أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بسام العيسمي - الديمقراطية خياراً وطنياً و إنسانياً لمجتمعاتنا - 12 - المواطنة















المزيد.....

الديمقراطية خياراً وطنياً و إنسانياً لمجتمعاتنا - 12 - المواطنة


بسام العيسمي

الحوار المتمدن-العدد: 1818 - 2007 / 2 / 6 - 12:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تعريف مفهوم المواطنة ومناقشة حل مسألة الأقليات على أساسه

المواطنة تعني المساواة التامة في الحقوق والواجبات، وفي المعاملة لكل الأفراد الذين يعتبرون أعضاء في مجتمع ما بصرف النظر عن انتمائهم القومي أو الطبقي أو عرقهم أو جنسهم أو أي شكل أو وجه من أوجه التنوع بين الأفراد والجماعات في ظل سيادة القانون الحامي لمنع أي تعديات على الحقوق المدنية والسياسية والضامن للأفراد المشاركة الفاعلة في عمليات صنع القرارات السياسية في المجتمعات التي ينتمون إلياه عبر الوسائل والحوامل الديمقراطية .
ويقول فيها د. برهان غليون «فكرة المواطنة هي تحالف وتضامن بين أناس متساوين في القرار والدور والمكانة...».. «وهي قاعدة التضامن والتماهي الجماعي ومصدر الحرية كقيمة مؤسسة وغاية الجميع ولكل فرد معاً». نقد السياسة ص/140 – 146/.
تطور مفهوم المواطنة المعاصرة من خلال صيرورة زمنية سعى خلالها الإنسان وقدّم التضحيات الجسام لنيل الإنصاف والعدالة والمساواة مع غيره عبر صراع مرير من أجل الاعتراف بكيانه وذاته وتأكيداً لحقه، وصوناً لكرامته من العسف والاضطهاد والقهر والاستعباد.
وقد شهد مبدأ المواطنة تطوراً سريعاً منذ نهاية القرن الثامن عشر واتسع نطاق شموله ليجسد الاندماج الوطني الأرقى والهوية الجامعة لأفراد المجتمع الذين يعيشون أعضاءً في الكيان السيادي لدولة ما ويحملون جنيستها؛ بحيث تكون المواطنة في الدولة الديمقراطية معادلة للجنسية وتجاوز الاعتقاد الديني بعد أن تم تقويض سلطة الكنيسة الكاثوليكية في أوروبا وصولاً إلى مبدأ المواطنة والتسليم بأن اختلاف العقيدة الدينية لا يحول دون الانتساب لمواطنة مشتركة يتمتع بها جميع المواطنين بغض النظر عن العرق أو اللون أو المعتقد السياسي أو الديني أو الأصل القومي أو الجنس أو أي اعتبار آخر بالمساواة في الحقوق والواجبات أمام القانون، والتمتع بحق المشاركة الفعالة في اتخاذ القرارات الجماعية سنداً لرابطة المواطنة في وطن يتكون من مواطنين يُعاملون على قدم المساواة، ويتمتعون بالضمانات القانونية التي تمنع أي تعدٍ على حقوقهم المدنية والسياسية وتوفر لهم المشاركة بفعّالية في اتخاذ جميع القرارات التي تتصل بحياتهم، وتعبر عن مصالحهم وميولهم ومعتقداتهم وصولاً إلى أشراكهم في عمليات صنع القرارات السياسية والمصيرية في مجتمعاتهم التي ينتسبون إليها.
والمواطنة بهذه الصفة تصبح مدخلاً لتحقيق الاندماج الوطني وبناء الدولة باعتبار هذه الأخيرة مؤسسة حيادية مستقلة عن السلطة أو النظام تقع على مسافة واحدة من جميع مواطنيها سنداً لمعيار المواطنة ودون اعتبار لأي معيار آخر.
والمواطنة تجسّد قيمة إنسانية وحضارية حينما تجمع ويلتقي فيها مفهوم المواطن القانوني مع مفهوم المواطن كحالة إنسانية تحفظ له كرامته وإرادته وذاته الإنسانية العاقلة والسيدة من العسف والاستبداد.
