أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - راني خوري - إرضاع الكبير...حجاب جديد للمرأة















المزيد.....

إرضاع الكبير...حجاب جديد للمرأة


راني خوري

الحوار المتمدن-العدد: 1923 - 2007 / 5 / 22 - 07:00
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لن أعرض هنا الخبر الوارد عن الفتوى الجديدة المتعلقة بإباحة إرضاع الكبير التي أصدرها رئيس قسم الحديث بجامعة الأزهر، والتي وصلت إلى مجلس الشعب المصري والتي تدارسها عدد من نواب الإخوان للإحاطة بها، وكان مصدر قلقهم هو الانتشار الإعلامي لهذه الفتوى بما قد يضر الإسلام ويشوه صورته!! ولكني سأقف على ما دار إليه خلدي بالهدف الحقيقي وراء هذه الفتوى، والتي لا أشك أبدا بأنها جزء من أجندة سياسية لمن أعطوا أنفسهم الحق بالتدخل حتى في ثياب الناس الداخلية تحت المسمى الديني.

لا شك بأن المرأة باتت مصدر إزعاج وقلق للعديد من فئات المجتمع الدينية، فبعد ما رأوه وشاهدوه من أحداث قلبت تاريخ أوروبا الحديثة والتي نتجت عن تحرير المرأة، والتي قلبت الموازين كافة لسياسات هذه البلدان، والتي أبعدت شبح السيطرة الدينية المتطرفة عنها. كان لا بد لأصحاب الحل والربط من السيطرة على إنساننا صاحب الفكر المتأزم أصلا بالمفاهيم الرجعية عن الشرف والأخلاق والمجتمع. وخير وسيلة لذلك هي بتر نصف مجتمعه وتحويله إلى ضلع ناقص وأعوج، يلزمه التقويم والتأهيل، والذي لن ينجح في إصلاحه شيء لأنها – وبحسب آرائهم – طبيعتها التي خلقها وأنشأها الله عليها، فالحل يكون إذا بإخفائها مدى الحياة إلى أن تتم مواراتها الثرى، فكان لهم أن أثاروا حفيظة الرجل الشرقي – الأرض الخصبة للتطرف بسبب البيئة والنشأة – حول المواضيع التي يرى أنها تصب في صميم شرفه وأخلاقه، فأشد ما يؤذيه هو أن تمس كرامة إحدى قريباته بسوء – وهو المتفنن بإيذائهن – من قبل شخص ما، واعتمدوا الفكرة الخاطئة بأن سبب الفساد والانحلال هو البعد عن أصول الدين، فكان لهم ما أرادوا بأن عادت المجتمعات في ردة وصحوة دينية لم يشهد لها حتى مجتمع المدينة المنورة في عهد الرسول مثيلا، ساعدهم في ذلك تراجع سياسي واضح في المجتمعات حيث لم يعد للمعارضة وجود بعد تصفيتها، ولم تعد هناك مشاريع اجتماعية أو إنمائية، مع تراجع واضح المؤسسات التربوية التي أدخلت إلى مناهجها فكر الحزب الحاكم وأنشطة هذا الحزب لتسيطر على الناحية السياسية (وقد فشلت أيضا في ذلك).

النجاح في بتر نصف المجتمع أخذ أشكالا عدة، الفصل في المقاعد الدراسية بين الفتية والفتيات باعد بين النصفين، وجعل كل طرف يفكر بالطرف الآخر على أنه محرّم، وجعل العقل عند التفكير بالطرف الآخر يدور فقط حول الحلال والحرام منذ النشأة الأولى، وأيضا هو ما جعل الأهالي في الطبقات الفقيرة ينظرون إلى المدارس على أنها أوكار للفساد، وأن ستر الفتاة والمرأة هو في بيتها، وأن عليها أن تتهيأ فقط لدور واحد هو الخدمة في منزلها لرجلها وعيالها. دون النظر إلى دورها الأساسي في بناء الأسرة والذي لا يتمثل بالخدمة، بل بالتربية والإعداد الجيد والسليم للأبناء وبالتعليم الذي يضمن بأسوأ حالاته حدا أدنى من رجاحة العقل والتصرف السليم والقدرة على التمييز بين الصحيح والخاطئ أو بالمسمى الديني "الحلال والحرام". وكان بالحق رجال الدين المتطرفين أول من أوجد "الاستنساخ" وذلك بأن استنسخوا المرأة في صورة واحدة، صورة الجاهلة العوجاء وبالتالي نتجت مجتمعات جاهلة عوجاء.

