أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - كاظم المقدادي - إستحداث وزارة للبيئة ضرورة اَنية ملحة !















المزيد.....


إستحداث وزارة للبيئة ضرورة اَنية ملحة !


كاظم المقدادي
(Al-muqdadi Kadhim)


الحوار المتمدن-العدد: 561 - 2003 / 8 / 12 - 05:33
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    


الدكتور كاظم المقدادي*

    صرح أعضاء في مجلس الحكم الإنتقالي العراقي لوسائل الإعلام بان المجلس ينظر في تعيين وزراء جدد، وقد يلغي وزارات سابقة، ويستحدث وزارات جديدة، ومن بين الوزارات التي ستستحدث قد تكون وزارة للبيئة، وهو مؤشر على أن مجلس الحكم شرع ينظر في القضايا المهمة والأساسية التي يحتاجها البلد في المرحلة الإنتقالية.

     إن إستحداث وزارة للبيئة العراقية، تتوافر لها كافة إمكانات النهوض والنجاح بمهمات دراسة وتقييم  ومعالجة المعضلات القائمة، وخاصة التلوث البيئي الخطير، تحضى بدعم ومؤازرة الكثيرين من المعنيين الحريصين بإعتبارها ضرورة اَنية ملحة، يمليها الواقع البيئي الراهن. فلم يعد سراً، والشواهد لا تعد ولا تحصى، أن الشعب العراقي برمته يعيش، منذ عقدين ونيف من عمر النظام البعثي الفاشي البائد، في ظل كارثة بيئية، ومعالم التلوث البيئي الوخيم شاخصة في أرجاء العراق، ومخاطره الجسيمة تهدد صحة وحياة  المواطنين، وفي مقدمتهم براعم حاضر ومستقبل الشعب والوطن – الطفولة العراقية. وقد حصد التلوث البيئي المتفاقم أرواح مئات إلوف العراقيين، وسبب، وما يزال،إنتشار السرطان وأمراض غريبة، وولادات مشوهة، وأخرى  ميتة، وإجهاضات متكررة، وولادات ناقصة الوزن، وعقم، وإعتلالات عصبية، وغيرها من الأمراض والحالات المرضية الخطيرة، التي.طالت الثروة الحيوانية والزراعية أيضاً.والأبحاث العلمية، واَخرها التي ناقشها المؤتمر الدولي الرابع للجمعية الأفريقية للطفرات البيئية، الذي نظم بالتعاون مع مركز بحوث الهنـدسة الوراثية والتكنولوجيا الحيوية في جامعة عين شمس المصرية، أكدت بأن التأثير الوراثي الناتج عن تلوث البيئة والتعرض للمواد الكيماوية والبيولوجية والمشعة لا ينحصر في الأجيال الحالية، محدثاً التشوهات والسرطان و العقم، وغير ذلك، بل يمتد الى الأجيال المقبلة بما يترتب عليه من أمراض وخيمة، وتشوهات خلقية، وتخلف عقلي.

