كاظم حبيب
(Kadhim Habib)
الحوار المتمدن-العدد: 1894 - 2007 / 4 / 23 - 12:51
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
من رافق الأحداث والتحولات التي جرت في العراق خلال الأعوام الأربعة المنصرمة يكون قد تيقن بما لا يقبل الشك بأن مواصلة ذات العقلية وذات الآليات والأدوات والأساليب التي مورست حتى الآن في مواجهة قوى الإرهاب والعمليات الإرهابية من جهة, وتلك القوى التي تطلق على نفسها بقوى المقاومة من جهة أخرى, ستبوء لا محالة بالفشل, وأنها ستكلف الشعب العراقي ثمناً باهظاً إضافياً يزيد عن الثمن الذي دفعه حتى الآن وسترهق كاهل المجتمع اقتصادياً وخدمياً وتجهز أكثر فأكثر على أوضاع الفرد النفسية والعصبية وتزيد من الإحباط الذي يعاني منه الآن, وأن الحكومة سوف لن تصل بسبب ذلك إلى النتائج التي يتوخاها الشعب بأي حال. فالواقع العراقي يفرض على الحكومة العراقية تغيير بنيتها الراهنة وتغيير العقلية التي تفرض نفسها عليها والأساليب التي تمارسها والأدوات التي تستخدمها والخطاب السياسي الذي تتحدث به وما ينشأ عن كل ذلك من تباين في مواقف القوى التي تتشكل منها ويتجلى في ممارساتها اليومية وتصريحاتها المختلفة. إن مضمون هذه الموضوعة لا يعني الإساءة للحكومة ولا التقليل مما حققته حتى الآن في مكافحة الإرهاب والإرهابيين, كما لا تعتمد على مراقبة الأحداث الجارية في العراق من خار ج الأحداث فحسب, بل هي نتيجة لدراسة موضوعية لبنية الحكومة وسياساتها خلال الفترة المنصرمة وإمعان في تحليل الواقع العراقي المعاش حالياً والتناقضات والصراعات التي تنهش فيه, إضافة إلى العوامل الإقليمية والدولية التي تزيد من صب الزيت على النيران المشتعلة. والسؤال الذي يدور في بال كل إنسان يتلخص ببساطة كبيرة: ما العمل؟ وعلى عاتقنا جميعاً تقع مسؤولية الإجابة عنه.
التقيت خلال الفترة المنصرمة بمئات الشخصيات السياسية والثقافية الديمقراطية العراقية من النساء والرجال, وهم ينحدرون من قوميات عربية وكردية وتركمانية وكلدانية وآشورية ومن أديان ومذاهب واتجاهات فكرية وسياسية متنوعة وتحدثت معهم حول الهم العراقي المشترك, عن أوضاع العراق المتدهورة وسبل مواجهتها. وقد تبين لي بأن عدداً مهماً منهم قد كتب الكثير عما ينبغي فعله لتحقيق المرتجى المؤجل, وأنهم يلتقون معي بما فكرت به وكتبت عنه وعملت من أجله. ولكن, كما يبدو, أن ليس هناك من المسئولين, إلا قلة قليلة, من يتسنى له الوقت الكافي لكي يقرأ بعض ما نكتب وتدقيق مدى صوابها واتخاذ السبل المناسبة لمعالجة الأوضاع المتزايدة تعقيداً وسوءاً لا وفق منظورهم فحسب, بل وفق ما يقترح عليهم من أفكار مفيدة في هذا الصدد أيضاً.
ومن غير السهل أن يعيد الكاتب نفسه, إذ لا يصاب وحده بالملل والإحباط, بل سيصاب القراء من النساء والرجال بالملل مما يقرأون مكرراً. كلنا يتحدث بأن الحل سياسي قبل أن يكون عسكرياً وأمنياً, وأن الحل يتطلب جرأة عالية في طرح المشكلات المباشرة التي تواجه المجتمع العراقي في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ العراق وجرأة في وضع الحلول العملية وممارستها وتذليل الصعوبات التي تقف في طريق الحلول. فعلى الحكومة أن نطرح برنامجاً سياسياً جديداً بالتنسيق بين السادة رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب, وبالتعاون مع مسئولي القوى السياسية الممثلة بالسلطة وخارجها, يتضمن الموقف من جملة من الأمور وأهمها في الجانب الأمني والسياسي ما يلي:
• الاتفاق على إعادة تكوين الحكومة العراقية من عناصر حزبية ومستقلة وأن يكون للمستقلين الوزن المناسب فيها والإسراع بإنجاز هذه المهمة.
• الإسراع في إقرار مشروع القانون الخاص بإلغاء قانون اجتثاث البعث الذي قدمه السيدان رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء إلى مجلس النواب لمناقشته وإقراره, إذ عليه يعتمد التفريق بين جمهرة واسعة من الناس الذين انتموا للبعث في فترات مختلفة ولأسباب مختلفة, وبين تلك المجموعة الصغيرة من العناصر السيئة والمجرمة المسؤولة عن الكوارث التي أصيب بها الشعب العراقي طيلة العقود الأربعة المنصرمة.
