أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - خطيب بدلة - دبكة لنجيب محفوظ














المزيد.....

دبكة لنجيب محفوظ


خطيب بدلة

الحوار المتمدن-العدد: 1678 - 2006 / 9 / 19 - 07:46
المحور: كتابات ساخرة
    


سنة 1989 ذهبت الفرق الرياضية العربية إلى مونديال سيئول، فرقُ الدول التقدمية ذات الثوابت القومية، والتاريخ النضالي العريق، والصمود والتصدي، والكتب الخضراء والأنهار العظيمة، ومقارعة الإمبريالية والرجعية وأذناب الاستعمار،.. وفرق الدول التي يحكمها الملوك والأمراء والسلاطين، وكلها، أعني الدول العربية التقدمية والرجعية، يحكمها أشخاص "لقطات"، "فلتات"، خارقون، مُلهَمون، يتصفون بالرشاد والسياسات الحكيمة، لذلك تعشقهم جماهيرهم، وتخرج، أعني الجماهير، إلى الشوارع، ليلاً ونهاراً، تمشي على قدم واحدة، وتهتف بصوت واحد، سائلة المولى أن يديم أسيادها فوق رؤوسها، إلى الأبد، وكأنها لا تعرف ما هو الأبد، وتنسى أن عمر الإنسان محكوم بقول المعري:
خفف الوطء ما أظن أديم الـ
أرضِ إلا من هذه الأجســـادِ
ذهبت الفرق إذن، وهي متسلحة بالمال، والإدارات الحكيمة، والمدربين، والأطباء، والمدلكين، والمشجعين، ونزلت في أفخم فنادق سيئول، وتناولت طعامها في أفخم المطاعم الكورية.. وأما نحن الجماهير العربية المناضلة الذين ينطبق على الواحد منا قول الشاعر العربي القديم ( وطاوي ثلاث عاصب البطن مرمل- ببيداءَ لم يعرف لها ساكنٌ رسما)..، فقد جلسنا أمام شاشات التلافيز، فاتحين أفواهنا، راخين أشياءنا، ننتظر أن تحصد فرقُنا الجماعية ولاعبونا الإفراديون الميداليات الذهبيةَ والفضية والبرونزية والقصديرية والتنكية، فلا نُبقي لدول العالم الاخرى سوى الميداليات الصدئة التي لا تسوى، إذا حمي المزاد، متليكاً عثمانياً مبخوشاً!
ولكن الذي حصل أن فرقنا العتيدة سقطت، وهرهرت مثلما يهرهر الدهان عن حائط عششت فيه الرطوبة، وأما الأعين العربية الجائعة، المُرملة، التي تسمرت أمام شاشات التلافيز على مدى أسبوع وأكثر، فقد أغمضت على قهر وخيبة، ونتيجة مفادها أن والدة الرجل الجبان طوال حياتها لم تزغرد!
المهم، بعد انتهاء المونديال، حصلت، في مطار إحدى الدول العربية، القصة الطريفة التالية:
موظفو "المطار الدولي" كمنوا للاعبي دولتهم، واللاعبين العرب الذين يتخذون من هذا المطار نقطة عبور، القادمين من سيئول، وكانوا قد اتفقوا فيما بينهم، وقرروا أن ينتقموا لمرارة الخيبات والهزائم التي ألحقها بهم هؤلاء اللاعبون حينما خسروا كافة الجولات الرياضية التي خاضوها. وقد اتخذ الانتقام أشكالاً مختلفة، أهمها التجاهل، وتشديد عمليات التفتيش لتصل إلى حدود جعلهم يخلعون سراويلهم الداخلية، والتدقيق على تأشيرات الدخول والخروج، حتى إن أحدهم سأل أحد الرياضيين، بطريقة استخباراتية مصطنعة، عن سبب ذهابه إلى سيئول، وبمن التقى هناك، وما هي الأحاديث التي دارت هناك وتناولت صمود هذا البلد العربي وتصديه والتفاف جماهيره حول حاكمه المفدى، وحينما قال له اللاعب إنه كان مشاركاً في المونديال، قال الموظف مستغرباً:
- كيف ذلك وأنا متابع مهووس لكل فعاليات المونديال ومع ذلك لم أرك، ولم أر أي لا عب عربي مشاركاً في مونديال؟
وبعد صدّ ورد، ورحلات مكوكية للاعبين بين كوى وغرف المطار، ومقابلتهم من قبل الموظفين بوجوه ناشفة، وجمل مقتضبة تنطوي على توبيخ غير معلن، قرر مدير المطار إيقاف اللعبة، والاعتذار للاعبين عن هذه المعاملة السيئة التي تنطوي على "فشة خلق" تجاه الهزائم. جمع المدير اللاعبين بالقرب من بوابة الخروج وشرع يقدم لهم اعتذاره.. وفجأة.. فجأة أتى أحد الموظفين من غرفة الإدارة يكاد يطير من الفرح والسرور، وقال للمدير بجمل سريعة متلاحقة:
-يا أستاذ يا أستاذ، لو تعرف أيش صار، صارت شغلة تأخذ العقل، الله وكيلك يا أستاذ.. هلق أذاعوا الخبر في الراديو التلفزيون.. نجيب محفوظ أخذ جائزة نوبل!
فهب الموظفون واللاعبون وعمال العتالة والتنظيفات وكل من كان متواجداً في المكان، وصاحوا بصوت واحد: هيـ.. ـيـ... ـيـ...ـه!!
وشرع كل اثنين من الموجودين يتباوسان ويهنىء أحدهما الآخر بهذا الحدث العظيم، وكان ثمة فرقة موسيقية تنتظر تأشيراتها للمغادرة، فكان أن أخرج عازفوها طبولهم وآلاتهم وشرعوا يعزفون، وشرع كل من في المطار يدبك.



#خطيب_بدلة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البحث عن لغة جديدة
- اختراع عربي.. النَدَّادة الأوتوماتيكية
- نعوات طائفية
- المونديال وفقدان الدهشة
- هل حدث في البلد انقلاب؟


المزيد.....




- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - خطيب بدلة - دبكة لنجيب محفوظ