    للتدليل على أهمية بناء وزارة للبيئة تنهض بمهمة معالجة الوضع البيئي العام،وتحسينه، بعد دراسة وتقييم المعضلات القائمة، ووضع الحلول والمعالجات الآنية لها، بمساعدة ودعم منظمات ومؤسسات ومراكز بحثية دولية وحكومات شقيقة وصديقة،الخ, نسلط الضوء هنا على جوانب من الوضع البيئي المتفاقم على نحو خطير في العراق بفعل عوامل عديدة، ومنها:
- إستخدام النظام الدكتاتوري المقبور للأسلحة الكيمياوية ضد القوات الإيرانية بالقرب من الحدود في جنوب العراق، وإرتداد  سمومها بفعل الرياح القوية الى الأراضي العراقية، وتفسخ الجثث الملوثة المدفونة في التربة العراقية.
- تدمير الأهوار والأنهار العراقية بتأثير الحرب العراقية –الإيرانية، وبأيدي  النظام العراقي الآثمة.
- إستخدام الأسلحة الكيمياوية ضد حلبجة وغيرها من المدن والقصبات الكردية العراقية، وفي الأهوار، من قبل قوات النظام المجرم.
- إستخدام ذخيرة  اليورانيوم المنضب ضد القوات العراقية من قبل القوات الأمريكية والبريطانية والفرنسية في عام 1991، وما يزال الركام المشع والسام كيمياوياً، الذي خلفته، منتشراً في جنوب العراق.
- حرق اَبار النفط الكويتية من قبل قوات صدام وما سببه الدخان السام من تلوث وأمراض كثيرة.
- تدمير أسلحة الدمار الشامل العراقية في الأراضي العراقية، بطرق عشوائية- كالتفجير مثلاً – من قبل خبراء الأمم المتحدة، وإنتشار غبارها الملوث الى عشرات الكيلومترات.
- إستخدام أسلحة اليورانيوم المنضب مجدداً في الحرب الأخيرة من قبل القوات الأنكلو-أميركية، بكمية قدرت بـ 3- 6 أمثال وبقوة 4-8 أضعاف ما إستخدم منه في عام 1991.
- الدخان السام الناجم عن إشعال النار في الخنادق المليئة بالنفط الأسود، المحيطة ببغداد، من قبل طاغية بغداد، وما سببه من تلوث وأضرار بيئية وصحية.
- إنتشار الذخائر الحربية، وقنابل النابالم والعنقودية أو الإنشطارية والصواريخ غير المنفجرة، في أرجاء العراق، الى جانب إنتشار البنايات المهدمة، التي ضربت أثناء الحرب، وتراكم النفايات، والأوساخ، والمياه الآسنة، ومستنقعات مياه الصرف الصحي، في الأحياء الشعبية، ووجود ملايين الألغام الأرضية التي زرعها النظام البائد على طول الحدود العراقية..الخ. وقد اكد خبراء في نزع الالغام ان ازالة مئات الاطنان من المتفجرات والقنابل الانشطارية والصواريخ التي تتناثر بين المناطق السكنية، في مختلف مناطق العراق، يتطلب ما لا يقل عن 18 شهراً الى 10 سنوات.وقال روجيه هيس- من المؤسسة السويسرية لازالة الالغام، وهي منظمة غير الحكومية كلفتها الامم المتحدة تنظيف العراق من مختلف المتفجرات والالغام : ان ما نعثر عليه اخطر من الالغام التي يمكن ان تقتل شخصا او اثنين. ان الصواريخ يمكنها ان تقضي علي الكثير من الناس.
- وهناك التلوث الإشعاعي جراء المخلّـفات النووية، التي نهبت حاوياتها من المخازن الموجودة في مقر منظمة الطاقة الذرية العراقية في  التويثة، حيث تم تفريغ محتوياتها القاتلة في الأنهر أو في التربة، وتم إستخدام الحاويات لجهل السكان بإحتوائها على مواد مشعة قاتلة.وكان خبير الوقاية النووية المهندس الدكتور حامد الباهلي- من منظمة الطاقة الذرية العراقية-من أوائل الذين نبهوا  الى التسرب الإشعاعي الخطير الذي حصل عقب عمليات النهب في التويثة، وناشدوا العالم والوكالات الدولية بالتحرك الفوري لدرء الكارثة.وعلى المستوى الدولي دق  د. محمد البرادعي- المدير العام التنفيذي للوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة  ناقوس الخطر، بالإستناد الى شهود عيان، محذراً من احتمال حدوث تلوث كبير في العراق بعد التقارير التي وردت عن مستوي العبث الذي حصل في المراكز النووية العراقية، وطالب الولايات المتحدة بالسماح لخبراء وكالته دخول العراق فوراً للتقصي وتقييم حجم الأضرار.غير ان الإدارة الأمريكية منعت فريقه العلمي من محاولة دراسة الاثار البيولوجية والبيئية لما حدث، وحددت عمله بمعاينة ما تبقي من مركز التويثة بعد النهب والتدمير حسب.وأكد الفريق العلمي المتخصص بالتلوث الإشعاعي التابع لمنظمة السلام الأخضر الدولية "غرين بيس"، بالإستناد الى القياسات الإشعاعية التي أجرها في منطقة التويثة، وجود تلوث إشعاعي خطير على بعد كيلومترات من الموقع النووي، في الحقول والبيوت المجاورة.وأكد  د. خالد عباس رشيد- مدير قسم تقنيات المياه في منظمة الطاقة الذرية العراقية،أن عمليات نبش المدافن النووية واستخراج بعض محتوياتها سبب ارتفاع نسب التلوث الإشعاعي إلى معدلات عالية جدا، تجاوزت في بعض المناطق الحدود المسموح بها دوليا للسلامة الإشعاعية، حيث بلغت درجة الإشعاع نحو 11 ألف وحدة قياسية.
- وهناك أيضا مشكلة حاويات القنابل التي يتم إلقاؤها في نهر دجلة تحت مرأى ومسمع القوات الأمريكية، التي لم تحرك ساكنا. وتكفي الإشارة هنا أن بعض الأسماك تموت بعد 3 ثواني فقط من إلقائها في مياه الأنهار، هذا علاوة على مشكلة الصرف الصحي، التي تتسرب مياهه إلى نهر دجلة.ويقول المهندس رياض نعمان- مدير مشروع "الرستمية" للصرف الصحي في بغداد، إن ملايين الناس يشربون من مياه النهر دون تعقيم، ودون أي مؤشر على قرب توفر حلول حقيقية لهذه المعضلة، مشيرا إلى أن مشروعه  متوقف عن العمل حاليا بسبب تعرضه إلى القصف الأمريكي، إضافة إلى أن أعمال السلب والنهب طالت بعض المعدات والأجهزة.
- وثمة ظاهرة أخرى نبه اليها د. زيد عبد الكريم-مدير مستشفى اليرموك، ألا وهي أن حدائق المستشفى تحولت، شأنها شأن حدائق مراكز صحية أخرى، إلى مدافن خلال الحرب وما بعدها، نظرا لعدم توفُّـر الوقود الكافي لتشغيل السيارات ونقل الموتى إلى المدافن المخصصة أو حفظها في الثلاجات. أما التلوث البيئي، فوحده يُمثل مأساة كبرى. الى هذا أشارت الأنباء الى إكتشاف مقابر جماعية لأشخاص أجريت عليهم تجارب بالغازات السامة والكيماويات والجراثيم البيولوجية القاتلة لتصفيتهم من  قبل الأجهزة القمعية البعثفاشية.
- من جهة أخرى نبه السيد فيصل الحمداني- مدير المختبر المركزي في وزارة الصحة العراقية، الى إن العديد من الحاويات التي تضم نماذج من الفيروسات الاختبارية تمت سرقتها من المختبر، وهي الآن في متناول أيدي العابثين،ومن غير المستبعد  أن يلجأ بعض هؤلاء إلى تلويث مصادر مياه الشرب بتلك الفايروسات.وهناك أيضا مشكلة هروب نحو 70 مريضا من المصابين بالأيدز من مستشفى العدل الصحي، وهم في حالات مرضية متقدمة، الأمر الذي يُمكن أن يهدد بكارثة صحية.
- ولاحظ العلماء ارتفاع نسبة العوالق في شط العرب وفم الخليج، ولم تمر على اندلاع القتال في العراق سوى إسبوعين. ويرى علماء الأمم المتحدة أن ارتفاع نسبة العوالق هو مؤشر على وجود الكثير من المواد العضوية في المياه. وتتسلل هذه المواد إلى مياه شط العرب والخليج بفعل فتح المجاري على مياههما واختلاط المياه الآسنة بمياه التصريف. ويجري هذا على وجه الخصوص في مدينة البصرة التي تعاني من انعدام مياه الشرب منذ اكثر من 16 سنة، بسبب قصف القوات الإيرانية للمدينة إبان حرب الخليج الأولى. وتتسبب هذه الحالة بانتشار أمراض الإسهال والتايفوئيد، مع وجود خطر لانتشار الكوليرا في فصل الصيف. ويتكون شط العرب، كما هو معروف، من التقاء نهري دجلة والفرات في مدينة القرنة، وينتهي النهر الكبير في الخليج.
- وحذر الخبراء، ومنهم  د. حسين زهدي- الرئيس السابق للهيئة العامة للأرصاد المصرية، بأن المناخ الحالي في العراق محمل بملوثات الحرب ذات التأثير السلبي على صحة الإنسان وكافة الكائنات الحية.وتتمثل الملوثات البيئية في العراق  في سموم بيئية ناتجة عن مخلفات الأسلحة تصيب جسم الإنسان خاصة الرصاص والمعادن السامة، كما يحتوي ناتج حرق البترول الخام على مخلفات بيئية تنذر بكارثة بيئية كفيلة بانتشار حالات مرضية مزمنة في العراق، حتى بعد انتهاء الحرب، مثل أمراض الجهاز التنفسي، وسرطان الرئة، والأمراض الناتجة عن التلوث البكتيري.ولم يقتصر الأمر على الإنسان فحسب ولكن سيمتد إلى الحيوان والتربة الزراعية والمياه، وهو ما يحتاج إلى تطهير بيئي حتى تصبح الحياة آمنة في العراق. وأشار د.خالد رشيد،  إلى مضاعفات استخدام قوات التحالف الأمريكية والبريطانية لقذائف اليورانيوم المنضب، وخاصة في بعض المناطق الزراعية في جنوب العراق، حيث لوحظ وجود آثار للتلوث في المياه الجوفية والتربة التي لم تعد صالحة للزراعة.

