أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - إدريس ولد القابلة - صحراويو تيندوف يبيعون ممتلكاتهم ويهربون















المزيد.....


صحراويو تيندوف يبيعون ممتلكاتهم ويهربون


إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)


الحوار المتمدن-العدد: 1857 - 2007 / 3 / 17 - 12:43
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


والجزائر تبحث عن خطة جهنمية لمحاربة مشروع الحكم الذاتي بالصحراء
في وقت يستعد فيه المغرب لتقديم مشروع الحكم الذاتي على أنظار الأمم المتحدة في غضون شهر أبريل، تتصدى الجزائر بواسطة البوليساريو لهذه المبادرة بكل ما أوتيت من قوة ودهاء دبلوماسي، فهل تسعى الجزائر حاليا، أكثر من أي وقت مضى، لتبقى كل احتمالات تسوية الخلافات المغربية الجزائرية، وعلى رأسها قضية الصحراء، في وضعية "حرب باردة متحكم فيها" دون التوصل إلى حل نهائي؟
لقد استأثرت، في الأسبوع الأخير، قضية مشروع الحكم الذاتي باهتمام خاص من طرف وسائل الإعلام الوطنية والأجنبية، وعلى وجه الخصوص الإعلام الجزائري، الذي ركز بالأساس على إصرار الجزائر في رغبتها إبقاء الوضع على ما هو عليه، حالة لا سلم ولا حرب وترك نزاع الصحراء الذي عمر طويلا بدون حل نهائي. علما أن الجزائر اعتمدت على تصريف مواقفها بواسطة صنيعتها البوليساريو، أكثر من اعتمادها على التعبير المباشر بخصوص مثل هذه القضايا كما كان يحصل من قبل.

مشروع الحكم الذاتي يمر حاليا بفترة حاسمة:

إن مشروع الحكم الذاتي يمر حاليا بفترة حاسمة، الشيء الذي يستوجب مساهمة كل المكونات وكل الجهات وكل فعاليات المجتمع المدني بالمغرب لكي يتم تحقيق مكتسبات على الصعيد الدولي، تجعل المشروع المغربي ينطلق على سكة المسار.
الإجماع على مشروع الحكم الذاتي كحل نهائي لطي ملف الصحراء، قد يكون قائما، إذ يشكل الحل الواقعي البراغماتي المتوفر على أهم شروط التحقيق أكثر من كل الحلول الممكنة، وذلك اعتبارا للتداعيات التي عرفتها قضية الصحراء ولتفاعل جملة من العوامل الداخلية والإقليمية والدولية، إذ أضحينا الآن أمام خيارين لا ثالث لهما: إما قبول استمرار الوضع على ما هو عليه، الستاتيكو، وإما اختيار حل وسط كفيل بضمان تحقيق فكرة لا غالب ولا مغلوب، والحكم الذاتي يشكل الحل الواقعي البراغماتي الذي يحفظ وجه الطرفين ويفتح آفاق المستقبل لجميع الأطراف، بما فيها الجزائر التي تعد أحد مهندسي النزاع حول الصحراء منذ انطلاقه في منتصف السبعينيات.
إن المغرب يعتبر أن مشروع الحكم الذاتي، الإطار الأمثل لإيجاد تسوية سياسية دائمة مقبولة لدى الجميع، وبالتالي السبيل الأجدى والأكثر قابلية لتحقيق ضمان تسوية نهائية وقابلة للاستمرار لأطول نزاع إقليمي عرفته القارة الإفريقية، علما أن مشروع الحكم الذاتي، في ظل احترام السيادة الوطنية، يندرج ضمن مفهوم تكريس حقوق الصحراويين والحفاظ عليها، على المستوى الفردي والجماعي، هكذا يقدم الكوركاس هذا المشروع، والذي ليس حوله أي خلاف، في حين أن الخلاف يكمن في نهج تدبير هذا الملف من طرف قيادة الكوركاس التي ظلت تجتهد في إبعاد مكونات المجلس، وهذا أمر لا يتماشى والمسؤولية المطروحة على عاتقه حاليا، إسوة بكل فعاليات المجتمع المدني ومكونات الدولة قاطبة، باعتباره شبه إجماع عام بخصوص اعتماد مشروع الحكم الذاتي والذهاب به إلى أقصاه حتى وإن لم ترغب البوليساريو والجزائر الانخراط فيه، إذ أن المغرب مطروح عليه الاستمرار على درب ترسيخ مشروعه بمفرده إن اضطر إلى ذلك، لكن شريطة موافقة الأمم المتحدة عليه، هذا هو الرهان الحقيقي الذي وجب إنجاحه، والباقي سيكون من السهل التصدي له.
لقد بدأ الاهتمام بهذا المعطى يتجلى أكثر على الصعيد الوطني، رغم أنه مازال هناك قصور في إشراك كل الفعاليات للمساهمة في تحقيق هذا الهدف، ولازالت جهات دون سواها هي التي تمركز العمل والمبادرات بخصوص ملف الصحراء، وهذا من شأنه أن تكون انعكاساته غير محمودة، باعتبار أن الجميع يقر أن نقطة القوة التي يجب تثمينها بخصوص الصحراء، هي الإجماع الوطني، لكن وجب أن يكون إجماعا فعالا وليس محايدا كما هو غالب اليوم، باعتبار أن المغرب على موعد تاريخي وجب عدم التفريط فيه ليتحرر من كل القيود التي ظلت تكبله بخصوص قضية وحدته الترابية على امتداد عقود، فعلا بدأت حركية الإجماع الفعال، ولازالت تنتظر اتساع مداها، فها هي الدعوة إلى الحكم الذاتي تمول بأموال المعهد الملكي الأمازيغي، وها هي بعض التحركات الدبلوماسية الهادفة بدأت تعطي تمارها، فموسكو بدأت تبدي، ولو بطريقة محتشمة، شبه مساندتها للمشروع عبر تثمينها سبلا مقبولة للخروج من حالة النزاع حول الصحراء، وها هو وزير خارجية إسبانيا يدعو الأمم المتحدة إلى لعب دور أكبر...
لكن من الجانب الآخر، جانب الجزائر وصنيعتها البوليساريو، هناك تصعيد يرمي إلى التصدي لمشروع الحكم الذاتي جملة وتفصيلا، فعبد العزيز يرفضه، وأعضاء من البوليساريو يعتدون على ضابط بالمينورسو لافتعال أزمة عابرة، كما أن دبلوماسيا بريطانيا ركز في تصريحاته على كشف ما اعتبره تواطؤ من طرف فرنسا، ولازالت موريتانيا تدعم مواقف البوليساريو والجزائر بهذا الخصوص، ويظل الأمر البارز حاليا هو تحكم الجزائر في مواقف البوليساريو وتحركاتها ومسكها بيد حديدية، دون مبالاة للانعكاسات المحتملة في صفوف سكان مخيمات تندوف، وهذا باعتبار أن الجزائر شعرت بأن مرحلة الحسم النهائي في ملف الصحراء أضحت قائمة، وأن مواقف مختلف الأطراف ستنكشف بوضوح لم يسبق له مثيل.

