والذاكرة البعيدة، أفرشُ خيالي بكل تلألؤاته فوقَ خيوطِ الحلمِ، تتراقصُ أحلام اليقظة مع أحلامِ النَّوم العميقِ ثم تسبحُ فوقَ رحابِ الخيالِ المتماهي مع تدفُّقاتِ خرير الذاكرة، أتركُ الحصادَ مفتوحاً لتماوجاتِ قلمي وأقطفُ ما يتّسعُ لحفيفِ القلمِ، دائماً أجدني غير قادر على لملمةِ جموحاتِ القصائدِ، الكتابةُ عاجزةٌ على ترجمة حالة الغليان، أقطفُ نصيبي من تواشيحِ الجموحِ وأتركُ ما يتوارى في خفايا حلمي، حلمي غير قابل للإمساكِ، لأنه يتشظّى مثل اِندلاعِ شراراتِ النَّيازكِ! آخذ ما يتناغمُ مع حفاوةِ حرفي وأتركُ ما يتوارى لما تبقّى من الزَّمنِ، ويراودني دائماً، هل سأستطيعُ عبرَ زمني الآتي، أن ألملمَ هذه الومضات الهاربة، وأفرشها بهدوءٍ حميم فوقَ هديلِ اللَّيلِ؟!


ستوكهولم: 7 . 3 . 2007
صبري يوسف
كاتب وشاعر سوري مقيم ي ستوكهولم
[email protected]
www.sabriyousef.com



#صبري_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 25 سميرة إيليا
- سنبلة شامخة في سماءِ ليلي
- 24 ازدهار محمد سعيد
- السَّلام أوّل اللُّغات وآخر اللُّغات، لغة رائعة منعشة للقلب
- 23 تحفة أمين
- 23 سعود قيس
- 21 سميّة ماضي
- 20 تورشتين يوريل
- 19 فلاح العاني
- 18 عباس خضير الدليمي
- 17 فائزة دبش
- 16 وفاء غالب
- 15 شاكر بدر عطيّة
- 14 ياسين عزيز
- 13 هناء الخطيب
- 12 مُضر بركات
- 11 حسين العلوي
- 9 منجد بدران
- 10 د. عماد زبير
- 8 كابي سارة


المزيد.....




- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - جنّتي المفتوحة على شهيقِ اللَّيل