    وللتدليل على خطورة أبعاد الكارثة البيئية القائمة في العراق نشير الى أن برنامج البيئة للأمم المتحدة UNEP  أكد بأن بيئة العراق قد تضررت كثيرا منذ الحرب العراقية الإيرانية 1980 ــ 1988، وحرب الخليج الثانية عام 1991، وتجفيف الأهوار، والعقوبات الاقتصادية، التي كانت مفروضة علي العراق، قد شكلت تهديدا رئيسيا للشعب العراقي، وألحقت ضررا فادحا بالبنية التحتية، وبالأخص تدمير نظم المياه والصرف الصحي، وانعدام الاستثمار في هذه النظم، مما أدي إلي مستويات أعلي من التلوث والمخاطر الصحية، فضلا عن أن انقطاع التيار الكهربائي أدي إلي إيقاف المضخات التي تعمل علي إزالة مياه البالوعات، وتدوير المياه الصالحة للشرب، إضافة إلي انقطاع مصادر الطاقة عن عمل المضخات التي تقوم بإزالة المياه المالحة من الأراضي المروية في بعض المناطق الجنوبية، مما تسبب في توقف حركة المياه. وأضاف إن المخلفات الطبية والقمامة يجب أن تزال لتقليل خطر تفشي أوبئة.
    وحيال وخامة الوضع البيئي القائم في العراق، حذر البرنامج المذكور، في تقرير أعده بالتعاون مع الحكومة السويسرية، من المخاطر البيئية، التي ستواجه عراق ما بعد الحرب، ونبه الى ضرورة اتخاذ التدابير العاجلة، خاصة للإغاثة الفورية، والتقليل من مخاطر التعرض لليورانيوم المنضب،من خلال الاستعانة بالتكنولوجيا غير المضرة، وإعادة البناء الرئيسية، وتبادل المعلومات. ودعا الى ضرورة اتخاذ تدابير عاجلة  لتنظيف المواقع العديدة التلوث، وتنظيف مواقع النفايات للحد من خطر انتشار الأوبئة بسبب تراكم النفايات والأوساخ في الأزقة والشوارع والمستشفيات، مما يخلق أجواء بيئية صعبة للغاية، الى جانب التدابير العاجلة للقضايا الإنسانية في العراق، وأن تكون الأولويات بإعادة القدرة علي الإمداد المائي وتشغيل أنظمة الصرف الصحي

