أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - ابراهيم خليل العلاف - الاصلاح والغرب ..تجارب من التاريخ العربي الحديث















المزيد.....

الاصلاح والغرب ..تجارب من التاريخ العربي الحديث


ابراهيم خليل العلاف

الحوار المتمدن-العدد: 2564 - 2009 / 2 / 21 - 04:39
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


مركز الدراسات الإقليمية –جامعة الموصل
ليست دعوات الإصلاح والتغيير التي تنطلق اليوم من الغرب ممثلا بالولايات المتحدة الأميركية، والاتحاد الأوربي، بجديدة على المنطقة العربية.. إن كان ذلك على الصعيد الرسمي أو على الصعيد الشعبي.. ومما يؤسف له ان النتائج التي تمخضت عن الأخذ بأساليب التغيير والإصلاح الغربية، كانت وبيلة؛ إذ أسهمت في أمرين اثنين مهمين: أولهما وقوع حالات من التفكك السياسي، والانحطاط الاجتماعي، والتخلف الاقتصادي. وثانيهما نجاح الغرب في الوصول إلى المنطقة والتحكم في مقدراتها. ولنبدأ أولا بما يعرف في التاريخ الحديث، بحركة الإصلاحات والتنظيمات (العثمانية) فنقول، أن تلك الحركات، بقدر ما كانت استجابة لدعوات الإصلاح الأوربية، فإنها استهدفت الإجابة على سؤال جوهري وهو لماذا تخلفنا وتقدم غيرنا؟.
لقد شهدت الدولة العثمانية، والولايات العربية ومنها، ولايات العراق الثلاث: بغداد، والبصرة والموصل ضمنها منذ منتصف القرن الثامن عشر، محاولات عديدة لإصلاح نظمها ومؤسساتها الإدارية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية. وجاء ذلك بعد أن أدرك المسؤولون العثمانيون، ان نظم الحكم العثمانية، ومؤسساتها العسكرية، وهياكلها الاقتصادية، أصبحت غير قادرة على استيعاب التطورات الحديثة التي شملت مجالات الحياة المختلفة في أوربا وظهر ذلك واضحاً في سلسلة الهزائم العسكرية التي منيت الدولة العثمانية نتيجة تمسكها بتقاليدها القديمة وتكتيكها الحربي القديم، فاضطرت إزاء ذلك إلى التوقيع على معاهدات مهينة. والذي يهمنا هنا الإشارة إلى ان دعاة الإصلاح في الدولة العثمانية انقسموا إلى فريقين، ذهب كل منهما مذهبه في سبل الإصلاح، فالفريق الأول كان يرى ان العلاج يكمن في تطبيق الأنظمة الإسلامية والتقاليد العثمانية الأصلية. أما الفريق الثاني، فقد ارتأى ان الإصلاح في الدولة العثمانية يستلزم "اقتباس النظم الأوربية واستلهامها". ولقد أدرك هؤلاء ان القوة الأوربية لا تقاوم بالارتداد إلى الإسلام الأول، أو الاعتصام بالأساليب العثمانية الأولى، بل السير في الطريق الذي أوصل أوربا من الضعف إلى القوة ومن الهزيمة إلى النصر. ويظهر ان نجاح الأقطار الأوربية آنذاك في الامور العسكرية وفي تطوير أنظمتها الاقتصادية واندفاعها في سبيل النهضة الشاملة بسرعة متزايدة رجح كفة الفريق الثاني. وعليه فقد صارت حركة الإصلاح تستهدف تطبيق القوانين والأنظمة الأوربية مع عدم التفريط بأحكام الشريعة الإسلامية. ويمكن هنا التذكير ببيانين مهمين نظما الحياة العثمانية منذ أواخر القرن التاسع عشر هما مرسوم خط شريف كلخانة 1839 ومرسوم خط شريف همايون1856 ومع ان صدور هذين المرسوم استهدف الحيلولة دون تدخل الدول الأوربية في الشؤون الداخلية للدولة العثمانية بدعوى حماية الأقليات المسيحية وغير المسيحية بعد تأكيد مبدأ المساواة والحرية الا ان المرسومين بعد تبني سلسلة من الإجراءات والتشريعات والقوانين الأوربية الحديثة فتحا الباب للتغلغل الأوربي وبكافة أشكاله، ومنها بالطبع تغلغل الإرساليات التبشيرية والهيئات الدبلوماسية والقنصلية إلى معظم مدن الدولة العثمانية ومما ساعد على ذلك ان الطبقة البرجوازية العثمانية الناشئة في استانبول والمدن الكبرى أخذت بالظهور بعد التطور الاقتصادي وازدياد الاستثمارات المالية الأجنبية وتأسيس البنوك والمؤسسات المالية، ولم تكتف هذه الطبقة بالنجاح الاقتصادي الذي حققته على صعيد الاستيراد والتصدير، وإنما راحت تساند أي اتجاه إصلاحي يسير نحو التخلص من الأوضاع الإقطاعية المختلفة السائدة في الدولة العثمانية ودعمها في هذا التوجه نخبة من المثقفين أو ما يسمى بالانتلجنسنيا.