حيث إن مفهوم المواطنة المعاصر له أبعاد متنوعة؛ منها ما هو قانوني ومنها ما هو ثقافي وسلوكي يرتبط بالتطوّر السياسي والاجتماعي وبتراث وذاكرة المجتمعات وعقائدها.
وبكل الحالات إن لمفهوم المواطنة أساسيات ومقومات مشتركة لابد منها. ومن أهمها؛ إقرار واحترام الحقوق القانونية والدستورية للأفراد، وضمان مساواتهم أمام القانون، وضمان مشاركتهم السياسية، وتأمين الحد الأدنى من حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وتعتبر المواطنة مصدر الحقوق والواجبات المتساوية للجميع سنداً للهوية ودون تمييز عرقي أو مذهبي أو أثني أو أي معيار آخر يُلغى، أو يكون شرطاً أو قيداً على الهوية.
ولا يتوضح مبدأ المواطنة إلاّ في ظل سيادة القانون واعتبار الشعب مصدر السلطات، وضمان الحقوق والحريات العامة دستورياً، وقانونياً، من قبل قضاء مستقل حرٍ ونزيه.
كما إن توفر وضمان الحقوق المدنية والسياسية يسهم في تنمية إمكانيات النضال السياسي والاجتماعي السلمي لنيل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، والمشاركة في خيرات الوطن ليتوسع مفهوم المواطنة من كونه توافق وحقوق سياسية محمية بنصوص قانونية إلى قيمة اجتماعية وأخلاقية وممارسة سلوكية، وإدارة أوجه الاختلاف في المجتمع وفق معايير ديمقراطية من خلال الحماية القانونية والفاعلية السياسية وحراك المجتمع المدني بكافة تكويناته وجمعياته الأهلية ونقاباته المهنية، وإيجاد مساحة للإعلام الحر الحامل للرأي والرأي الآخر التفاعلي المختلف والمؤتلف بما يسمح للمواطنين الاصطفاف الحر والواعي غير القسري خلف المصالح والميول والقناعات من خلال الانزياحات المرنة لأفراد المجتمع خلف مصالحهم ورؤاهم وتصوراتهم التي تتصارع فيما بيينها سلمياً وتتلاقح لتنتج القرارات والتوجهات الوسطية الجمعية والجماعية على مساحة سلطة القرار الأفقي والعامودي في المجتمع ليتحقق معها المصالح المشتركة والمشروعة والتوافقية للجميع.
فالمواطنة محايدة مثل الدولة. والمواطن مواطن بحكم رابطة المواطنة فقط، لا بحكم الدين أو المذهب أو القناعات الدينية، أو غيرها التي يؤمن بها الفرد والتي تعتبر جزءً من الحرية الشخصية.
والمواطنة هي أحد أوجه النظام السياسي الذي يرتكز على مفهوم ا لديمقراطية؛ فهما متلازمان كون حق المواطنية نشأ في نطاق التوجهات الديمقراطية ويرتبط معها صعوداً وهبوطاً. وهي حالة أخلاقية وسياسية ترتبط بوجود الشخص، وتستند إلى احترام وتمثّل حقوق الإنسان وتترسخ كممارسة فعلية مع تقدم المجتمع نحو الديمقراطية وما يرافقها من قبول لمبدأ التعددية والتداول السلمي للسلطة، فالمواطنية الحقة هي التي يشعر الفرد في ظلها أن الدولة التي ينتمي إليها تضمن له كافة حقوقه، وتؤمن له ممارستها كمواطن حر ومسؤول وسيد.
وهذه الحقوق أصبحت معروفة ومضمونة في جميع المواثيق الدولية، فلم يعد مقبولاً امتهان كرامة الفرد، وتغييب حقوقه، وتهميش المجتمع لنوازع الاستبداد والاستئثار.
والمواطنية تقوي شعور الفرد واهتمامه بالشأن العام، وتسهل انخراطه الطوعي والإيجابي في تكوينات المجتمع المدني المختلفة؛ بما يساهم ذلك بإيجاد حالة سياسية أرقى في مجتمع لا يُحكم بقانون الطوارئ والأحكام العرقية، في وطن يتمثل الديمقراطية المؤسسة على حقوق الإنسان ويضمن الفصل بين السلطات ويؤمن استقلال القضاء ويحميه من تجاذبات مواقع النفوذ والسطوة، ويتيح العمل السياسي بإطار قانون عصري للأحزاب؛ ولا يضع العراقيل والموانع لحراك المجتمع المدني وتكويناته المختلفة وجمعياته الأهلية.
