أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسني أبو المعالي - العراق :الوطن المقتول على يد أبنائه














المزيد.....

العراق :الوطن المقتول على يد أبنائه


حسني أبو المعالي

الحوار المتمدن-العدد: 1909 - 2007 / 5 / 8 - 08:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم نكن نتعرف على الوطن الذي أحببناه منذ كنا صغارا إلا عبر الأناشيد المدرسية، ومن ثم دواوين الشعر، وعشقناه من خلال ما قيل عنه من جميل القصائد حتى وكأن الشعر أصبح لدينا هو الوطن، والوطن هو القصيدة فنتغنى بقوافيها وعذوبة كلماتها أكثر مما تطربنا أشجاره وسهوله وسواقيه، ونردد أبياتها عن ظهر قلب أسهل علينا مما نحفظ مشاهد من جباله الشاهقة ونخيله الباسقة وأنهاره الدافقة " حييت سفحك عن بعد فحييني يا دجلة الخير يا ام البساتين " وقالوا أيضآ "بين السهول وفوق النخيل عيون تقول بلادي أجمل ما في الوجود" , قورن الوطن بالمرأة الأم باعتبار أن كلا منهما يمثل رمزا للعطاء، ووصفوه بالمرأة الحبيبة وقالوا في حقه غزلا جميلا لما يتمتع به الاثنان من قيم جمالية رائعة . "تلك أرض سماؤها مثل عينيك صفاءا وماؤها سلسبيل" ذلك هو الوطن الذي غادرته مرغما منذ ثلاثة عقود من الزمن، وكنت أتوق إليه وأنا في الغربة مغرما به" موطني لو نسمة من موطني لو شراع نحوه يحملني لو تخفيت كعصفور فما يعرفني حارس يغلق عن عيني سمائي لوصديق لم أقل عز الصديق إن كل الشرفاء أصدقائي إنما آه لأقمار الطفولة".
حثنا الشعراء من أجل الدفاع عنه، وحذرونا من الأعداء والمحتلين "ولي وطن آليت الا أبيعه وأن لا أرى غيري له الدهر مالكا" ولم يلتفت معظم الشعراء في قصائدهم إلى أن جوهر الوطن هو الإنسان، وأن ضرورة تقويمه وتوجيهه لخدمة أخيه الإنسان واجب وطني، فمن أساء إليه فقد خان الوطن وألحق الضرر به، فإقصاء المواطن العربي من قبل أهله هو بمثابة حكم الاعدام على الوطن وجريمة بحق المواطن وأصبح الاقصاء من أولويات السياسات العربية بداية من الحاكم المستبد الذي يستمد شرعية حكمه بقوة السلاح لا من الدستور وحب الشعب، وهو الحاكم الذي لا هم له سوى ان يقصي معارضيه، نزولا إلى اصغر مسؤول في الدولة وهو يبعد من يختلف معه من الموظفين الى رئيس التحرير في أية صحيفة مهما قيل عنها باعتبارها مستقلة قد لا ينشر لكاتب يخالفه الرأي. ولم نكن نتوقع في يوم من الأيام أن الوطن يمكن أن يقصي أبناؤه ويبعدهم عن ذويهم وديارهم وذكرياتهم الجميلة ويفرق بين الأصدقاء والأحبة.