دخلت المدرسة الحديثة، ودخل القانون الحديث ودخلت الطباعة وظهرت الصحافة وتأسست المستشفيات الحديثة، وتراجع دور علماء الدين وبدأ المثقفون الذين تمثلوا بالأفندية والضباط والمعلمين والمحامين والمصرفيين يمارسون نشاطهم، فتأسس الحزب الحديث ليحل محل التجمعات الطائفية والعرقية والمذهبية والعشائرية ودعمت ثورة 1908 الدستورية كل الدعوات إلى الحرية والسيادة والعدالة والمساواة وكان محمد علي باشا في مصر (1805 – 1849) ومدحت باشا في العراق (1869 – 1872) ثم في سوريا وغيرهما في الولايات العثمانية يرفعون شعارات التحديث والإصلاح، وظهر تأثير حركة الإصلاح العثمانية واضحاً في الأقطار العربية.. في مصر وبلاد الشام والحجاز واليمن وتونس وكل المنطقة العربية وطبق نظام الولايات وتوسعت رقعة المواصلات وتأسست المكتبات والمدارس العالية وحُّدثت نظم التعليم وحلت مشكلة توطين العشائر.. وتأسست أنظمة جديدة للضرائب والأوقاف والزراعة والصناعة والتجارة وسرعان ما تحولت بعض المناطق في الولايات العربية إلى ساحة للصراعات والتنافسات الأوربية ويعد العراق والخليج العربي مثالاً بارزا على ذلك.
ومع حركة الإصلاح هذه ذات الطابع الرسمي، شهد الوطن العربي حركات تجديدية ذوات طابع ديني، وقد تجاوزت بعض تلك الحركات اسلوب الدعوة المحض إلى الإصلاح لتتبنى شكل الثورة المسلحة ضد النظم الحاكمة المتهرئة وضد التغلغل الاستعماري الأوربي في الولايات العربية، ومن ابرز تلك الحركات الوهابية والسنوسية والمهدية.. كما ظهر مفكرون ورجال نهضة عرب اخذوا على عاتقهم الدعوة إلى الإصلاح والتغيير ومما ساعدهم على ذلك تنامي الوعي القومي الذي اسهموا في خلقه، وسبقت الوعي القومي هذا نهضة فكرية بدأت منذ منتصف القرن التاسع عشر، وشملت مختلف جوانب الحياة العربية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وقد ذهب مؤرخو عصر النهضة العربية الحديثة مذاهب شتى في عرض الاتجاهات الفكرية التي شهدتها المنطقة العربية ولكنها لاتخرج برأينا عن الاتجاهات الدينية والقومية والاشتراكية والليبرالية.. وكان لكل توجه ممثلين بارزين معروفين اثارت سيرهم الذاتية الكثير من الاهتمام والجدل ليس هنا محل مناقشته، لكن مما يمكن الوقوف عليه ونحن ننتهي من هذا التلخيص ان الغرب بقدر ماكان يدعو إلى الإصلاح والتغيير ويساند حركاته، لكنه قام، بسبب أطماعه في المنطقة العربية، بعرقلة هذا الإصلاح والتغيير بل وبتشويه صورته، وكلنا يعلم ماذا حل بتجربة محمد علي باشا في مصر وكيف ان الغرب حجّم هذه التجربة ووضعها في غير سياقها التقليدي بالانسياح نحو الأرض العربية المجاورة لمصر عندما كبل مصر بمعاهدة لندن 1840 ثم الإقدام على احتلالها سنة 1882.. كما ان تجربة الإصلاح والتحديث العراقية في عهد مدحت باشا انتهت بالاحتلال البريطاني للعراق أبان الحرب العالمية الأولى، وهكذا فان الدرس التاريخي الذي ينبغي ان نعيه ونحن نواجه دعوات الإصلاح الجديدة الصادرة من الغرب، هو ان الإصلاح والتغيير لابد وان يكون محلياً، والدوافع اليه لابد وان تكون نابعة من ارض المنطقة ومياهها وقيمها ومبادئها فلا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.. وكما قال احد المسؤولين العرب، لنحلق رؤوسنا قبل ان يحلقها لنا الآخرون..