ما الذي تسعى إليه الجزائر حاليا؟

هل ترغب الجزائر حاليا في التصدي بقوة لمشروع الحكم الذاتي وعرقلته كحل نهائي لنزاع الصحراء، الذي عمر طويلا، أم أنها تسعى للتخلص من البوليساريو لأنه أضحى عبئا عليها، ومن شأن هذا العبء أن يؤثر على ارتباطاتها الإستراتيجية بفعل المستجدات التي تعرفها المنطقة؟
في هذا الصدد جاء في إحدى التقارير الإستراتيجية البريطانية، أن الجزائر تسعى حاليا إلى فك الارتباط الجغرافي بين الصحراويين والرقعة الأرضية لتندوف، وتعمل جاهدة على دفعهم إلى التمركز في مناطق خارج الحدود الجزائرية المعترف بها دوليا، ولم تجد أمامها إلا الحزام الأمني لتنفيذ هذه الخطة، وفي هذا الإطار كان تركيزها على تيفاريتي.
كما أكدت مصادر من تندوف أن جملة من قادة البوليساريو بدأوا منذ صيف 2006 يبيعون جملة من أملاكهم هناك، وعلى رأسهم البوهالي وبعض معاونيه الأقربين، وينقلون أموالهم إلى موريتانيا وليبيا، كما أكد نفس المصدر أن بعض المقيمين بالمخيمات القريبين من الدوائر المسؤولة بها، سواء من الجانب الجزائري أو جانب البوليساريو، اتضحت لهم بعض خيوط الخطة، الشيء الذي دفعهم إلى التفكير في مغادرة الحمادة للالتحاق بالمغرب، وإذا تعذر الأمر سعوا إلى الذهاب إلى موريتانيا، هذا رغم المراقبة المشددة القائمة على تحركات أهالي المخيمات.
والظاهر أن الجزائر، باعتمادها هذه الخطة، تريد ضرب عصفورين بحجر واحد، التصدي لمشروع الحكم الذاتي الذي أربك إستراتيجيتها، لذا تسعى لخلق العراقيل دون تحقيقه أو على الأقل تأخير اعتماده كحل مقبول وقابل للتطبيق، من جهة، ومن جهة أخرى التخلص من وجود البوليساريو على ترابها اعتبارا للسلبيات التي يطرحها هذا الوجود في علاقاتها مع حلفائها الاستراتيجيين، لاسيما واشنطن.
ومهما يكن من أمر، فإن هذا التوجه الجزائري، المتستر عليه حتى الآن، سيؤدي إلى مآل واحد، وهو جعل المنطقة بؤرة لعدم الاستقرار، وهذا ما ترغب فيه حاليا الجزائر قصد تقوية موقعها في نطاق الاستراتيجية الأمريكية بالمنطقة، الشيء الواجب استحضاره من طرف المغرب في تعامله وتعاطيه حاليا مع ملف الصحراء.
احتفالات تيفاريتي انتهاك لوقف إطلاق النار

إن احتفالات البوليساريو بتيفاريتي يعد إجراء يمثل انتهاكا واضحا لوقف إطلاق النار، علما أن هذه الاحتفالات كانت تقام بالتراب الجزائري قبل سنة 2006. وقد عملت الجزائر على توفير كل الشروط لتمكين البوليساريو من تنظيم استعراض عسكري بتيفارتي هذه السنة لم يسبق أن أقامت مثله، سواء من حيث عدد المشاركين أو من حيث الهالة، وذلك منذ 1991، حيث سعت الجزائر أن تظهر احتفالات هذه السنة بشكل قوي وحاولت إعطاءها صبغة دولية، وذلك بتنظيم ندوة دولية تحت شعار "التضامن مع الشعب الصحراوي" بعد أن تمكنت من إحراج بعض المنظمات ذات الصيت العالمي من أوروبا وأمريكا اللاتينية وآسيا وإفريقيا بدعوتهم للمشاركة تحت غطاء إنساني وبدعوى خدمة قضية إنسانية، كما عملت الجزائر على ضمان تمثيلية بعض الحكومات والأحزاب السياسية والبرلمانية ووسائل الإعلام.
ولم يترك الساهرون على الخطة مجالا إلا وحاولوا استثماره، تنظيم ماراطون، توأمة مع مدن ومناطق عبر العالم، ما دام أن الهدف هو محاولة تغطية "وهمية" الكيان الصحراوي وعرضه كأنه حقيقة قائمة على أرض صحراوية، وهذه هي السنة الثانية التي عمدت فيها البوليساريو، بدعم وتوجيه من الجزائر، على اختيار تيفاريتي لقيام احتفالات ذكرى الإعلان عن الجمهورية الوهمية، وذلك باعتبارها منطقة مغربية تابعة لإقليم السمارة وتقع ضمن المنطقة المنزوعة السلاح بمقتضى اتفاقية هوستن في مارس 1997 المبرمة بين المغرب والبوليساريو تحت إشراف جيمس بيكر، وتيفاريتي، بفعل هذه الاتفاقية صارت منطقة خالية من السلاح وتحت الإدارة المغربية ومحرمة على البوليساريو.
وقد أكد أكثر من مصدر أجنبي على أن الجزائر هي التي دفعت البوليساريو لإقامة احتفالاتها بتيفاريتي لجعل المغرب أمام الأمر الواقع وافتعال حادث دولي، وذلك منذ أن تم الإعلان عن مشروع الحكم الذاتي كحل نهائي لنزاع الصحراء.
وحسب أحد المصادر الجيدة الإطلاع، تحكمت السلطات الجزائرية منذ 2006 في "مسرحية تقديم تيفاريتي كمنطقة محررة"، وهيأت مختلف فصولها، إذ أشرف مسؤولون جزائريون بوسائل ومعدات جزائرية على نقل كميات كبيرة من القمامة إلى ضواحي تيفاريتي لتوهيم الرأي العالمي بوجود ساكنة بها، كما أقيمت مقابر وهمية لتبيان أن المنطقة مسكونة، إذ أن المقابر، في عرف المؤرخين والانتروبولوجيين، تفيد أن المنطقة كانت مأهولة.