• الإسراع بتنفيذ الاتفاق الملزم بتعديل الدستور العراقي لا بزيادة تلك البنود التي تعمق الطائفية السياسية بل تزيلها وتحسين وتنظيم أفضل للعلاقة بين المركز والفيدرالية الكردستانية من حيث الصلاحيات والواجبات, وكذلك تطوير حقوق المرأة وإزالة التناقضات الموجودة في بعض بنوده والعمل على تنفيذ ما اتفق عليه من بنود بما في ذلك المادة 140 من الدستور.
• تنشيط دور الجامعة العربية والأمم المتحدة في معالجة إشكالية العراق الأمنية ومع دول الجوار في ضوء مؤتمر القاهرةي القادم.
• إزالة ما تسبب به البعض خلال الفترة المنصرمة من توزيع طائفي للجماعات العاملة في القوات المسلحة (الجيش والشرطة والأمن), مما يسهم في بروز النزعات الطائفية السياسية في نشاط هذه القوات وفي تنفيذ الأوامر أو في تسر يب المعلومات.
• إن حل المليشيات المسلحة يفترض أن لا يخضع للأوضاع السياسية المتغيرة ووفق الأمزجة, بل يفترض أن يتخذ اتجاهاً ثابتاً ومستمراً ووفق أساليب تكرس الهيبة الحكومية وانفراد السلطة في امتلاك السلاح والحق في ممارسة ضبط القانون. وكل المعلومات المتوفرة تشير إلى أن المليشيات المختلفة تمتلك أسلحة حديثة وكثيرة وهي مخبأة في أماكن كثيرة يمكن استعمالها في أي فرصة يقرر مسؤولو تلك المليشيات استعمالها لتحقيق أهدافها. إذ أن العودة إلى النشاط المدني دون تسليم السلاح لن يعني التخلي عن السلاح وعدم استعماله, ولن ينفع كثيراً, بل يفترض تسليم السلاح أو انتزاعه من أيدي أفراد المليشيات وإيقاف تدفقه إليها من خارج الحدود أو من مخازن السلاح الحكومية وبصورة غير شرعية.
• تكثيف الحوار السياسي مع تلك القوى التي يشخص فيها الجدية وتسعى للحوار بسبب امتلاكها وجهة نظر قابلة للنقاش بشأن الأوضاع في العراق والموقف من القوات الأجنبية الفاعلة "قوات الاحتلال" فيه والتي لا يفكر أي عراقي بجعل وجودها أبدي, بل سيكون بالضرورة مؤقت ومرتبط بالأمن الداخلي وبموقف وقرار رئاسة الجمهورية والحكومة ومجلس النواب منه.
• تغيير أساليب عمل القوات المسلحة ومهماتها بما يتفق ومفاهيم حقوق الإنسان, وكذلك الموقف من دور القوات الأجنبية في العمليات العسكرية وضرورة تسلم الملفات كلها من أيديها ووضعها بيد الحكومة وبالتنسيق مع رئاسة الجمهورية ومجلس النواب.
• العمل من أجل إيقاف تلك القنوات التلفزيونية التي تبث السموم الطائفية من الأراضي العراقية وتساهم في إشاعة روح العداء ضد الأديان والمذاهب الدينية الموجودة في العراق أو تحرض ضدها, كما يبدو مفيداً وضرورياً البدء بإقامة الدعاوى القضائية ضد تلك القنوات التي تشجع على ذلك وتثير الأحقاد والكراهية من خارج الحدود العراقية, سواء أكانت عراقية أم عربية أم أجنبية. كما يفترض أن يسري هذا الموقف على كل وسائل الإعلام التي تثير الكراهية والأحقاد بين أتباع القوميات والأديان والمذاهب الدينية في العراق, بما في ذلك أولئك الأشخاص من أئمة الجوامع والحسينيات في العراق الذين يساهمون في إذكاء روح التطرف والكراهية والحقد بين الناس على أسس قومية ودينية ومذهبية.
• ضبط الحدود العراقية مع دول الجوار, التي لم تكف حتى الآن عن سوء استخدامها لها لأغراض شتى مناهضة للعراق, بقوى عراقية مؤمنة بروح المواطنة العراقية وليست مؤمنة بهويتها الطائفية قبل الهوية الوطنية العراقية وعلى حسابها.
• ...الخ.
إن الشعب بحاجة إلى تسريع عملية المصالحة الوطنية بين القوى التي تريد الخير للعراق ولا تريد تسليم العراق إلى القوى الظلامية والتكفيرية أو العودة إلى الأوضاع التي سادت العراق في ظل نظام صدام حسين أو ما يماثله.
أن الشعب في العراق بحاجة إلى سلم أهلي وتفاهم وتعزيز الحرية والديمقراطية واحترام القانون واحترام حقوق الإنسان وحقوق القوميات واحترام الأديان والمذاهب, ولكنه بحاجة أيضاً إلى فرص جديدة العمل ومكافحة البطالة وتوفير الخدمكات وتحسين مستوى المعيشة ...الخ. إلى هذا يتطلع كل عراقي أمين لشعبة ووطنه.
#كاظم_حبيب (هاشتاغ)
Kadhim_Habib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