أما الشكل الثاني فكان بأن فرضوا الشكل على أزياء المجتمع، فللمرأة الحجاب الذي يحفظها من نظرات فاسدة لرجل لم تفلح أمه الجاهلة – وهم من أنشأها – في تربيته، ولم يكتفوا بالحجاب، بل بعد نجاحهم بالحجاب خرجوا بالنقاب!! والكفوف والجلباب والنظارات السوداء، فأصبحت المرأة أسيرة سجنين: عقلها الذي لم يسمحوا بنضجه، ورداؤها الذي بات سجنا متنقلا لا يسمح لها بالحركة إلا في حدود معينة، وهو دوما يذكرها بالوحوش المحيطين بها من الرجال الذين كان الأفضل والأسلم، أن نفقأ عيونهم – وأقصد عيون الرذيلة.

ويأتينا الشكل الثالث من أشكال البتر، فبعد النجاح المطلق على الصعيدين العقلي والفيزيائي، كان لا بد من جعل النساء "يقرن في بيوتهن"، فما زالت هنالك قلة من النساء اللواتي وجدن حلا في العمل، وهو يمثل متنفسا ومخرجا لهن من هذه السجون، ولكن هيهات ثم هيهات!! فشيوخ التخلف لهن بالمرصاد وهم من حصلوا على شهادات دكتوراه جديدة من جامعات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فما الحل؟! إرضاع الكبير!! الخوف من زميل العمل داخل الغرف المغلقة!؟ كل رجل يعمل في دائرة أو مصلحة أو شركة وله زميلة عمل، يجب أن يكون هنالك رادع لمنع نشوء علاقة محرمة بينهما!! والحل بالإرضاع وفق ضوابط شرعية!؟ خمس رضعات تبحن الخلوة ولا تمنعن الزواج!! ويجب أن توثق بشكل رسمي بأن فلانة أرضعت فلانا، وتصبح فلانة المرضعة الأولى لدوائر الدولة!! وفلانة مرضعة مجلس الشعب!! وفلانة مرضعة مجلس الوزراء! وفلانة مرضعة الأزهر الشريف! وفلانة مرضعة السلك الدبلوماسي! وفلانة مرضعة اتحاد الطلبة.. إلخ من حلقات الإرضاع المسجلة والموثقة حكوميا، خاصة أن هذا الإرضاع يبيح الخلوة ولا يمنع الزواج، مسفارا أو مصيافا أو فرندا أو عرفيا أو متعة وفي أسوأ الأحوال لا قدر الله زواجا نظاميا.

إن هذه الفتوى ما هي إلا لزرع الخوف في قلوب النساء العاملات أولا من نظرة المجتمع لهن، وزرع الخوف في قلوب الرجال الشرفاء الذين لن يهون عليهم أن يتركوا نساءهم أو بناتهم في مثل هذه الأجواء وبالتالي فالحل هو "أن يقرن بيوتهن" ويحفظن فروجهن. خاصة أن الغرب هو من يزرع الفساد في مجتمعاتنا الطاهرة البريئة، والتي لولا أفكار الغرب لقبلت فتوى رضاع الكبير بعيدا عن نظرة الفحش والزنى، وأنسخ قول صاحب الفتوى كما وردت "إن بعض الناس قد نظر إلى رضاع الكبير نظرة جنسية بحتة وتساءلوا: كيف يجوز لشاب أو لرجل أن يرضع من امرأة غريبة عنه، وفاتهم إن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي رخص في ذلك. وأن من ينفذ أمراً شرعياً أو رخصة شرعية يقوم بعمل ديني في إتباع الشرع، وفي الأعمال الدينية يستشعر المؤمن عبوديته وخشوعه لله فتنمحي النواحي الشيطانية، وحينما يقوم الكبير بذلك للحصول على رخصة شرعية فإنه يتنزل منزلة الصغير في حالة الرضاعة، وإلا كان متلاعباً بالدين يستغله لأغراض خسيسة ويجرم في حقه"
فلو تذكر الجميع أن هذه الفتوى من السنة لكان الأمر خشوعا وعبادة، ولكن .... لعن الله الغرب.

