أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الغاء عقوبة الاعدام - راني خوري - إلغاء عقوبة الإعدام ...والنوم في العسل.















المزيد.....

إلغاء عقوبة الإعدام ...والنوم في العسل.


راني خوري

الحوار المتمدن-العدد: 1871 - 2007 / 3 / 31 - 11:31
المحور: الغاء عقوبة الاعدام
    


قبل بضعة أسابيع نشر موقع العربية الالكتروني لقاءا مع "أحمد المولد" عميد السيافين في المملكة العربية السعودية، ما لفت نظري في الموضوع هو تعليقات معظم القراء التي أيدت عمل المولد وطالبته بالسير قدما وعلى بركة الله!!؟؟

http://www.alarabiya.net/Articles/2007/03/02/32214.htm

إلغاء عقوبة الإعدام من المجتمعات العربية والإسلامية، كأنها تشبه في طرحها اليوم وفي واقعنا المعاصر فكرة الطلب من فقير معدم النوم في بحر أو محيط من العسل، هذه الفكرة اليوطوبية (الفاضلة) لا تجد لها مكانا في عقل المواطن لأسباب عديدة، لا لأنها مطالبة غير محقة، ولكن لأنها مطالبة خيالية بعيدة عن الواقع المعاش لأبناء المنطقة. هذا الواقع هو ما سنأتي عليه بشئ من التفصيل عبر نقاط عدة.

النقطة الأولى والجلية، هي مفرزات الوضع العراقي، لقد أظهر الغزو الأمريكي للعراق واقع المنطقة بشكل أذهل العالم أجمع، فالقتل والتصفية لا يتمان نتيجة جرم اقترفه إنسان بحق إنسان، أو مجرم بحق ضحية، وإنما تسلسل قتل حسب الهوية والطائفة والعرق والدين، وفق أجندة سياسية بارزة من قبل سياسيي المنطقة وحكامها الذين لا يتوانون عن القيام بعمليات إبادة جماعية لتحقيق مصالح معينة، وبمباركة إلهية حارة يمنحها رجال دين مرتزقة لأغبياء لا عقل لهم، ولا هم لديهم سوى الحصول على أكبر عدد من الحور العين والعيش في جنات نعيم ملؤها الغلمان لأن أكثر ما يضحك الرب من عبده غَمْسَه يده في العدو حاسرا (حسب سيرة ابن اسحق). وهنا يظهر أن مطالبة أناس (سواء كانوا سياسيين أو رجال دين أو أصحاب عقول فارغة) يؤمنون بأن قتل نفس بريئة بل تصفية مجتمعات بأسرها هو عمل شرعي ومقدس، عندما نطالبهم بإلغاء عقوبة الإعدام فلاشك أن ذلك ضرب من الجنون المطلق. والخلاصة من هذه النقطة هي أن من استرخص أرواح أكثر من ستمائة ألف عراقي لن يكون في حساباته ألف أو بضعة آلاف شخص ينفقون كل عام، لأن المبرر سيكون آنذاك بأن "لكم في القصاص حياة يا أولي الألباب".

ربما يكون المشهد العراقي هو الأعنف الذي نشهده اليوم، ولكنه ليس الدلالة الوحيدة على الفكر السياسي القميء والفكر الديني الهمجي السائد في المنطقة حاليا، فالحوادث الإرهابية المتفرقة التي يشهدها عالمنا هذه الأيام دليل على أن جميع دول المنطقة تجلس على فوهة بركان ثائر، ففي السودان عمليات تطهير عرقي عامة ضد أهالي إقليم بأكمله، ومن الصومال تبعية قبلية لا ترى حلا إلا في الخلافة الدموية، ومن المغرب تأتينا تفجيرات الدار البيضاء في يوم الجمعة الأسود وغيرها من أعمال الإرهاب في دول المغرب العربي، ومن فلسطين الاقتتال الفلسطيني الفلسطيني على السلطة بين إسلاميين وإقطاعيين وعلى هذا المقياس جميع الدول العربية. وبناءا عليه أيضا، فعندما نفكر في مطالبة أولئك بإلغاء عقوبة الإعدام إحتراما لروح الإنسان، أراه الجنون بعينه!!

وإن نظرنا إلى مجتمعاتنا دون الإرهاب والوضع السياسي الفاسد – وهو ما يتطلب عقلا حلزونيا قادرا على التهيؤ والتخيل والعيش بعيدا عن الواقع – لبرز لنا وضع مزر آخر يتمثل في القيم الإجتماعية السائدة في بلداننا التعيسة (وعذرا من اليمن السعيد!! ولا أعرف مصدر سعادته؟!) فجرائم الشرف تسجل ارتفاعا ملحوظا في مجتمعاتنا بشكل لم نعهده في عصورنا التعيسة السابقة، وما يشجع على ارتكابها بلا شك هو القوانين والأنظمة المتراخية والسهلة، والتعاليم والشروح الدينية الخاطئة التي تصور المجرم هنا بالشريف والشهم، والمدافع عن عرضه. ولا أود الخوض هنا في القوانين المتراخية المشرعة للتعامل مع هذه الجريمة، بل عن نظرة المجتمع لعملية قتل فرد متهم بأنه ارتكب عملا مخلا بالشرف، فالمجتمع يجلد الضحية بعد الموت ويرحب ويكرم ويبجل القاتل، وهنا أيضا أرى الحديث مع أصحاب الشرف هؤلاء بشأن إلغاء عقوبة الإعدام، ضربا من الهستيريا. على الرغم من أنهم أكثر من سيؤيد هذه الفكرة!!

