أللعراق مصلحة في الغاء عقوبة الاعدام

خالد عيسى طه

الحوار المتمدن-العدد: 1943 - 2007 / 6 / 11 - 12:54
المحور: الغاء عقوبة الاعدام
    

العالم الثالث .. يزحف بثبات وان كان بطيئا نحو مفاهيم حضارية ، انسانية . كأن عدم استقراره هو العامل في تمسكه بأمور كان يعتقد انها ثوابت .. منها القتل الجماعي .. الاضطهاد العرقي .. اهدار الكرامات والحريات الشخصية وكافة حقوق الانسان تحت شعارات العنف الثورى او لارحمة بالاعداء ومن ليس منا فهو ضدنا بل اعتبروا تصفيته واجب وطني .. كل هذا من اجل بقاء الحكم والسلطة بيد من يقترف كل هذه الموبقات .. والتجاوزات على القوانين .. والتشريعات التي هو بذاته شرعها .. لتكون واجهة له بأدعائاته الفارغة من ديمقراطية .. وحرية.

نعم ... العراق في حالة فوضى امنية وقد فقد عنده حتى الاحساس بالامن .. وهو في عقر داره او جني في غرف النوم ... وهذا كان على شكل محدود ايام النظام السابق اذ ان بعض الفئات التي لم تكن تدخل في عقل النظام تجرى تصفيتها بكل قسوة .. ولكن لايقف سور او باب مانعا من تجسس المخابرات على مايدور بين اربعة حيطان .. والان وللاسف ان حالة ممارسة مخابرات صدام توسعت وشملت الكل .. فكل دور العراقيون تحت مجهر المراقبة وعيون المرتزقة واعوان الاحتلال او من فئات اخرى مثل اصحاب الاعمال الشريرة .. القتلة والمختطفين الناحرين للاعناق من مجرمين افراد عصابات الجرائم المنظمة كالسرقة والاغتصاب والا عتداءات الاخرى . كل هذا واضح جدا ولكن عقوبة الاعدام لاتكون مخرجا له .. وليس العنف والقصف والتدمير للمدن والبيوت علاجا لما يجرى الان من امور تشب لها الولدان .
وعلينا ان نفهم مايراد في تطبيق الاعدام .

الاعدام : تعريفا هو انهاء حياة انسان عن طريق الشنق او الكهرباء او الرصاص . وهذا يطابق النصوص القانونية سواء كانت القوانين العقابية او القانون الخاص بالسجون . وعملية الاعدام قاسية بشعة .. من المؤسف ان عايشها كاتب هذه السطور على فترة سنين عديدة في سجن ابو غريب على عهد النظام السابق وبالتحديد الشنق .. حيث ان صدام هيأ قاعة يستطيع ان يشنق بها عشرة اشخاص مرة واحدة .
وكنا نحن ضحايا ظلم النظام نعيش الارهاب وعلينا ان نتابع ارهاب الاعدام فكأننا ندخل في ارهاب الارهاب .. وعلى مدى سنين .
ومع ذلك وما يجرى الان في بغداد والمدن الاخرى من فوضى وارهاب فاني لااستطيع ان اقنع ذاتي بأن على السلطة العودة لهذه العقوبة وذلك لسببين مهمين:
اولا: اكثرية مايحدث من جرائم .. يقوم بها افراد الجيش الامريكي .. فالطائرات التي تقصف امريكية .. والمدافع امريكية والمجزرات ( الدبابات ) كذلك امريكية ومن يستعمل حصار المدن وتهديم البيوت هم افراد بالجيش الامريكي .. واذا اردنا ان نطبق عقوبة الاعدام .. فهذا يجب ان يشمل مئات بل الاف الامريكان . ولكن هل يعلم العراقيون مبدأ عدم امكانية محاكمة اى جندى امريكي بما يقترفه من جرائم وان القوانين العراقية لاقدرة لها لاحالته الى القضاء العراقي .. اذا فان قوانين امريكية هي مرجع مقاضاة الجنود الامريكان سواء اكانت محاكم انضباطية عسكرية .. او محاكم جنائية ..
الامريكان انفسهم قد الغو عقوبة الاعدام في بعض مقاطعاتهم .. ولكنهم حريصون على دفع الحكومة المؤقتة على اعادة تشريع هذه العقوبة .. بعد ان اصدرت القيادة الامريكية ايام (بول بريمر ) تشريع قانون العقوبات نصا صريحا على الغاء هذه العقوبة. اراد بهذا الالغاء بعد فهمه ان العراقيون سيشكلون حلقات رقصا ودبكا .. مهللين ومرحبين لاحتلالهم...
ولكن الان وبعد ان ناش جمرة القتل لافراد الاحتلال وجنودهم .. اخذوا يحرضون حكومة العراق وعلى لسان وزير العدلية ضرورة تطبيق هذه العقوبات على اوسع نطاق . بل يريدون اكثر واكثر .. اليس هم الذين فعلوا مافعلوا في العراقيين والعراقيات في سجن ابو غريب من جرائم اخلاقية هزت مشاعر وضمير شعوب العالم .
ثانيا: ان الاعدام وحده ليس مجديا في اطفاء جذوة العنف .. وليس العنف طريقا لعقاب الافراد الخارجين على القانون فالاعدام هو انهاء حياة انسان قسرا اى ابعاده جسما وروحا عن المجتمع وبعقوبة وقصاص تجعله عبرة للغير تطبيقا للاية القرآنية الكريمة ( ولكم في القصاص حياة ) اما السجن المؤبد فهو انهاء علاقة المجرم مع مجتمعه دفعا من ضرره .. واذا آمنا ان السجن يكون اصعب من الاعدام احيانا .. بدليل ان الكثير من السجناء يحاولون الخلاص من الحياة بأى طريقة تصل يدهم اليها . لذا انا مع الغاء عقوبة الاعدام .. ومن المفهوم ان يشرع تكرار عقوبة السجن المؤبد عدة مرات ولا تحدد بخمسة وعشرون سنة كما ينص عليها القانون العراقي . ولنا في التطبيقات الاسرائيلية واقعا ملموسا .. اذ ان القوانين الاسرائيلية تجوز تكرار المؤبد خاصة في حالات النظر في قضايا الفلسطينيين الذين يقارعون الاستعمار ويحاربون الجيش الاسرائيلي ويرفعون شعارات ثورة حتى النصر والقدس عاصمة ابدية .. ومع ذلك فان الاسرائيليين لايقدمون على اصدار حكم الاعدام بهؤلاء المتهمين بالرغم من قسوتهم في قتل الاطفال والنساء ومحاولة سحق الانتفاضة بكل طرق القمع . والحكمة من هذا ان اسرائيل ترغب باظهار تمسكها بالديمقراطية والمبادىء الحضارية بالغاء عقوبة الاعدام .
اليس العراق مؤهلا اذا تمسك بالديمقراطية التي يتشوق اليها كل العراقيين في الغاء عقوبة الاعدام وتحت كل الظروف . هذا هو المنطق السليم والبعيد عن المزايدات اللفظية والتقرب الى سلطة الاحتلال التي لو استطاعت لرمت عو ثقاب على كل سكان العراق واحرقتهم مرة واحدة ليكون العراق بدون ناس يقاومون وجودهم .

#خالد_عيسى_طه (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل