أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - شهد أحمد الرفاعى - الست رسمية..والتعديلات الدستورية:















المزيد.....

الست رسمية..والتعديلات الدستورية:


شهد أحمد الرفاعى

الحوار المتمدن-العدد: 1870 - 2007 / 3 / 30 - 12:23
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


من بعيد أرقبها ..نضال يومى مع زوجها الرجل البسيط..ويعاونهما إبنهما شاب فى الثلاثينات من العمر ..أجولة من الخضار تفترش الرصيف..وأقفاص الفاكهة تجاورها.

فى صمت لذيذ تعمل وبكد لا يخلو من الهزل أحياناً حتى يمر اليوم وقد تخللته الابتسامة..حياة بسيطة ولكنها داخلها تحمل من المعانى الكثير والكثير..

صلابة إمرأة تحرص على مشاركة الزوج الهم والكد..وطيبة زوج حنون تتضح جلياً فى بسمته التى تصاحب لمسته لشريكة حياته وهى تحاول جاهدة رفع بعض الأقفاص من الأرض ..تضعها على رأسها وتدلف بها إلى داخل المحل الخاص بهما..هذا المحل جاء بعد كفاح طويل أستمرعلى عربة بحصان كانت تجوب بها الشوارع مع زوجها وطفلها الرضيع نائماً فى مؤخرة العربة..

كنت أشهدهم وابتسم لها من شرفتى.. وأنا أطلب منها بعض طلباتى اليومية من الخضار والفاكهة..
باسمة هى..بشوشة جداً برغم معاناتها الا انها تحمد ربها وتقول فى رضا جميل ( المهم البال يكون مرتاح آخر الليل يا أم شهد) جملة فلسفية رائعة..دوماً أتوقف عندها..وابتسم لها كلما سمعتها منها.

ولكن من أسابيع تصادف مرورى عليها ..ضحكت وهى ترحب بى ..( من يوم ما أخدنا المحل ما عدنا بنشوفك..ولاتشترى منا) ضحكت وانا ألمحها متابعة للنشرة الاخبارية فى التلفاز..من وقت لاخر ترميى المتحدث بنظرة جانبية ساخرة..سالتها( مش عاجبك اللى بيقولوا..) تبسمت معلقة على سؤالى( كلام ابن عم حديث) و تابعت سؤالى ولا أعرف لماذا كان يلح على فكرى هذا السؤال..قلت لها وأنا اضاحكها..( يا ست رسمية فى الإنتخابات بتروحى ..وبتصوتى..عندك بطاقة إنتخابية يعنى)

ردت وهى تضحك بشهية وكأنها لم تضحك من سنوات..( يا ست الستات كلها ..انا مش بأصوت وبس ..ده أنا بألطم وأولول كمان وساعات برقص وبفرق شربات..وبغنى كمان..بحبك يا حمار..يعنى حسب اللى موجود فى الصندوق ..أنا معاى رخصة للصوات والولولة وكل شىء رخصة من الحكومة بطاقة انتخاب يعنى)

ذهلت ..ولكن أنفرجت أسارير قلبى فقد صح ما كنت اتخيله.. الست رسمية عندها وعى سياسى..ولكن بطريقتها الخاصة بها.

قلت لها بلغة ودودة..برافو عليكِ ..عندك وعى سياسى..طيب إيه رايك فى التعديلات الدستورية الجديدة؟؟ هل ستذهبى وتصوتين عليها؟