ولاشك أن مجتمعنا السوري هو مجتمع متعدد الطوائف والأديان والإثنيات والمذاهب والمعتقدات والثقافات، وميل الأفراد أو شعورهم بالانتماء إلى أي جماعة أو مذهب أو معتقد يجب أن لا يصل إلى حد التعصب الذي يهدد استقرار المجتمع ويؤدي إلى تشرذمه؛ بما يترك ذلك من أثر سلبي وخطير على وحدة المجتمع ويهدم إمكانية التعايش السلمي بين أبنائه.
ومن الصعوبة بمكان؛ أو من المستحيل إذا كنا نرغب ونعمل لقيم العدالة والمساواة، وإقامة دولة الحق والقانون الدولة التي تكون لجميع مواطنيها أن نعلي فيها أيديولوجية معينة أو قناعة من القناعات على حساب غيرها فالدولة الدينية أو الإيديولوجية لا تكون لجميع مواطنيها. كونها تنظر إلى الأفراد وحقوقهم من بوابة الوفاء لمعتقداتها وبذلك تصبح المواطنية بقاموسها معادلة للوفاء لها.
لذلك وإعلاءً لقيم العدالة والمساواة، ووصولاً إلى مجتمع إنساني تحترم فيه الحقوق وتصان الكرامات لابد من إيجاد رابط يكون مشتركاً بين الجميع بغض النظر عن العقيدة أو المذهب، أو أي اعتبار آخر يحقق الاندماج الوطني ويساوي بين أبناء الوطن الواحد.
فالوعاء الحاوي لكل هذا التنوع والاختلاف هو رابط المواطنية المعادلة للجنسية؛ ومكونها الأساسي الفرد السوري المتمتع بكافة حقوقه المدنية والسياسية والاجتماعية كهوية جامعة لتنوعات المجتمع المختلفة ضمن الكيان السيادي للدولة الذي يحمي هذا التنوع بآليات مؤسساتية ودستورية.
فالاعتراف الدستوري بالتنوع الأثني والمعتقدي وجوداً في إطار الهوية الجامعة والغنية والمتنوعة التي تصهر بين دفتيها الجميع وتشكّل منهم مزيجاً أرقى، وتدفعّه عبر بوابة المواطنة التي تكون معادلة للجنسية ومرتبطة انتماءً وانتساباً وولاءً إلى الدولة الأمة أي إلى المتحد الجغرافي الواحد. فليس عروبة الفرد شرطاً وحيداً وكافياً ليكون مواطناً سورياً، فالدولة من حيث كونها مساحة جغرافية، وإطاراً سيادياً لا يجب أن تقوم إلاّ على منطق احترام التنوع في إطار الهوية الجامعة. ومن هنا يصبح حق المواطنة هو الموازنة ما بين المواطنة المجردة للفرد بذاته، وما بين الاعتراف بالحقوق الثقافية للمكونات المختلفة واحترام خاصيتها؛ حيث إن عدم الاعتراف بالتنوع القائم في المجتمع يدفع ويسهل عملية الاستغلال الخارجي لهذه المكونات من خلال شعورها بالظلم والحيف وعدم الإنصاف وتتحول إلى مصدر للتوترات والنـزاعات الانفصالية بما تؤثر سلباً على الوحدة الكيانية للدولة إذا لم ينظر إليها كمكونات أصلية وجزء من الكل السوري يرتبط مصيرها بالوطن الواحد بما يجسد قدرته على التطور الحضاري في إطار دولة الحق والقانون من منظور عمومي وعلى أسس مؤسساتية دستورية تنظم الاختلاف والتنوع وتلجم النـزعات الانفصالية الضارة.
ولنا الاستفادة في ذلك من تجارب العالم؛ فالولايات المتحدة الأميركية قامت على أساس الاعتراف بالتنوع والتعدد وكان مصدر غنى؛ ولم يكن عائقاً أمام تقدمها وازدهارها.