إن إلغاء عقوبة الإعدام برز كمطلب عادل في دول ركزت بنيانها حول الفرد، وفي فترة تطور فكري وحضاري لم يشهد له العالم مثيلا من قبل (سبعينيات القرن المنصرم) فاستنت قوانين عادلة ودقيقة لا دفاعا عن المجرمين، ولكن حماية للعديد من الأبرياء الذين قد ينفذ بهم هذا الحكم خطأً، نتيجة محاكمة خاطئة أو نتيجة خلل إجرائي أثناء التحقيقات وعمليات جمع الأدلة، إضافة إلى نظرة نابعة من عقل وضمير إنسانيين بشكل بحت بأن قسوة العقوبة، لا تؤدي بالضرورة إلى تخفيض عدد الجرائم. وقد استند المطالبون بإلغاء عقوبة الإعدام في مطالبتهم هذه إلى العديد من الدراسات الني أجريت لتحديد نسبة الجرائم قبل وبعد إلغاء عقوبة الإعدام، والتي بينت أن نسبة الجريمة آخذة بالتناقص حتى بعد إلغاء عقوبة الإعدام.

ولكن...!! لا بد لنا أن نذكر الجميع بأن هذه المجتمعات حققت مستوى معيشيا جيدا (إن لم يكن رفيع المستوى) لجميع مواطنيها، وقلصت نسبة البطالة إلى الحدود الدنيا، وزادت من نسبة المتعلمين من أبنائها إلى حدود المئة بالمئة، وطورت المناهج التعليمية بشكل رفيع ومميز، وأخذت على عاتقها مسؤولية تربية الفرد وتنشأته منذ الصغر، وغرست في نفوسهم المحبة والتسامح وقبول الآخرين مهما كانوا، وألغت جميع أشكال العنصرية، والطائفية، والتمييز بين أبناء المجتمع، وجعلت الناس فعلا سواسية أمام القانون (وليس بمجرد كلمات تستخدم للاستهلاك والمزايدة والبيع والشراء)، واستنت قوانين تعاقب وبشكل قاس من يتلفظ بكلمات تعبر عن طائفية أو عنصرية أو تمييز، واهتمت بالناحية الصحية والخدمية لإنسانها بشكل لم يسبق له مثيل، وطورت الإعلام بحيث يتم من خلاله تعريف المواطن بحقوقه و واجباته، و طالبته بممارسة الديمقراطية و التعبير عن الرأي والانتخاب لأن عكس ذلك جريمة بحق الفرد والمجتمع، وهي كلها عوامل تشغل الإنسان وتبعده وتمنعه عن ارتكاب الجريمة.

أما مجتمعاتنا، والتي كانت قد حققت نوعا ما خطوات جيدة ومقبولة في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، فقد أخذت على عاتقها العودة إلى الماضي، سياسيا ودينيا وبالتالي اجتماعيا، فالمستوى المعيشي لا يجاريه في السوء إلا المستوى المعيشي الرديء لعدد بسيط من دول أفريقيا الفقيرة والمعدمة، وزادت نسبة البطالة فيها بشكل منقطع النظير، وارتفعت نسبة الجهل إلى مستويات لم نعهدها إلا في الأزمنة المقدسة، وتخلفت مناهج التعليم وجمدت بحيث أصبح من المستحيل إدخال ما تحويه من معلومات بالية إلى عقل الإنسان، وأخذت الدولة على عاتقها مسؤولية مسخ الفرد ضمن مؤسساتها التعليمية بمختلف المراحل (حتى الجامعية) بفرض فكر سياسي متخلف ضمن المناهج، وعودة إلى سلفية دينية لم تكن تنفع في عصرها حتى تنفع في عصرنا، وتم غرس قيم البغض والكره والتكفير والازدراء للآخر المختلف بدينه، وجنسه، ولونه، حتى أصبحت الطبقية الميزة الأساسية لمجتمعاتنا، وأصبح القانون لعبة يتم التلاعب بها لمصلحة طبقة أو فئة لصالح أخرى (كالقوانين التي تفصل على مقاس الطبقة السياسية أو الدينية)، واحتكرت الإعلام لصالحها ليصبح بوقا ذو لحن واحد يهتف بالموت لأمريكا وإسرائيل ويحملهما مسؤولية شقائنا الدائم، وأن الانتخاب لغير الشريف الوحيد جريمة لا تغتفر، وهي كلها عوامل مسببة للجريمة والإرهاب.