ضحكت بسخرية الست رسمية بائعة الخضار والفاكهة..( وعى إيه.. ربنا يخليكِ..ويباركك..أنا ما أعرف غير إسمى واسم ابوى واسم اللى راح أحط عليه العلامة..الناس الكبار دول يفهموا مصلحة البلد أكثر منى ..الست اللى فى أمانة الحزب قالت لى كده.. قالتلى لازم يكون عندك رخصة اصوت بيها فى الانتخابات.وطبعا ايوه إن شاء الله رايحة أصوت عليها على الست عديلة دى الدستورية…. لازم اروح..والا فيها غرامة ..الناس قالت لى كده ..لازم تصوتى وتديهم صوتك..طيب يا أم شهد قولولى لو أعطيتهم صوتى ..وأنا سايباه عندهم من زمان ويمكن كل واحد فى البلد تارك لهم صوته من زمان..بس انا بسأل بجد .. أتكلم أزاى بعد كده وصوتى معاهم وبرخصة حكومية ..؟؟

إنتابتنى الحيرة..هل تدرك الست رسمية اللعبة السياسية وأبعادها؟؟

ولكننى تداركت كلامى ..يا رسمية إسمها التعديلات الدستورية ..ولكن يا رسمية ..بتقولى موافقة ولا غير موافقة يعنى بتكتبى ايه..يوم الانتخابات؟؟

وجائتنى إجابة غير متوقعة..قالت ..الست رسمية..( شوفى بصراحة..أنا لا اعرف القراءة ولا الكتابة غير إسمى ..وغلبت أروح فصول (نحو الأمية )..وما فيش فايدة ..رص كلام على السبورة علشان يقبضوا فى الاخر وفى الامتحان الاجابة على السبورة ونرسمها فى ورقة الاجابة..يعنى يا ست الكل ..كله غش × غش .. و ..زى ما بيطلبوا منى بأكتب..وبعدين ايه هى الدستورية دى يعنى والله ما انا فاهمة حضرتك بتتكلمى على ايه بس أنا اوقات أسمعها فى الراديو وبرضه ساعات أشوف ناس عاملة هيصة فى الشوارع وأنا بجيب الخضار والفاكهة من سوق الجملة الصبحية أو آخر النهار..والله مغلبين نفسهم على الفاضى..طيب لو قالوا ..لا..بيسمعوا كلامهم يعنى..طيب لو قالوا نعم بيسمعوهم برضه..ولا حد بيسمع..والنبى دى هيصة..والكل اطرش فى الزفة الكبيرة دى..يعنى الدستورية دى ..حتخلى إبنى اللى قدامك ده اللى من عشر سنين من غير شغل بعد ما طلعت عيونا عليه لحد ما خد إيش اسمه ده الليسانس ولا ما أعرف إسمه..وقلت راح يكون محامى قد الدنيا وفرحت..وأهو نام جارى زى شوال (جوال)البطاطس والبصل يمكن شوال البصل له مكان وبنحترمه قوى دلوقتى مش إرتفع سعره ..لكن إبنى عنده 30 سنة زى ما هو باير فى السوق مالوش سعر ولا حتى مكان .. ولا يمكن الست عدلات دى الدستورية حترخص إزازة الزيت ولا كيلو السكر ويمكن بتخلى رغيف العيش من غير مسامير ولا رمل وياريت لو ترخص لنا كيلو اللحمة اللى بقينا بنتفرج عليها عند الجزار زى الفستان الشيك المستورد اللى نشوفه وما نقدر نلمسه غير فى المواسم والأعياد..ولا بيرخص الخضار والفاكهة ولا بتريح الفلاح اللى دايخ بين تاجر الجملة والحكومة وبنك التفليس قصدى( التسليف)..ولا إيه ولا إيه ولا راح آلاقى للعيل الصغيرده مكان فى المدرسة بدل قعدته على الارض وسط 100 عيل ..)

وهنا شاركها زوجها بإبتسامة كبيرة معلقاً (كلامها صح والله..)
وعقب الشاب (أنا نفسى اللى متعلم مش فاهم حاجة فى التعديلات دى خالص..ومش عارف أفهمها..ما فى حد قعد معانا زى ما كانوا يقعدوا معانا وقت الترشيح لمجلس الشعب ويفهمنا بالبلدى كده وعلى أد فهمنا البسيط ..ايه يعنى التعديلات دى وبتفيدنا فى إيه؟؟ بتلبسنى كويس ؟؟بتعيشنى كويس؟؟ بتشغلنى؟؟بتسكنى انا واهلى فى مكان صالح للبنى آدميين؟؟بترخص الاسعار؟ولا هى مصالح وبس وكل يغنى على ليلاه..))

