أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - خطيب بدلة - بمناسبة عيد الأم














المزيد.....

بمناسبة عيد الأم


خطيب بدلة

الحوار المتمدن-العدد: 1872 - 2007 / 4 / 1 - 00:13
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    



ليس من عادة كاتب هذه الزاوية الكتابة في المناسبات الاجتماعية، كعيد الأم، وغيره، ذلك أن كتابنا الأكارم لم يتركوا في هذا الشأن زيادة لمستزيد، وزحموا فُوَّهة الجب بالدلاء، فما عاد بمقدور صاحب دلو جديد أن يدلي به. لا أقصد بالطبع الكتاب الكَيِّسين، الذين عليهم القيمة، بل أولئك الذين كان أستاذنا حسيب كيالي يسمي الواحد منهم (المُطَهِّر)، لأن حقيبته الملأى بالقصص والمقالات والدراسات والتمثيليات الخاصة بالمناسبات الاجتماعية والسياسية العامرة بالفرح والعطاءات، كعيد الشجرة وعيد الجلاء وعيد الأم وعيد ميلاد الحزب والثورة.. تشبه إلى حد بعيد حقيبة (المُطَهِّر) التي تنتمي إلى موديل (المنفاخ)، العامرة بالأمواس والشفرات والخيطان والدهون والذرور والقطن والشاش التي يستخدمها المطهِّرون أثناء ممارستهم لمهنتهم النبيلة في قطع قُلَف حَمَامات الأولاد الصغار.
وزاد الطين في نظري بلة وجود عدد من كتاب الزوايا الثابتة في صحفنا المحلية المحترمة، الذين كُلفوا بكتابة الزوايا الثابتة بسبب (القلة) المشتقة من المثل الشعبي القائل (من قلة الزفر أصبحنا نقول للمعلاق: يا خالي!)، فهؤلاء يسمحون للجمل أن يدخل في خرم الإبرة، ولا يسمحون لعيد اجتماعي، مثل عيد الأم، أن يمر دون أن (يسطِّروا بحقه) مقالة ملأى بالحكم والمواعظ الإنشائية، مستشهدين، حتماً، بقصيدة حافظ إبراهيم حول الأم التي تحتاج إلى إعداد لكي تُعِـدَّ الشعب الطيب الأعراق، مع أننا للإنصاف والحقيقة، نعـدها إعداداً محكماً لكي تكون إنسانة معقدة، بائسة، عائفة رد السلام. فمن لحظة نزولها من رحم أمها تبدأ وجوه بنات جنسها أنفسهن تنقلب على قفاها كالجوارب العتيقة، وكأنهن تلقين على أقفيتهن صفعات قوية مباغتة، على حد تعبير ابن الرومي. ويبدأ الهمس بينهن و(الوتوتة) والتشنيع على البنت الصغيرة التي لم تقترف ذنباً بحق أحد بعد، والندب والعويل على حظ أمها وأبيها (المشحر) الذي لم يسعفهما بصبي يفتح العين من العمى، ويشيل كبرتهما، ويصبح سنداً لهما في وجه عاديات الزمان.. وجاءت بدلاً منه هذه التي يسمونها في بعض المناطق (مقصوفة الرقبة)، وفي مناطق أخرى (المضروبة في كرشها) أو (المصفوقة) أو (المفعوصة)! ويبدأ الشعراء بنظم القصائد والأناشيد التي تدينها صراحة ومن دون مواربة:
لما قالوا لي بنت/ خبيت راسي ونمت
يا خجلتي من أبوها/ إش بدي أقلو جبت؟
لما قالوا لي غلام/ فز حيلي وقام
سكروا باب المدينة/ وافتحوا باب المقام!
وما إن تكبر البنت (المفعوصة) قليلاً حتى تبدأ الأوامر تنهمر على رأسها مثل زخ المطر في المناطق الجبلية:
ـ هس، اسكتي وليك، وطِّي راسك، وطِّي صوتك، تطلَّعي إلى طريقك، حطِّي على راسك، خدي لنا طريق، تطلَّعي لتحت، لا تردِّي جوابات..
فإن لم تمتثل للأوامر المتلاحقة انهمرت على وجهها الكفوف، مثل زخ المطر، أضف إلى ذلك أنهم يكدنونها (وأعتذر عن استخدام هذه الكلمة) للطبخ والجلي والغسيل والكوي والتنظيف وخدمة أبيها وإخوتها الذكور، مهما كانت أعمارهم صغيرة، فما إن تتفتح وتزهر حتى يبدأ التأفف من وجودها، وترقب العريس المنتظر الذي يأتي، بعد أن تكشف له أمه وأخته وعمته عن البضاعة، ويفاصل على (حق الرقبة)، وبعد حين تنتقل إلى بيته لتدخل حياتها، من هذه اللحظة، ضمن سياق عبودية من نوع آخر، كما تعلمون جميعاً.
قبل أن أختم الزاوية الوحيدة التي كتبتها عن الأم العظيمة طوال حياتي، أود أن أقول إن هذا الكلام لا ينطبق على المجتمع بأكمله، فثمة أناس متحضرون يحترمون المرأة ويعاملونها بطريقة إنسانية رائعة، وثمة أناس آخرون يحبون أن يظهروا على الملأ بأنهم يحترمون الأم ويبجلونها، بدليل أنني شاهدت على شاشتنا الوطنية، قبل أيام، امرأة نحيلة، وأمامها أولادها وعددهم خمسة عشر، وقفوا ليبوسوا يدها بمناسبة عيد الأم، فسألت نفسي:
- أليست قمة الاضطهاد أن تنجب امرأة وزنها خمسون كيلوغراماً أولاداً يزنون خمسة أطنان؟! و.. (الله يرحم ترابك يا حاجة فاطمة الشيخ)!
خطيب بدلة

--------------------------------------------------------------------------------
النور- 287 (28/3/2007)



#خطيب_بدلة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ارفعوا أيديكم عن وجيهة الحويدر
- دبكة لنجيب محفوظ
- البحث عن لغة جديدة
- اختراع عربي.. النَدَّادة الأوتوماتيكية
- نعوات طائفية
- المونديال وفقدان الدهشة
- هل حدث في البلد انقلاب؟


المزيد.....




- إطلاق أول مسابقة لـ-ملكة جمال الذكاء الاصطناعي-
- الأمم المتحدة: أكثر من 10 آلاف امرأة قُتلت في غزة منذ بدء ال ...
- -الحب أعمانا-.. أغنية تقسم الموريتانيين بين حرية المرأة والع ...
- ليدا راشد.. ضحية العنف الطبي في لبنان
- دراسة: النساء استهلكن كميات أكبر من الكحول مقارنة بالرجال خل ...
- -المدرسة تلبي أوهام صبي يتظاهر بأنه فتاة-.. غضب بعد فوز عداء ...
- لبنان.. العثور على جثّة امرأة مقطّعة في المية ومية
- ما هي العوائق التي تواجه النساء في إجراء تصوير الثدي بالأشعة ...
- توصية بتشريع الإجهاض في ألمانيا.. بين الترحيب والمعارضة
- السعودية.. القبض على رجل وامرأة ظهرا بطريقة -تحمل إيحاءات جن ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - خطيب بدلة - بمناسبة عيد الأم