أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بسام العيسمي - الديمقراطية خياراً وطنياً وإنسانياً لمجتمعاتنا الجزء التاسع















المزيد.....

الديمقراطية خياراً وطنياً وإنسانياً لمجتمعاتنا الجزء التاسع


بسام العيسمي

الحوار المتمدن-العدد: 1732 - 2006 / 11 / 12 - 09:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الجزء (9)
الديمقراطية خياراً وطنياً وإنسانياً لمجتمعاتنا
معوقاتها.. وشروط الانتقال إليها

الديمقراطية والأحزاب السياسية:-
الديمقراطية هي الأسلوب الأرقى إنسانية في إدارة الحياة السياسية، والطريق الأكثر نجاعة للوصول إلى مجتمع سلمي توافقي تحلُّ فيه المنافسة الفكرية والحوار الإيجابي والتفاعلي بين أفراده وتياراته وأحزابه وقواه المختلفة بديلاً عن العنف والإقصاء والضم والإلحاق وفق رؤية تفرّدية متحكمة لقوة سياسية أو لحزب من الأحزاب ينصّب نفسه وصياً على المجتمع بوكالة حصرية غير قابلة للعزل تخّوله الحق بالتحكم القسري بمجمل نشاطاته وتحديد خياراته، وترسم بدقة متناهية الحدود والخطوط الحمر التي يجب ألاّ يتخطاها أفراده في رؤاهم وتصوراتهم وقناعاتهم؛ وصولاً إلى ضبط حركته على إيقاع مصالح هذا الحزب أو تلك الجماعة المتحكمة بسدة القرار ووفق إرادتها ومصالحها التي تؤمنّ لها البقاء المستمر في السلطة.
وبذلك يحلُّ العنف بديلاً عن التسامح، والتفّرد والاستئثار بديلاً عن التشاركية واللا مبالاة، والإحجام بديلاً عن الإقدام والاهتمام بالقضايا العامة.
وتسود لغة الإكراه والتلقين بديلاً عن لغة المقاربة والحوار، وتتكسّر المصالح والميول والقناعات ليتم إعادة إنتاجها من جديد بخلطة انتقائية محددّة بلونها وشكلها ورائحتها تفرضها مصالح وأهداف السلطات الحاكمة.
إن اختلاف المصالح وتنوّع الرؤى والتصورات وتعدد الميول هي قوة للمجتمع حيث تختلف وتأتلف في صراعها السلمي الذي يتم عبر فضاءات الديمقراطية للولوج إلى طبيعة الاختلافات وتفكيكها لإظهار القواسم المشتركة بينها والتي تتحّد طوعياً وبخيارات إنسانية واعية تمثل الإرادة الحقيقية لأفراد المجتمع والواحة التي تجسد تشابك المصالح التوافقية التي تحقق الإجماع العام من خلال عملية حوارية نقدية ومقاربات للميول والمعتقدات تجري بين أطرافها المتساوون في ظل الديمقراطية بالحقوق والواجبات والمتمتعون وعلى قدم المساواة بالضمانات الدستورية التي تمكنّهم من توصيف أزماتهم واقتراح الحلول لها وإظهار معتقداتهم والإفصاح عن رؤاهم ومصالحهم والدفاع عنها ومقاربتها مع رؤى ومصالح وميول الآخرين للوصول إلى الشراكة السياسية في إدارة وتنظيم الحياة العامة وشؤون الدولة والمجتمع.
فحرية الرأي والاعتقاد والتعبير عنه دون خوف من مضايقة أو ملاحقة واحترام الذات الإنسانية وإرادة الفكر للأشخاص، والمساواة التامة في الحقوق والواجبات لجميع أبناء الوطن سنداً لمعيار واحد وهو معيار المواطنية دون اعتبار لغيره، واحترام إرادة الأكثرية وحفظ حقوق الأقلية السياسية من الإلغاء والتعدّي، ووجود النقابات الحرة وقيام الجمعيات الأهلية وتأسيسها بإرادة أفرادها الحرة الذي يجمعهم الاهتمام بشأن ما وتمكينهم من خدمة هذا الشأن والنشاط لأجله لخدمة أهدافهم ورعاية مصالحهم.
كما أن شرعنة تشكيل الأحزاب السياسية بضمانات قانونية ودستورية والانتساب إليها والنشاط في صفوفها بخيارات حرّة لمن آمن وتبنى برامجها وسياساتها وتوجهاتها على مستوى الإدارة والسياسة والاقتصاد وأسلوب قيادتها للمجتمع لتأمين مصالح أفراده في التنمية والصحة والتعليم وتلبية الحاجات العامة وإشباع رغبات المواطنين وحفظ حقوقهم وكرامتهم والحفاظ على الوطن وسيادته وتأمين منعته وسيرورة تقدمه وازدهاره فيما إذا استلمت السلطة وسدة القرار في حال انتخابها عبر صندوق الاقتراع من خلال كسبها الصوت الانتخابي وثقة المقترعين وهنا لابد وأن نفرق بين الجمعيات الأهلية ومؤسسات المجتمع المدني وبين الأحزاب السياسية من حيث البرامج والأهداف.
فالجمعية الأهلية تتشكل في حال اتفاق مجموعة أفراد يشاركون بعضهم بعضاً الاهتمام بشأن عام وليس بالضرورة أن يكون هذا الشأن سياسياً فقد تلتقي إرادة المهتمين لتشكيل جمعية تُعنى بشؤون البيئة أو الصحة أو الرياضة أو جمعيات حماية المستهلك أو الدفاع عن حقوق الطفل أو غير ذلك من الاهتمامات التي تكون مشتركة بين مجموعة من الأفراد ينشؤون الجمعية ويضافرون جهودهم لخدمة أهدافها.
إذاً مطارح عمل الجمعيات الأهلية ومؤسسات المجتمع المدني تنصّب جزئياً على نوع معين من الشأن العام دون غيره حيث يتأطر أفراد المجتمع في جمعيات أهلية غير حكومية تضعهم في موقع الاهتمام بالشأن العام بمختلف تنوعاته ودرجاته على مستوى الوطن وتؤمن الحراك الإيجابي والانزياحات المرنة للأشخاص حسب ميولهم ورغباتهم مما يساهم ذلك بخلق مجتمع مدني حر وتفاعلي يخلق حالة أرقى وأنضج لحياة سياسية صحية وغير مأزومة. وهذا طبعاً لا يكون إلاّ في ظل المناخات الديمقراطية الحقيقية.
أما الأحزاب السياسية لا ينصب عملها واهتمامها على نوع معين من الشأن العام كما الجمعيات وإنما تنتج برامجها وتحدد أهدافها وخياراتها بشكل شمولي فلها رؤاها وتصوراتها حول طبيعة السلطة وأسلوب الحكم وشكل العلاقة التي تربطها بفعاليات المجتمع ومؤسساته المختلفة وتوجهاتها لإدارة الاقتصاد وتطويره وتحقيق التنمية وأسلوب الإدارة وتطوير التعليم والصحة ورعاية الإبداع وانتهاج السياسات الخارجية وإدارتها وتأمين حماية الوطن وحماية الاستقلال وغير ذلك من المهام أي أن مشروع الأحزاب وبرامجها يكون شاملاً على مستوى الوطن والمجتمع.
مما يفترض ذلك أن يؤمن لهذه الأحزاب في ظل الديمقراطية الاتصال مع الرأي الشعبي وإجازة نشاطها العلني في الدعوة لبرامجها وأهدافها والدفاع عن خياراتها في إطار التنافس الشفاف والمكشوف مع الأحزاب الأخرى والقوى التي تتسابق لتبيسط خياراتها الانتخابية لبرامجها عن طريق شرح مواقفها وقناعاتها والآليات التي تراها وتعتمدها في حال وصولها إلى السلطة.
فالديمقراطية لا تؤمن للأحزاب المختلفة النشاط والمجاهرة والاتصال مع الجماهير والدعوى لبرامجها فحسب.
وإنما تهيئ لها التساوي بالحقوق والامتيازات والإمكانات التي نضع الجميع على قدم المساواة دون أفضلية لحزب على آخر في الدعوة والتحريض والاتصال بالجمهور لكسب ثقة الناخبين على برنامجه بغض النظر إن كان هذا الحزب في السلطة أو كان ذاك في المعارضة.
كون حقل السياسة التي تعمل الأحزاب فيه هو حقل تنافسي فإدارة الصراع والتناحر السلمي والتنافس بين الأحزاب المختلفة ليكون عادلاً ومتفقاً مع مقتضيات الديمقراطية يقتضي أن لا يُمكّن أو يُعطى أي حزب تمييزاً أو أية إمكانات تخلّ بمبدأ المنافسة الشريفة مع غيره كاستخدام موارد الدولة مثلاً لحزب في السلطة لدعم حملته الانتخابية أو احتكاره دون غيره وسائل الإعلام والاتصال الجماعية في نشر برنامجه والدعاية له كالصحف والمجلات والإذاعة والتلفزيون وتكون محرمة على غيره.
فالإعلام في ظل الأنظمة الديمقراطية يكون متاحاً للجميع أما في ظل الأنظمة غير الديمقراطية يتم احتكار الإعلام من قبل السلطات لتبرير سياستها وتجميل مواقفها وتمجيد شعاراتهات وتقديس قادتها، والتغطية على أخطاءها وزلاتها.
أما في الديمقراطية يكون الإعلام منبراً حراً للنقاش السياسي وكشف أخطاء السلطة وممارساتها والإشارة إلى المفاسد وتقديم التصورات الجريئة لمواجهتها واقتراح الحلول لها للخروج منها.
ويسهم الإعلام في تكوين الرأي العام الشعبي الذي يعبّر عن الخيارات الحقيقية للأفراد وتملك الأحزاب في ظل الديمقراطية أدوات التنافس الشريف مع غيرها من الأحزاب على قدم المساواة في الحركة والتنظيم والاستفادة من الموارد المالية والنشر والدعاية.
فأي كلام عن الديمقراطية في ظل تمييز حزب أو جماعة بإعطائها دوراً استثنائياً دون غيرها تحت أي ذريعة كانت أو حجة لا نكون أمام ديمقراطية حقيقية بل ديمقراطية منقوصة.
كما أن تداول السلطة هو معيار هام وأساسي في الديمقراطية، وغياب مبدأ التداول يغيّب مناخات الرأي والرأي الآخر والاعتقاد والمناقشة وتمنع الانزياحات المرنة للأفراد خلف ميولهم وأفكارهم التي تصطدم بسياسة وخطة السلطة لأدلجة المجتمع وضبط إيقاعه بإطار خدمة استدامة التمسك والبقاء في السلطة من خلال قيامها بإجراءات المنع والقمع والتضييق وعرض المزايا والحوافز لكسب التأييد لها وبذلك تحول المجتمع إلى مجتمع ذا بعد واحد يتم تحريكه بجهاز كنترول، ولا يكون للأحزاب المعارضة في ظل تأييد السلطة لحزب أو جماعة دون غيرها القدرة في تحويل برامجها من الإطار النظري المجرد إلى واقع ملموس وتجربة حية معاشة تجسد رؤى ومصالح وميول معتنقيها.
وبذلك تتحول الأحزاب السياسية في ظل استمرار غياب مبدأ التداول إلى جمعيات مطلبية ليس إلاّ.
7/10/2006
المحامي
بسام العيسمي
يتبع...



#بسام_العيسمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطية خياراً وطنياً وإنسانياً لمجتمعاتنا-الجزء الثامن
- .. الديمقراطية خياراً وطنياً وإنسانياً لمجتمعاتنا ..الجزء ال ...
- أنت جاحدةٌ وناكرةٌ للجميل أيتها الشعوب
- الدستور ما بين مبضع الأنظمة والحقوق الإنسانية للأفراد الجزء ...
- تمنيت لو لم أسمعك ...أنت تبثُّ سماً زعافاً يا غادري
- لا تكتمل حرية الوطن إلا بضمان الحقوق الإنسانية لمواطنيه
- الدستور ما بين مبضع الأنظمة والحقوق الانسانية للأفراد الجزء ...
- الشرق الأوسط لايبنى على دماء أطفالنا يا أمريكا
- الدستور ما بين مبضع الأنظمة والحقوق الإنسانية للأفراد - الجز ...
- الدستور ما بين مبضع الأنظمة والحقوق الانسانية للأفراد ...... ...
- الديمقراطية خياراً وطنياً وانسانياً لمجتمعاتنا 6
- الديمقراطية خياراً وطنياً وأنسانياً لمجتمعاتننا- الجزء الخام ...
- الديمقراطية خياراً وطنياً وإنسانياً لمجتمعاتنا
- الديمقراطية خياراً وطنياً وإنسانيا الجزء الثالث
- الديمقراطية خياراً وطنياً وإنسانياً لمجتمعاتنا 2
- الديمقراطية خياراً وطنياً وإنسانياً لمجتمعاتنا معوقاتها وشرو ...
- الفساد و ظاهرة اللامبالاة
- المرأة.. بين مطرقة التشريع وسندان المجتمع الذكوري


المزيد.....




- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...
- بلينكن يأمل بإحراز تقدم مع الصين وبكين تتحدث عن خلافات بين ا ...
- هاريس وكيم كارداشيان -تناقشان- إصلاح العدالة الجنائية
- ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟
- عراقيل إسرائيلية تؤخر انطلاق -أسطول الحرية- إلى غزة
- فرنسا تلوح بمعاقبة المستوطنين المتورطين في أعمال عنف بالضفة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بسام العيسمي - الديمقراطية خياراً وطنياً وإنسانياً لمجتمعاتنا الجزء التاسع