ارتباك الجزائر

منذ أن أعلن المغرب عن مشروع الحكم الذاتي كحل لنزاع الصحراء، ظهر ارتباك في الموقف الجزائري، فتارة تقول لا لمشروع الحكم الذاتي نعم لصحراء جزء لا يتجرأ من المغرب العربي، وتارة أخرى تقول إن الحل الأمثل هو مخطط بيكر وتقرير المصير، وعموما لا يتململ الموقف الجزائري عن "تقرير المصير"، الذي سبق للملك الراحل أن نعته بـ "أكذوبة القرن"، في حديثه مع إحدى الصحفيين الفرنسيين إذ قال: إن الرئيس الجزائري قال له في منتصف السبعينيات، كيف تريد للجزائر أن تتناسى هذا الحق في تقرير المصير بخصوص الصحراويين القريبين منها جغرافيا، والجزائر ظلت تدافع عنه بالنسبة لشعوب بعيدين عنها".
وعملت الجزائر في السنوات الأخيرة على تمرير جملة مواقفها بواسطة البوليساريو، وآخرها ما تضمنه إعلان تيفاريتي 2007، إذ جاء فيه أنه على إسبانيا أن تتحمل مسؤولياتها التاريخية باعتبارها القوة المحتلة سابقا، وبالتالي عليها أن تدفع في اتجاه حل عادل، كما أشار الإعلان إلى مطالبة الاتحاد الأوروبي بإعادة النظر في اتفاقية الصيد البحري واستعمال نفوذه للضغط على المغرب، ووصف الإعلان تصريحات الرئيس الفرنسي، جاك شيراك، بالغريبة، علما أن هذا الأخير اعتبر مشروع الحكم الذاتي مبادرة بناءة، والتمس الإعلان من الحكومة الفرنسية لاستخدام نفوذها لدى المغرب من أجل دفعه للتعاون مع الأمم المتحدة لاعتماد حل يحترم خطة بيكر، ولم يفت الإعلان إقحام صفقة الأسلحة بين المغرب وإسبانيا.
لقد قامت البوليساريو بدور لسان حال الجزائر بخصوص الرفض المجدد لمشروع الحكم الذاتي، وبهذا الخصوص جاء في جريدة "اكتواليداد تيرا"، أن هذا المشروع مجرد مناورة لكسب الوقت، وتأخير اعتماد حق تقرير المصير، وتلوم الجزائر المغرب على قفزه عن مبدأ تقرير المصير عند بلورة مشروعه، لذا تقر برفضه جملة وتفصيلا، حيث أجمعت الصحافة الجزائرية مؤخرا على انتقاد تصريحات السفير المغربي حسن أيوب، حيث قال إن مشروع الحكم الذاتي بالصحراء لا يتضمن مبدأ تقرير المصير باعتباره غير مبرر في نظر الشرعية الدولية في حالة الارتباط بدولة مستقلة معترف بها دوليا، وقد ركزت جملة الافتتاحيات الجزائرية على هذا التصريح.
ومهما يكن من أمر، ظلت الجزائر تستغل الفرص للعب على مختلف الوجهات، التصدي للمغرب وتفعيل التناقضات في صفوف البوليساريو، ومن بين الإجراءات التي تبين اعتماد الجزائر هذا النهج، سماح السلطات في بداية شهر مارس الجاري لأحد رجال الصناعة الفرنسية المستقر بباريس، بواسطة أحد قادة البوليساريو، باقتناء 1500 طن من قنوات النحاس، وهبتها روسيا لاستعمالها في المخيمات، وهي مودعة بأحدها، وحسب مصدر جيد الإطلاع، تقرر تحويل مبلغ الصفقة إلى حساب بنكي بفرنسا، كما أضاف نفس المصدر أن رجل الصناعة الفرنسي ينوي إعادة تصدير تلك القنوات النحاسية من فرنسا إلى المغرب لاستعمالها في السقي الفلاحي.
وعموما تسعى الجزائر، على المدى القريب إلى إبقاء الحال على ما هو عليه بخصوص الصحراء، بدون حل نهائي، وقد تأكد هذا المسعى عبر المجهودات التي قامت بها لإخراج "مسرحية احتفالات تيفاريتي منذ 2006".

