في خطوة ليست غريبة ولا هي بالعجيبة،طالب الكيان الإسرائيلي المملكة العربية السعودية بسحب طائراتها من نوع أف 15 و16 من قاعدة تبوك العسكرية السعودية،التي لا تبعد عن منطقة ايلات سوى 200 كم. وقد كانت المملكة العربية السعودية اشترت هذه الطائرات من أمريكا بعد التوقيع على تعهد بعدم نشرها في القاعدة المذكورة،لقربها من الكيان الدخيل المعروف بكيان إسرائيل،ولأنها بذلك تشكل خطرا على سلامة الإسرائيليين وتفوقهم في المنطقة.وتعود قصة نشر تلك الطائرات في القاعدة المذكورة للحرب الأخيرة في العراق،فبعد موافقة أمريكية مسبقة،وذلك لخوف السعودية من تطورات الحرب الأمريكية على بلاد الرشيد في العراق،ومن أجل حماية المملكة من هجمات عراقية كانت محتملة،فتم نشر تلك المقاتلات في قاعدة تبوك ولازالت هناك حتى يومنا هذا.بالرغم من أن المملكة دولة مستقلة وذات سيادة ولها ملك وولي عهد ومجلس شورى وجيش قوي ولديها من السلاحين الأمريكي والغربي ما يفوق عدة دول عربية مجتمعة،ألا أن إسرائيل تتدخل في الشؤون السعودية وتمارس قرصنة وتهدد وتتوعد عبر أمريكا وبدون الأخيرة.وقد طالبت إسرائيل أمريكا بالضغط على السعوديين من أجل إبعاد تلك الطائرات عن قاعدة تبوك القريبة من مدينة ايلات،وتحججوا بأنها تشكل خطرا على وجودهم وأمنهم وسلامهم،وذكروا الأمريكان ببنود الصفقة التي حصلت السعودية بموجبها على الطائرات المذكورة. ورغم قناعتنا بأن أي من الدول العربية لن تقوم بمهاجمة إسرائيل في المستقبل القريب،لأن الدول العربية جميعها أصبحت تحت العباءة الأمريكية وتريد حفظ ماء وجهها، وضمان رضا اليانكي الأمريكي.إلا أن إسرائيل ورغم مشاركتها لنا في هذه القناعة،ألا أنها تريد من العرب أن يكشفوا عوراتهم كلها،وأن يسلموا بما تريده وأن يكونوا مجرد عبيد لها. وسوف تبدي الأيام القادمة ما كان البعض لازال يجهله،و أن إسرائيل على حق مادام أصحاب الحق لا يطالبون بحقوقهم،ومادامت الحكومات متخاذلة ومرتهنة،والبرلمانات نسخة عن شعوبها الصامتة والمشلولة.
ببساطة نحن العرب،كل العرب موجودون في الوقت الضائع ،وقت الذين لا وقت لهم،حيث سرقتهم الجمال المزخرفة وسفن الصحاري وسوبر ستارات الوطن المستعبد، و إلاّ كيف نفسر ظاهرة ملايين العرب من الفتيات والشباب والرجال والنساء وأشباه الرجال والشباب،الذين صوتوا واتصلوا بدون عناء مادي ونفسي من أجل نصرة ممثلي بلادهم أو المعجبين بهم من أبطال السوبر ستار،هذا البرنامج الذي اخترعه تلفزيون المستقبل اللبناني،حيث يبشرنا التلفزيون المذكور بدوره الجديد القديم ببناء مستقبل مثالي لهذه الأمة،وللوسائل الإعلامية العربية،الهادفة إلى أمركة العالم العربي ومن ثم بالنهاية صهينته.