يوما بعد يوم تظهر الأفكار الفاسدة لأصحاب الأجندة السياسية الدينية، والهدف منها واضح وجلي، وهو تحويل دكتاتوريات الحزب الواحد إلى خلافات الدين الواحد على نمط القوة العظمى الجديدة في العالم.. أفغانستان، وهنا يأتي دور المرأة فعلا في أن تختار وتميز، وتقول وتعلن بجرأة عن موقفها ممن استلب عقلها وحريتها وجسدها، وحاك حولها خيوطا عنكبوتية لمص دمائها، مقنعا إياها بأنها خيوط الحرير التي ستحميها داخل الشرنقة، آن الأوان للمرأة أن تصفع وجه التخلف بحذائها وتنطلق حرة في مجتمع لا يراها إلا ركنا أساسيا في البناء.. كل البناء.

ملاحظة على الهامش: الطامة الكبرى أن تتم مناقشة هذه الأفكار الفاسدة في مجلس الشعب لا لإدانتها ومحاكمة من تجرأ على إطلاقها، ولكن لتقديم طلبات إحاطة خوفا من أن تنتشر إعلاميا!! وهو – المجلس – من لم يناقش أحداث إجرام متعددة بحق أبناء الوطن من الطوائف الأخرى ولم يخشى من فضيحة إعلامية إن انتشر ذلك الخبر!! وهو من أدان آراء فنانين ووزراء وكتاب انتقدوا الحجاب دفاعا عن المرأة وليس تسفيها لها.



#راني_خوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوم الجمعة المقدس
- مصر في ذمة الله!!
- دعاء وزهرة ويا باقي النساء... من كانوا بلا خطيئة رجموكن بحجر ...
- أمريكا..و أحداث الحادي عشر من أكتوبر.!!
- الكتابة .... للعقلاء!!
- إلغاء عقوبة الإعدام ...والنوم في العسل.
- ابتعدوا عن الحيطان..وغنوا لها!!
- تفسير جديد للقرآن بالانكليزية!!
- نيسان عاد..فتحية لرجال السياسة والدين.
- يا أهل العراق، يا أهل الشقاق يا أهل النفاق!!.
- وفاء سلطان...والحيوانات!!!
- بن لادن...سنة حلوة يا جميل
- بيكاسو ....والزرقاوي!!!
- بيكاسو...والزرقاوي!!!.
- مشكلة عقل وليست مسألة حجاب
- قبر يسوع ، سفينة المال الغارقة الجديدة!!
- عبدالكريم نبيل سليمان...الكتابة في الدين والسياسة خط أحمر!!.
- وفاء سلطان والمتخلفين عقليا!!


المزيد.....




- “متع أطفالك ونمي أفكارهم” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 ب ...
- لولو يا لولو ” اظبطي تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- شاهد: عائلات يهودية تتفقد حطام صاروخ إيراني تم اعتراضه في مد ...
- أمين عام -الجماعة الإسلامية- في لبنان: غزة لن تبقى وحدها توا ...
- وزيرة الداخلية الألمانية: الخطوط الحمراء واضحة.. لا دعاية لد ...
- لجنة وزارية عربية إسلامية تشدد على فرض عقوبات فاعلة على إسرا ...
- اللجنة العربية الإسلامية المشتركة تصدر بيانا بشأن -اسرائيل- ...
- إلهي صغارك عنك وثبتِ تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 لمتابع ...
- اختفاء مظاهر الفرح خلال احتفالات الكنائس الفلسطينية في بيت ل ...
- المسلمون في هالدواني بالهند يعيشون في رعب منذ 3 شهور


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - راني خوري - إرضاع الكبير...حجاب جديد للمرأة