مسؤولية الجزائر في النزاع

ظلت الجزائر، منذ 1973 متمسكة، وبشكل منتظم، بمعاكسة استكمال الوحدة الترابية للمغرب، واتخذ تورط الجزائر في قضية الصحراء أشكالا عديدة ومتنوعة: التزام عسكري، دعم مالي ولوجستيكي، تأطير وتعبئة دبلوماسيان، ومخالفات للقانون الدولي الإنساني.
ومن جانب آخر، تولت الجزائر، من خلال احتضان "البوليساريو" فوق أراضيها ودعمها، رعاية إحداث "الجمهورية الوهمية"، كما تعبأت بقوة من أجل حمل عدد من البلدان على الاعتراف بهذا "الكيان" الذي ظل يفتقد كل مقومات الدولة، بعد ذلك، سحبت اعترافها بطريقة بهلوانية حتى لا تعيق مخططها تحت تغطية التسوية السلمية للنزاع في إطار الأمم المتحدة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، إن تدخلاتها الرسمية في الأمم المتحدة تظهر جليا أنها سعت جاهدة على الدوام لتقدم نفسها، تارة كطرف معني، وتارة كفاعل أساسي في تسوية النزاع بالصحراء، ومن ثمة، كان التوجه المباشر للأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الشخصي يتمثل في دعوة الجزائر باستمرار إلى المشاركة كطرف في المشاورات والتفاوض.
وقد تأكدت وصاية الجزائر على البوليساريو بجلاء، بمناسبة زيارة الرئيس الجزائري لهيوستن سنة 2001 حينما قال بأن "الجزائر والبوليساريو كانتا على استعداد للبحث أو التفاوض بشأن تقسيم الإقليم كحل سياسي للنزاع بالصحراء"، وهذا أكد بما لا يدع أي مجال للشك التورط المباشر للجزائر في النزاع الذي طال أمده، وتأكد هذا، مرة أخرى سنة 2003، بمناسبة تعليق الجزائر على مشروع مخطط السلام الذي تقدم به جيمس بيكر، كما أنه على الصعيد العسكري لم تتردد الجزائر في إشراك وحدات جيشها النظامي بشكل غير قانوني في الصحراء (مواجهات امكالة شاهدة على هذه الحقيقة، وكذلك الأسلحة التي حارب بها أعضاء البوليساريو)، وتجدر الإشارة إلى أنه على المستوى الإنساني، منعت الجزائر سنة 1996، المفوضية السامية للاجئين من ولوج مخيمات الحمادة الموجودة فوق ترابها وتحت سيادتها، وبالتالي حالت دون أداء مهمتها الإنسانية بالشكل المطلوب. وفضلا عن ذلك، تمادت الجزائر، وبشكل مباشر، في فرض رقابة صارمة على المخيمات، خصوصا من خلال مراقبة تنقل السكان والحد منه.