   وبناء عليه، حثت الأمم المتحدة على مواجهة التلوث في العراق، ودعت، في 24/4/2003، الى تدخل عاجل لإنقاذ مستقبل البيئة في العراق.وقالت: هناك حاجة لتعامل عاجل مع الأزمة البيئية في العراق والتي ساءت بسبب أضرار الحرب وارتفاع معدلات التلوث. وإقترحت دراسة قام بها برنامج البيئة  للأمم المتحدة، وقدمت مراجعة عامة للوضع البيئي في العراق، تستلزم إستكمالها بمعرفة ميدانية حديثة، أن يجري علماء وخبراء برنامج البيئة تقييما عاجلا عن أخطار المواقع التي قصفت بيورانيوم منضب، ووجوب التعامل فورا مع أبرز مواضع التلوث.وقال الخبير بيكا هافستو- رئيس الفريق الذي أجرى الدراسة، إن " كثيرا من المشاكل البيئية في العراق مقلقة إلى درجة تحتم الحاجة إلى تقييم فوري وخطة للتنظيف".وأكدت الدراسة  بإن " الصراع العراقي في عام 2003 أضاف إلى المشاكل البيئية الحادثة منذ حرب الخليج عام 1991 والحرب العراقية الإيرانية في الثمانينيات، وسوء الإدارة، وسوء الاستغلال الذي طبع فترة حكم نظام  صدام حسين".وأضافت بإن من نتائج الحرب الأخيرة: تزايد الأضرار التي لحقت بنظم توصيل المياه والصرف الصحي، مما أدى إلى معدلات عالية من التلوث والأخطار الصحية. انقطاع التيار الكهربائي بصورة متكررة، مما يتسبب في توقف عمل المضخات التي تزيل المخلفات وتوزع المياه. انقطاع الطاقة أثر على المضخات التي تزيل الماء المالح من الأراضي في جنوب العراق، مما تسبب في إغراق مزارع وتلويثها بالملح. الأدخنة المنبعثة من حرائق آبار البترول واشتعال خنادق النفط أضاف مزيدا من التلوث إلى الهواء والتربة. تدهور النظام البيئي بسبب القصف المكثف وحركة عدد كبير من المركبات والقوات. وقالت الدراسة إن استخدام ذخيرة اليورانيوم المنضب ربما "سبب تلوثا بيئيا بمستويات غير معروفة العواقب حتى الآن".وأضافت أنه  يجب تقديم النصيحة إلى العراقيين حول كيفية تجنب التعرض إلى اليورانيوم المنضب.
   وأعلن  المدير العام التنفيذي لبرنامج البيئة للأمم المتحدة  د. كلاوس  توبفر :ان العراق يفتقر الى دراسة بيئية معمقة بسبب انقطاع المنظمة عن متابعة اوضاعه طوال عشرين عاماً من الحروب خلال نظام صدام حسين، حيث كانت الصعوبة كبيرة في الحصول على المعلومات.واضاف في حديث صحفي خلال مؤتمر البيئة العالمي الذي عقد في بيروت: ان العراق يشكو من اوضاع صعبة متعلقة بالمياه، لا سيما المياه العذبة، اضافة الى التلوث، ولا بد من الذهاب الى هناك للاطلاع على حقيقة الاوضاع». مبدياً امله في «ان يتمكن الاختصاصيون ابتداء من هذه المرحلة بالقيام بما يجب لتحديد المعطيات المتعلقة بالصحة البشرية وموضوع النفايات وحماية الزراعة وتأهيل البنى التحتية ودراسة اوضاع محطات الطاقة لتوفير السلامة البيئية. واعتبر توبفر ان العراق يواجه تحديات مرتبطة بكيفية انعاشه بيئياً وتوفير الاولويات الضرورية ووضع المشاريع القصيرة الاجل لملاحقة الاخطار الطارئة وتطويق تأثيراتها السلبية على ان توضع بعد ذلك المشاريع الطويلة الأمد.
    ويذكر ان  البرنامج المذكور قدم،  قبل أكثر من 4 أشهر، طلباً للإدارة الأمريكية للسماح لفريق علمي من خبرائه بدخول العراق بهدف تقييم حجم الأضرار البيئية والصحية عقب الحرب مباشرة، غير ان الإدارة الأمريكية لم تسمح له لحد اليوم، ولم تبرر رفضها لطلبه.

