أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بسام العيسمي - الديمقراطية خياراً وطنياً وإنسانياً (الجزء 13)














المزيد.....

الديمقراطية خياراً وطنياً وإنسانياً (الجزء 13)


بسام العيسمي

الحوار المتمدن-العدد: 1861 - 2007 / 3 / 21 - 12:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


(الجزء 13)
(مفهوم المواطنة المعاصرة)

إن مفهوم المواطنة هو مفهوم مركب يتصل ويتأثر بمجموعه من العوامل والمعطيات المختلفة السياسية والاجتماعية والثقافية والتاريخية لأي دولة من الدول.
فالمدلول المادي والقانوني للمواطنة قد يخلق أرضية لممارستها ويشرعن وجودها ولكنه لا يحدد وبدقة درجتها ونوعيتها أو ضيقها واتساعها الذي يرتبط بدرجة التطور الحضاري وذاكرة المجتمعات وإرثها الذهني وتجاربها السابقة عبر العصور. فالدستور الأمريكي لعام 1900 على ما أذكر ورد فيه بما معناه: (إن الرجال الأمريكيون يولدون متساويين في الحقوق والواجبات). إن هذا القول لا يشمل إلّا البيض فهو يستبعد الرجال السود والعبيد .
كما أن هذا النص يستبعد أيضاً النساء. مما يكون والحال ما ذكر أن مفهوم المواطنة مفهوماً تدرج نسبياً كمفهوم متحرك عبر سيرورة تاريخية تطورية مستمرة ساهمت شعوب الأرض قاطبة بنضالاتها وتضحياتها على إنضاجه وتوسيع مطرحه ومداه وتحديد تخومه، وإعطائه بعض الخصائص والمقومات والأساسيات المشتركة التي لابد من توفرها فيه حتى يعكس فعلاً مفهوم المواطنة.
وكان للمتغيرات العالمية وتطور البشرية الإنساني الذي بدأ حديثاً مع الثورة الفرنسية ومبادئها في الحق والعدل والمساواة وتتوج مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في 10/12/1948 كأول وثيقة دولية تم إطلاقها من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة تحت ضغط الشعوب ونزولاً عند خياراتها الإنسانية لتثبيت حقوقها وتدويلها وإعطائها أبعادها العالمية. فكان الإعلان بحق هو أول مسمار دُقَّ في نعش عالم الظلم والقمع والوحشية وكان أيضاً اللبنة الأولى في بناء مشروع مستقبلي إنساني للبشرية جمعاء في مواجهة كل أشكال القهر والاستبداد والطغيان التي انتهكت إنسانية البشر وغيبت حقوقها لفترات طويلة من حياتها.
ولم تمضِ إلا فترة قصيرة حتى سرت مبادئ هذا الإعلان في دساتير دول العالم كما يسري النار في الهشيم حتى أصبحت هذه الحقوق معياراً للشرعية السياسية والدستورية لأي نظام من الأنظمة التي لم تعد تجرؤ على استبعادها من أن تكون أساساً لشرعية حكمها ولو كانت كثيراً من الأنظمة ما زالت تزين بها دساتيرها فقط لكنها في الواقع تحد من تطبيقها وتعطلها بإجراءات وقوانين استثنائية وممارسات فعلية وارتجالية مخالفة للدستور تضيّق على الأفراد حرياتهم المدنية والسياسية وتغيب حقوقهم؟ ومع هذا لم تستطع هذه الأنظمة استبعاد هذه الحقوق ولو شكلاً من دساتيرها وإن كانت هذه الدساتير ليست في موضع التطبيق الفعلي في كثير من نصوصها وموادها.
مما كان لهذا الإعلان وما تفرّع عنه من إعلانات وعهود ومواثيق واتفاقات دولية وإقليمية من أثر على تكريس حقوق الإنسان كمنظومة حقوقية وكقضية إنسانية عالمية غير قابلة للإنكار.
هذه العالمية في الحقوق. وفي ظل الكونية التي نعيش فيها وما للتقدم العلمي والتقني والحداثة من أثر جعل كوكبنا بحدوده المترامية قرية مفتوحة لا حدود فيها أو حواجز ناجحة تستطيع منع رياح العولمة المختلفة من التسرب في كل الاتجاهات والأصقاع ممّا فرض على البشرية جمعاء بمختلف دولها وقاراتها وأقاليمها واقعاً جديداً اخترق خاصيتها ووضعها أمام متناقضات رياح العولمة وبموضع الاشتباك لاختلاف البيئات والحضارة والثقافة والمخزون الإرثي والذهني لكل مجتمع من المجتمعات (ولا أريد أن أتوسع هنا في هذا لأنه يخرج عن نطاق البحث).
ولكنه وبنفس الوقت وضعت العالم أيضاً أمام مشتركات كثيرة توافقت عليها البشرية وأكسبتها العالمية .
ومن أهم هذه المشتركات هي حقوق الإنسان واحترام ذاته وفكره وعقيدته ورأيه ومساواته مع غيره من المواطنين دون تمييز في الحقوق والواجبات. لأن احترام حقوق الأشخاص الطبيعية والحقوق الملازمة للشخصية والحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية هي محل إجماع وتوافق فكري ومعرفي وقيمي وحقوقي وإنساني لأن هذه الحقوق ترتبط بالذات الإنسانية والكرامة ولا تتغير إن كان هذا الشخص عربي أو أمريكي أو كان مسلماً أو مسيحياً... أو... إلخ.
مما جعل لمفهوم المواطنة المعاصرة عناصر ومقومات مشتركة لابد من توفرها فيه حتى نستطيع القول إن مبدأ المواطنة يُراعى في هذه الدولة أم لا.
وهذه المقومات في حدودها الدنيا هي احترام الحقوق القانونية والمدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لكل مواطن، وبضمانات دستورية تمكنه التعبير عن رأيه ومصالحه ومعتقداته دون خوف أو منع أو ملاحقة مع قيام الدولة بالحد الأدنى من المسؤولية المجتمعية تجاه الأفراد في تنمية فرص العمل وإقامة الضمان الاجتماعي والرعاية الاجتماعية وحل مشكلة البطالة والنهوض بالتعليم والصحة وتحقيق مستوى مقبول من التنمية على كافة المستويات لتمكين الناس من المشاركة الحقيقية في مجتمعاتهم وتحرير رؤيتهم ومواقفهم من أي إكراه مادي أو معنوي أو السقوط أمام ضغط الحاجة.
مما يتطلب ذلك آليات وأدوات ومؤسسات تضمن تطبيقها على أرض الواقع؛ وكما أسلفنا سابقاً لا تولد المواطنة إلا على مساحة الديمقراطية ولا تسبح إلا عبر فضاءاتها حينما تسيطر المشروعية على كافة نواحي الحياة. وحينما تُضمن الحقوق والحريات العامة قضائياً ودستورياً وحينما يكون الشعب مصدر السلطات وتسيطر مبدأ المشروعية الدستورية في تولي السلطة وتداولها سلمياً عبر انتخابات نزيهة وحرة تحت إشراف قضائي مستقل.
وحينما تُحرّر الدولة من التبعية للحكام والتفرد والاستئثار بها نستطيع أن نقول إن هذه الدولة تُراعى فيها مبدأ المواطنة ويتحقق فيها انتماء المواطن الكامل لوطنه وتعزز لديه الرغبة في المشاركة الإيجابية في أداء واجباته والدفاع عن وطنه والمساهمة في تنميته وتقدمه من خلال شعوره بمواطنته الحقة.