وبالإجمال إن مبدأ المواطنة بمعناه الحديث القانوني والديمقراطي لم يجد تأصيله العميق في الفكر القومي العربي حيث ظل هذا المبدأ يُطرح بشكل خجول في أدبيات هذا الفكر ولم يجد له مساحة في حيّز الممارسة والتطبيق في الدول التي حكمتها أنظمة قومية التوجه. وذلك انسجاماً مع عدم إيلاء الديمقراطية اهتماماً جوهرياً في فكر وممارسة التيار القومي حيث ظل هذا المبدأ مهجوراً حتى أيامنا هذه لإنشغال أصحابه ومنظّريه بجداول اهتمامات أخرى.
فقد توجه الخطاب القومي بشكل شمولي إلى جماهير الشعب وليس إلى المواطن أو المواطنون؛ فكلمة جماهير الشعب هي مفهوم كليّ يحمل مضمون العطاء والتضحية والاضطلاع بالمسؤوليات والواجبات؛ مستبعداً هذا الخطاب التوجه إلى الأفراد وحقوقهم بحجة لم يحن الأوان لذلك؛ فلابد من إيلاء بناء المشروع القومي الكبير والموحد أولاً أي بناء الدولة العربية الكبيرة والواحدة، ومن ثم يتمتع الأفراد بداخلها بحقوقهم ويتحولون إلى أفراد ومواطنين.
فمبدأ المواطنة الذي جاء مع سيطرة الديمقراطية على فضاء الاجتماع السياسي للمجتمعات الغربية حيث كانت الدولة هي الإطار المؤسسي لشكل النظام أو السلطة أبرز مبدأ المواطنة إلى حيّز الممارسة الفعلية من خلال إقرار مبدأ التساوي الكامل بين الجماعات والأفراد في الحقوق والواجبات ضمن الحيز الجغرافي للدولة.
أما انتماء الفرد العربي من منظور الفكر القومي إلى دولة قطرية ظل مثار شبهة قومية تضرب نقاء الانتماء إلى الأمة العربية الواحدة الموحدة.
إلاّ أن هذا الخطاب القومي ظل في إطار الإطلاقية الشعاراتية فلم يتجسد إلى ممارسة فعلية لتحقيق طموحه وآماله القومية حين أُتيحت له الفرصة واستلم مقاليد الحكم في أكثر من بلد عربي، ومنها سورية والعراق وغيرهما من البلدان ذات التوجه القومي لأسباب عديدة خارجة عن إطار بحثنا هذا.
فرغم نبذ الفكر القومي الواضح والبالغ للدولة الأمة أي للدولة القطرية فكانت الممارسة الفعلية لهذا التيار بعد استلامه بعض مواقع القرار في حقبة ما بعد الاستقلال لا تترجم الشعارات التي رفعها ولم تستطع تقويض القطرية. رغم أنه يكيل الشتائم والسباب بشكل يومي لاتفاقية سايكس – بيكو التي يحمّلها مسؤولية تكريس الكيانات القطرية التي جزئت الدولة العربية الواحدة. مما أوجد ذلك شرخاً كبيراً بين الفكر والممارسة وفجوة ثقة بين قيادة هذا التيار ومن آمن بأفكاره وتوجهاته فبقي خطابه مبهماً نظرياً معزولاً عن واقعه ومغلقاً بشعارات كبيرة تم القذف بها خارج نطاق الفعل لتدخل حيز الكلام.
حتى أنه لم يستطع أن ينجز مشروعاً وحدوياً بين قطرين عربيين استلم دفة الحكم فيه؛ لا،بل إن العلاقات السورية – العراقية ظلت محكومة بعد الثقة والتأزم والتشكيك لمحاولة كل فصيل قومي أصبح في موقع القرار أن يصبغ على نفسه بأنه طليعة المشروع القومي العربي الوحدوي مساقاً بذهنية تفردية وإقصائية ينفي الآخر مما ساهم ذلك بوجود شرخ كبير بين قادة هذا التيار نفسه، كما أنه عجز عن إيجاد معالجات عميقة وجدية لمسألة الأقليات ومعالجتها بشكل جدي بإطار ديمقراطي؛ من خلال إعلاء حق المواطنة والتساوي في الحقوق والواجبات، والاعتراف بالتنوع والنظرة إلى الوحدة من خلال هذا التنوع وليس من خلال التماثل الصنمي مما أحدث ذلك فجوة ثقة بين النظام والأقليات القومية والأثنية رغم أننّا لا نرغب باستخدام مصطلح الأقلية والأكثرية إلاّ للإشارة إلى الأقلية والأكثرية السياسية من خلال المساواة التامة أمام القانون، مما كانت هذه الأرضية وطبيعة التعاطي مع هذه المسألة تربة خصبة ومؤاتية لبروز التطرف الذي يصل إلى درجة الشوفينية لدى بعض مكونات المجتمع السوري، وإلى حد بروز بعض النـزعات الانفصالية التي تهدم صيغ التعايش المشترك والسلم الأهلي وتشكل خطراً على الكيان السيادي للدولة بما يمثله من وحدة الأرض والشعب. ويهدم مفهوم المواطنة والأركان العامة لحل مشكلة الأقليات بإطار التصور الديمقراطي؛ بما يحافظ على وحدة الجغرافيا كمعبر، وبوابة واحدة يدخل منها الجميع لتشكيل الهوية السورية الواحدة التي ترتكز على مبدأ الجنسية التي تساوي الجميع في الحقوق والواجبات وتمكن الجميع من المشاركة السياسية في عمليات صنع القرار الجماعي وبكل مستوياته ودرجاته من القاع إلى رأس الهرم دون إلغاء خاصية هذه المكونات المختلفة باحترام حقوقها السياسية والاجتماعية والثقافية من خلال معالجة ديمقراطية تتم في إطار وحدة الوطن السوري بما يجسد منعته ويؤمن قدرته على التطور الحضاري المدني بعيداً عن الإقصاء أو التهميش على أساس العرق أو اللون أو الانتماء الحزبي أو المعتقد أو الأصل القومي لإنتاج معادلة جديدة قوامها حقوق الإنسان ودولة القانون والمؤسسات وفصل الدين عن الدولة وتأمين استقلالية القضاء، وفصل السلطات من خلال نظام ديمقراطي يجسد الرؤية الديمقراطية للمواطنة السياسية والثقافية والاجتماعية، وقبول الاختلاف والتنوع كمنعكس لمفهوم المواطنة، بعيداً عن احتكار الرؤيا والادعاء بامتلاك ناصية الحقيقة الكاملة، والتأكيد على مبدأ تداول السلطة بكل مفاصل الدولة ومؤسساتها على قاعدة نبذ العنف واعتماد الوسائل السلمية والديمقراطية عبر صناديق الاقتراع ولا يتم ذلك إلاّ من خلال رفع حالة الطوارئ، وإلغاء المحاكم الاستثنائية، وطي ملف الاعتقال السياسي وإيجاد قانون أحزاب عصري يعيد الحراك السياسي إلى الساحة السورية، وتأمين حراك المجتمع المدني من خلال قانون جديد للجمعيات يتيح لشرائح المجتمع ومكوناته الانخراط في الشأن العام عبر حوامل ديمقراطية غير قسرية تتفاعل على امتداد مساحتها الرؤى والتصورات والمصالح والميول تعكس الطيف السوري المتنوع لمعالجة كل أمور الوطن بمشاركة حقيقية لكل الأطياف السياسية على أرضية التوافق الوطني بما يحقق مصلحة الشعب السوري ومستقبل أبنائه ويؤمن منعة الوطن.
فرؤيتنا لمعالجة مسألة الأقليات لابدّ أولاً من الاعتراف بوجودها كمكونات أصلية وجزء من الكل السوري بإطار الحفاظ والتسليم من قبل الجميع على المتحد الجغرافي الجامع وهو الكيان السيادي السوري وفق الحدود المعترف بها دولياً، وعدم المساس به مقابل احترام خاصية المكونات المختلفة القومية والثقافية والفكرية. ومن ثم مناقشة كافة الاحتقانات والحقوق والاختلافات عبر فضاءات الديمقراطية لبناء جسور الثقة التي تؤمن التناغم بين الرؤى والتصورات المختلفة على قاعدة وحدة الأرض والشعب للوصول إلى حالة إندماجية صحية لا وجود فيها للأقلية والأكثرية إلاّ للأقلية والأكثرية السياسية ودفع وحدة التنوع أو هذه الحالة الاندماجية إلى حالة أرقى لتنصهر وتشكل مزيجاً واحداً للهوية السورية الجامعة لتدخل بوابة المواطنة التي تساوي الجميع في الحقوق والواجبات دون أي تمييز مهما كان لونه ونوعه على قاعدة سورية لكل السوريين، وطناً نهائياً لكل أبناءه، نحبه جميعاً، وندافع عنه، ونعلي من شأنه، ونحافظ على منعته وسلامته، ونعمل جميعاً على تقدمه وازدهاره.
ولابد أن نخلص إلى القول إن مفهوم المواطنة لا يولد أو يعيش بحالة صحية إلا في فضاءات الديمقراطية، فهما متلازمان، كما أن لا حل صحيح ومرضٍ يزيل الاحتقانات ويبدد القلق وعدم الثقة المتبادلة بين الأقليات والنظام السياسي إلا عبر توفر الضمانات الديمقراطية وإعلاء مفهوم المواطنة الذي يوجد الهوية الجامعة التي تساوي الجميع في الحقوق والواجبات.




#بسام_العيسمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطية خياراً وطنياً وإنسانياً لمجتمعاتنا الجزء 11
- ليس لدينا في سوريا معتقلي رأي ... الكل يعرف
- االديمقراطية خياراً وطنياً وإنسانياً لمجتمعاتنا ...
- الديمقراطية خياراً وطنياً وإنسانياً لمجتمعاتنا الجزء التاسع
- الديمقراطية خياراً وطنياً وإنسانياً لمجتمعاتنا-الجزء الثامن
- .. الديمقراطية خياراً وطنياً وإنسانياً لمجتمعاتنا ..الجزء ال ...
- أنت جاحدةٌ وناكرةٌ للجميل أيتها الشعوب
- الدستور ما بين مبضع الأنظمة والحقوق الإنسانية للأفراد الجزء ...
- تمنيت لو لم أسمعك ...أنت تبثُّ سماً زعافاً يا غادري
- لا تكتمل حرية الوطن إلا بضمان الحقوق الإنسانية لمواطنيه
- الدستور ما بين مبضع الأنظمة والحقوق الانسانية للأفراد الجزء ...
- الشرق الأوسط لايبنى على دماء أطفالنا يا أمريكا
- الدستور ما بين مبضع الأنظمة والحقوق الإنسانية للأفراد - الجز ...
- الدستور ما بين مبضع الأنظمة والحقوق الانسانية للأفراد ...... ...
- الديمقراطية خياراً وطنياً وانسانياً لمجتمعاتنا 6
- الديمقراطية خياراً وطنياً وأنسانياً لمجتمعاتننا- الجزء الخام ...
- الديمقراطية خياراً وطنياً وإنسانياً لمجتمعاتنا
- الديمقراطية خياراً وطنياً وإنسانيا الجزء الثالث
- الديمقراطية خياراً وطنياً وإنسانياً لمجتمعاتنا 2
- الديمقراطية خياراً وطنياً وإنسانياً لمجتمعاتنا معوقاتها وشرو ...


المزيد.....




- اغتيال بلوغر عراقية شهيرة وسط بغداد والداخلية تصدر بيانا توض ...
- غالبية الإسرائيليين تطالب بمزيد من الاستقالات العسكرية
- السعودية.. فيديو لشخص تنكر بزي نسائي يثير جدلا والأمن يتحرك ...
- صحيفة: بلينكن سيزور إسرائيل الأسبوع المقبل لمناقشة صفقة الره ...
- الديوان الملكي يعلن وفاة أمير سعودي
- الحوثيون حول مغادرة حاملة الطائرات -أيزنهاور-: لن نخفض وتيرة ...
- وزارة الخارجية البولندية تنتقد الرئيس دودا بسبب تصريحه بشأن ...
- أردوغان يقول إن تركيا ستفرض مزيدا من القيود التجارية ضد إسرا ...
- وزير الدفاع الأمريكي يشكك في قدرة الغرب على تزويد كييف بمنظو ...
- مشاهد للوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير قبل لحظات من ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بسام العيسمي - الديمقراطية خياراً وطنياً و إنسانياً لمجتمعاتنا - 12 - المواطنة