أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - إبراهيم اليوسف - سعيد دوكو.. حقا إني بكيتك














المزيد.....

سعيد دوكو.. حقا إني بكيتك


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 1943 - 2007 / 6 / 11 - 12:41
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


لم يكد أيار يجر أذياله، في يومه الأخير، حيث حقول القمح التي تواصل كرنفالها السنوي الموقوت، حتى سرعان ما انتشر، وبسرعة البرق الخبر الأليم: رحل سعيد دوكو!
شخصياً، لم أتمكّن من تصديق النبأ، وأنأ أتلقّاه من محدثي على الهاتف، تحت سطوة لهيب الصيف الجزريّ الذي يبلغ أوجه، لأسبح في بركة من العرق، وتتحجّر في مدمعي عبرة: كيف يموت أبو ماجد.؟!






لم أتلكأ وأنا أعتصر ذاكرتي، لأعرف أنني ألتقيته لآخر مرة، في الأول من أيار نفسه، في هذا العام ، وهو يملأ الكرسيّ، بجسده المنهك، يتابع وقائع الاحتفال بهذا العيد، الموعد نفسه الذي دأبت أن ألتقيه فيه، وخيرة قليلة من المخلصين أمثاله، ممّن لا يتعاملون مع رؤاهم بغرض الاستعراض، أو المكاسب المرذولة، بل وسرعان ماتذكّرت لقاء آخر قبله، بأيام قليلة في عزاء صديق مشترك لنا، وهو يفرد ذراعيه، يحتضنني، على عادته، منذ أن تعارفنا تحت خيمة الحزب الشيوعي السوري، منذ حوالي ربع قرن، لأجده واحداً من قلة قريبة منّي، يعاملني دائماً بروح أبوية، أبية، غير مشروطة في تبنّي موقف عابر، أو مصلحة مرذولة، كما سأجد كثيرين ممن (طاروا) بعد تحقيق مآربهم، أو ممّن نما ريشهم، ولم نكن نتلكأ في تسميتهم نهازاً نهازاً، وكانوا الأقرب إلينا من الظلال..!






حقيقةً، لقد وجدت في الحزب الشيوعي السوري، وأنا أعمل ضمن الحقل الثقافيّ فيه على امتداد سنين طويلة، عالماً خاصاً، هو في النهاية صورة عن العالم المحيط نفسه، وطبيعي أنه في مثل هذه الحال، ألتقي بأشخاص من مختلف الأصناف، ليستوقفني من بين كل هؤلاء ، الذين ينذرون أنفسهم لرؤاهم، وقناعاتهم، ولقد كانوا عموماً من الرعيل الأسبق الذين خاضوا المعارك الطبقية، ولم تنحن هاماتهم أمام جور سلطان، أو وعيد باغ، وهم يقبضون على جمر النضال، يحاربون بلا هوادة، ماداموا قريبين من نظريتهم، وهم عموما أولاء الذين لم يستسيغوا تلك التنازلات الهائلة لحزبهم في مختبر الجبهة الوطنية، يوماً تلو آخر يرفعون أصواتهم المعارضة ضمن صفوف الحزب، بل وخارجه، وهو ماسيؤدّي بهؤلاء ليدفع كل منهم الضريبة على طريقته، ولقد كانت ضريبة أبي ماجد دخول السجن أكثر من عامين بسبب تلفيق تهمة كاذبة بحقه، نتيجة نضاله في منطقة – ديرك – المالكية، ولم يفرج عنه إلا بعد تدخل شخصي من الرفيق خالد بكداش حينما حدث الرئيس الراحل حافظ الأسد بذلك.
عموماً، أبو ماجد، أحد هؤلاء الذين لا يمكن لمقال عابر كهذا تناول سيرة حياتهم، لأنه من ذلك النمط من الرّجال الحقيقيين، ممّن ناضلوا، دون أن يفكروا بأنفسهم، ليدفعوا ثمن ذلك غالياً على حساب لقمة بنيهم..!