دمشق في /3/2007
المحامي بسام العيسمي



#بسام_العيسمي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطية خياراً وطنياً و إنسانياً لمجتمعاتنا - 12 - الموا ...
- الديمقراطية خياراً وطنياً وإنسانياً لمجتمعاتنا الجزء 11
- ليس لدينا في سوريا معتقلي رأي ... الكل يعرف
- االديمقراطية خياراً وطنياً وإنسانياً لمجتمعاتنا ...
- الديمقراطية خياراً وطنياً وإنسانياً لمجتمعاتنا الجزء التاسع
- الديمقراطية خياراً وطنياً وإنسانياً لمجتمعاتنا-الجزء الثامن
- .. الديمقراطية خياراً وطنياً وإنسانياً لمجتمعاتنا ..الجزء ال ...
- أنت جاحدةٌ وناكرةٌ للجميل أيتها الشعوب
- الدستور ما بين مبضع الأنظمة والحقوق الإنسانية للأفراد الجزء ...
- تمنيت لو لم أسمعك ...أنت تبثُّ سماً زعافاً يا غادري
- لا تكتمل حرية الوطن إلا بضمان الحقوق الإنسانية لمواطنيه
- الدستور ما بين مبضع الأنظمة والحقوق الانسانية للأفراد الجزء ...
- الشرق الأوسط لايبنى على دماء أطفالنا يا أمريكا
- الدستور ما بين مبضع الأنظمة والحقوق الإنسانية للأفراد - الجز ...
- الدستور ما بين مبضع الأنظمة والحقوق الانسانية للأفراد ...... ...
- الديمقراطية خياراً وطنياً وانسانياً لمجتمعاتنا 6
- الديمقراطية خياراً وطنياً وأنسانياً لمجتمعاتننا- الجزء الخام ...
- الديمقراطية خياراً وطنياً وإنسانياً لمجتمعاتنا
- الديمقراطية خياراً وطنياً وإنسانيا الجزء الثالث
- الديمقراطية خياراً وطنياً وإنسانياً لمجتمعاتنا 2


المزيد.....




- مقتدى الصدر يهاجم صدام حسين: -أمر نجليه بقتل والدي وحكم شعبه ...
- تونس.. تعرض منزل رئيس أسبق للسرقة للمرة الثانية في بضعة أشهر ...
- قوات الأمن السورية تعتقل أمين عام -الجبهة الشعبية لتحرير فلس ...
- في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. زاخاروفا تطالب بحماية الصحف ...
- تجمع حاشد في طوكيو لدعم -يوم الدستور الياباني- (فيديو)
- مصر.. الداخلية تكشف ملابسات الفيديو المثير للجدل فوق كوبري أ ...
- لافروف يدعو إلى تسوية الخلافات بين الهند وباكستان بالوسائل ا ...
- الجزائر.. إيداع المؤرخ بلغيث الحبس المؤقت عقب بث قناة لحوار ...
- عقيلة صالح: تشكيل حكومة موحدة في ليبيا لا يرتبط بالانتخابات ...
- واشنطن بوست تكشف السبب الحقيقي وراء غضب ترامب وقراره إقالة و ...


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بسام العيسمي - الديمقراطية خياراً وطنياً وإنسانياً (الجزء 13)