|
العراقي ... و الخوف
قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)
الحوار المتمدن-العدد: 1883 - 2007 / 4 / 12 - 11:57
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
كان حديثهم يدور حول انفجار اجتازوا مشهده قبل ساعتين ، فعلّق أحدهم : " صدك العراقيين صاروا ما يخافون " . واستعاد الآخر مشهدا من ذاكرة قريبة : " طبعا ما يخافون ..خو مثل أبو الأمم المتحدة من صارت الطبّه خطية راد يختل جو الميز ".
واستمر الراكبان في " التاكسي " يسخران ويصّنفان " بالعراقي " على سلوك " مون " ويشيدان بسلوك المالكي عن المشهد الذي بثته القنوات الفضائية للمؤتمر الصحفي الذي عقده السيد المالكي مع السيد ممثل الأمم المتحدة قبل أيام ، وتعرّض المكان لسقوط قذائف مدفع هاون ، فيما رحت أنا " أفلسف " الحالة لمعرفة أي الموقفين هو الطبيعي سيكولوجيا.
إن في الإنسان جهاز فسيولوجي خاص بالانفعالات . فعندما ترى حبيبتك أو صديقك بعد فراق ، يتورّد وجهك وتتسارع دقات قلبك. والسبب : حصول إفراز هرموني يمنح المزاج لونا وسلوكا مناسبا كأن تأخذ صديقك بالأحضان . وكذا الأمر مع الخوف ، الذي هو انفعال وقائي . فعندما ترى حيوانا مفترسا فأنك ستكون في الهزيمة " كالغزال " . والسبب هو أن جهازك الانفعالي يفرز هرمون الأدرينالين ليمنحك قوة استثنائية في سرعة الركض تحمي حياتك من الخطر .
والواقع أن استجابة السيد " مون " للموقف كانت هي السّوية سيكولوجيا . فمن الطبيعي نفسيا أن يشعر الإنسان بالخوف والذعر حين يتعرض للخطر ، وأن يستجيب سلوكيا بما يناسب الموقف ، لاسيما اذا كان عنده تصور مسبق عن مكان الخطر وحجمه ، كما هو لدى " مون " عن عراق الارهاب والمفخخات وجنون الفتك في إفناء البشر بمجاميع متنوعة كباقة ورد !. وأن تصنيفنا على "مون " وسخريتنا من محاولة اختبائه هو الذي يعدّ غير طبيعيا .
ويكشف لنا الموقف حقيقة : أن الإنسان الذي يتعرّض الى تكرار المواقف المثيرة للخوف والمتنوعة في حدتها وخطورتها ، كالتي تعرّض لها العراقي ،من قصف بطائرات " بي 52" و" F 16 " وصواريخ توم كروز ..وقبلها قوافل آلاف ضحايا الحروب التي نجم عنها تدهور في تقدير " قيمة الحياة " ... يصبح هذا الإنسان غير مبال بالخطر ويتعطّل لديه نشاط الهرمون الخاص بانفعال الخوف .
وإذا كان تحصّن العراقي ضد الخوف وتكيّفه للخطر بهذه الدرجة من " اللامبالاة " يراها البعض جيدة أو بطولة – وهي كذلك حيثما استحقها الموقف - ، فأن أوجع ما نخشاه أن تتعطل لدينا نشاطات هرمونات انفعالات الحب والفرح ، وتتبلد فينا انفعالات المشاركة الوجدانية . فعندما كنت طفلا قبل خمسين سنة بكيت على جدي وقد مات وهو في الثمانين! فيما نحن الآن نروح ندخّن " النرجيلة " في أقرب مقهى ونتبادل " النكات " بعد انفضاض مشهد رؤيتنا لجثث متفحّمة تنقل في عربات !.
#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)
Qassim_Hussein_Salih#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كلب بافلوف !
-
نظرية الوردي ...لم تعد صالحة
-
مظفر النواب
-
المرأة موضوعاً شعرياً في الابداع العربي - مشاعر وجدانية قدمت
...
المزيد.....
-
مسؤول في شعبة الصواريخ.. غارة جوية إسرائيلية تقتل -عنصرًا رئ
...
-
تقرير: ارتفاع قياسي للإنفاق العالمي على الأسلحة النووية في ظ
...
-
شاهد: صور جوية للحجاج وهم يتوافدون إلى مشعر -منى- لرمي الجمر
...
-
صور أقمار اصطناعية وثقت الفظائع.. النار تتحول إلى -سلاح حرب-
...
-
البيرة الخفيفة تفشل في إفساد طعم النصر لدى مشجعي إنجلترا
-
موجة الحر تحد من حركة العراقيين في العيد
-
واصفة ما يحدث بالمهزلة.. روسيا تنسحب من الجدل بشأن قضية تحطم
...
-
هل ابتلاع العلكة خطر حقا؟
-
ستولتنبرغ: طريق السلام هو إرسال مزيد من الأسلحة لأوكرانيا وع
...
-
الفلبين تتهم سفنا صينية بتعمد الاصطدام بمراكبها وإعطابها
المزيد.....
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
-
فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال
...
/ إدريس ولد القابلة
-
المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب
...
/ حسام الدين فياض
-
القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا
...
/ حسام الدين فياض
-
فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
يوميات على هامش الحلم
/ عماد زولي
-
نقض هيجل
/ هيبت بافي حلبجة
-
العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال
...
/ بلال عوض سلامة
-
المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس
...
/ حبطيش وعلي
المزيد.....
|