ويجتاحنى الصمت للحظات وجاهدة أتخلص من صمتى هذا وذهولى قائلة لهم ..لكن دى قوانين جديدة علشان البلد تتظبط شوية..وما يكون فى مكان لفتنة أو إرهاب ووو..
وسألتها ..متى تصادف ورايتِ نائب مجلس الشعب آخر مرة هنا ؟؟

رمقتنى بإستغراب..((أشوف مين ؟؟ أشوف مين؟؟ ههههه..الناس دى زى حكايات العيال قبل النوم تسمعى عنهم بس ..لكن عمرك ما تشوفيهم..مش نجحوا وخلاص..نتحرق إحنا مش مهم./.إنتِ تاعبة نفسك ليه بس؟؟ إيه رأيك فى كوباية شاى وتنسى الموال ده..والله ما راح تفرق معاهم ..نقول لا نقول أه..الزفة شغالة ..واللى بيريدوه بيكون فى الآخر..قولى يا باسط ..وبعدين فتنة ايه بس..طول عمرى عايشة جنبى بجنب جارى القبطى..ولا فتنة ولا غيره..من الجدود وإحنا أهل وحبايب يفرح لى وأحزن له..دى شغلانة منهم .. من اللى فوق..لكن احنا مع بعضنا حلويين وقلبنا على بعض.))

أخذت إحتياجاتى وودعتها ببسمة حانية..ومشيت ترافقنى دعواتها التى أحب سماعها جداً .المبللة بطين هذا البلد الخصب المروية بعفوية أهله وطيبتهم.

ويتبقى الشعب للشعب..ويتبقى سؤال عالق بذهنى وذهن الكثير مثلى…كيف نطلب من المواطن رايه فى كلام لا يفهمه ولا يستوعبه؟؟



#شهد_أحمد_الرفاعى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- همسات ليلية ( 38) آسدلت..فغفوت دون إنذار
- همسات ليلية ( 38) أسدلت..فغفوت دون إنذار.
- همسات ليلية (37)..نجواكِ.......يا أمى
- على بلد المحبوب !!
- السياسة.. بين.. الكياسة والتياسة (3)
- همسات ليلية./.سيدى ..ماالذى.. إليك يشدنى؟؟
- السياسة بين الكياسة والتياسة(2)
- السياسة.... بين ....الكياسة ..و..التياسة(1)
- شيك ..على.. بياض
- خيبة ......حمرا
- عندما ..يصبح..العالم ..فالنتينياً
- ولا عزاء..للرجال
- انتصار الشيطان ..و.. موت السلام
- تعالواا..نرسم..حلم الغد
- همس (35 ) ات ليلية/ و..منى تضيع
- الطلاق..الصامت
- الطلاق الصامت
- همس (34 ) ان ليلية/ و....يُقتل......... الحلم
- همس (33) ات ليلية/ ذات .. مساء
- همس (32) ات ليلية/...أخطأت ..نعم..أخطأت


المزيد.....




- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...
- مئات المستوطنين يقتحمون الأقصى المبارك
- مقتل فتى برصاص إسرائيلي في رام الله
- أوروبا.. جرائم غزة وإرسال أسلحة لإسرائيل
- لقطات حصرية لصهاريج تهرب النفط السوري المسروق إلى العراق بحر ...
- واشنطن.. انتقادات لقانون مساعدة أوكرانيا
- الحوثيون: استهدفنا سفينة إسرائيلية في خليج عدن وأطلقنا صواري ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - شهد أحمد الرفاعى - الست رسمية..والتعديلات الدستورية: