أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عمر أبو رصاع - حادي عشر : نمط الانتاج الاسيوي















المزيد.....

حادي عشر : نمط الانتاج الاسيوي


عمر أبو رصاع

الحوار المتمدن-العدد: 1872 - 2007 / 4 / 1 - 00:12
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


حادي عشر : نمط الانتاج الاسيوي
The Asiatic Mode ofProduction


: ملحوظة
لمتابعة الحلقات الكاملة للماديتين

http://www.mi3raj.com/vb/showthread.php?t=95
أو
http://www.rezgar.com/m.asp?i=479



إن انماط الاجتماع الانساني ظلت في تراكمها تشكل اسهامات مبعثرة في تكوين الحضارة الانسانية ، وكما لاحظنا أن المشاعة على امتداد تاريخها اتسمت بشكل اساسي بالانتقال ، ثم بدأ دخول الزراعة كأسلوب انتاج يحدث تغيراً ، ويجعل الجماعة البشرية أكثر ارتباطاً بالبقع الجغرافية.
إن تحول الجماعة البشرية من التنقل الدائم إلى الاستقرار يمثل علامة فارقة في تاريخ الوجود الانساني ويؤسس لتغيرات أعمق ارتبطت بالفن الانتاجي الجديد ألا وهو الزراعة.
في دراستنا للتاريخ علينا أن نتنبه لخطورة التورط في التصورات المثالية ، إننا هنا إزاء حركة نروم فهماً علمياً لها ، ويمثل الخطر على القراءة فعلاً ذلك التورط في الدراسة المعكوسة للتاريخ ؛ انها تماماً النظرة لحركة التاريخ وتجلياته بطريقة معكوسة من أعلى الهرم وبالتالي جعل النتائج أسباباً والأسباب نتائجاً ، قد يبدو تجاوز ذلك بسيطاً إلا أنه ليس كذلك على الإطلاق ؛ ول وايريل ديورانت أحد أشهر المؤرخين على الإطلاق إنه صاحب السفر العظيم قصة الحضارة ، مع ذلك ورغم روعة الصياغة وتحري تفاصيل مناحي التاريخ لا يستطيع ول ديورانت أن يفارق إسار المنهجية المثالية في دراسة التاريخ ؛ إنها دراسة التاريخ كحركة ناتجة عن تطور فكر لا تطور اسلوب انتاج*
إذن تركز وظهور أشكال الحضارة في بقع جغرافية إنما ارتبط أساساً بالزراعة ونجم عنها ، وواكب حراكها لينتج مظهرين أساسيين هما :
الأول : الإرتباط بالمواقع المحاذية للأنهار ، بلاد ما بين النهرين ومصر.
الثاني: تبلور سلطة الكهنوت بدأ من الزراعة كعملية مقدسة ميلاد للحياة.
إن الطبقة الحاكمة في مصر هي البرعم الناتئ من طبقة الكهنة بدلاً من الزعماء القبليين ، لقد ارتبط ظهور الكهانة نفسها بالمعرفة السرية التي أضفيت عليها القداسة والتي ارتبطت أساساً بمظاهر طبيعية لها الأثر المباشر والحاسم على الزراعة ؛ مثل فيضان النيل وما ارتبط بالري ، لم يكن اهتمام الكهنة المصريين بالفلك والرياضيات مسألة عبثية اعتباطية وإنما كمتطلب انتاج ، إنها المعرفة المطورة التي يحتاجها المجتمع من أجل عمليته الانتاجية واسلوبه الانتاجي الزراعة.
يشرح كارل ماركس :
The communal conditions for real appropriation through labour, such as irrigation systems (very important among the Asian peoples), means of communication, etc., will then appear as the work of the superior entity--the despotic government which is poised above the small communities.

ترجمة بتصرف : الظروف العامة للاعتماد الحقيقي خلال العمل ، مثل نظام الري (مهم جداً للآسيويين) ، وسائل الاتصال ....الخ ، ستظهر لاحقاً كإنجاز للكيان المتفوق - الحكومة الاستبدادية المهيمنة فوق المجتمعات الصغيرة.