   ومن المفيد التذكير بتقرير، أعده خبراء للامم المتحدة، عن متوسط الأعمار في العراق في المستقبل المنظور، بالإستناد الى وقائع ومخاطر إنتشار التلوث في المنطقة، نشر في شباط/ فبراير 1998، توقع فيه، إرتباطاً بنتائج التلوث الذي تتعرض له البيئة العراقية، إنخفاض متوسط الاعمار في العراق الى حوالي 30 عاماً بحلول العام 2010، وذلك بسبب التلوث البيئي.وقال د.جون دانكر-أحد الباحثين البيئيين البارزين في البرنامج المذكور، ان متوسط الأعمار سيكون الأكثر تأثراً بانتشار التلوث في هذه المنطقة من الناحية الديموغرافية. وأكد د.جي اوران-الباحث في برنامج الأمم المتحدة لمكافحة التلوث في جنيف: إن نسبة التلوث في العراق قد تضاعفت 8 مرات على الأقل خلال السنوات الأخيرة في بعض المناطق الحضرية، لتصل الى 87 % مقابل 11 % سابقاً.وتترافق ظاهرة تناقص الأعمار- وفقاً لطبيب الأطفال فوستر- مع زيادة عدد اليتامى. وتفيد أرقام برنامج الأمم المتحدة لمكافحة التلوث وجود عدة ملايين من الأطفال العراقيين الأحياء لن يعيشوا لأكثر من سن العشرين.ويتوقع البرنامج  ان تتضاعف وفيات الأطفال 3 مرات بحلول عام 2010 في جميع أرجاء العراق بسبب التلوث..