#ابراهيم_خليل_العلاف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدكتور عبد الواحد لؤلؤة وحركة الترجمة العربية المعاصرة
- داؤد يوسفاني ودوره في تأسيس الدولة االعراقية الحديثة
- الضابط الموصلي جمال جميل في اليمن 1940-1943
- داؤد باشا وريادة حركة التحديث في العراق!!
- السيد عبد الرزاق الحسني وجهوده في ارساء اسس المدرسة التاريخي ...
- الدكتور عواد مجيد الاعظمي 1928-1986 واسهاماته في مجال الدراس ...
- النظام السياسي العربي والاقليمي من التاريخ الى المستقبل !!
- مركز الدراسات الاقليمية بجامعة الموصل يعقد ندوته ال29 حول (( ...
- السفن والمراكب في الخليج العربي .. قصة كفاح مجيد
- دار المعلمين العالية (العراقية ) 1923-1958 وذكريات مظفر بشير ...
- الدكتور خضر جاسم الدوري 1938-1995 وألتاريخ الاقتصادي والاجتم ...
- وقفة مع استاذي الدكتور حسين أمين
- الاستاذ الدكتور ياسين عبد الكريم وموقعه في المدرسة التأريخية ...
- محمود عطار باشي ..من رجالات التربية والتعليم في العراق 1917- ...
- مع كتاب (تأريخ الطباعة والصحافة في كركوك لعطا ترزي باشي )
- مع الدكتور محمد صديق الجليلي وقصة اللقاء الاول !!
- الدكتور حسين علي محفوظ .. مدرسة في التأصيل والوحدة
- موقع الدكتور جلال الخياط في حركة الثقافة العراقية المعاصرة
- الدكتور محمد صالح القزاز 1928-1979 والتوثيق للفترة المتأخرة ...
- الدكتور عبد الاله أحمد والتأريخ لحركة الادب القصصي في العراق


المزيد.....




- فيديو يظهر تصرفا غريبا لشرطي أمريكي أمام حانة.. أشعل سيجارًا ...
- كيف كشفت صحفيتان كوريتان عن فضائح جنسية خطرة لنجوم كبار في ع ...
- غالانت يهاجم نتنياهو: هل بدأ تبادل الاتهامات بين الحكومة الإ ...
- حقوق مجتمع الميم في أوروبا.. مالطا تحتفط بالصدارة
- أغذية لا ينصح بها على متن الطائرة
- نتنياهو: منفتح على فكرة تولي فلسطينيين محليين إدارة غزة إلا ...
- سيرسكي: أوكرانيا تتخذ الاستعدادات للدفاع في مقاطعة سومي
- بوتين يصف الخطط الروسية الصينية لاستكشاف القمر بأنها -مثيرة ...
- بوتين يتحدث عن مهام بيلاوسوف وشويغو
- نزوح فلسطيني جديد من رفح


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - ابراهيم خليل العلاف - الاصلاح والغرب ..تجارب من التاريخ العربي الحديث