ما معنى هذا الكلام؟
يحاول ماركس أن يبين كيف ظهرت سلطة مستبدة ؛ كيف اصبحت كيان متعالي على النسيج الاجتماعي ومسقل عنه وإن كان يستمد منه قوته وقيمته ، بدقة أكبر إن السلطة المستبدة التي ظهرت في نمط الانتاج الاسيوي في واقع الأمر استمدت قوتها من سيطرتها على ما طورته الحاجات الانتاجية ، إن ما ابدعه الانسان خلال عملية جدله مع اسلوب الانتاج المادي من نظم للري والاتصال وحسابات فلكية لمعرفة اسرار فيضان النيل وسيطرة رياضية على المحاصيل الزراعية وحساب كميات الانتاج وبعد ذلك الامن والنقل الضروريين لعملية الانتاج والنقل الزراعي إلى غير ذلك من تفاصيل كلها تتركز معاً لتنشئ سلطة مستبدة تسيطر وتتحكم بهذه العملية وتسيرها وتضمنها.

إن هذه السلطة بدأت أساساً كما اشرنا من المعرفة الضرورية المرتبطة بأسلوب الانتاج إنها سيطرة أساسية على أسلوب الانتاج وضمانة له ، أخذت شكل معرفة علوية كهنوتية ثم نتج عنها سلطة دولة حافظت هي الأخرى على الجانب المقدس المرتبط بتلك القدرة الكلية في السيطرة الكاملة على أسلوب الانتاج ، إن تلك السلطة لم تكن لها سقوف وبالتالي فهي قادرة على اعتبار انتاج الارض في الاساس مرتبط بقدرتها المقدسة والتي تستطيع فقط هي تأمينها وبالتالي لاغنى عنها، و هي و فقط هي المالك الحقيقي لهذه الأرض ، وبدون قدرتها الكلية لا يمكن تحقيق او ضمان انتاج.

إن هذا النظام المستبد الكلي المهيمن على وسيلة الانتاج الاساسية الأرض صار يستمد سلطته المطلقة من هذه القوى الكلية التي يمتلكها ؛ بما انه ضمانة عملية الانتاج بسيطرته على النظام الكلي فإن تصورها مستقلة عنه ضرب من المستحيل ، لقد تحولت السلطة المستبدة إلى مقاومة للتغير بحكم المكاسب التي تحققها من التشكيلة الاجتماعية الاقتصادية القائمة ، بمعنى أن أي محاولة لامتلاك القوة المشتقة المنفصلة عن هذا النظام الكلي التي قد تظهر في أطرافه في قرى أو مجموعة قرى أو جماعة فرعية منظمة تحاول أن تستقل عن سلطة هذا النظام الكلي كانت تجابه بالقمع الشديد وبالتالي فإن سلطة المركز القوية كانت تستمد قوتها أو ديمومة هذه القوة من الاضعاف المستمر للأطراف بل قل التعامل مع تلك الأطراف كما لو كانت لا تمثل جزء من المركز ، بل مصدراً للنهب المستمر الذي تمارسه عليه سلطة المركز بما يحول دون أن تمتلك الأطراف أي مقومات مستقلة على الإطلاق.

لقد كانت الإطاحة بالمركز المستبد في نمط الأسلوب الأسيوي لا تعني في واقع الأمر أي تغير حقيقي يطفو لمستوى السطح إنما هو تركيب لمستبد جديد على نفس رأس أسلوب الانتاج مع الحفاظ الأمين على هذا الأسلوب وخصائصه الأساسية هذا بالضبط ما عناه ماركس وانجلز عندما وصفا تلك المجتمعات بأنها خارج التاريخ ، انها تستعصي على التفكيك وتملك قدرة الاستمرار.

لم يحاول البطالمة الذين غزو مصر مثلاً إحداث تغيير في الأسلوب رغم انهم قدموا من مجتمع عرف الملكية الفردية للأرض إلا أنهم وجدوا النظام القائم أسهل في التعاطي ويوفر لهم عائدات عالية دون الدخول في إشكاليات الملكية المجزّأة ، بل أكثر من ذلك إن نمط الانتاج الأسيوي يبدو عصياً على الاختراق إلى الحد الذي جعل الانجليز يواجهون مشكلة عويصة عندما حاولوا تفكيك هذا النمط الانتاجي في الهند والتأسيس لشروط الانتاج الرأسمالي ، لقد أدت هذه السياسة إلى حدوث المجاعات المستمرة في الهند طوال القرن التاسع عشر.