ومن جهة أخرى فإن الوطن ينتهي ويموت في ظل التجاوزات والفساد، فالمواطن الذي يفتقد إلى عنصر الولاء للوطن لا يعنيه شأن أخوته في الوطن ولا يهمه شأن المواطنين بقدر ما تعنيه مصالحه الشخصية فيعمد إلى أن يسلك كل الطرق ويستخدم جميع الوسائل غير المشروعة لنيل مآربه وهي كثيرة ؛ فالرشوة آفة ضارة وسامة تفتك بالوطن وبالمواطن، والسرقة بكل أنواعها عار في جبين الوطن، والجهل ظلام في سماء الوطن؛ أما القتل وخاصة القتل الجماعي فهو جريمة بحق الوطن والإنسانية؛ وقد أصبح العراق نموذجا شاذا للوطن المقتول على يد أبنائه بين الأمم التي تحترم الإنسان. والعراق اليوم وطن ينتشر فيه الموت المجاني، و القتل اليومي من كل حدب وصوب بالأحزمة الناسفة والسيارات المفخخة وأنواع أخرى من الأسلحة الفتاكة التي قضت على الحياة في العراق ا لذي يزدحم بالشهداء الابرياء وكذلك بالقتلة المجرمين واللصوص ومحاصر بالاغتيالات والاختطاف والابتزاز والتهجير بسبب الجهل والتعصب الطائفي، ولم يعد للإنسان العراقي أي اعتبار، ولا أية حرمة ولم يبق للإنسانية أية معان نبيلة أو قيم أخلاقية سامية. وفي المحصلة نكتشف بأن أبناء الوطن هم أعداؤه " أبناؤك هم أعداؤك يا وطني" .....وبالتالي ستنتشر الفوضى ويعم الفساد والدمار في الوطن " سقط الزمان وأهله يتسابقون للابتذال يتبجحون بأنهم نصروا الحرام على الحلال فإن نظرت إلى اليمين وإن نظرت إلى الشمال أكوام مسحوقين لا في الجسم لكن في الخصال هذا زمان لا يعين ولا يعان بأي حال أذنابه عدد الحصى وذئابه عدد الرمال" .....
ينتعش الوطن عندما تنتشر المحبة بين أبنائه، وتصفو النفوس، وتنجلي الأحقاد والضغائن من القلوب؛ ويسعد عندما يسود العدل وتتحقق المساواة وتعم الحرية على الجميع.. يزدهر الوطن عندما يتألق المبدع وينجز العامل وينتج الفلاح ويجتهد الطالب، وبعكس ذلك سيصبح الوطن في خبر كان عندما يقتل المواطن أخاه في الوطن لإن الوطن هو الإنسان.



#حسني_أبو_المعالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أيها الرجل -إخلع حجابك- أولا
- عاشوراء بين معينين
- الإنسان أولا ... الإسلام ثانيا
- الميليشيات في العراق: مسلمون بالولادة مجرمون بالفطرة
- جهاد الأدعياء في قتل الأبرياء
- بأمر الوطن أنا عراقي
- المأساة العراقية ملهاة للاحتلال
- رحيل عازف سيمفونية الألوان الفنان خضر جرجس
- المواطنة وأزمة الولاء للوطن في العراق
- التقسيم بات وشيكا .... فأين عقلاء الأمة من كل ما يعصف بالوطن ...
- الواقع العراقي المر وتداعياته على الوضع العربي
- التدخين علاج شاف في مستشفيات العراق
- قناع الزرقاوي: الوجه الحقيقي للإرهاب الأمريكي
- قناع الزرقاوي والوجه الحقيقي للإرهاب الأمريكي
- أبعاد السياسة الاسرائيلية في الوطن العربي
- للصراحة حدود يا بن عبود
- سحقا للشعب من أجل شيطان السلطة
- هل حكم على الشعب العراقي بقصة لا تنتهي مع الطغاة؟
- الإعلام العربي: حرية نشر الخبر أم مسؤولية نشر الخبر
- الطائفية في العراق: قريبا من السلطة بعيدا عن الاسلام


المزيد.....




- هل العودة لياسمين عبد العزيز ممكنة بعد الانفصال؟ أحمد العوضي ...
- شاهد ما يراه الطيارون أثناء مشاركة طائراتهم في العرض العسكري ...
- نتنياهو منتقدا بايدن: سنقف لوحدنا ونقاتل بأظافرنا إن اضطررنا ...
- البيت الأبيض: نساعد إسرائيل على ملاحقة يحيى السنوار
- أبرز ردود الفعل الإسرائيلية على تصريحات بايدن حول تعليق شحنا ...
- الخارجية الروسية تعلق على اعتراف رئيس الوزراء البولندي بوجود ...
- زيلينسكي: جيشنا يواجه -موقفا صعبا حقا- في المناطق الشرقية
- -حزب الله- يعرض مشاهد من عمليات عدة نفذها ضد الجيش الإسرائيل ...
- هل من داع للقلق في الدول العربية بعد سحب لقاح أسترازينيكا؟
- بنوك مودي في الهند تنفق 400 مليار دولار ليفوز بدورة ثالثة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسني أبو المعالي - العراق :الوطن المقتول على يد أبنائه