أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - عادل الامين - الغجر..أول دروس الحرية














المزيد.....

الغجر..أول دروس الحرية


عادل الامين


الحوار المتمدن-العدد: 1937 - 2007 / 6 / 5 - 05:11
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


عندما كنا أطفال في مدينتنا عطبره،كنا نراهم يأتون من الشمال رجال ونساء وأطفال يشبهون الملائكة،نحن نسميهم "الحلب"..يأتون من مصر،يدفعون معهم قطعان من الحمير،عندما يصلوا حارتنا يجلسون تحت أشجار النيم الظليلة،تدور النساء فى البيوت يبعن الأواني المنزلية وأدوات خان الخليلى التي جلبوها معهم من مصر بينما يعمل الرجال فى صناعة المواقد من التنك والصفيح كانو عمال مهرة فى هذه الصنعة لدرجة الإبهار،الغجريات الشابات الجميلات ذوات الجمال والسحر الفاجر يطفن بالمنازل لشراء الملابس القديمة أحيانا توفير متعة عنيفة عابرة لأي رجل تتاح له فرصة الانفراد والتهام هذه الفاكهة البرية المحرمة،بعيدا عن الملل الجنسي المزمن فى المدينة،نساء الغجر يتحلين بالأساور الرخيصة ويضمخن أعينهن بالكحل وايديهن بالوشم..كنا نحن الأطفال نركض خلف نساء الغجر المسنات آلائي يحملن الأواني فى سلة كبيرة على رأسهن،يجلبن الزبائن لبضاعتهن بالصياح بصوت ممطوط يشوبه غنج ودلال قديم ..كنا نردد خلفهن أهزوجة بذيئة
هي يا هي
هي الحلبية
شايلةا قفتا
ماشة حلتا
العقرب قرصتا
فى (..)
كنت انظر إلى الغجر كظاهرة غريبة موسمية بعيني طفل متأمل..لماذا هم هكذا؟!
_ لا يحدهم زمان وليسو بقايا المكان..فى حالة رحيل دائم
بعد تلك السنين وأنا ادرس فى الجامعة ،جئت فى العطلة إلى مدينتنا وكنا نسكن فى منزل حكومي جوار مدرسة البنات الثانوية..كان أبى مدير المدرسة،فى ذلك اليوم شاهدت امرأة غريبة تجلس مع أمي،شابة بيضاء فى غاية الجمال..أيقظت ذاكرتي الطفولية..كانت من الغجر..جمعت لها أمي الطيبة الملابس القديمة،حملت صرة الملابس وظلت ترمقني بشبق جنوني وانصرفت،لسعنى التيار الكهربي المنبعث من عينيها..ترددت لحظة ثم هرولت خلفها..اتجهت نحو أشجار النخيل أمام المدرسة حيث كان يجلس رجل غجري يفترش بطانية وجواره قطيع من الحمير وطفلين يلعبان.. نظرت أليها وهى تبتعد متهادية فى غنج ودلال وعدت احصد الخيبة لأني تأخرت كثيرا استحياء من أمي..وعند الغروب أمرتني أمي بان احمل الموقد القديم الى الحلبي ليقوم بإصلاحه، حملت الموقد حيث يجلس الرجل فى العتمة مع عائلته الصغيرة, كنت اقترب منهما وهما يتلاطفان ويضحكان فى براءة..كانا أشبه بطائرين فى البرية وطفلاهما نائمان,لم اشعر بأي استهجان لذلك ولم أتراجع..اقتربت اكثر واكثر لمحنى الرجل وفلت المرأة ونظر الى وابتسامة مشرقة تغمر وجهه وضعت عنده الموقد وطلبت منه إصلاحه حتى الغد وسأعود صباحا لاخذه
انبرى الرجل قائلا فى لهجة ودودة"لا عليك ستقوم هادية بإحضاره لكم"..ايقظ ذلك الأمل مجددا فى نفسي الأمارة بسوء وقبل أن استدير منصرفا انقض الرجل على زوجته مواصلا لعبة الطبيعة..هكذا كانو يمارسون الحياة دون تكلف.تجدد أملى بالتهام الفاكهة البرية غدا وتركتهم سعداء
استيقظت فى العاشرة صباحا آخى تعد الإفطار فى الموقد الجديد..خرجت على عجل ونظرت الى مكانهم حيث كانو يفترشون الأرض ويلتحفون السماء ولم اعثر لهم على اثر
هكذا سكنتني روح الغجر فى التحرر والحرية الى يومنا هذا حيث أصبحت اكره كل أنواع القيود والتسلط التي تفرضها المجتمعات إو الانفراد المختلين الوعي والشعور من أصحاب الأفكار الهدامة الوافدة الى السودان والعلاقات الإنسانية المشوهة..ما اجمل حياة الغجر..والرحيل الدائم..البساطة وخلوها من تعقيدات المدنية الزائفة..فمن منا لا تسكنه روح الغجر المتمردة؟!! الغجر الزمن لا يعرف أحدا منهم وانهم ليس بقايا المكان



#عادل_الامين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فضائية الحوار المتمدن
- ملامح من الفكر السوداني المعاصر(6-7):الاسلام والسلام
- ملامح من الفكرالسوداني المعاصر(5-7):آيات الاصول وآيات الفروع ...
- ملامح من الفكر السوداني المعاصر:(4-7)المجتمع العبودي،المراة، ...
- ملامح من الفكرالسوداني(3_7):الفرد والمجتمع
- ملامح من الفكر السوداني المعاصر(2-7) نشاة المجتمع
- ملامح من الفكر السوداني المعاصر(1_7):تطوير شريعة الاحوال الش ...
- ملامح من الفكر السوداني المعاصر:الرق والراسمالية ليستا اصلا ...
- الديمقراطية والاشتراكية والإسلام ((ملامح من الفكر السودانى ا ...
- سيرة مدينة:الخرطوم 1991
- كلاب بابلوف تعاود النباح من جديد
- الغرب والاسلاميين كمثل العنكبوت اتخذت بيتا
- اساطير النزاعات في ميزوبتميا ووادي النيل
- رسالة الى مواطن عراقي
- السيرة الذاتية ل(شجرة الموسكيت)ا
- دارفور...اطفال الزمن الآسن
- سيرة مدينة (8):عم سعد
- سيرة مدينة(7)ا:كلب وحمار وقرد
- سيرة مدينة(6)أ: خيول باكنجهام
- الامام الاخضر


المزيد.....




- إزالة واتساب وثريدز من متجر التطبيقات في الصين.. وأبل توضح ل ...
- -التصعيد الإسرائيلي الإيراني يُظهر أن البلدين لا يقرآن بعضهم ...
- أسطول الحرية يستعد لاختراق الحصار الإسرائيلي على غزة
- ما مصير الحج السنوي لكنيس الغريبة في تونس في ظل حرب غزة؟
- -حزب الله- يكشف تفاصيل جديدة حول العملية المزدوجة في عرب الع ...
- زاخاروفا: عسكرة الاتحاد الأوروبي ستضعف موقعه في عالم متعدد ا ...
- تفكيك شبكة إجرامية ومصادرة كميات من المخدرات غرب الجزائر
- ماكرون يؤكد سعيه -لتجنب التصعيد بين لبنان واسرائيل-
- زيلينسكي يلوم أعضاء حلف -الناتو- ويوجز تذمره بخمس نقاط
- -بلومبيرغ-: برلين تقدم شكوى بعد تسريب تقرير الخلاف بين رئيس ...


المزيد.....

- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - عادل الامين - الغجر..أول دروس الحرية