    لكل ما مر لابد من إستحداث وزارة جديدة، تكون مهمتها الأولى والأساسية البيئة ومكافحة التلوث البيئي، يقودها وزير متخصص، ويعاونه فريق كبير من الخبراء والباحثين البيئيين، تتوفر لهم كافة الإمكانات والدعم المادي والمعنوي، بالإضافة الى لائحة قانونية جديدة تنظم واجباتها وصلاحياتها، وتأسيس معهد او مركز أبحاث متخصص تابع لوزارة البيئة، مزود بكافة ما يحتاج اليه في عمله من كوادر ومساعدين ومعدات وأجهزة ووسائل نقل وإتصالات، الخ. ويتعين على مجلس الحكم الإنتقالي  ومجلس الوزراء القادم، إلزام وزارة الصحة، وغيرها، والمؤسسات البحثية المعنية، ومركز مكافحة السرطان، ومنظمة الطاقة الذرية العراقية، بتقديم العون اللازم. وعليه التفاوض مع قوات الإحتلال، والضغط عليها، لتنفيذ إلتزاماتها، كقوة محتلة، بموجب إتفاقات جنيف، وإلزامها بتقديم العون المطلوب لوزارة البيئة، ولمعهد أبحاث البيئة والتلوث البيئي إياها،وفي مقدمته الأجهزة والمعدات الحديثة، والخبرات العلمية، الى جانب السماح للوكالات الدولية، وأولها برنامج الأمم المتحدة للبيئة UNEP ومنظمة الصحة العالمية WHO والوكالة الدولية للطاقة الذرية IAEA والوكالة الدولية لمكافحة السرطان، وغيرها،بدخول العراق فوراً وتقديم العون والمساعدة، والمساهمة في إجراء الدراسات والتقييمات الميدانية الشاملة، ووضع المعالجات الجدية للمشاكل البيئية القائمة.وبذلك فقط نضمن نجاح  وزارة البيئة في مهماتها الجسيمة.
    ولا يفوتنا التذكير بحقيقة معروفة، وهي : يستحيل إعادة إعمار العراق، وتحقيق البديل الديمقراطي المنشود،وبناء مؤسسات المجتمع المدني، في ظل خراب بيئي شامل، وتلوث قاتل للإنسان والحيوان والنبات، بينما تفتقر الدولة الى مؤسسة  فاعلة تهتم جدياً بهذا الجانب الحيوي !
* طبيب وباحث ومحرر علمي، عضو هيئة تحرير " المجلة العلمية العراقية"
www.iraqisciencejournal.com