تذمر أهالي المخيمات وتناحر بين قادة البوليساريو

بالرغم من أنه لحد الآن قد اتفقت قيادة البوليساريو على رفض مشروع الحكم الذاتي، وتعتبر أنه إذا حظي بالموافقة والدعم الدوليين، سيكون مناسبة لإعادة إشعال فتيل الحرب بالمنطقة من جديد، فإن هناك تناحرا بين قياديي جبهة البوليساريو بخصوص الآفاق القريبة المدى، لاسيما الصراع بين عبد العزيز والبوهالي، ويتأجج تأثير هذا الصراع بفعل التذمر السائد وسط أهالي المخيمات واختلاف نظرة جيل السبعينيات والثمانينيات الذين تكونوا خارج الجزائر ورجعوا فعاينوا انسداد الأفق، وأغلبهم يسكن كيانهم التمرد على تحكم القادة الجزائريين في أنفاس البوليساريو والصحراويين المتواجدين على التراب الجزائري.
وحسب أكثر من مصدر فقد بدأ التذمر في صفوف ساكنة مخيمات الحمادة بعد أن انعكست الخلافات القائمة بين قادة البوليساريو وبدأ أكثر الصحراويين في البحث عن السبل الكفيلة للهروب من المخيمات في اتجاه موريتانيا قبل التوجه إلى المغرب، إذ ليس من السهل المرور مباشرة إلى المغرب بفعل المراقبة التي تشددت أكثر من أي وقت مع احتداد الصراع بين عبد العزيز والبوهالي، وانكشاف جملة من الفضائح، وما 300 شخص الذين تمكنوا من الالتحاق بالمغرب إلا بداية لهذه السيرورة التي سيتسع مداها رغم تشديد المراقبة، إذا سمح المغرب لفعاليات المجتمع المدني بالانخراط فعلا في هذا الاتجاه دون كبح. وفي نفس الاتجاه أكد عبد العالي مختار ضابط سابق في صفوف البوليساريو لجريدة "فراتيرنيتي ماتان" الايفوارية أن ظروف الحياة بمخيمات الحمادة قاسية جدا، ماديا ومعنويا، وأضحت هناك صراعات دامية من أجل قضايا تافهة، كما انه عاد من السهل سجن أي شخص من أجل أبسط المسائل، لاسيما بخصوص كل ما ارتبط بالتساؤل عن مآل الغد القريب لقاطني المخيمات وظروف معيشتهم المزرية واستمرار تسيير أعضاء القيادة الذين يزدادون غنى في خضم تأزم الأمور، ويضيف عبد العالي المختار، أنه حاليا عملت عناصر البوهالي على المزيد من تضييق الخناق على تحرك ساكنة مخيمات الحمادة خوفا من تسللهم إلى موريتانيا للالتحاق بالمغرب، لاسيما وأنه بدأت تبرز "شبكات" تنشط في تهريب الأشخاص بمقابل، وذلك من طرف بعض عناصر البوليساريو الذين ينشطون في شبكات تهريب السجائر والأسلحة، وهي ظاهرة أضحت تنعت يـ "الحريك إلى المغرب" على غرار الحريك المرتبط بالهجرة السرية، وحسب أحد المصادر إن هذه الشبكات في طور البروز، وكانت انطلاقتها مع شباب المخيمات الذين رغبوا في "الهجرة السرية" إلى جزر الكناري لاسيما أولئك الذين لم تساعدهم الظروف على متابعة دراستهم خارج الجزائر.

