|
صَرحُ الوحدةِ الوطنيةَ
ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)
الحوار المتمدن-العدد: 2462 - 2008 / 11 / 11 - 06:35
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
( من الأخطاءِ الجسيمة التي إرتكبها بول بريمر* حلّ الجيش العراقي والقوات المسلحة الأخرى مما أدّى إلى الفوضى ، ولم يحقق الغرض المرجو ) عبارة غبية رددها الكثير من المحسوبين على من يُسمّون بالمحللين السياسيين أو أصحاب الفكر والعاملين في السياسة ، ثمّ تناولها الصغار من الكتاب بإعادة إجترارها حتى أصبحت ، بما قدّم لها من فلسفة في التبريرات ، بمثابة حقائق لا تقبل النقاش .
لم يكن بول بريمر رجلاً منقطعاً عن الإدارة الأمريكية وتوجيهاتها عندما كان الحاكم المدني بإسم القوى المحتلة . ولم يكن يتخذ قراراً بدون توجيه من رؤسائه . إنه كان ، وبكلمات واضحة ، الأداة المنفذة للسياسة المحققة للمصالح الحيوية للولايات المتحدة في العراق . وإن كان قد إتخذ قرار حلّ القوات المسلحة العراقية فإنما نفذ أوامرأمليَت عليه . ومن يظن أنه كان غافلاً عن ما أدى إليه القرار من نتائج فذلك سطحيّة لا تمتّ إلى التفكير والتحليل السليمين بشيء . إن مثل هذا الظن المبسّط للموضوع مصدره الإلتباس في تشخيص الفرق بين الغرض الذي ينشده المحتل وما يتأمله الشعب العراقي . إن مصالح الولايات المتحدة مرتبطة في إحتواء العراق سواء بالقوة العسكرية أو بتنصيب أقزام يحكمون بإسمه . وهذا لن يتأتى ما دام في العراق شعبٌ موحّدٌ بقيادات أحزاب وطنية تناضل من أجل تحقيق الحرية وإستكمال السيادة . إنّ حل القوات المسلحة ، وبذر الشقاق بين الحركات السياسية وتهميش القوى الوطنية الصلبة هي الوسائل التي تضمن للولايات المتحدة تحقيق أغراضها . والسنوات الخمسُ المنصرمة كشفت كيف توجهت سفينة العراق . إن مجرد التفكير أن بريمر قد أخطأ هو سذاجة في التحليل السياسي .
لم يكن حل القوات المسلحة العراقية سوى جريمة كبرى مخطط لها ومدروسة النتائج . وإن كانت هذه الجريمة محل نقاش ، حتى وإن كان نقاشاً ساذجا ومسطّحاً ، إلاّ أنها ليست إلاّ واحدة من سلسلة من الجرائم التي لم تأخذ تلك الأهمية من قبل المحللين السياسيين .
لم يكن قرار بول بريمر إلغاء التجنيد الإلزامي أقلّ تأثيراً على الوضع العراقي ومصيره من قرار حلّ القوات المسلحة . إن الجيش العراقي في ظلّ نفاذ قانون التجنيد الإلزامي كان يتكوّن من جميع مكونات الشعب دون تمييز وبذلك كان النموذج الأمثل للشعب الموحّد . إن الإنتماء إلى هذه المؤسسة لم يكن إختيارياً ومسرحاً تتلاعب فيه أهواء التيارات السياسية ذات الولاءات المختلفة والمتطاحنة في الكثير من الأحوال . الجيش يمثل المؤسسة التي يؤمّل منها أن تكون الحارس الأمين للعراق ، وبالتجنيد الإلزامي الذي يحدد عمراً معيّنا للعراقي يلزمه الإنتماء إليها دون تمييز بينه وبين غيره لأي سبب يجعل الجيش بمنآى عن تلاعب تلك التيارات السياسية . وبالتالي عدم قدرة أية جهة لحرفه عن واجبه الأساسي .
لقد كان الواجب على الحكومة أن تنتبه ، في إطار محاولاتها الفاشلة لبناء الوحدة الوطنية ، أن الصخرة الصُلبة التي تتهشم عليها التفرقة العنصرية والطائفية وأدواتها من تكتلات وميليشيات خارجة عن سلطة الدولة هي بإعادة العمل بالخدمة الإلزامية وتفعيل القانون الإجرائي الذي يحميها ( قانون العقوبات العسكري ) الذي يضمن صلابتها وقوتها وحياديتها .
بناء جيش عصري قوي في العراق لا يمكن أن يتحقق بالتطوّع والتعيين الذي تعمل به المؤثرات السياسية المختلفة فيكون في جميع الأوقات معرضاً للتفكك . فعليكم بالعودة إلى المنطق السليم وبناء الصّرح الأساسي للوحدة الوطنية .
* بول بريمر الحاكم المدني ( أمريكي الجنسية ) حكم العراق بإسم قوات التحالف بعد إحتلال العراق في 2003
#ييلماز_جاويد (هاشتاغ)
Yelimaz_Jawid#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في الوحدةِ الوطنيةِ
-
بِناءُ الوحدةِ الوطنية
-
الإنتقائيةُ في الدينِ كُفرٌ
-
الهويّة والإرادة المستقلّة
-
الماضي والحداثة
-
في الليلة الظلماءِ يُفتَقَدُ البَدرُ
-
التوافُق وما أدراكَ ما التوافُق
-
عَجَبي منَ المشعوذين
-
جليسٌ طائفي
-
نحنُ المخرّبون .. دونَ أن نَدري
-
لعنةُ الفُرقة
-
ما العمل ؟
-
ما نوافق .... ها ها ها ...
-
الرّجولة الحقّة
-
عودةٌ لِبدء
-
لَعِبٌ جَديد
-
وَما أدراكَ ما الكذب
-
الأمَميّةُ هي الحلّ
-
مَن يَخدمُ مَن ؟؟؟
-
سمكُ الجرّيّ ومؤتمرُ القمّة
المزيد.....
-
شاهد: مظاهرات غاضبة في أرمينيا تطالب رئيس الوزراء بالاستقالة
...
-
بوتين للغرب.. لن نسمح بتهديدنا وقواتنا النووية متأهبة
-
إصابة عنصري أمن بالرصاص داخل مركز للشرطة في باريس
-
-إصابة شرطيَين- برصاص رجل داخل مركز للشرطة في باريس
-
مصر.. أسعار السلع تتراجع للشهر الثاني على التوالي منذ -تعويم
...
-
ألعاب نارية مبهرة تزيّن سماء موسكو تكريما للذكرى الـ79 للنصر
...
-
-هجوم جوي وإطلاق صواريخ متنوعة-.. -حزب الله- ينشر ملخص عمليا
...
-
روسيا تجهز الجيش بدفعة من المدرعات وناقلات الجنود المعدّلة (
...
-
شاهد: لحظة اقتلاع الأشجار واحدة تلو الأخرى بفناء منزل في ميش
...
-
شاهد: اشتعال النيران بطائرة بوينغ 737 وانزلاقها عن المدرج في
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|