أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - قاسم حسين صالح - سيكولوجيا الفوضى بين بغداد وبيروت














المزيد.....

سيكولوجيا الفوضى بين بغداد وبيروت


قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)


الحوار المتمدن-العدد: 2762 - 2009 / 9 / 7 - 10:13
المحور: كتابات ساخرة
    


زرت بيروت في تموز هذا العام ( 2009) فوجدتها كما وصفها نزار قباني: «هل بعدك يا بيروت من شعر يغنّى!» جميلة بأهلها، وبحرها، واعتدال حرارتها، وسهرها. فبيروت مدينة لا تنام. ولقد وجدت بينها وبغداد شبها كبيرا، بعكس ما وجدته في دبي التي أخشى عليها أن يأتي يوم تفقد فيه لغتها العربية!.
ولأنّ قدري النحس أقحمني في التنقيب عن أسباب الظواهر الاجتماعية والنفسية، فقد لفت انتباهي أن الفوضى المرورية موجودة في كل من شوارع بغداد وبيروت غير أن أسلوب تعامل الناس معها يختلف بشكل مدهش. فالفوضى المرورية في شوارع بغداد تؤدي الى توقف السير لربع ساعة او أكثر من ساعة، فيما السير في شوارع بيروت يكاد لا يتوقف رغم أن ازدحام السيارات في شوارع المدينتين هو نفسه.
واللافت أن الاشارات الضوئية المرورية في شوارع بيروت قليلة ولا وجود لها في تقاطعات كثيرة. ومع أن معظم شوارعها ضيقة ومزدحمة بالسيارات فان السير فيها لا يتوقف رغم عدم وجود رجل مرور ايضا! ولو أن مثل هذا الحال حصل في شوارع بغداد لتوقف السير لساعات.
وفكرت في الأمر فاكتشفت (!) نظرية اجتماعية في الفوضى، خلاصتها: «اذا طال أمد الفوضى لسنوات، وتولّد لدى الناس يقين بأن الحكومة عاجزة عن فرض النظام، تولّى هؤلاء الناس أمر تنظيم الفوضى بمسؤولية تضامنية، فيما تستمر الفوضى في المجتمع الذي يوكل أمر حلها للحكومة وحدها».
فاللبنانيون حين يئسوا من حكومتهم في معالجة الفوضى المرورية، عمدوا هم بعقلهم الجمعي ومستوى وعيهم الحضاري الى معالجتها بما يسهّل الأمر عليهم. فلقد لاحظت أن السائق اللبناني يستغل مسافة العشرة سنتمترات في تغالبه مع الآخر من دون أن يتضايق أحد أو يعدّه تجاوزا، وكأن شعارهم: «استغل أقصر مسافة في أسرع زمن واحرص على أن لا تجعل السير يتوقف»، بعكس السـائق العراقي في تغالبه مع الآخر، فهو أناني لا يفسح المجال لغيره حتى لو أدى سلوكه الى انغلاق السير، فضلا عن أنه عدواني وانفعالي ولا صبر لديه، فاذا ما توقف السير، كفر بالدنيا وسبّ وشتم واتهم الآخرين بالتخلف مع أنه سبب فيه.
ومع أن لهذه الفوضى غير العقلانية، عندنا، أسبابا كثيرة (الحروب، الاحتلال، الاحباطات المتراكمة) الا أن واحدا من أسبابها هو أن الشخصية العراقية، اعتمادية.. تريد من الحكومة أن تحلّ لها كل مشاكلها، وأنها لم تتعلم، كالشخصية اللبنانية، كيف تتعامل مع الأزمات بالاعتماد على نفسها، وأنها اذا انعدمت ثقتها بالحكومة لجأت الى الثقة بالآخرين لتسيير أمور حياتها. فنحن العراقيين، تشيع لدينا في أوقات الأزمات نزعة الشك، ليس بالحكومة فقط بل وبالآخرين ايضا، لسبب نفسي هو يقين العراقي بأن كل الأزمات من صنع الحكومات، فيعاقبها بترك حلّ الأزمة لها، بدليل أن الأسابيع الأولى بعد التغيير في 9-4-2003، حيث لم تكن هنالك حكومة، تولّى الناس من السواق والمارّة أمر تنظيم المرور والسيطرة على الفوضى. ذلك أن مزاج العراقي في حالات فرحه يعود به الى أصالته في سلوك الايثار والتعاون وتغليب المصلحة العامة.
وما نخشاه أن أصالة القيم والذوق العام تتآكل مع استمرار الفوضى. وعندها نكون أمام احتمالين: اما أن يستغني الناس عن الحكومة ويتدبروا أمورهم بأنفسهم، واما أن تنشغل الحكومة بأمر نفسها وتترك الناس. وهذا ما هو حاصل.




#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)       Qassim_Hussein_Salih#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحو فهم جديد لسيكولوجيا الشيخوخة
- العار ..للقتل غسلا للعار !
- التقاعد = مت وأنت قاعد!
- العراق : وطن بلا طفولة
- دلالات الرموز في أعلام دول العالم
- الحب في زمن الكوليرا
- تساؤلات محرجة ..في الدين - الحلقة السادسة - سيكولوجيا الدين ...
- تساؤلات محرجة ..في الدين - الحلقة الخامسة -سيكولوجيا الدين : ...
- تساؤلات محرجة .. في الدين - الحلقة الرابعة - سايكولوجيا الدي ...
- تساؤلات محرجة ..في الدين - الحلقة الثالثة - الدين والصحة الن ...
- تساؤلات محرجة ..في الدين - الحلقة الثانية - التطرفان الديني ...
- تساؤلات محرجة ..في الدين - الحلقة الأولى -
- خذوا الحكمة من جلجامش
- دلالات اللون في اعلام دول العالم
- في سيكولجيا المجتمع العراقي بعد نيسان 2003
- في سيكولوجيا الحزب الشيوعي العراقي
- الصحافة : مهنة المتاعب ..والنفاق ايضا !
- علي الوردي ..وازدواج الشخصية العراقية
- كلنا مصابون بحول في العقل !
- ضمير..سز


المزيد.....




- بورتريه دموي لـ تشارلز الثالث يثير جدلا عاما
- -الحرب أولها الكلام-.. اللغة السودانية في ظلامية الخطاب الشع ...
- الجائزة الكبرى في مهرجان كان السينمائي.. ما حكايتها؟
- -موسكو الشرقية-.. كيف أصبحت هاربن الروسية صينية؟
- -جَنين جِنين- يفتتح فعاليات -النكبة سرديةٌ سينمائية-
- السفارة الروسية في بكين تشهد إزاحة الستار عن تمثالي الكاتبين ...
- الخارجية الروسية: القوات المسلحة الأوكرانية تستخدم المنشآت ا ...
- تولى التأليف والإخراج والإنتاج والتصوير.. هل نجح زاك سنايدر ...
- كيف تحمي أعمالك الفنية من الذكاء الاصطناعي
- المخرج الأمريكي كوبولا يطمح إلى الظفر بسعفة ذهبية ثالثة عبر ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - قاسم حسين صالح - سيكولوجيا الفوضى بين بغداد وبيروت