قضية الصحراء ...لازالت رهينة جملة من العوامل المركبة

في واقع الأمر ارتهنت قضيت الصحراء بالعلاقات المغربية الجزائرية والتي ارتهنت بدورها بعدة عوامل تاريخية وإيديولوجية وخلاف حدودي، ما زال شاخصا في الأذهان، وتنافس تناحري بخصوص تفعيل الموقع الاستراتيجي، إن البلدين عرفا اختلافا في التطور التاريخي وهو الذي ظل مطبوعا بهاجس خوف مغربي بخصوص تصدير الفكر الجمهوري، لاسيما وأن الجزائر كانت دائما على استعداد لاحتضان المعارضين من مختلف الاتجاهات، يكفي فقط أن يكونوا على استعداد لقلب النظام المغربي بأي وسيلة. وينضاف إلى هذا العامل الخلاف الحدودي الذي لم يحسم بشكل جذري واستمرار تداعيات الحرب الباردة، حيث أن سياسات القوى الدولية اتجاه المنطقة المغاربية ارتكزت على الاتفاق الضمني حول التحكم في العلاقات المغربية الجزائرية، وهي التي ظلت ترى في المنطقة خزانا نفطيا (الجزائر وانضافت إليها موريتانيا مؤخرا) وموقعا استراتيجيا فضلا عن كونها ظلت سوقا للأسلحة بامتياز، وقد انضافت إلى ذلك إستراتيجية واشنطن الجديدة بخصوص المنطقة التي زادت من تعقيد العوامل الفاعلة في نزاع الصحراء، هذا في وقت ظلت الجزائر ولا زالت تسير على نفس الدرب، أي رهن المغرب بقضية نزاع الصحراء رهنا جزائريا لثنيه عن المطالبة بأجزاء مغربية استحوذت عليها الجزائر، وكذلك فعلت اسبانيا لتقليص تحرك المغرب بخصوص تحرير سبتة ومليلية والجزر الجعفرية، هذه هي عقدة الانطلاقة التي تناسلت إلى عقد فرعية بفعل العوامل المشار إليها أعلاه، لذلك ستعمل الجزائر على التصدي بكل ما أوتيت من قوة لمشروع الحكم الذاتي كحل أكثر واقعية وبراغماتية لطي ملف الصحراء، كما ستحاول على إبقاء الحال على ما هو عليه بخصوص هذا الملف أطول مدة ممكنة.



#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)       Driss_Ould_El_Kabla#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مستملحات ومقالب ملك 1
- مقالب ملك
- صفقة المديوري مع القصر -المنفى الاختياري-
- مساءلة محمد المديوري وغيره من الناهبين قائمة
- نهب وفساد في بيت الجمارك
- مازلت أتساءل
- قضية - إيجا- خادمة -لارما- ضياع حق بامتياز
- ماذا يريد الأمازيغ من التصعيد في مختلف المجالات؟
- قطع الأعناق أهون من قطع الأرزاق
- ماذا يريد المغاربة؟
- وهم بترول تالسينت هل كذب -كوستين- على الملك؟
- حوارمع إدريس بنعلي، باحث ومحلل اقتصادي
- على امتداد فترة الإعداد للانقلاب ظل الكولونيل حسني بنسليمان ...
- المهدي المنجرة عالم المستقبليات
- بعد المعاينة رجعت إلى البيت محطم الأعصاب
- الملكان الحسن وحسين عاينا إعدام الجنرالات
- الإعدامات في عهد الحسن الثاني
- العلاقات المغاربية – الفرنسية
- كان حسني بنسليمان مؤهلا للانصياع لأوامر أوفقير
- أمقران يستحق إقامة تذكار لإعطائه حقه في التاريخ


المزيد.....




- فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
- الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
- طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
- آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات ...
- RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
- نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
- البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا ...
- إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد ...
- تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس ...
- مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي ...


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - إدريس ولد القابلة - صحراويو تيندوف يبيعون ممتلكاتهم ويهربون