ولعلّ ماكان يعجبني في الرجل وفاؤه لمبادئه وشجاعته وبأسه وحكمته، ورؤيته الثاقبة، وقبل كل ذلك حسن فهمه لتلك العلاقة الحقيقية بين ماهو أممي وما هو قومي، بعيداً عن الرّوح العدمية التي ارتمى في فخاخها سواه، وكذلك بعيداً عن الشوفينية قاصرة الرؤى، وهو ما شدّه إلي كثيراً على اعتباري لم أساوم مرة على قضية بني جلدتي من الكرد، لأراه أحد الذين وقفوا إلى جانبي، واحتضنوني، وشدوا من أزري، مدافعاً عن رأيي في وجه من كان يحاول قمعه، أنى استطاع، بعكس من كان يحاربني لأغراض مرذولة، لمواجهة هذه الخصيصة التي لم أتخلّ عنها يوماً، ضمن قهم خاص أدفع ضريبته على أكثر من صعيد..!
إن الغياب الأخير لأبي ماجد، وهو في ذروة يناع الحكمة، ليشكّل حقا خسارةً كبيرةً، فادحةً، ليس لأسرته وأصدقائه ومحبيه، ضمن دائرتهم الضيقة فحسب، بل ولمجتمعه وبلده، لأنه كان أحد المناضلين الاستثنائيين الأشدّاء الذين لم تلن لهم قناة في مواجهة آلة الخطأ، أينما كانت، وهو ما جعل أبا ماجد يدفع ثمن تلك الروح، كمن سبقه، أو واكبه، بل وسيليه، ضمن دورة الحياة، وصراع الخير والشر، ليعيش حياة فقر، بإباء، ويتلقى الطعنات، من كل حدب وصوب، ولعلّ أبخسها طرّاً، هي تلك التي تباغتها الأيدي التي لم تتلق منها سوى الدفء والحبّ والحنان والخير، ولنا في هذا وذاك أمثلة، لما تزل شاخصة على مرأى الأعين..!
أبا ماجد، صديقي الطاعن في الحكمة، يقيناً إني بكيتك ....!
■■





#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مالم أتمكّن من قوله في بضع دقائق متلفزة:
- خليل عبد القادر : راكضاً تحت ثقل امبراطورية وحرائق....!
- خليل عبد القادرراكضاً تحت ثقل امبراطورية وحرائق...!
- الكرد - أنترنيتياً
- سوريا وكردها:بريد يعج ّ برسائل متناقضة من النظام
- أسئلة صارخة في محراب الذكرى الثالثة لانتفاضة آذار
- أحد بلا ساعة يد
- رسالة مفتوحة إلى محيي الدين شيخ آلي:
- ما أشبه الطعنة بالطعنة : في ذكرى الشهيدين الكرديين كما ل أحم ...
- كرد سوريا : صقور وحمائم..!
- ثلاث قصص طويلة جداً
- إعلان دمشق بعد عام من انطلاقته
- إعدام الاستبداد: رسائل تصل سريعاً....!
- سليم بركات يكتب بالكردية...!
- حوار مع الشاعر إبراهيم اليوسف: المرأة جزء رئيس في الفضاء الش ...
- أما آن الأوان لملف الإحصاء الجائر أن يطوى
- مهن ممتهنة
- المثقف الكردي قابضاً على الجمر
- حين يكون المثقف الكردي بين نارين
- خمس وأربعون دقيقة كردية في قصر الضيافة الدمشقي


المزيد.....




- -لم أستطع تجاوز الأمر-.. روبرت إيفريت يقول إنه طُرد من مسلسل ...
- بركان بروسيا يثور بعد قرون من السكون.. هل الزلزال هو السبب؟ ...
- غارات إسرائيلية تستهدف مقر الهلال الأحمر الفلسطيني في غزة
- لبنان على مفترق حاسم حول ملف السلاح.. وزير العدل: لن نسمح ل ...
- تصعيد جديد في السويداء.. خرق لوقف إطلاق النار ووضع إنساني يت ...
- البطاطا تنحدر من الطماطم! .. كشف أصل غذاء البشر الرئيسي
- صحف عالمية: البحث عن طعام قاتل كما الجوع بغزة ومفتاح الحل مع ...
- أسانج يشارك في مسيرة حاشدة مؤيدة للفلسطينيين في سيدني
- مناورات بحرية روسية صينية في بحر اليابان
- مسيرات في الضفة تضامنا مع غزة وبن غفير يجدد دعوته لاحتلال ال ...


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - إبراهيم اليوسف - سعيد دوكو.. حقا إني بكيتك