إن إنساننا الذي يسترخص حياة أخيه الإنسان الآخر والمختلف معه في أمور سطحية، لا يمكن إقناعه وبسهولة بأهمية إلغاء هذه العقوبة الهمجية البدائية، ولا شك بأن عقوبة الإعدام (حتى وإن كانت بأمر إلهي ) جريمة ضد الإنسانية، ولكن لا بد لنا من الاعتراف بأن المجتمعات يجب أن تضع قوانينها بنفسها، فالديمقراطية الأمريكية والأوروبية لم تجد نفعا في العراق (وإن كرهنا قول الحقيقة) ولم تجد لها طريقا إلى عقول أبناء منطقتنا لغاية اليوم، وقوانين العدالة وحقوق الإنسان العالمية لم تحم المثقفين القابعين في سجون و معتقلات أنظمتنا. ومن وجهة نظري، أرى أنه من الواجب أن يكون الجهاد الإنساني جهادا عقلانيا ومتزنا و يخطو خطوات ثابتة ومتأنية في بناء فرد متزن، عاقل، رويدا رويدا، لبناء مجتمع قائم ومؤسس على قيم التسامح والمساواة والإخاء والعدالة، وصولا إلى دول متحضرة ومتميزة تقبل بفكرة إلغاء عقوبة الإعدام... والنوم في العسل.

إلى ذلك الحين نأمل من الله ( بجانبه المشرق، في جميع الديانات ) أن يهون على أخوتنا في الإنسانية المحكوم عليهم بهذه العقوبة، ويخفف عنهم الرهبة والخوف والظلم والطغيان، ومن كان منا بلا خطيئة... فليرمهم بحجر.

الروابط التالية لموقع منظمة العفو الدولية، نوفرها للقراء الأعزاء للاستزادة من المعلومات الواردة فيها حول أهمية إلغاء حكم الإعدام.

http://ara.amnesty.org/pages/deathpenalty-index-ara
http://ara.amnesty.org/pages/deathpenalty-statistics-ara


وعذرا للإطالة،،،



#راني_خوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ابتعدوا عن الحيطان..وغنوا لها!!
- تفسير جديد للقرآن بالانكليزية!!
- نيسان عاد..فتحية لرجال السياسة والدين.
- يا أهل العراق، يا أهل الشقاق يا أهل النفاق!!.
- وفاء سلطان...والحيوانات!!!
- بن لادن...سنة حلوة يا جميل
- بيكاسو ....والزرقاوي!!!
- بيكاسو...والزرقاوي!!!.
- مشكلة عقل وليست مسألة حجاب
- قبر يسوع ، سفينة المال الغارقة الجديدة!!
- عبدالكريم نبيل سليمان...الكتابة في الدين والسياسة خط أحمر!!.
- وفاء سلطان والمتخلفين عقليا!!


المزيد.....




- مسؤولون إسرائيليون: نعتقد أن الجنائية الدولية تجهز مذكرات اع ...
- نتنياهو قلق من صدور مذكرة اعتقال بحقه
- إيطاليا .. العشرات يؤدون التحية الفاشية في ذكرى إعدام موسولي ...
- بريطانيا - هل بدأ تفعيل مبادرة ترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا ...
- أونروا تستهجن حصول الفرد من النازحين الفلسطينيين بغزة على لت ...
- اجتياح رفح أم صفقة الأسرى.. خيارات إسرائيل للميدان والتفاوض ...
- احتجاجات الجامعات الأميركية تتواصل واعتقال مئات الطلاب
- الأونروا: وفاة طفلين بسبب الحر في غزة
- لوموند تتحدث عن الأثر العكسي لاعتداء إسرائيل على الأونروا
- لازاريني: لن يتم حل الأونروا إلا عندما تصبح فلسطين دولة كامل ...


المزيد.....

- نحو – إعدام! - عقوبة الإعدام / رزكار عقراوي
- حول مطلب إلغاء عقوبة الإعدام في المغرب ورغبة الدولة المغربية ... / محمد الحنفي
- الإعدام جريمة باسم العدالة / عصام سباط
- عقوبة الإعدام في التشريع (التجربة الأردنية) / محمد الطراونة
- عقوبة الإعدام بين الإبقاء و الإلغاء وفقاً لأحكام القانون الد ... / أيمن سلامة
- عقوبة الإعدام والحق في الحياة / أيمن عقيل
- عقوبة الإعدام في الجزائر: الواقع وإستراتيجية الإلغاء -دراسة ... / زبير فاضل
- عقوبة الإعدام في تونس (بين الإبقاء والإلغاء) / رابح الخرايفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الغاء عقوبة الاعدام - راني خوري - إلغاء عقوبة الإعدام ...والنوم في العسل.