#كاظم_المقدادي (هاشتاغ)       Al-muqdadi_Kadhim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الموقف من قضية المرأة العراقية
- الى متى يبقى أطفال العراق ضحايا لمخلفات الحرب ؟
- إنتشار التسمم الإشعاعي في التويثة وقوات الإحتلال لا تحرك ساك ...
- لمناسبة الخامس من حزيران- يوم البيئة العالمي تجاهل التلوث ال ...
- الأول من حزيران -عيد الطفل العالمي
- الولايات المتحدة والتلوث الإشعاعي في العراق
- الولايات المتحدة والبيئة العراقية
- الأمم المتحدة تحث على مواجهة التلوث وبقايا اليورانيوم المنضب ...
- كي لا تتكرر ماَسي اليورانيوم المنضب في العراق
- خامسة عشر عاماً على كارثة حلبجه.. والخطر ماثل
- للحقيقة والتأريخ وفاءاً لذكرى شهيد الشعب والوطن وصفي طاهر ور ...
- الحرب الأمريكية القادمة لن تجلب للعراقيين سوى الكوارث والمحن ...
- وكالات الأمم المتحدة المتخصصة وضحايا سلاح اليورانيوم المنضب ...
- وكالات الأمم المتحدة المتخصصة وضحايا سلاح اليورانيوم المنضب ...
- وكالات الأمم المتحدة المتخصصة وضحايا سلاح اليورانيوم المنضب ...
- وكالات الأمم المتحدة المتخصصة وضحايا سلاح اليورانيوم المنض ...
- وكالات الأمم المتحدة المتخصصة وضحايا اليورانيوم المنضب - الق ...
- صحيفة إستبيان لبحث علمي خاصة بالعراقيين
- مبروك لدعاة الحرب !!!
- لمصلحة من تشويه المواقف والحقائق ؟!


المزيد.....




- وثقته كاميرا.. فيديو يُظهر إعصارًا عنيفًا يعبر الطريق السريع ...
- -البعض يهتف لحماس.. ماذا بحق العالم يعني هذا؟-.. بلينكن يعلق ...
- مقتل فلسطينيين برصاص الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية (صور+ ...
- سماء غزة بين طرود المساعدات الإنسانية وتصاعد الدخان الناتج ع ...
- الناشطون المؤيدون للفلسطينيين يواصلون الاحتجاجات في جامعة كو ...
- حرب غزة في يومها الـ 204: لا بوادر تهدئة تلوح في الأفق وقصف ...
- تدريبات عسكرية على طول الحدود المشتركة بين بولندا وليتوانيا ...
- بعد أن اجتاحها السياح.. مدينة يابانية تحجب رؤية جبل فوجي الش ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن عدد الضحايا الفرنسيين المرتزقة ف ...
- الدفاعات الروسية تسقط 68 مسيرة أوكرانية جنوبي البلاد


المزيد.....

- ‫-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر ... / هيثم الفقى
- la cigogne blanche de la ville des marguerites / جدو جبريل
- قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك ... / مصعب قاسم عزاوي
- نحن والطاقة النووية - 1 / محمد منير مجاهد
- ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء / حسن العمراوي
- التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر / خالد السيد حسن
- انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان ... / عبد السلام أديب
- الجغرافية العامة لمصر / محمد عادل زكى
- تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية / حمزة الجواهري
- الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على ... / هاشم نعمة


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - كاظم المقدادي - إستحداث وزارة للبيئة ضرورة اَنية ملحة !