هل تعلموا كم كان عدد الذين صوتوا لبرنامج سوبر ستار ؟
بحسب المكالمات التلفونية الآتية من تلك الدول وبحسب شركات الهاتف التالية :
سعودي تيليكوم ، أيجيبت تيلي كوم ، ليبان كول والشركة الوطنية للاتصالات في الكويت وغيرها،فأن الأرقام خيالية،وتفوق عدد سكان بعض الدول العربية بأضعاف مضاعفة،مثلا من لبنان 18 مليون وخمسمائة وستة وثلاثين ألف اتصال،الأردن 8 مليون وثمانية وسبعون ألف اتصال،من مصر أكثر من 23 مليون،من السعودية حوالي 11 مليون و300 ألف اتصال ،سوريا حوالي 17 مليون اتصال،كذلك هناك ملايين الاتصالات من الدول الأخرى لكن بشكل أقل حجما.وهناك من جمع تلك الأصوات بحسب شركات الهاتف وتوصل إلى رقم خيالي بلغ 79 مليون 550 ألف اتصال،كل هذا من اجل منافسة على مركز أول في مهرجان ومسابقة موسيقية غنائية.مع العلم أن عشرات النداءات وجهت للعرب وغيرهم من أجل التصويت ضد الحرب في أفغانستان فلم يتصل سوى أربعة ملايين،وضد شارون ومن أجل أدانته ومحاكمته ولم يصوت حتى مليون شخص من هؤلاء ال79 مليون عربي.وهناك نداءات مستمرة من أجل الجدار العنصري الفاصل،من أجل الطفولة،من اجل شعب أعزل محاصر ومعزول في 230 سجن داخل الضفة الغربية وقطاع غزة، ومن أجل الأسرى وحريتهم والتضامن معهم،ولا نرى آلاف من البشر تشارك في معركة هؤلاء الفلسطينيين والعرب،معركة حرية أبناء الأمة من سجون الاحتلال، مع أنه لا يوجد سوبر ستار غير نجوم النضال القومي والوطني الذين دفعوا حريتهم وسنوات شبابهم من أجل حرية هذه البلاد وهذه الأمة.
ندعو هذي الملايين للصوم أو الإضراب عن الطعام أو الاعتصام ليوم واحد دعما للمعتقلين والأسرى الفلسطينيين والعرب في سجون الاحتلال الإسرائيلي،ندعوها للتضامن ومناصرة والدة الأسير موسى دودين(بدأت إضرابا مفتوحا عن الطعام تضامنا مع فلذة كبدها ورفيقه في الزنزانة)الذي يواصل مع زميله أحمد البرغوثي الإضراب عن الطعام والشراب منذ حوالي الشهر تقريبا،هؤلاء الأسرى يضربون ويجوعون ويتعذبون ويعطشون وقد يموتوا من أجل تحسين ظروف اعتقالهم، ولكي يعاملوا كبشر وكمناضلين سياسيين في الأسر،لا كحيوانات وكمجرمين،ومن أجل أن لا يوضعوا في الزنازين المغلقة مع الحشرات والفئران والأوساخ وبلا تهوية وضوء لسنوات. ومثلهم هناك 15 مناضلا في الأسر مضى على عزلهم في الزنازين 3 سنوات كاملة،هؤلاء يخوضون معركة الأمة ،معركة حرية الشعوب العربية،ومعهم كافة المعتقلين في سجون إسرائيل ويبلغ عددهم حوالي الثمانية آلاف أسير،منهم 141 أسيرا عربيا،على رأسهم عميد الأسرى اللبنانيين سمير القنطار،والشيخ عبد الكريم عبيد والحاج مصطفى الديراني،هذا المناضل الصلب والجريء ،الشجاع والصبور،الصادق والمقدام،ومثلهم من السودان وليبيا ومصر وسوريا والأردن ولبنان والعراق..
أين تلك الدول التي وقعت سلام مع إسرائيل ؟
لما لا تطالب بمعتقليها وأسراها في سجون الاحتلال،أليست مصر دولة عربية كبرى ؟ أليست معنية بأسراها في السجون الإسرائيلية ؟ وكذلك الأردن التي وقعت مع إسرائيل معاهدة سلام. وهناك أسرى فلسطين ال48 الذين لا يتحدث عنهم أركان السلطة الفلسطينية ولا يريد الإسرائيليون التحدث عنهم باعتبارهم من المجرمين والإرهابيين الذين خانوا الدولة.لكن بكل بساطة هؤلاء فلسطينيون قاتلوا من أجل شعبهم وبلدهم وقضيتهم، ولن تكتمل وطنية أي فلسطيني بدون العمل من أجل حريتهم وحفظ مكانتهم وتقليدهم أوسمتهم الوطنية الغالية.
العرب لازالوا خارج المكان مع أن المكان مكانهم والمنطقة منطقتهم والبلاد بلادهم،وإسرائيل هي الغريبة والدخيلة والمعتدية، والورم الخبيث الذي تغلغل في جسد العالم العربي والمنطقة،فصدر لنا طائرات أمريكية بشروط صهيونية وسوبر ستارات عربية على الموضة الغربية،ومادمنا ندفع الملايين من أجل أغنية ورقصة وتسلية،بينما لا نكلف أنفسنا عناء العمل والتصويت والاتصال من اجل محاكمة مجرم حرب مثل شارون، أو إدانة كيان إرهابي مثل إسرائيل،أو إطلاق سراح أسرانا من سجون الاحتلال،فمن حق إسرائيل أن تطالب السعودية بأبعاد طائراتها الحربية عن تبوك،ومن المنطقي أن نكون نحن العرب لازلنا في الوقت الضائع.