إذن مثل نمط الإنتاج الأسيوي نقلة نوعية مهمة ، ذلك انه استطاع ان يحقق طفرة نظامية كبيرة في مجال الانتاج الزراعي فنما بالغلة الزراعية لمستويات اكبر بكثير من تلك التي كانت في المشاعة البدائية ، لقد حقق النظام الكلي المستبد المقدس الذي هيمن شروطه أيضاً التي فرضها حفاظاً على مكاسبه من أسلوب الانتاج ، وبالتالي فقد فرض قيداً صارماً على التطور بشكل حاد جعل اسلوب الانتاج الاسيوي معضلة في وجه التطور التاريخي والانتقال إلى انماط انتاج أكثر رقياً ، لقد بقيت طبيعة أسلوب الانتاج الأسيوي قائمة في الهند مثلاً إلى أن جاءها الاستعمار الانجليزي ورغم قرن طويل عريض من محاولات التحطيم المدروس لهذا الاسلوب في الانتاج إلى أن نتائجه الانسانية والانتاجية كانت جد مكلفة ومؤلمة واستطاع أسلوب الانتاج الاسيوي رغم كل عواصفه ان يحتفظ بالتقسيم الطبقي المقدس ذاته حتى تم تحليله ولا تزال الآثار المرتبطة به تنسحب على الإرث الثقافي في الهند على وجه الخصوص.
- يتبع-
- يتبع-
- يتبع-

(*) أنظر لنا : قراءة في اشكالية النهضة وكذلك نقد منهج التأريخ عند ول ديورانت ، تأسيساً ينطلق ول ديورانت من أن التطور الحضاري للانسان " يبدأ إن أمن الأنسان وبعد إذ لا تنفك الحوافز الطبيعية تستنهضه للمضي في طريقه إلى فهم الحياة وإزهارها"(ديورانت، ول ، قصة الحضارة، مجلد 1 ، ص3



#عمر_أبو_رصاع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عاشراً: المادية التاريخية : المشاعة البدائية
- تاسعا : المادية التاريخية :مفهوم التشكيلة الاجتماعية الاقتصا ...
- ثامناً: المادية التاريخية : مقدمة
- سابعا: قانون المادية الجدلية الثالث : نفي النفي
- سادساً: قوانين المادية الجدلية...(2)التراكمات الكمية تؤدي إل ...
- قوانين الجدل المادي .....(1)قانون وحدة وصراع الضداد (5)
- المدخل إلى المادية الجدلية والتاريخية (4) تعريف المادية الجد ...
- المدخل إلى المادية الجدلية والمادية التاريخية (3) لمحة عن تا ...
- المدخل إلى المادية الجدلية والتاريخية (2) جوهر المسألة الفلس ...
- المدخل إلى الفلسفة المادية بشقيها الجدلية والتاريخية (1) مقد ...
- نحن نعلق الجرس: من لبنان إلى العراق تفكيك الوطن
- المقاومة و مبادئ حقوق الانسان
- هل الجماعات بريئة من دمائنا؟
- بيان إهدار دم والرد عليه
- عبقرية طه حسين (11) من يرفع شعار التكنولوجيا أيضا كالماء وال ...
- عبقرية طه حسين (10) هل يخرج من محبسي أبي العلاء؟
- موضوع الرسالة: عبقرية طه حسين (9) خروجه من الجبة والقفطان
- عبقرية طه حسين (8) أول من منحته الجامعة درجة الدكتوراة
- عبقرية طه حسين (7) كيف أصابت الثورة طه حسين
- عبقرية طه حسين (6) سقوطه في العالمية وانحيازه للجامعة


المزيد.....




- مصور بريطاني يوثق كيف -يغرق- سكان هذه الجزيرة بالظلام لأشهر ...
- لحظة تدمير فيضانات جارفة لجسر وسط الطقس المتقلب بالشرق الأوس ...
- عمرها آلاف السنين..فرنسية تستكشف أعجوبة جيولوجية في السعودية ...
- تسبب في تحركات برلمانية.. أول صورة للفستان المثير للجدل في م ...
- -المقاومة فكرة-.. نيويورك تايمز: آلاف المقاتلين من حماس لا ي ...
- بعد 200 يوم.. غزة تحصي عدد ضحايا الحرب الإسرائيلية
- وثائق: أحد مساعدي ترامب نصحه بإعادة المستندات قبل عام من تفت ...
- الخارجية الروسية تدعو الغرب إلى احترام مصالح الدول النامية
- خبير استراتيجي لـRT: إيران حققت مكاسب هائلة من ضرباتها على إ ...
- -حزب الله- يعلن استهداف مقر قيادة إسرائيلي بـ -الكاتيوشا-


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عمر أبو رصاع - حادي عشر : نمط الانتاج الاسيوي